حزب الله في عين العاصفة الأميركية – الإسرائيلية

موقع أنصار الله  || صحافة عربية ودولية ||سركيس ابو زيد/العهد الاخباري

 

منذ أن أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاستراتيجية الجديدة ضد إيران، والحملة الأميركية تتواصل بوتيرة مكثفة ومتصاعدة ضد حزب الله والحرس الثوري الإيراني.. من الواضح أن إدارة ترامب، التي انتھجت استراتيجية شرق أوسطية مخالفة لاستراتيجية أوباما وھادفة الى تدمير إرثه، حددت إيران كمصدر خطر أول على مصالح أميركا واستراتيجيتھا وعلى أمن المنطقة واستقرارھا وعلى أمن “إسرائيل”.

 

وبحسب كبار الخبراء في عدد من مراكز الأبحاث في واشنطن، فإن الإدارة الأميركية الجديدة بدأت تناقش منذ فترة مجموعة واسعة من العقوبات القوية للغاية لفرضھا على الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، وربما الدافع لذلك هو خيبة الأمل الواضحة التي عبّر عنھا الحزب الجمھوري والكونغرس وحتى قيادات كبيرة في وزارة الحرب جراء ما يمكن وصفه بـ “سياسة النعامة” التي طبقھا الرئيس السابق باراك أوباما طوال ثماني سنوات من عھده. سياسة أوباما، وفق ھؤلاء الخبراء، أدت إلى تعاظم خطر وإرھاب الجماعات الإرھابية المتطرفة، وإلى ازدياد وتكبير الدور الإيراني المتمدّد إقليمياً.

 

هذه الحملة ضد حزب الله والحرس الثوري الإيراني تمثلت في:

  • إقرار الكونغرس الأميركي ثلاثة مشروعات قوانين لفرض عقوبات على إيران وحزب الله، وحث الاتحاد الأوروبي على إدراج حزب الله على قائمة المنظمات الإرھابية.
  • صدور مواقف متشددة عن كبار المسؤولين في إدارة ترامب: مستشار الأمن القومي الأميركي الجنرال إتش آر ماكماستر، قال في مقابلة خاصة مع قناة “الحرة”: “إن واشنطن عازمة على مواجھة وكلاء إيران، وإن أخطر إجراء يمكن القيام به ھو عدم مواجھة حزب الله والوكلاء الإيرانيين الذين يدعمون نظام الرئيس الأسد، وعدم مواجھة الدعم الإيراني للحوثيين في اليمن بطريقة تديم استمرارية الحرب الأھلية ھناك”.

 

الرد الرسمي الإيراني جاء على لسان قائد الحرس الثوري محمد جعفري الذي أكد مواصلة تطوير الصواريخ ومدّ نفوذ بلاده الإقليمي بوتيرة أسرع، واصفا ترامب بـ”المارق والأحمق”، ومعتبرا موقفه بأنه دليل على فشل السياسات الأميركية لتغيير خريطة المنطقة وتقسيم الدول.. أما الرد السياسي الإيراني فهو ما تقوم به “دبلوماسية روحاني – ظريف” لناحية الرھان على معارضة الأوروبيين لسياسة ترامب واستمرارھم في دعم الاتفاق النووي، نظرا الى مصالحھم الاقتصادية والجيوسياسية في إيران.

 

وعلى المقلب الآخر، تسود الساحة السياسية الإسرائيلية حالة من التخبط والإرتباك والقلق، نتيجة: فشل نتنياھو في تحقيق إنجاز في معركته ضد الاتفاق النووي الإيراني الذي جعله أبرز الأخطار المحدقة بـ”إسرائيل” والمنطقة، وفشل الرھان على مشروع الأكراد العراقيين للانفصال وسعيھم لبناء دولتھم الخاصة، ما يعني بالنسبة الى “إسرائيل” أن إيران اخترقت العمق الاستراتيجي للتحولات الجارية في الشرق الأوسط.

 

وارتفع منسوب القلق عندما أجمع سياسيون وعسكريون وخبراء في “إسرائيل” على أن المعركة ضد الاتفاق النووي فاشلة ستكون لها آثار خطيرة على “إسرائيل”، وستضعف موقفھا في مختلف القضايا، خصوصاً تجاه سوريا وما تطالب به من شروط تشملها أي تسوية مستقبلية حول وجود إيران وحزب لله بالقرب من حدودھا في الجولان. وما زاد الطين بلة، التصعيد العسكري بين “إسرائيل” وسوريا مع قصف الطيران الإسرائيلي في القنيطرة بطارية الصواريخ السورية التي أطلقت النار على طائرة إسرائيلية، وحيث اعتبرت “إسرائيل” أن الرئيس السوري بشار الأسد وتحت ضغط إيران وحزب الله قرر تغيير قواعد اللعبة التي اعتُمدت في الأعوام الستة الأخيرة، ما يجعل الوضع على الحدود في الجولان قابلا للانفجار، والقصف الذي حصل ھو تجسيد لمستوى الخطر الكبير واحتمال التصعيد العسكري.

 

وموخراً حذر نتنياھو من مخاطر التدخل الإيراني في سوريا كخطر واضح ومباشر يفوق التھديد النووي.. ومن يراقب خطابات نتنياھو منذ زيارته الأخيرة الى موسكو في مطلع صيف 2017، يلاحظ ارتفاع منسوب حديثه عن القوات الإيرانية في سوريا بدلا من حديثه عن الاتفاق النووي.

روسيا تنصت إلى المطالب الإسرائيلية، لكنھا تكرر الموقف نفسه الذي سمعه نتنياھو من بوتين في السابق بأن روسيا تتفھم الحاجات الأمنية والمصالح الإسرائيلية، وبأنھا ستفعل ما في وسعھا لإقناع الرئيس الأسد والإيرانيين بعدم الضغط أكثر. فالمعادلة الروسية بين” إسرائيل” وسوريا ھي: وقف الهجمات الإسرائيلية مقابل ابتعاد إيران عن الحدود.

 

لكن السؤال هنا، هل تقع الحرب؟

 

ھذا السؤال بات يؤرق الكواليس السياسية اللبنانية العميقة، فرغم أن بعض هذه الكواليس يستبعد حصول هذه الحرب لأن “إسرائيل” لا تستطيع دفع كلفتها على غير صعيد، فإن الكواليس الأخرى تخشى من أن “إسرائيل” تعتقد أن لديها في هذه اللحظة، من اشتداد الهجوم الأميركي على إيران، فرصة لتسييلها عن طريق النيل من حزب الله. ومؤخرا وصلت معلومات لبيروت بأن إمكانية حصول حرب إسرائيلية على حزب لله في سوريا وليس في لبنان باتت واردة أكثر من حصولها على مواقعه في لبنان، وذلك لعدة أسباب أبرزها أن ضرب الحزب في سوريا سيضطره للعودة الى لبنان ضعيفا، وحينها سيكون ممكنا مساومته على التكيّف مع دور داخلي جديد له ومع إعلان طلاقه مع دوره العسكري والأمني الإقليمي.

 

ومؤخراً نظم معهد واشنطن مؤتمرا بحثيا عن احتمالات الحرب بين “إسرائيل” وحزب الله، وقد دُعي إليه رؤساء أجهزة أمنية غربيون سابقون من فرنسا وأميركا وبريطانيا ودول أخرى، وخلص ھذا المؤتمر للاستنتاج بأن الحرب بين الطرفين حاصلة لا محالة وأن توقيتها قريب..

لا شك أن وراء مؤتمر معهد واشنطن هدفا أساسيا وھو إعطاء أي حرب إسرائيلية مقبلة على حزب الله تغطية أو شرعية أمنية دولية، بمعنى آخر، فإنه عندما يقول ھؤلاء الرؤساء السابقون للأجھزة الأمنية في العديد من دول العالم إن حزب الله أصبح يمثل خطرا على “إسرائيل” لا تستطيع الأخيرة تجاھله، فھذا له مفعول إطلاق رسالة للرأي العام الدولي يقول إن”إسرائيل” ستكون محقة وستكون في موقع الدفاع عن أمنھا.. والأهم من ذلك أن نتنياھو بوضعه الداخلي الحالي الحرج يحتاج لحرب تؤدي الى خلط الأوراق الداخلية والإقليمية وتنقذه من محاولات تريد إدخاله الى السجن وإحداث انقلاب سياسي داخلي ضده وضد “الليكود” في “إسرائيل”.

 

باختصار، إن أي حرب ضد حزب الله لن تكون حساباتها هذه المرة مقتصرة على مصلحة “إسرائيل” في خوضها، بل أيضا على موقعھا داخل مسار سعي الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنشاء تحالفات ضد إيران في المنطقة، وأيضا على حساباته ذات الصلة بمعركة الاتفاق النووي التي لھا أبعاد دولية، خاصة وأن حلفاءه الأوروبيون لا يتفقون معه فيها. وهذا الأمر يجعل من تل أبيب تعيد النظر مليون في المئة قبل الإقدام عليه لأن المواجهة القادمة لن تكون ضد حزب الله بل ضد الحرس الثوري الإيراني والجيش السوري أيضاً، وربما تدخل روسيا على الخط وتتحول الحرب من حرب اقليمية الى حرب عالمية ثالثة، إذا بدأت لن يعرف أحد متى ستتوقف وماذا ستكون كلفتها.. لذلك هذا الاحتمال مستبعد.

قد يعجبك ايضا