ورثة الأنبياء
موقع أنصار الله ||مقالات ||بقلم / محمود العزي
إن من يقرأ التاريخ بتمعن سيعرف أن المرحلة بعد رسول الله صلوات الله عليه وآله كانت مرحلة فارقة في تاريخ الأمة والبشرية كلها وأن رسول الله ما كان ليترك الأمة التي صدح فيها بأمر الله تضيع من بعده وتعيش حالة الضياع والتشتت.
وإذا ما عدنا لتاريخ الأنبياء من قبله وجدنا أنهم لم يتركوا خلافة أممهم للمجهول، وكانت التهيئة الإلهية لمن يخلفهم سواء من الأنبياء أو ممن اصطفاهم الله ممن تربو في بيوت النبوة ومعادن الرسالة.
وحاشا أن يكون الله جل شأنه قد أغفل أو ترك أمراً عظيما كهذا ليتحكم فيه أشقى الخلق دون أن يكون قد أوضح لهم طريق هدايتهم في الوقت الذي قد أوضح لهم أموراً هي أقل أهمية بكثير من أمر ولاية الأمة.
وفي القرآن الكريم تحدث عن الكثير من الأمثلة ليبين لنا أهمية الأمر والواقع كقصة نبي الله موسى حينما خلفه هارون من بعده وقصة أبينا إبراهيم وابنه إسماعيل وقصة نبي الله يعقوب ونبي الله يوسف وقصة طالوت وداوود وغيرها الكثير مما لا يتسع لها المقام وفي القرآن الجواب الشافي لمن فتح قلبه وتأمل آيته.
وإذا دققنا في سيرة النبي الأكرم محمد صلوات الله عليه وآله لوجدنا الكثير من الأحداث والقصص التي تدلل على أن هناك شخصاً واحدا كان محط رعاية وعناية خاصة من رسول الله وكان جديراً بأن يحمل الراية من بعده. يجسد روح القران ويمثل الكمال الإنساني والإيماني والاصطفاء الإلهي بأبهى صوره. يعرفه القاصي والداني برفيع أخلاقه وعظيم مواقفه وسبقه للإسلام ونصرته للنبي ودفاعه عن الدين والأمة وإقدامه وسبقه في المعارك لدرجة أن النبي قال فيه كرار غير فرار يفتح الله على يديه.
فيه من الأحاديث المتواترة ما لم يروَ في غيره، منها حديث السفينة والكساء والغدير والقرآن والحق والكثير الكثير.
هذا الشخص العظيم بمواقفه وسلوكه وإيمانه هو الإمام علي عليه السلام أبن عم النبي وأخيه وتلميذه الذي تربى على يديه والذي كان له الأثر العظيم والبالغ في تاريخ الإسلام. ومن الطبيعي والمنطقي أن تتولى الأمة شخصاً هو أعظم البشر بعد رسول الله وبتأكيد من نيي الله الذي أمر المؤمنين بتوليه في ذلك اليوم المشهود عندما جمع المسلمين بعد عودتهم من الحج في غدير خم وأمر برجوع من كان قد سبق والتعجيل لمن تأخر في دلالة كبيرة على أهمية الحدث وعظمته، وقام فيهم خطيبا من على أقتاب الإبل ليسمع الجميع هذا النداء وهذه الرسالة التي سترسم ملامح المرحلة وستحدد مسارها، فرفع يد علي عليه السلام وهو يقول من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وأنصر من نصره، وأخذل من خذله.