هل سعت ’إسرائيل’ الى حرب واسعة من خلال استهدافها أنفاق غزة؟

 

موقع أنصار الله  || صحافة عربية ودولية ||

شارل أبي نادر / العهد الاخباري

 

ليس بجديد أن تستهدف إسرائيل مواقع أو نقاطًا مدنية او عسكرية في غزة أو في خارجها، بطريقة وحشية ومخالفة لكافة القوانين الدولية، كقانون الحرب والقانون الدولي الانساني وقانون النزاعات المسلحة، ولكن تكمن حساسية اعتداءها الأخير على أحد أنفاق غزة، والذي يربط خان يونس بشرقها مع امتداد باتجاه مستوطنة كيسوفيم، بأنه قد يحمل تداعيات خطرة تؤسس لحرب واسعة، بمواجهة القطاع او ربما بمواجهة “جبهة اسرائيل الشمالية” بالكامل، ما بين الجنوب اللبناني حتى الجنوب الغربي السوري في الجولان المحتل.

 

 

في التوقيت

– يتزامن الاعتداء مع تقدم واضح في مشروع مصالحة داخلية فلسطينية، بين السلطة وحركة فتح من جهة، وبين أغلب فصائل المقاومة في غزة، وخاصة بين حركتي حماس والجهاد الاسلامي، وحيث كانت قد عوّلت اسرائيل على هذه المصالحة للوصول الى تنازلات اساسية من فصائل المقاومة، يبدو انها صُدمت من التمسك الثابت لتلك الفصائل بالخطوط الحمر الاساسية التي تحفظ عمل هذه المقاومة، لجهة متطلبات العمل العسكري من اسلحة ومن تنظيم ومن اجراءات، او لجهة عدم فك ارتباطها بالداعم الاساس لعملها المقاوم، مع ايران او مع حزب الله، الامر الذي لم يروق بالطبع للعدو الصهيوني، والذي سعى الى زيادة منسوب الضغط على الأطراف الفلسطينية وعلى دولة مصر كراعٍ لهذه المصالحة.

– يأتي الاعتداء ايضا في جو اقليمي ودولي متشنج على خلفيات متعددة: منها انتصار الجيش العربي السوري في الحرب الارهابية التي شنت ضده، مدعوما من حلفائه في محور المقاومة، الامر الذي زاد من منسوب الضغط على اسرائيل، وعلى خلفية توسع النفوذ الايراني ونفوذ حزب الله في سوريا وفي المحيط بشكل عام، وايضا على خلفية المناورة الاميركية – الاسرائيلية المشتركة فيما خص محاولة الغاء الاتفاق النووي مع ايران.

 

 

في التنفيذ

– لقد كان الاعتداء مُحضّرا ومُخطَّطا له، وقد جاءت اجراءات جيش العدو الاسرائيلي التي سبقته لتؤكد ذلك، من خلال الاستنفار الواسع لوحداته، وقيامه بنشر شبكة واسعة من القواعد المضادة للصواريخ (القبة الحديدية) بمواجهة كامل جبهة اسرائيل مع قطاع غزة، بالاضافة لاطلاق عدد كبير من طائرات المراقبة والقتال بدون طيار في سماء القطاع، الامر الذي يوحي بان جيش العدو كان يضع في حساباته ردا على الاعتداء، وهو من خلال هذه الاجراءات جاهز لتوسيع المواجهة والذهاب فيها بعيدا.

– لقد تعمد العدو، من خلال طريقة استهداف النفق، الايذاء الواسع واسقاط اكبر عدد من الشهداء، وقد تمثل ذلك باطلاقه بداية صاروخا ذكيا متطورا اصاب عمق النفق، ليتبعه بعد ذلك وعند وصول عدد من القادة والمقاومين لاخلاء وإسعاف وسحب الشهداء والمصابين، بصاروخ آخر او اكثر ربما، وهذه الصواريخ مجهزة بغازات سامة، الأمر الذي نتج عنه عدد كبير من الشهداء الذين قضوا خنقا بتلك الغازات.

 

 

في التداعيات

لا شك أن تداعيات هذا الاعتداء لن تكون بسيطة أو محدودة، خاصة في الطريقة التي نفذ بها لناحية التخطيط المتعمد للإيذاء الواسع والوحشي، أو في التوقيت الحساس والخطر، وسيكون هذا الاعتداء صالحا بالتأكيد لما يلي:

– خربطة المصالحة الداخلية الفلسطينية، وربما الذهاب بين الأطراف المعنية باتجاه تباينات حادة وخلاف واسع، خاصة في ظل تشديد حركة حماس على وجوب قيام السلطة الفلسطينية بردة فعل مناسبة وحاسمة وجدية بمواجهة إسرائيل، الأمر الذي قد يكون غير متوفر الآن لأسباب معروفة وغير معروفة.

– تقدم كل الاطراف خطوة او اكثر باتجاه مواجهة عسكرية عنيفة، في غزة وعلى حدودها حتما، وربما – مع نسبة كبيرة من امكانية الحدوث – على الحدود اللبنانية الجنوبية مع فلسطين المحتلة، وفي داخلها طبعا، وامتدادا الى الجنوب السوري على الحدود مع الجولان المحتل، وداخله طبعا، خاصة فيما لو فكرت اسرائيل بتنفيذ اعتداء مماثل على احد انفاق حزب الله على الحدود اللبنانية الجنوبية مع الجليل المحتل.

واخيرا تبقى التساؤلات التالية: هل سعت اسرائيل مباشرة وبشكل مقصود بالكامل، من خلال استهداف النفق شرق خان يونس بهذه الطريقة الوحشية الى حرب واسعة؟، وهل هي تستدرج الاطراف الاخرى في فلسطين المحتلة وفي لبنان وفي الجنوب السوري الى مواجهة مفتوحة، تراها مناسبة لها حاليا في ظل قرب اكتمال انتصار محور المقاومة في الحرب الكونية التي شُنت ضده، وكانت اسرائيل عمادها؟ ام انها تسرّعت ولم تتوقع فظاعة النتيجة لناحية العدد الكبير من الشهداء والمصابين وستحاول التملص وتهدئة الامور؟

قد يعجبك ايضا