موجة الإعتقالات في السعودية..حرب مع “تميم” أم نزاع “مُحمَّدَين”
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي
شهد اليومين أو الثلاث الماضيين ضجة إعلامية كبيرة في وسائل التواصل الإجتماعي في المملكة العربية السعودية بعد إعتقال الشخصيات الدينية البارزة في البلاد.
شبكة تويتر الاجتماعية هي واحدة من الشبكات الاجتماعية الأكثر استخداما على نطاق واسع في المملكة العربية السعودية، وخاصة منذ مايو الماضي حيث تم حظر برنامج الواتساب حيث استبدل العديد من المستخدمين حساباتهم الى تويتر.
لذلك، في كل مرة يتم إثارة موضوع في المملكة العربية السعودية، خاصة إذا كان من قبل حسابات قريبة من الأطراف الحكومية أو من مؤيدي النظام الملكي السعودي، فذلك يعني إعطاء مقدمة عن ذلك الموضوع.
ومن بين هذه الأمور، كان هاشتاغ #العریفی_یتاجر_بالدین في الأيام القليلة الماضية، تشير إلى احتمال اعتقال هذا المبلغ السعودي مُقدماً.
محمد العريفي هو أحد رجال الدين النشطين في المملكة العربية السعودية. وهو خطيب شهير في العالم العربي. ولديه في حسابه على تويتر 19 مليون متابع وفي حسابه على الفيسبوك 24 مليون متابع.
وفي السنوات القليلة الماضية، اتُهم دائماً بدعم جماعة الإخوان المسلمين. كما أنه متهم بإصدار فتوى مماثلة لفتوى الجهاد في سوريا، وإن كان قد نفي ذلك عدة مرات في وقت لاحق. بطريقة أو بأخرى يعتبر العريفي رجل دين ملكي. عندما كانت الحرب السعودية ضد اليمن قد طوت الأشهر الأولى من عمرها، قام الأخير بالذهاب الى المناطق القريبة من الحدود اليمنية وارتدى الزي العسكري وأطلقت قذيفة هاون نحو أراضي اليمن، وهي محاولة لإضفاء الشرعية على الحرب ضد اليمن عند الرأي العام في العالم العربي.
وحينما تم تداول هاشتاغ #العریفی_یتاجر_بالدین في الأيام القليلة الماضية في المملكة العربية السعودية، أصبح من الواضح أنه سيعتقل. وكان قد تم اعتقاله سابقا في عام 2013 بسبب اتهامه المزعوم بدعم محمد مرسي، الرئيس المصري المخلوع والمنتسب إلى جماعة الإخوان المسلمين، ليتم اعتقاله مرة أخرى في هذه السنة.
كما أدت أخبار اعتقال العريفي إلى اعتقال سلمان العودة وعائض القرني وعلي العمري.
هذا واعتقل المسؤولون السعوديون ايضا سلمان العودة يوم الأحد. وأكد شقيقه، خالد العودة صحة هذا الخبر. وقد أدى اعتقال العودة والقرني إلى إثارة السخط العام بين مستخدمي تويتر في المملكة العربية السعودية.
كما يمتلك كل من العودة القرني العديد من المتابعين في حساباتهم الشخصية. ويضم حسابهما على شبكة تويتر 14 و 17 مليون متابع، على التوالي.
لماذا يتم اعتقال هؤلاء الأشخاص؟
وقال حساب “معتقلي الرأي” (المعتقلون بسبب التعبير عن آرائهم) في السعودية، ضمن التأكيد على أنباء اعتقال المبلغين السعوديين الثلاثة، إن قائمة المعتقلين ستصل إلى 20 شخص.
كل هؤلاء الأشخاص هم من المعارضين لمحور المقاومة والجمهورية الإسلامية الايرانية. في السنوات الأولى من الأزمة السورية، أيد هؤلاء الاشخاص الحرب على سوريا تحت مُسمّى “الجهاد”. وأيدوا أيضا نوعا ما الحرب السعودية ضد اليمن. وساهم هؤلاء تقريبا بأغلب القضايا الإقليمية التي كانت المملكة العربية السعودية تحتاجهم لتبرير سياساتها.
النقطة المشتركة أن هؤلاء الأشخاص لم يدينوا قطر في الأزمة العربية الأخيرة بين الدول الخليجية. ونشر حساب “العهد الجديد” السعودي، الذي ينشر بعض الأخبار التي تحصل خلف كواليس البيت السعودي، مثل حساب “مجتهد” (المعروف بتسريب أخبار العائلة المالكة)، أنه في الأيام القليلة الماضية، اتصل الديوان الملكي السعودي بعائض القرني وسلمان العودة وطلبوا منهم اتخاذ موقف ضد قطر، لكنهم رفضوا طلبهم واعتُقلوا لهذا السبب.
إلى جانب قضية قطر، فإن دعم أو نوع من التضامن الفكري مع جماعة الإخوان المسلمين التي تدعمها قطر هو ربما أحد الأسباب التي تسببت في غضب الملك سلمان وابنه محمد بن سلمان (ولي العهد السعودي). سلمان العودة هو عضو في اتحاد الأمة الإسلامية العالمية التي يرأسها يوسف القرضاوي، رجل الدين الداعم بقوة لجماعة الإخوان المسلمين، ويحظى بكره شديد من قبل الحكومتين السعودية والمصرية.
حاليا، من يُتهم بدعم قطر والاخوان المسلمين، من وجهة نظر المملكة العربية، سيتساوى بعض الشيء مع الزنديق والكافر، ويعاقب عن ذلك من خلال تسقيطه عن الحياة السياسية أو الاجتماعية.
هناك شيء مهم آخر لا ينبغي إهماله هو قرب موعد 15 سبتمبر، وهو التاريخ الذي تم تحديده لـ”المسيرات الاحتجاجية السلمية” في المملكة العربية السعودية، وقد نشر حساب “حراك 15 سبتمبر” حملة في 22 أغسطس الماضي في تويتر وطلب من جمهوره الإعلان عن المساجد والأماكن المقترحة لبدء التجمع.
وفي 15 مارس / آذار 2013، في خطاب حاد وجهه إلى الحكومة السعودية، وخاصة وزارة الداخلية، طالب بالإفراج عن أولئك الذين احتجزوا بسبب حرية التعبير عن الرأي. وطلب من الحكومة من خلال هذا الإجراء امتصاص غضب الشارع السعودي ودرء الفتنة.
سلمان العودة هو أحد رجال الدين السعوديين الذين اعتقلوا في الرياض سابقا وألقي القبض عليه لدعوته إلى حرية التعبير.
ومن المثير للاهتمام أن سلمان العودة وغيره من الشيوخ مثل عائض القرني وناصر العمر، هم من ضمن رجال الدين والمبلغين الذين انتقدوا تعاون المملكة العربية السعودية مع الولايات المتحدة في حرب الخليج في التسعينات من القرن الماضي، وكانوا من ضمن الموقعون على العريضة المعروفة بـ”خطاب المطالب”.
خطاب المطالب هو رسالة موجهة إلى فهد بن عبد العزيز، ملك المملكة العربية السعودية في ذلك الزمان، في شهر مايو من عام 1991 ووقعها حوالي 400 من رجال الدين دعوا فيها إلى إنشاء مجلس الشورى، وتحقيق المساواة بين المواطنين، والإنصاف في توزيع رأس المال وتأسيس جيش كامل وقوي، وإتخاذ سياسة خارجية دون تحالفات مخالفة للشرع الاسلامي.
في عام 2014 (قبل 3 سنوات)، بعد حوالي 23 عاما، أعاد الناشطون السعوديون نشر الرسالة التي وقع عليها سلمان العودة عائض القرني.
وبغض النظر عن هذه الأسباب، يعتقد البعض في المملكة العربية السعودية أن رجال الدين المعتقلين هم أحد المقربين فكريا من محمد بن نايف، ولي العهد السابق الذي أطاح به محمد بن سلمان بمساعدة والده، واصبح هو ولي العهد ليتمكن من خلال ذلك أن يسعى لأخذ مكان أبيه وينصب نفسه ملكا على السعودية.
وقد أثار خطاب دونالد ترامب الأخير مع القادة السعوديين أيضا القيل والقال حول تسلم وشيك لبن سلمان لكرسي الملكية.
ويعتقد هؤلاء الأفراد، بجانب هذه القضية والأزمة القطرية، الّا أن هذه الاعتقالات هي أسباب محتملة لمغادرة سلمان من موقع القوة وجلوس ابنه محمد بن سلمان على الكرسي الملكي، ولكي يتم احتواء العواقب الاجتماعية لهذه الخطوة، بدأت موجة الاعتقالات في السعودية.