ما أسباب نجاح حزب الله في تحقيق انتصاراته؟
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||شارل أبي نادر / العهد الاخباري
على وقع هزيمة ساحقة لعناصر جبهة النصرة في جرود عرسال، وبعد الهجوم الصاعق الذي أذهل المتابعين والمعنيين، في سرعته وقيمته المرتفعة ميدانيًّا وعسكريًّا، لناحية اختيار وتعدد المحاور وترتيب المراحل وتوزيع قوى الدعم والنار والحركة، ولناحية مفاجأة الطرف المُهاجَم في نقاط لم يتوقعها وبامكانيات وقدرات لا يمكن مواجهتها، سجل حزب الله مع خروج ما تبقى من هؤلاء مع ذويهم بالامس من الاراضي اللبنانية إنجازاً تاريخياً، يُضاف الى سلسلة انجازاته، والتي تترافق هذه الايام مع ذكرى انتصاره على العدو الاسرائيلي في حرب تموز من عام 2006.
هذا التراكم من الانتصارات الذي أصبح يميز عمليات حزب الله يمكن رده الى عدة أسباب، تتدافع مع بعضها البعض في اغلب معاركه، فتتفوق إحداها على الأخرى في معركة أو واقعة عسكرية، لتعود وتتفوق غيرها في معركة أخرى، وحيث تلعب ظروف ووقائع كل معركة دورا اساسيا في تميّز او تفوق هذه الاسباب على غيرها، يمكن تلخيص الاخيرة تقريبا بما يلي:
الخبرة في الميدان
من خلال المواجهات التاريخية ضد العدو الاسرائيلي قبل اندحاره من أرضنا عام 2000، أو قبل وخلال حرب تموز عام 2006، أو على جناحها من عمليات مواجهة ومقاومة، أو من خلال ما خاضه ويخوضه حزب الله من معارك شرسة، استباقية أو غير استباقية، في سوريا أو في غيرها من الدول المحيطة، اكتسب قادة حزب الله الميدانيون وكوادره ومقاتلوه خبرات واسعة في ادارة وتنفيذ هذه المعارك التي تجري، بمواجهة جيش العدو الاسرائيلي او بمواجهة مجموعات او “جيوش” ارهابية من التي تتمتع بقدرات عالية في التدريب وفي التجهيز وفي الامكانيات العسكرية، واصبحت هذه الخبرات تمتد باكملها تقريبا الى جميع مقاتلي الحزب، عبر التدريب او عبر التوجيه او المناورات والمتابعات التثقيفية ميدانيا وعسكريا.
تطوير الامكانيات والتجهيزات
تعطي قيادة حزب الله اهمية قصوى لناحية تطوير الامكانيات والتجهيزات العسكرية، وهي تجهد بشكل لافت للحصول على اسلحة متطورة وكاسرة للتوازن كما ونوعا، ودائما تتميز العمليات التي تنفذها او المعارك التي تخوضها المقاومة باستعمال سلاح جديد، كان يشكل مفاجأة للطرف الاخر، وحيث تتعدد مصادر هذه الاسلحة، تلعب الجمهورية الاسلامية في ايران الدور الاساس في تأمينها، الامر الذي يشكل معضلة كبرى لـ”اسرائيل” التي تحاول دائما مواجهتها في كافة المجالات الديبلوماسية عبر الضغوط الدولية، او العسكرية عبر الاستهدافات الصاروخية من البر او الجو لاغلب الانتقالات او التحركات التي تشك ان لها علاقة باستلام او نقل هذه الاسلحة لحزب الله.
الانضباط
لقد رافقت هذه الميزة (الانضباط) عناصر حزب الله في جميع تجاربهم الخطرة او الحساسة، وكانت النقطة الرابحة الاكثر تأثيراً في معاركهم، ولا احد ينسى ذلك الالتزام اللافت في التقيد الدقيق بتعليمات وقف او متابعة اطلاق النار والصورايخ خلال حرب تموز عام 2006 والذي امتد بصورة غريبة على كامل مواقع المواجهة مع العدو الاسرائيلي آنذاك بتوقيت متزامن بشكل كامل، بالرغم من ان بقاع وميادين المواجهة كانت بعيدة ومقطعة الاوصال في الطرق والمعابر او في وسائل الاتصال العادية والتقليدية العسكرية او المدنية، كما ان التزام هؤلاء العناصر لاحقا بعد القرار 1701 بتعليمات قيادتهم على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة بمواجهة عناصر العدو الاسرائيلي الذين ينتقلون على مرمى حجر من هذه الحدود، يكون لافتا بالرغم من الكم الهائل من الاستفزازات التي يقوم بها عناصر العدو.
كما ورافقت هذه الميزة معارك عناصر حزب الله في مواجهة المسلحين في سوريا او في لبنان، وكان دائما عناصر المقاومة يتقيدون بشكل لافت ومنقطع النظير وبسحر ساحر، بتعليمات قيادتهم لناحية وقف النار او وقف العمليات او حماية المنسحبين او المستسلمين نتيجة تسويات او مفاوضات او ما شابه، الامر الذي شكل ثقة كبيرة بالتزام قيادة الحزب بأية تسوية او حل ينتج عن مفاوضات معينة معها، واصبح هذا الالتزام يشكل ضمانة اكيدة لجميع الاطراف وخاصة للطرف الخصم مهما كان مستوى الاشتباك معه او مهما كانت نتيجة هذا الاشتباك لناحية سقوط شهداء او مصابين.
لا شك أن لما ذكر اعلاه في موضوع اكتساب عناصر حزب الله للخبرات العسكرية والميدانية، او في موضوع التجهيزات والامكانيات المتطورة التي يمتلكها، دورًا مهمًّا وفعالًا ومؤثرًا في تحقيق الانتصارات في اغلب معاركه ومواجهاته العسكرية، ولكن يبقى لموضوع الانضباط الذي يتميز به عناصر المقاومة الدور الاساس في تحقق هذه الانتصارات، ويمكن لجميع من تابع مناورة عناصر حزب الله ومجاهديه بالامس في حماية وتنظيم وادارة عملية انسحاب مقاتلي جبهة النصرة من جرود عرسال ان يلتمس وبقوة، ما معنى واهمية ودور ما يتمتع به عناصر حزب الله في موضوع الانضباط.