الانقلاب السعودي في لبنان: إفلاس إسرائيلي وتكامل في الأدوار

موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||
جهاد حيدر/ العهد الاخباري

احتل الحدث السعودي – اللبناني، صدارة الاهتمام الإسرائيلي على المستويين الرسمي والإعلامي. وجال الخبراء والمعلقون على كافة وسائل الإعلام تفسيراً واستشرافاً. لكن لم تتفق الرؤى والتقديرات الإسرائيلية حول تصور موحد إزاء مفاعيل وتداعيات السلوك السعودي تجاه لبنان. من جهة اعتبر بعضهم أن اضعاف مكانة حزب الله في لبنان يحتاج إلى استثمار قوة كبيرة، ولكن لا يوجد من هو مستعد لتفعيل هذه القوة، وعلى هذه الخلفية اعتبر أن كل ما يجري هو كلام بكلام، (مستشار الأمن القومي السابق، اللواء يعقوب عميدرور). في المقابل، اعتبر مستشار آخر تولى المنصب نفسه، (اللواء غيورا ايلاند)، أن ما يجري هو فرصة اخيرة لإسرائيل، لكن تحقيق أهدافها مشروط… ومعهما شكك آخرون عملوا في التقدير الاستخباراتي في مكتب رئاسة الحكومة، بنجاح المخطط السعودي، محذرين من أنه قد يؤدي إلى نتائج عكسية، وصولا الى امكانية أن يعزز النفوذ الايراني ويضعف النفوذ السعودي.

 

مع ذلك، بادرت “إسرائيل” الرسمية، إلى حملة دبلوماسية عاجلة تهدف إلى توفير غطاء ودعم دوليين للخطة السعودية في لبنان. وهو ما يشي برؤية مفادها أن ما بادرت اليه الرياض، فرصة متجددة ينبغي استنفاذها والاستفادة منها بأقصى درجاتها. استنادا إلى هذا التقدير سخرت دبلوماسييها في الخارج لصالح المخطط السعودي، ووضعت محورا وشعارا لهذه الحملة، ينص على عدم مشاركة حزب الله في الحكومة المقبلة، وإلا فالبديل هو أن لبنان وحكومته ارهابيون… ويتساوق هذا المفهوم مع ما اعلنه وزير “العدوان” السعودي تامر السبهان، الذي اعتبر أن مشاركة حزب الله في أي حكومة، بمثابة اعلان حرب على السعودية.
في العام 2006، بادرت “إسرائيل” بنفسها لتنفيذ مخطط القضاء على حزب الله. في المقابل، عمد السعودي إلى توفير الغطاء (بعض) “العربي”، منذ اليوم الاول. في هذا السياق، كشفت قناة “كان/بسكون النون”، (القناة الاولى سابقا)، الإسرائيلية عن أن السعودية طلبت من “إسرائيل” خلال حرب العام 2006، لاستخدام كل قوتها من أجل القضاء على حزب الله. ولفتت القناة إلى أن “السر الذي كان في السابق من الممنوع التحدث عنه بشكل صريح ومباشر، بات اليوم معلنا”. وأن المقصود من الزعماء العرب الذين كان المسؤولون الإسرائيليون يرددون بأنهم من طلب من “إسرائيل” ذلك هم المسؤولون السعوديون.
في المقابل، يلعب النظام السعودي، الوهابي، الدور الذي لعبه الإسرائيلي قبل 11 عاما، بمعنى المباشرة للتصدي لحزب الله. فيما يعمل الإسرائيلي على توفير الغطاء والدعم الدولي للاستراتيجية للموقف السعودي. وجند لهذه الغاية قدراته الدبلوماسية في العالم. لكن ما ينبغي قوله أن الإسرائيلي يلعب ورقة، إن ربحت يكون أول المستفيدين، (ويتعارض هذا الاحتمال مع موازين القوى والظروف السياسية الاقليمية)، وإن فشل المخطط فلن يخسر شيئا، وإنما من سيدفع الثمن اخرون، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي. وفي كل الاحوال رأى معلقون أمنيون في “إسرائيل” بأن “الفوضى الجديدة في لبنان” التي نتجت عن الخطة السعودية واجبار الرئيس سعد الحريري على الاستقالة “تصب في خدمة المصلحة الإسرائيلية”، انطلاقا من تقدير مفاده أن هذا المسار سوف يؤدي إلى “انشغال حزب الله بأزمة سياسية في الداخل، في الوقت الذي يقاتل في سوريا”. كل ذلك، يشي بأن رهان “إسرائيل” على الانقلاب السعودي في لبنان على التفاهم الداخلي في لبنان، يعكس مستوى الافلاس واليأس الذي اصاب القيادة الاسرائيلية.
بموازاة ذلك، ارتفعت وتيرة الحديث الشعبي وبعض السياسي عن فرضية أن تؤدي استقالة الرئيس سعد الحريري (المفروضة) والأزمة التي ترافقها وستليها، إلى حرب إسرائيلية على لبنان. ويبدو أن اتساع نطاق هذه الشائعة، يأتي جزء من سياسة التهويل والحرب النفسية التي يتعرض لها الشعب اللبناني. أو بفعل فرضيات نظرية، بادرت إلى تغذيتها بشكل مدروس أجهزة اعلامية وغير اعلامية.

لكن هذا التصور، يتعارض مع أكثر من حقيقة ومفهوم. وهو أن لا تأثير لوجود حكومة لبنانية، من عدمها، سلباً أو ايجاباً، في اعتبارات صناع القرار الحربي في تل ابيب. وأن معادلة الردع التي فرضها حزب الله على كيان العدو، لن تتأثر بخطوة من هذا النوع أو ما يشبهها. ويتقاطع ذلك، مع ما نقله أحد المعلقين الامنيين في إسرائيل، يوسي ميلمان، عن أن “قادة الجيش (الإسرائيلي) والزعماء السياسيين يريدون تفادي تكرار اخطائهم” في الماضي. مشيرا في هذا السياق تحديدا إلى أن “لهيب الحرب طال “إسرائيل” مرتين، في عامي 1982، و2006″. واستنادا إلى ذلك، لم يأت كلام ميلمان عن أنه لا يوجد “خطط أو طموحات بالتدخل (العسكري المباشر) والتأثير على الاحداث” في لبنان، طوعيا أو خيارا ابتدائيا إسرائيليا، وانما بفعل ما تراكم في وعي صناع القرار من سوابق كشفت لهم عن محدودية قدرة “إسرائيل” في تحقيق نتائج جوهرية في هذا المجال. وبلغ الحذر الإسرائيلي، بحسب ميلمان ايضا، أن هناك قرارا إسرائيليا بعدم استفزاز حزب الله لمنع أي تصعيد أو حرب جديدة.

مجدلاني، لفت إلى “أن اسباب تشكيل الحكومة الجديدة يجب ان تكون مغايرة لتلك التي تم على اساسها تأليف الحكومة الحالية التي ادت الى استقالة الرئيس الحريري”.

وكما نرى حتى هؤلاء الذين ينفون الاقامة الجبرية والاستقالة يؤكدون على ضرورة استقرار الوضع اللبناني بمنأى عن الاوضاع الملتهبة في المنطقة والمشاكل الداخلية التي تعصف بالسعودية بخلاف ما أراده الوزير السعودي السبهان عندما هدد بشن حرب على لبنان واتهم حزب الله بالقيام باعمال عدائية ضد السعودية رافضا ما يشاع حسب ادعاءه بان يكون الحريري قد اجبر في السعودية على الاستقالة .
ولم تتضح الآثار التي ستترتب على العلاقات السعودية اللبنانية بعد هذا التصريح، الا أن الوزير قال إن التداعيات “ستكون شديدة”، مضيفاً بأنه لن يكون هناك فرق بين حزب الله والحكومة اللبنانية، بالنسبة للمملكة بحسب قوله.

وتأتي تصريحات السبهان بعد 24 ساعة من اتهام السعودية لحزب الله بتهريب الأسلحة من لبنان عبر سوريا وإيران إلى أنصار الله في اليمن.

وردا على التهديدات التى أطلقها السبهان قال الرئيس اللبناني الاسبق “اميل لحود” إن “اسرائيل وهي أقوى من السعودية مئة مرة، عجزت عن مهاجمة حزب الله”، مضيفاً أن “السعودية أضعف من أن تهاجم إيران.”

وفي الخلاصة هناك تساؤلات عدة تطرح نفسها. ما هي تداعيات السياسة السعودية المتهورة في المنطقة؟ وهل سيعود الحريري الى لبنان لتتضح الأمور، أم حاله كحال المعتقلين زج به في زوبعة الحملة السعودية الهوجاء وفرضت عليه الاقامة الجبرية؟!

قد يعجبك ايضا