“غــزة”.. رهــن الإشــارة
Normal
0
false
false
false
EN-US
X-NONE
AR-SA
/* Style Definitions */
table.MsoNormalTable
{mso-style-name:”جدول عادي”;
mso-tstyle-rowband-size:0;
mso-tstyle-colband-size:0;
mso-style-noshow:yes;
mso-style-priority:99;
mso-style-parent:””;
mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt;
mso-para-margin-top:0cm;
mso-para-margin-right:0cm;
mso-para-margin-bottom:8.0pt;
mso-para-margin-left:0cm;
line-height:107%;
mso-pagination:widow-orphan;
font-size:11.0pt;
font-family:”Calibri”,”sans-serif”;
mso-ascii-font-family:Calibri;
mso-ascii-theme-font:minor-latin;
mso-hansi-font-family:Calibri;
mso-hansi-theme-font:minor-latin;}
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||
بقلم/ ثابت العمور.. المحلل السياسي والمختص بالشأن الصهيوني
نشرت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي قبل أيام كليب رهن الإشارة، لم تتجاوز مدته أربع دقائق، لكنه حمل من الرسائل والدلائل ما لا يتسع المقال ولا المقام لذكره والإتيان عليه، ولأسباب ذاتية وموضوعية لن أتوقف مطولا عند تفاصيل الفيديو وحيثياته فالقراءة هنا ميسرة وبإمكان أي شاهد ومشاهد أن يقرأ الرسائل، ويستغرق في تفاصيل كل ثانية ويجري له قراءة أظنها كانت مقصودة أن تمر هكذا وبهذه الطريقة ومن هذه الزاوية.
إن العمل العسكري النوعي للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة تجاوز حدود الممكن والمتاح وبات جزء من منظومة حاضرة في الردع وتوازن الرعب مع الكيان الصهيوني، وهو عمل لم يتعطل ولم يتوقف ودائم التحديث ولم تنل منه ثلاث حروب متتالية، فبات يُعلن عما لديه وهذا الإعلان يعني أن لديه ما يخفيه أيضا، ورهن الإشارة جزء من حرب نفسية باتت تخوضها المقاومة بامتياز وتعلم أين تتوقف وأين تتقدم وتُقدم وماذا تعلن وكيف تعلنه لتبقي في جعبتها عنصر المفاجأة.
إن تفاصيل الأداء اجتماعيا وعسكريا وامنيا واستخباراتيا ومكافحة تجسس وبناء كادر بشري وتدريب وتموضع واستحداث وحدات قتالية وإعلام حربي وغيرها من منظومة شاملة متكاملة باتت تملكها المقاومة الفلسطينية بغزة امر لا يمكن التوقف عنده ولا المرور عليه، سأكون منصفا وموضوعيا قدر المستطاع ولن أقدم قراءة عسكرية أو إستراتجية ولن اجري عملية تقييم او مقارنة بين مقدرات المقاومة وقدرات العدو، ولن اراجع جبهات القتال التي خطتها المقاومة وخاضتها مع العدو في حرب المعلومات والأسرى والأنفاق والسايبر والاستنزاف ودائما هناك ما هو مخفي.
هذه القاعدة والبنية التحتية العسكرية والبشرية والمقدرات والمقومات والتدريبات هذه الإمكانيات التي لوح بها فقط في فيديو رهن الإشارة تركت لدي مجموعة تساؤلات وما كنت لأتركها دون إشراك القارئ فيها، ولنتساءل معا أوليس ما ظهر في الفيديو حقيقي ، أولسن متفقين إن ما ظهر هو جزء وهو ما أرادت سرايا القدس عرضه فقط، لننتقل للجزء الآخر من الصورة أين يتواجد هذا العمل وهذه المنظومة او ليست في غزة؟!، دعنا نستدر لغزة إذن.
أو ليست غزة محاصرة برا وبحرا وجوا منذ اكثر من عشر سنوات متواصلة، اولم يستخدم هذا الكيان الصهيوني كل منظومات المراقبة والمتابعة والبحث والتحري والتجسس البشري والالكتروني، ألم يمنع أكثر من 200 صنف ومنتج من الدخول لغزة كإجراء احترازي حتى لا تدخل هذه المواد في إمكانيات المقاومة وقدراتها، ألم يدك هذا العدو أنفاق رفح كلها أولم يستخدم كل أنواع الصواريخ وكل ما يمكن من اجل ردمها، الم يستنزف موارده المالية والبشرية والأمنية والتكنولوجية على الحدود الشرقية لقطاع غزة من اجل التنبؤ او التعرف على الأنفاق هناك. وهنا لو أردت سرد إجراءات الاحتلال على مدار عشر سنوات من الحصار فإن الشرح والتناول والتعرض سيطول، الم تدك غزة بأكبر ترسانة تسليح وصواريخ في الشرق الأوسط خلال ثلاث حروب كانت الأخيرة قبل ثلاثة أعوام واستمرت لأكثر من 50 يوماً متواصلة. وهنا أقول ببساطة هل تفوق قدرات غزة وإمكانياتها دول وجيوش نظامية لتفوق خلال ثلاث سنوات وتقدم وتقوم بكل هذه العروض العسكرية وتتقن أدبيات الحرب النفسية. وتحتفظ بجنود العدو للمرة الثانية في مساحة لا تتعدى 300 كم مربع وللعام الثالث على التوالي بل وقد يمتد الاحتفاظ بهم لعقد كامل أو ليست هذه غزة التي يحيط بها الحصار من كل النواحي؟!
إن دلالات فيديو رهن الإشارة ليست في رسائله فقط ولا في محتواه ولا توقيته بل في بيئته أيضا بيئته السياسية والاجتماعية والداخلية والإقليمية، إنها بيئة غزة بيئة المقاومة والممانعة غزة التي باتت رأس الحربة في مقارعة العدو عربيا وفلسطينيا وإسلاميا غزة التي باتت عصية على الانكسار في زمن الهرولة والتطبيع والتركيع العربي والاستدارة للعدو الصهيوني والرهان عليه والتحالف العلني معه، غزة التي لم تجد بديلا للتخلص من مياه الصرف الصحي فألقت بها في البحر وهو متنفسها الوحيد، غزة التي يموت أطفالها على أسرة المرض لأنهم لا يجدون تحويلة طبية ، غزة التي يمضي يومها دون كهربا لأكثر من 20 ساعة متواصلة، غزة التي يصطف فيها آلاف الخريجين لا يجدون عملا ولا فرصة لكنهم باقون مستمرون رغم كل الوجوم، غزة التي يتوعدها القريب قبل البعيد بالتقاعد ويخص الصحة والتعليم بنصيب الأسد ولا ذنب لها ولا لموظفيها. غزة التي بات السرطان فيها حديث الساعة واليوم .وكأنه بات أمرا واقعا ومعاشا ومقبولا. غزة التي لا يخلو فيها بيت من شهيد أو اثنين أو ثلاثة أو أسير أو أكثر غزة التي لا زالت عائلاتها تنظر إلى ركام بيوتها.
إنها غزة وإنها رهن الإشارة وإنها صابرة وصامدة ومقاومة ولا تخشى البحر ولا تخشى العدو ولا تخشى المقاومة، إنها غزة شجرة المقاومة ورافدة القضية الفلسطينية وسراجها، غزة التي تخرج في كل مرة أقوى وأعظم رغم الجراح ورغم كل ما بها من قريب وبعيد، غزة بخير وما في جعبتها اكبر من أن يدركه عقل العدو وهي لا تخشى المواجهة بل تعد لها وتنتظرها ، إن في غزة فائضاً من العزة والكرامة والجهوزية والاستعداد، إن الزمان والمكان لم ينالا من غزة، وقد قدمت على مدار عمر الحصار نموذجا غير مسبوق، ولسنا نسوق الاماني ولا نمني النفس، إن أجنحة المقاومة الفلسطينية في غزة عموما وسرايا القدس بوجه الخصوص لديها فائض بشري وعسكري ولو قُدر أن يُفتح باب الالتحاق والتجنيد لشباب غزة كلهم فإن الأمر سيسوء العدو وأعوانه وكل الذين يراهنون انه بالإمكان تركيع غزة أو ترويضها. إن غزة ما قبل حرب 2014 لم تعد هي غزة الآن وفي جعبتها ما يسر المقربين ويؤلم المعتدين.
المصدر : موقع “سرايا القدس”