الكيان الصهيوني… عندما يصبح دولة عربية!

 

موقع أنصار الله  || صحافة عربية ودولية ||

عقيل الشيخ حسين/العهد الاخباري

 

من عجائب السياسة الدولية، وعجائبها عربية بوجه عام، أنها تفعل أحياناً فعل الكيمياء التي حدث لشاعر عربي -عاش قبل داروين بقرون طويلة- أن قال عنها بأن لها “سحراً” يحول القرد إلى إنسان.

وهل هنالك من “سحر” أكبر من ذلك السحر الذي جعل مجلس الأمة المصري، بكامل أعضائه، وهم بالمئات، يصفقون، عام 1997 بشكل جنوني، للرئيس أنور السادات عند إعلانه عن اعتزامه القيام بزيارته الشهيرة للكيان الصهيوني؟

مثل هذا الإعلان كان كفيلاً، لو تم، يومها، في بلد عربي أو إسلامي آخر، أو في مصر نفسها ولكن قبل سنوات من ذلك التاريخ… كان كفيلاً بإهدار دم صاحبه على رؤوس الأشهاد، وقبل أن ينتهي من التلفظ بآخر حرف من أحرف إعلانه.

لكن تنفيذ الحكم فيه تأخر لحوالي ثلاث سنوات، ومع أنه تم على رؤوس الأشهاد، فإنه لم يكن، كما قال شاعر عربي آخر، “أشفى لغل صدر الحقود”… لأنه حدث “غيلة”، على ما كانت تقوله العرب، أي على طريقة الاغتيال الفردي، ودون ملأ من الأمة.

وأياً يكن الأمر، فإن السؤال ليس محيراً بالمرة حول طبيعة السحر الذي استخدمه السادات وجعل أعضاء مجلس الأمة يصفقون لقراره البائس حتى اهتراء أكفهم.

 

 

فالحقيقة أن قراراً من هذا النوع الخياني كان يحتاج، عند الإعلان عنه، وبالنظر إلى ضخامة الجريمة المتمثلة باغتصاب فلسطين تحت سمع وبصر ما كان يقرب حينها من مليار عربي ومسلم… كان يحتاج إلى حد أدنى من الشعور بالحرج، أو الخوف، أو الحياء.

لكن شيئاً من هذا لم يحدث، وكانت القحة سيدة الموقف، حيث أعلن السادات قراره الانهزامي بلهجة انتصارية يخال السامع عند سماعها أنه يهدد بدخول القدس عنوة، وبزرع العلم المصري فوق قبة الكنيست، وبجعل اليهود يختارون طوعاً رمي أنفسهم في البحر هرباً من بطشه وانتقامه.

وبعد السادات الذي عاد عليه قراره ببعض التنفيعات الأميركية والإسرائيلية التي تكفي لملء بطون حفنة من المصفقين، كرت السبحة وانضم عدد من الزعماء العرب علناً إلى قائمة المعترفين بالكيان الصهيوني، وعدد آخر من المعترفين بشكل سري أو شبه سري.

لكن الاعتراف هذه المرة لم يعد عليهم بالتنفيعات، بل باتت له أثمان لا بد من دفعها. للكيان الصهيوني وخصوصاً، للولايات المتحدة.

صار عليهم أن يدفعوا المليارات تتلوها المليارات. مرة على شكل تبرعات لإنقاذ مصارف أميركا من الانهيار. ومرة على شكل إيداعات لتعزيز موقع الدولار وقوته. ومرات ومرات على شكل صفقات أسطورية من الأسلحة.

وصار عليهم، وهذا هو الأهم، أن يكونوا أميركيين أكثر من أميركا، وصهاينة أكثر من الصهاينة، في مجال العداء لإيران ومحور المقاومة.

وصاروا يشنون على إيران ومحور المقاومة حروباً شرسة، كتلك التي شنها صدام بدعم وتمويل وتسليح منهم. وكتلك التي شنوها وما زالواعلى سوريا تحت ستار الإرهاب. وعلى اليمن تحت ستار الدفاع عن الشرعية. وأيضاً كتلك التي شنوها وما زالوا يشنونها بمختلف السبل والوسائل على حزب الله، وعلى لبنان، من وراء حزب الله.

وصاروا يشنون الحروب الصهيوأميركية على بلدان كليبيا وتونس ومصر لا لشيء إلا لأغراض القتل والتدمير، مع أن شن هذه الحروب يدحض مزاعمهم عن صراع مزعوم بين السنة والشيعة.

ولكي يمنحوا أنفسهم هيبة تظل صبيانية مهما علت أصواتهم، ومهما تكدست الأسلحة في مستودعاتهم، أعلنوا لأنفسهم عن حلف أسموه بـ “الناتو العربي”. هابطين هكذا بالعروبة إلى الدرك الأسفل.

كان يمكنهم مثلاً، أن ينتزعوا ورقة الدفاع عن القضية الفلسطينية من يد إيران ومحور المقاومة، وأن يتصدوا للكيان الصهيوني ليثبتوا عروبتهم وإسلامهم. لكنهم لم يفعلوا. وبدلاً من ذلك، فضلوا أن يتحولوا إلى مرتزقة في اسطبل الكيان الصهيوني عبر القبول، بتحالف مرحلي أو استراتيجي، بل عبر توسل الدخول مع الكيان الصهيوني في نظام كونفدرالي يصبح معه الكيان الصهيوني “دولة عربية” وعضواً في الجامعة العربية !!!

هذا الخبر ما زال، حتى الآن، طي الكواليس. لكنه سيظهر إلى العلن في القريب العاجل. وعندها سيعود زعماء عرب كثيرون إلى مراجعة شريط الفيديو الذي يظهر السادات وهو يهدد، بلهجته الانتصارية المجلجلة، بالذهاب إلى القدس.

سيراجعون ذلك الشريط ليتمرنوا على “اللهجة الانتصارية” التي سيعلنون بها كيف أنهم أجبروا الكيان الصهيوني على أن يصبح دولة عربية.

لا بل وحتى دولة فوق كل الدول العربية. أليس إكرام الضيف وإعطاؤه صدر المجلس من شيم العرب؟!

قد يعجبك ايضا