“انتفاضة القدس” مستمرة وتتحدى رغم تصاعد وتيرة العدوان

موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||
وكالة القدس للأنباء

تصادف في مثل هذه الأيام الذكرى الثالثة لانتفاضة القدس المباركة والتي ما زالت مستمرة حتى الآن، وكان مفجرها الشهيد المقدسي مهند الحلبي، المنتمي إلى “حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين”، بعمليته البطولية، في 3 من أكتوبر/ تشرين الأول عام 2015.

تؤكد هذه الانتفاضة أن الشعب الفلسطيني المقاوم لا زال متمسكاً بخيار المقاومة ونهج الكفاح المسلح، الذي يتمثل بعمليات الطعن والدهس والقنابل اليدوية الصنع التي تستهدف جنود العدو وقطعان المستوطنين.

لقد أرَّخت عملية الحلبي لـفجر فلسطيني مقاوم جديد، بالرغم من أنها ليست أولى عمليات المقاومة الفلسطينية، ولن تكون آخرها…

وتجسد الانتفاضة استعداد شباب فلسطين وشاباتها لمواصلة خيار المقاومة لمواجهة العدو الغاصب، وتؤكد على أن قضية فلسطين ما زالت حيّة، وأن لا العدوان ولا التسويات ولا المفاوضات ولا التنسيق الأمني ولا الانقسام الجغرافي أو السياسي قادر على تصفيتها.

زعزعت عمليات الانتفاضة أمن الكيان، وما زالت، حيث يسود الهلع والذعر في المستوطنات والمدن من شبح شباب فلسطين وشاباتها، يرون فيهم خطراً يهدّد حياتهم، وهو شعور سيضرب في الصميم فكرة الكيان الآمن، الذي حرص العدو على اعتباره ركيزة سياسية من ركائز قيامه واستمراره.

تدخل الانتفاضة عامها الثالث، رغم تباين وتيرتها بين الحين والآخر، فهي لم تكن مقطوعة الجذور عما سبقها ولم تكن ردة فعل آنية؛ بل هي فعل مقاوم أنتجته مجموعة التراكمات والآلام التي تمخضت من ظروف قاهرة بأبعادها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، والمحمولة بمضامين وطنية وقومية وإسلامية ثابتة أكدتها سنوات الصراع الطويلة مع الظواهر الاحتلالية الإجلائية في آن معاً. وقد تعمق هذا الإحساس بالغبن بسبب التسويف والغطرسة الصهيونية التي مارستها في محاولاتها وأد تاريخ طويل من نضال الشعب الفلسطيني.

351 شهيداً من خيرة أبناء وبنات فلسطين استشهدوا برصاص الجنود الصهاينة منذ بداية الانتفاضة حتى اليوم، كان آخرهم استشهاد فتى فلسطيني (17 عاماً) من طولكرم بزعم محاولته تنفيذ عملية طعن قرب حاجز عسكري صهيوني جنوبي نابلس شمالي الضفة المحتلة.

وهذا ما يؤكد على أن الانتفاضة مستمرة رغم استخدام العدو الصهيوني للوسائل القمعية كافة ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، لكبح جماح الانتفاضة ووقف عملياتها، من خلال نصب الحواجز، وغرس كاميرات المراقبة في كل الأرجاء، ونشر الجنود، وإطلاق العنان لقطعان المستوطنين المسلحين للاعتداء على الفلسطينيين ودهس أطفالهم، وصولاً إلى تنفيذ عمليات الإعدام الميدانية وبالدم البارد، وكل ذلك للحد من أعمال الانتفاضة وإطفاء شعلتها، لكنه مني بالفشل. فما أن يظن العدو أن وتيرة العمليات قد انخفضت، وإذا به يتفاجأ بعملية تكسر حالة الهدوء التي عاشها، والتي كان يمني النفس بأن الانتفاضة انتهت.

في كل مرحلة من مراحل انتفاضة القدس، تُفاجأ المستويات الأمنية والعسكرية والسياسية الصهيونية بنوعية العمليات الفلسطينية، حتى الفردية منها.

يرى متابعون أنّ العدو انتهز فرصة الانشغال الإعلامي المحلي والدّولي بأحداث “انتفاضة القدس” لفرض الوقائع على الأرض وتصعيد وتيرة هدمه وإخطاراته للمنشآت السكنية والزراعية والخدمية الفلسطينية، وهو أمر بات جليًّا تثبته عمليات التوثيق والمتابعات الميدانية.

انتفاضة القدس عنيدة ومتمردة على أحلام ملوك “إسرائيل”، ولم ترحل من جغرافيا فلسطين ولم تغادر تاريخها، وهي لن تمنح الصهاينة الحق في العيش على أرض فلسطين، فستظل تنهض كل يوم باكراً لتصلي الصبح وتتفقد أسلحتها من الحجارة والمقالع والسكاكين، وتلثم شبابها وفتيانها ثم تطلقهم في شوارعها ليمارسوا رياضتهم اليومية ويطلقوا رشقة من صواريخ حجارتهم المحشوة بالإرادة والعزم نحو عمقهم المحتل ويكتبوا رسائلهم إلى الوطن المهوّد بتشريعات الكنيست الصهيوني.

إن الشعب الفلسطيني فخور بهذه الانتفاضة، رغم تخاذل المتخاذلين ورغم ما يحاوله البعض من الفت من عضد هذا الشعب المجاهد، والزعم بأن هذه الانتفاضة كانت خطأ وخطوة متهورة.

ان الشعب الفلسطيني يدرك اليوم، أكثر من أي يوم مضى، أن هذه الانتفاضة كانت خطوة صحيحة وضرورية في سبيل استعادة الحقوق التاريخية المسلوبة، بخاصة في ظل الظروف العربية والاقليمية والمحاولات الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية… كما وتثبت من جديد أن هذه الانتفاضة قابلة للتجدد وقابلة للابتكار، كلما أحس الشعب بوجود محاولة للتفريط بثوابت القضيته، ومصيرها.

وباعتراف قادة العدو وكبار محلليه الاستراتيجيين والسياسيين والأمنيين، فإن “انتفاضة القدس”، وهي تضيء شعلتها الثالثة، تبدو أكثر قوة ومنعة وإصراراً على مواصلة عملياتها المفتوحة خياراتها على كل الاحتمالات والاتجاهات وعلى امتداد الأرض الفلسطينية بمساحتها الكلية. وكما قال القيادي في “حركة الجهاد الإسلامي” فؤاد الرازم، “فإن الانتفاضة مستمرة؛ وما دام هناك احتلال للأراضي الفلسطينية واعتداء على المقدسات، ستبقى هذه الانتفاضة”.

 

قد يعجبك ايضا