المسجد إذالم يكن مثل مسجد رسول الله ضد أعداء الله فهومسجد ضرار
موقع أنصار الله || من هدي القرآن || {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ} يشعر بأنه لاشيء ينقذه من هذا الوضع السيئ إلا الله فيلتجئ إليه، وعندما تلتجئ إلى الله سبحانه وتعالى ليس على أساس أن يقوم هو بالقضية بديلاً عنك، عندما تلتجئ الأمة إلى الله سبحانه وتعالى لا يمكن أن يكون على أساس أن يقوم هو بدلاً عنها، الحالة التي نحن نعبر عنها بالدعاء، ألسنا نستخدم الدعاء؟ (اللهم أهلكهم، اللهم دمرهم، اللهم عليك بهم) واتركنا مكاننا، أليست هكذا؟ هكذا واقع صريحاً، ويهتمون بالقضية فيقنتون في ظهر، وعصر، ومغرب، وعشاء، وفجر: [اللهم دمرهم، اللهم رد كيدهم في نحورهم، اللهم.. اللهم..]
هذا لا يمثل حالة الالتجاء الصحيح إلى الله، أنت إذا انطلقت هذا المنطلق فأنت في الوقت نفسه تفترض لنفسك حالة هي لم تحصل لسيد المرسلين (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) لم تحصل لسيد المرسلين، هذه نقطة ثانية.
نحن تحدثنا سابقاً وقلنا: إن الإنسان يرسم لنفسه طريقة هي لم تتهيأ للنبي نفسه! فنقرأ عن حياته، وما واجه من مصاعب، ومشاكل، وكأنه فقط يكن ماهرا مثلنا! لم يكن ذكياً مثلنا يعرف كيف يرسم لنفسه طريقاً سهلة إلى الجنة [مقرَبَة] توصلك بسرعة إلى الجنة، أما الرسول (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) فجاء من الطريق البعيدة إلى الجنة، جاء من الطريق التي يراه الكفار، التي عبر منها فاحتاج إلى جهاد وحركة.
نحن نعمل هذا، نلتجئ إلى الله لكن بطريقة غير صحيحة، بنظرة قاصرة، نحن نريد أن يقوم الله هو بالمسألة بدلاً عنا: [قم أنت يا الله انصر دينك أما نحن فنحن مشغولون، اللهم دمرهم، اللهم أهلكهم، اللهم دمر إسرائيل] ذاك [شارون] يظهر في التلفزيون وهو يزن حوالي 95 كيلو أليس [شارون] مثل الثور؟ كم تنصبُّ من دعوات؟ ” من جو قدو مثل الريشة” وإسرائيل قد انتهت.
هل أن الله لا يسمع دعاءنا؟ هو يسمع السر والنجوى، ويعلم السر والنجوى {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} إذا دعاني أجيب لكن {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (البقرة: من الآية186) استجابة إيمان من منطلق أن نسترشد بالله سبحانه وتعالى، هو يرشدنا كيف نعمل، ونحن سنعمل هنا سيستجيب إن استجبنا له، هو يريد أن نعمل، وقال في الجنة: {فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}(الزمر: من الآية74) في الآية التي قرأناها في دروس سابقة: {فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} (الزمر: من الآية74).
{فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي} أنا دعوتهم إلى طريق معين، إلى هدي معين {فَلْيَسْتَجِيبُوا} هم وأنا سأستجيب {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} (الأنفال: من الآية24 ) أليست هذه آية صريحة؟ هو دعا فلنستجب له، فمتى ما دعوناه ونحن قد استجبنا فسيستجيب لنا، أليس هذا هو المنطق الطبيعي الذي سيقوله أي واحد لشخص آخر؟ {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (البقرة: من الآية18) ومن رشادهم: عندما يدعون استجيب لهم.
رسول الله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) ألم تكن دعوته مستجابة؟ كان بالإمكان أن يجلس في زاوية مسجده، وهو أول ما عمل في المدينة – عندما وصل إلى المدينة – بنى المسجد، لكن لم يبنى المسجد ليجلس في الزاوية، بنى المسجد كقاعدة عسكرية، قاعدة للجهاد، بنى المسجد ليؤاخي – داخل هذا المسجد – بين أصحابه، بين جموع المهاجرين والأنصار، بنى المسجد ليكون منطلقا ليوحد الأمة، بنى المسجد لينطلق منه لمقارعة الظلم والطغيان، أم أنه اهتم أن يجلس ويقول لعائشة تكون تخرج له فنجال قهوة، ويجلس في المسجد، ويدعو: [اللهم اهلك قريشا] فيُمسحُون من هناك, اللهم اهلك [هوازن] فيُمسحون، اللهم اهلك [ثَقِيْفاً] اللهم دمر الروم، اللهم دمر كسرى، أليس هو سيد الأنبياء والمرسلين ودعوته مهمة؟ ولكن لا ليست هي الطريقة.
إذاً نحن كلنا بما فينا أولئك الذين يقولون وهم مهتمون بالقضية أن يقنتوا داخل الصلاة، الوهابيون وهؤلاء السنية – يقنتون في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر كلها (دِّمر أمريكا، دمر روسيا، وهم شغَّالين في خدمة أمريكا وإسرائيل من حيث يشعرون أو لا يشعرون).
فليستجيبوا لي أولا كما قال الله: {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (البقرة: من الآية186) متى ما استجابوا استجابة صحيحة فالدعاء سيكون له أثره. ومعنى فليستجيبوا لي يعني أنه دعانا إلى شيء، والشيء الذي دعانا إليه ما هو؟ هل شيء نعمله له هو؟ لا. دعانا إلى أعمال، أعمال قلبية، أعمال في واقع الحياة، قِيَم نتحلى بها، قضايا نهتم بها، سلوك نسير عليها، سلوك معينة من الأخلاق الحسنة نتحلى بها، أعمال في واقع الحياة كثيرة جداً نؤديها، فتتحقق الاستجابة.
أليست هذه من الحماقة أن يفترض الناس أو تفترض الأمة لنفسها حالة هي لم تحصل للنبي (صلي الله عليه وعلى آله وسلم)؟ أن نفترض لأنفسنا مقاماً هو لم يحصل للنبي (صلي الله عليه وعلى آله وسلم)؟ ألم يقل الله سبحانه وتعالى لرسوله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم): {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} (النساء: من الآية84) ما معنى قاتل؟ ما هي كلمة صريحة؟ أكثر صراحة من كلمة [جاهد] التي تفسر في زماننا بأنه جهاد الكلمة، جهاد القلم، جهاد النفس، نصف أنفسنا بأننا مجاهدون لكن نريد بالقلم؛ لأنه أسهل، أليس هو أسهل؟ القلم يعتبر جهاداً إذا كان هو يصدر خطوطاً تؤدي إلى القتال فهو جهاد، أما إذا كان يصدر سطوراً تجمد الأمة، وتخدع الأمة فيعتبر ماذا؟ يعتبر منافيا للجهاد، يعتبر حربا على كل ما تعنيه كلمة [جهاد].
الكلمة نفسها إذا لم تأخذ في الحسبان أن تكون كلمة تحرك في مشاعر الأمة أن تصل بنفسها إلى درجة القتال لأعداء الله فهي كلمة خبيثة {اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار} لا تترك أي أثر، ليس لها قيمة، إذا كانت الكلمة التي تصدر من فمي، ومن فمك، ومن أفواه الآخرين هي كلمة، هي دعاء لله. ألم يأتِ في الأحاديث أن الدعاء هو مخ العبادة؟ الدعاء أليس من الكلمات الطيبة؟ إذا كانت هذه الكلمات الطبية لا تترك أثرها، ولا قيمة لها عند الله، إذا لم تنطلق من حناجر تهيئ نفسها للعمل، فكيف بالكلمات الأخرى سيكون لها اثر؟
الدعاء أليس كلاماً طيباً؟ [اللهم دمِّر الكافرين، اللهم دمِّر أمريكا وإسرائيل] أليست هذه كلمات جميلة دعاء لله؟ لكنها أيضا لا أثر لها عند الله، إذا لم تكن كلمات تنطلق من حناجر هي في ميدان المواجهة كما كان الرسول (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) كان يهيئ، ويلبس لامة حربه، ويدعو المسلمين إلى الإنفاق، وإلى الخروج في سبيل الله، ثم يدعو وهو في الطريق، ويدعو وهو في ميدان القتال، هنا الدعاء يقبل.
لكن أفواج من العلماء، أفواج من العباد في كل مساجد الدنيا: اللهم، اللهم، اللهم.. وفي يوم الجمعة، من فوق المنبر: [اللهم احفظ قادتنا، اللهم أيدهم بنصرك، وأصلح بهم الدين، وارزقهم البطانة الصالحة] وأشياء من هذه، أليس هذا تناقضاً في المواقف؟ تناقضاً،
عملاً نعمل ضد الله، ودعاء ومجرد كلام ننطلق به مع الله، كلام مجرد كلام مع الله، وعمل وخدمة مع أعداء الله، من يكون واقعه على هذا النحو يصبح واقعاً سيئاً، حتى علماء على هذا النحو، التعامل مع الله مجرد كلام، والتعامل مع أعداء الله عمل وبإخلاص.
إذاً فلماذا لم يعتصم رسول الله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) بالله على هذا النحو الذي نزلت عليه الآية: {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ} فيقول: [والله هذا صدق اعملوا لي مكاناً في زاوية المسجد ولا يدخل أحد عليّ إلا إذا جاء واحد معه سؤال، وأخرجوا لي زادي إلى هنا، وأنا سأ دعو من هنا من زاوية المسجد]. لا.
كان هو (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) حتى لا يحاول أن يتعبد كل عبادته في المسجد بل هو في بيته؛ ليوحي للأمة أن المساجد لها أهميتها، لها قيمتها، لكن لا يجوز أن تتحول إلى دار عجزة، لا يجوز أن تتحول إلى [مَكَا سِل، مَكْسَلة] لا يجوز أن تتحول إلى منابر تجمِّد المسلمين. فكان مسجده أشبه شيء بثكنة عسكرية، قاعدة عسكرية، كان منبره صوت يهز الكفر، يهز الطغيان، يهز الظلم، هكذا فهم هو الإعتصام بالله سبحانه وتعالى.
لكن نحن الأذكياء، وعلى طول وعرض الساحة الإسلامية. لا. نرجع إلى الدعاء، يخرج (المطوّع) في السيارة الفخمة إلى المسجد الحرام، والجنود من يمينه وشماله ويدعو – أو في أي بلد من البلدان يكون هذا النمط تشاهده – ثم يعود في السيارة الفخمة إلى الشقة، والعمارة الفخمة المكيفة المجهز فيها كل وسائل الراحة، وانتهت المهمة، دعونا الله فلينطلق هو، كما قال بنو إسرائيل: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}(المائدة: من الآية24) الله حكى هذا عن بني إسرائيل في مقام السخرية من أمة يصدر منها كلام مثل هذا {قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَداً مَا دَامُوا فِيهَا}(المائدة: من الآية24) فليخرجوا هم ونحن سندخل، نحن مستعدون أن ندخل {إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَداً مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} (المائدة:24).
{وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ} اعتصاماً حقيقياً، أي يهتدي بهديه، يرجع إليه، يثق به ليرشده كيف يعمل، يرشده كيف يعمل، وليس كيف يقوم بدلا عنه، ومتى ما انطلقت على ما أرشدك إليه كيف تعمل فهو سيقف معك.
ما هو الإعتصام بالله؟ قالوا: [العمل بكتاب الله، وسنة رسوله، لو أن المسلمين مشوا على كتاب الله، وسنة رسول الله لكان كذا وكذا]. لكن ما حال بينهم وبين أن يعملوا بكتاب الله، وسنة رسوله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) هو أنهم فصلوا أنفسهم عن الله، وعن رسوله، فصلوا أنفسهم عن الله, عن الثقة به، عن العلاقة به، وعن رسوله على هذا النحو أيضاً.
فيجب أن تترسخ في أذهاننا هذه القضية، ولنرجع إلى القرآن الكريم نجد بأن من أهم ما دار حوله القرآن الكريم هو شد الناس إلى الله، وشدك أنت إلى الله، فلم يقدم كتابه بديلاً عنه، ولم يجعل رسوله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) بديلاً عنه، بل رسول الله أليس هو – و هو رسول الله بنفسه – كان يهتدي بالله، يلتجئ إلى الله، يرجع إلى الله، ويهتدي بهدي الله؟ فلم يكن رسول الله بدلاً عن الله، ولا رقماً ثانياً ننظر إليه منفصلاً عن كتاب الله، وعن الله.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
الدرس الثاني-من دروس آل عمران-(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ)
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي/ رضوان الله عليه.
بتاريخ:25شوال 1422هـ
الموافق:9/1/2002م
اليمن – صعدة.