المناورات النووية الأمريكية.. الأهداف والتداعيات
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||الوقت التحليلي- قبل أيام أعلن البيت الأبيض عن قيام القوات الأمريكية بإجراء مناورات نووية حملت اسم “الرعد الشامل” (Global Thunder).
وأوضح قائد القيادة الاستراتيجية الأمريكية الجنرال “جون هايتن” أن هذه المناورات تهدف إلى اختبار كافة أسلحة الردع الاستراتيجية والأسلحة الإلكترونية والعمليات الفضائية الافتراضية والدفاع الصاروخي على مستوى العالم.
وعلى الرغم من علمها المسبق بهذه المناورات أعربت روسيا عن قلقها إزاء إجرائها، ووصفت أمريكا بأنها لازالت تسعى للعب دور شرطي العالم، محذرة في الوقت نفسه من خطورة الأسلحة المستخدمة في هذه المناورات”.
والسؤال المطروح: ما هي أهداف مناورات “الرعد الشامل”، وما هي تداعياتها المحتملة على المستوى الدولي؟
الإجابة عن هذا التساؤل تكمن بما يلي:
أولوية أمريكا
منذ وصوله إلى البيت الأبيض في 20 كانون الثاني/يناير 2017 وحتى قبل ذلك، أي خلال فترة الحملة الانتخابية، أعلن الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” عن عزمه رفع مستوى قدرة بلاده النووية رغم ادعائه بأنه سيركز جهوده على إنعاش الاقتصاد الأمريكي في إطار حملته التي أطلق عليها شعار “أمريكا أولاً”.
لكن يبدو أن هذا الشعار قد تراجع تطبيقه على أرض الواقع لصالح الأهداف العسكرية التي تنوي واشنطن تحقيقها وفي مقدمتها تطوير الأسلحة النووية وإجراء مناورات في هذا الإطار. ويعتقد أن الهدف من هذه المناورات يكمن بإرسال رسالة مفادها بأن أمريكا لاتتردد في استخدام السلاح النووي في أي مواجهة عسكرية محتملة خصوصاً في ظل التوتر القائم مع كوريا الشمالية التي هددت بدورها باستخدام السلاح النووي لردع أمريكا.
وتجدر الإشارة إلى أن ترامب كان قد طالب الكونغرس بزيادة الميزانية العسكرية الأمريكية بنسبة 9 بالمئة لتصل إلى حدود 649 مليار دولار هذا العام. وهذا يكشف بوضوح مساعي ترامب لتصعيد التوتر العسكري بذريعة الدفاع عن مصالح أمريكا في العالم.
ومن الوسائل الأخرى التي لجأ لها ترامب لتعزيز نزعته نحو التصعيد العسكري قيامه بإبرام صفقات ضخمة لبيع الأسلحة إلى العديد من الدول في مقدمتها السعودية.
زيادة التوتر مع روسيا والصين
بعد انتهاء فترة الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي السابق في مطلع تسعينيات القرن الماضي سعت أمريكا لفرض هيمنتها العسكرية على العالم لاسيّما منطقة الشرق الأوسط لاعتقادها بأن ذلك سيتيح لها تنفيذ سياساتها الرامية إلى تمزيق المنطقة تمهيداً للاستحواذ على مقدراتها والتحكم بمصيرها.
في المقابل تعتقد موسكو بأن التواجد العسكري الأمريكي يهدد الأمن والاستقرار ليس في الشرق الأوسط فحسب؛ بل يمتد إلى مناطق أخرى في العالم بما فيها روسيا. ومن أجل حفظ توازن القوى قام الجيش الروسي مؤخراً بتدريبات متكاملة للقوات النووية الاستراتيجية التابعة له شارك فيها الرئيس “فلاديمير بوتين”، وتم خلالها اختبار التعاون بين قوات الصواريخ الاستراتيجية والغواصات النووية من أسطولي الشمال والمحيط الهادىء والطيران بعيد المدى للقوات الجوية الفضائية الروسية، وقال الناطق الرسمي باسم الكرملين، إن بوتين أطلق شخصياً أربعة صواريخ باليستية.
وكانت موسكو قد انتقدت سابقاً خطط البنتاغون المتعلقة بإنشاء مجمعات قتالية للضربات الشاملة الفورية.
التوتر في شبه الجزيرة الكورية
تهدف مناورة “الرعد الشامل” النووية الأمريكية أيضاً إلى إرسال رسالة إلى الصين التي تأتي في المرتبة الثانية في العالم من حيث الميزانية العسكرية، بأن واشنطن لا تتردد في مهاجمة الدول القريبة من الصين وفي مقدمتها كوريا الشمالية لحفظ مصالحها في المنطقة، والدليل على ذلك قيام واشنطن بنصب منظومات صاروخية ورادارية متطورة من بينها منظومة “ثاد” في أراضي كوريا الجنوبية بذريعة مواجهة خطر كوريا الشمالية، الأمر الذي اعتبرته الصين وروسيا بأنه يمثل تهديداً لأمنهما القومي.
يذكر أنه في الـ 16من الشهر الماضي، أجرت أمريكا وكوريا الجنوبية مناورات بحرية مشتركة وسط التوترات في شبه الجزيرة الكورية.
ولم تقف الصين مكتوفة الأيدي، بل سارعت لاختبار رؤوس حربية قادرة على حمل رؤوس نووية، ملمحة إلى أن الرد سيكون صاعقاً على أي تهديد لأمنها القومي، داعية في الوقت نفسه إلى انتهاج الطرق السلمية والدبلوماسية لحل الأزمة بين أمريكا وكوريا الشمالية.
الانتشار النووي وانعدام الأمن العالمي
رغم توقيع أمريكا على اتفاقية حظر انتشار الأسلحة الاستراتيجية التي أبرمتها مع روسيا في عام 2010 والتي تنص على ضرورة خفض أعداد الأسلحة النووية وأن لاتتجاوز الـ 1550 رأس نووي لكلا البلدين، إلّا أن القوات الأمريكية لم تلتزم بهذه الاتفاقية وقامت بإنتاج أسلحة نووية بحجة تطوير قدراتها في هذا المجال.
ومن شأن هذا التصرف أن يهدد الأمن والاستقرار في العالم برمته، في وقت بات فيه الجميع يشعر بضرورة الحد من الأسلحة النووية وباقي أسلحة الدمار الشامل، وهذا يتطلب من الأسرة الدولية ومنظماتها الرئيسية لاسيّما الأمم المتحدة ومجلس الأمن اتخاذ خطوات عملية لتحقيق هذا المطلب.