التقارب السعودي الإماراتي.. أبرز العوامل المؤثرة
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي
تتّسم علاقات الدول الخليجية مع بعضها بميزات خاصة، فهي ليست بالعلاقات القريبة والمميزة دائما كما يجب أن تكون علاقات الجوار، ولا يمكن وصفها بالعلاقات المستقرة بناء على ضرورات الجغرافيا والسياسة والترابط السكاني، إنها علاقات المنفعة والمصلحة المتبادلة في حين وعلاقات التابع والمتبوع في حين آخر.
أما العلاقة الجدلية الأهم والتي نودّ الإشارة إليها في معرض مقالنا الحاضر هي تلك التي تربط “دولة” الإمارات بـ”مملكة” السعودية، حيث وعلى رغم وجود خلافات تاريخية بين البلدين وتضارب مصالح قديم إلا أن العقد الأخير بشكل عام والسنوات الثلاث الأخيرة بشكل خاص أنتجوا نوع من التقارب والتنسيق ووحدة المسار بين سياسة البلدين بشكل غير مسبوق وخاصة في عهد بن زايد “أمير” أبو ظبي ومحمد بن سلمان ولي العهد السعودي. ومن هنا من الجيد عرض العوامل التي أدّت إلى ما هي الحال عليه.
العلاقات الاستراتيجية مع العم سام!
هي واحدة من أهم العوامل التي أدّت إلى تقارب كبير بين البلدين، حيث أن الإمارات وخاصة القيادات الجديدة الشابة تبرز تمايل أكثر من العقود الماضية للتقرب من الأمريكيين، في مقابل تودد الشريحة السابقة للانكليز أكثر. هذا الأمر يصدق أيضا على القيادة السعودية خلال العقد الأخير وخاصة بعد وصول سلمان إلى سدة الحكم وما حصل خلال السنة الأخيرة وتقربه عبر ابنه محمد إلى إدارة ترامب سعيا لكسب رضاها.
الأمر الفارق في هذه العلاقة هي أنه ورغم التقارب السلماني الأمريكي إلا أن محمد بن سلمان لا زال يشعر أن الإمارات أقرب منه للأمريكيين وتلعب دور تقريبي فيما بينه وبينهم ولذلك فهو يغض الطرف عن تناقض المصالح بنية تحصين التقارب الاستراتيجي من الأمريكيين.
مقولة الإسلام الليبرالي والتطور العلمي
الإمارات وآل زايد بالخصوص لهم عداوة تاريخية مع الأخوان المسلمين من جهة، ومن جهة أخرى هناك شريحة من آل سعود يقودها اليوم محمد بن سلمان باتوا يشعرون بعبأ الفكر الوهابي على النظام السعودي، هذا الأمر دعم التقارب بين محمد بن سلمان وبن زايد وجعل بن زايد والإماراتيين يلعبون دور المنظر للفكر الإسلامي الجديد الليبرالي. ومن جهة أخرى يرى بن سلمان بمسيرة الإمارات التطويرية والتكنولوجية نموذجا جيدا ليحذوه في تطوير السعودية، هذا الأمر عزّز أيضا التقارب مع بن زايد وجعل بن سلمان ينسى حالة الاشتباك الموجودة على الساحة اليمنية.
أما وعلى رغم عوامل التقارب، فهناك عوامل أخرى كثيرة سلبية تبقى اليوم طي النسيان بسبب المصالح الاستراتيجية، عوامل أقوى من أن تُكبت لفترات طويلة كحقيقة صراع المصالح بخصوص الملف اليمني أو مشاكل الحدود أو التنافس الاقتصادي والسياسي في أكثر من ملعب.
خلاصة
في واقع الأمر إن نوع التقارب السعودي الإماراتي هشّ جدا وهو من نوع التبعية لسياسات الإمارات من أجل تحقيق بعض المصالح السعودية. ولا يمكن القول أن هناك استقرار سياسي واقتصادي يطبع منطقة الخليج الفارسي، فالمشهد العام يحكي عن أزمة قطرية مدوّية وعدوان على اليمن وخلاف غير علني مع عمان وتقية كويتية من السعودية وتبعية بحرينية كاملة للسعودية، وحدها علاقات الإمارات والسعودية تتّسم مرحليا بالاستقرار لأسباب شرحناها فوق ولكنها أسباب ليست كافية لضمان الاستمرار بل إن أي تغيير أو طارئ قد يقع على أي من الملفات الساخنة كفيل بأن تنقلب الأحوال.