السعودية تنتقم لفشل رهان التفرقة: مجزرة جديدة في صنعاء
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الاخبار اللبنانية
بعدما باءت محاولات تحالف العدوان تحويل السجال السياسي بين شريكَي صنعاء إلى اقتتال على الأرض يهزّ أمان العاصمة، جاء الرد بضربات انتقامية جديدة أودت بحياة 16 مواطناً، معظمهم نساء وأطفال
لم يكد يمر يومان على المجزرة التي ارتكبتها طائرات العدوان في قرية بيت العذري في مديرية أرحب شمال صنعاء، مُوديةً بحياة 48 مدنياً، حتى عادت العاصمة لتكون في مرمى حمم الموت من جديد، إذ أغارت الطائرات السعودية، فجر أمس، على عمارة سكنية في منطقة عطان، التي حطمت رقماً قياسياً في عدد الغارات التي استهدفتها منذ بدء العدوان، ما أدى إلى استشهاد 16 مواطناً، بينهم 8 أطفال و4 نساء، وإصابة 22 آخرين من ساكني العمارة التي سُوّيت بالأرض.
وجاءت هذه المجزرة بعد ساعات على انتهاء الفعاليات التي نظّمها كلّ من «المؤتمر» و«أنصار الله» في صنعاء، والتي كان مأمولاً من قبل خصومهما أن تؤدي إلى اقتتال بينهما، ما دفع عدداً من القيادات في العاصمة إلى اعتبار جريمة عطان دليلاً على ضيق تحالف العدوان ممّا آلت إليه فعاليات يوم الخميس.
واستنكر الناطق باسم «أنصار الله»، محمد عبد السلام، المجزرة، مديناً «صمت المجتمع الدولي وتواطؤ الأمم المتحدة مع المجرمين القتلة». وأشار، في تصريح صحافي، إلى أن «هذه المجزرة التي تكشف صلف وخيبة تحالف العدوان، تأتي عقب انتصار المجلس السياسي الأعلى في تدعيم مفهوم الدولة وتوفير الحماية لجميع الفعاليات، سواء ما كان منها حزبياً أو لرفد الجبهات». وأكد أن «تلك المجازر لن تمر دون انتقام».
بدورها، أدانت حكومة الإنقاذ المجزرة، واصفة إياها بأنها «جريمة حرب جديدة متكاملة الأركان». وشدد مصدر مسؤول في وزارة الخارجية على «حق اليمنيين في الرد بكل الوسائل المتاحة والتي قد تتاح، وجعل مسرح المعركة والعمليات يشمل الأراضي السعودية ومصالحها في أي مكان». ودعا المصدر الأمم المتحدة ومجلس الأمن إلى «العمل من أجل إحلال السلام، وإرسال بعثات تقصٍّ للتحقيق في جرائم العدوان في اليمن، وأن تكون هناك نظرة محايدة وحازمة». ورأى مجلس النواب في صنعاء، من جهته، أن «صمت المجتمع الدولي شجّع دول تحالف العدوان على مواصلة جرائمها دون رادع»، حاضّاً المجتمع الدولي على «الاضطلاع بمسؤوليته الإنسانية، وممارسة الضغط على دول العدوان لإيقاف الحرب فوراً، ورفع الحصار البري والبحري والجوي».
ومدفوعةً بالإحراج إزاء السخط الشعبي على توالي المجازر، سجلت حكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، موقفاً «محايداً» من ضربة عطان، داعية إلى التحقيق فيها. وقال وزير خارجية هادي، عبد الملك المخلافي، في تغريدات على «تويتر»، إن «ما حدث اليوم في منطقة فج عطان يستوجب التحقيق من قبل التحالف»، حاثّاً على «تجنيب المدنيين نتائج الحرب التي أشعلتها ميليشيا الحوثي ــ صالح»، في تبرئة مبطّنة لتحالف العدوان من الدم المسفوك.
وعلى إثر ردود الفعل المندّدة تلك، أعلنت قيادة تحالف العدوان، مساء أمس، «مراجعة» العمليات العسكرية في منطقة فج عطان. وقال المتحدث باسم التحالف، تركي المالكي، في تصريحات أوردتها قناة «الإخبارية» الرسمية، إن «قيادة التحالف اطّلعت على ما تم تداوله في مواقع التواصل من مزاعم باستهداف التحالف لمنزل في فج عطان، وستقوم بمراجعة العمليات في المنطقة المحددة، وستعلن النتائج حالما تنتهي المراجعة إلى نتائج أولية». وكرر المالكي حديثه عن «التزام قيادة التحالف بواجب حماية المدنيين وتجنيبهم آثار الصراع»، و«تبنّيها قواعد اشتباك طبقاً لقواعد وأحكام القانون الدولي الإنساني».
ووقعت مجزرة عطان في وقت كانت تتوالى فيه المواقف المستنكرة لمجزرة أرحب، والتي ارتكبتها طائرات العدوان فجر الأربعاء الماضي. وطالبت الأمم المتحدة بتحقيق مستقل في الغارات الجوية التي استهدفت فندقاً شعبياً في قرية بيت العذري بمديرية أرحب، ناقلة عن شهود عيان نفيهم وجود «أيّ إنذار بهجوم وشيك». وذكّرت المتحدثة باسم مكتب مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ليز ثروسيل، أمس، «كل أطراف الصراع، بما في ذلك التحالف، بواجبها في ضمان الاحترام الكامل للقانون الإنساني الدولي». وأشارت ثروسيل إلى أنه «في الأسبوع الذي يمتد من 17 إلى 24 آب/ أغسطس، قتل 58 مدنياً بينهم 42 بأيدي التحالف الذي تقوده السعودية». وكان المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، قد أعلن أن مكتب حقوق الإنسان التابع للمنظمة الدولية بدأ تحقيقاً في غارات أرحب، مؤكداً أن «أيّ هجوم على المدنيين غير مقبول»، ولافتاً إلى أن الأمم المتحدة «قلقة للغاية من الغارات التي تشنّها قوات التحالف وتزيد من معاناة اليمنيين».
في المقابل، زعم المتحدث باسم تحالف العدوان، تركي المالكي، أن «مَن استُهدِف في الغارات بمنطقة أرحب هم مجموعة عناصر انقلابية مسلحة تتبع كتيبة مكلفة بالانتشار في محيط مطار صنعاء الدولي»، مدّعياً أن تلك الغارات «تتوافق مع القانون الدولي الإنساني وقواعده العرفية الخاصة بالاستهداف والاشتباك».