سر الرقة القذر.. هكذا أخرجت واشنطن داعش من المدينة وهكذا تملّصت من التهم
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي
توجّهت أصابع الإتهام في الآونة الأخيرة نحو أمريكا والتحالف الذي تقوده، على خلفية مساعدتها للقوات الكردية السورية في إخراج تنظيم داعش الارهابي من الرقة، وكانت قد أكدت مصادر موثّقة لوسائل الإعلام أن واشنطن تفاوضت مع عناصر داعش للخروج من الرقة وتسليمها للأكراد.
الإتهامات التي طالت واشنطن وضعتها في قفص الإتهام بشأن تواطؤها مع التنظيم الإرهابي على مدى الأعوام السابقة التي صعد نجم داعش فيها، كما وأثارت شكوكا حول طرق الإتصال التي تتفاوض من خلالها واشنطن مع داعش في كل من سوريا والعراق.
من جهتها تملّصت واشنطن من هذه الإتهامات، وعلى الرغم من إقرارها بإجراء مفاوضات مع عناصر التنظيم الإرهابي إلا أنها تزعم بأن هدف المفاوضات كان إنهاء القتال تجنبا لسقوط مدنيين وأبرياء، مع العلم أن طائرات التحالف بقيادة أمريكا دكّ كامل مدينة الرقة بقذائفه العشوائية.
المعلومات الواردة والتي تؤكد تورّط واشنطن مع داعش، جاءت بعد أن كشف عنها موقع “بي بي سي” البريطاني والذي رفع النقاب عن اتفاق سري سمح بهروب مئات المقاتلين من داعش وعائلاتهم خارج مدينة الرقة، بإشراف التحالف الأمريكي وقوات سوريا الديمقراتية التي تسيطر على المدينة.
ولفت تقرير الموقع البريطاني إلى أنّ القافلة نقلت عناصر داعش من بينهم الأكثر شهرة، ومقاتلين أجانب، مضيفة أنّ بعضاً منهم انتشر في أنحاء سوريا.
الصفقة القذرة أو “سر الرقة القذر” هو عنوان التقرير الذي كشفت عنه بي بي سي، حيث روى قصة سائق الشاحنة المدعو أبو فوزي، الذي اعتقد أنه سيقوم بعمله كالمعتاد، أي نقل البضائع، فيما كانت المهمة مختلفة هذه المرة؛ قوات سوريا الديمقراطية، أردات منه نقل مئات العائلات النازحة، جرّاء القتال في بلدة الطبقة إلى مخيم شمال البلاد.
وتابعت “بي بي سي” عن تفاصيل الصفقة القذرة: اعتقد السائق أنّ الرحلة ستأخذ ست ساعات كحد أقصى، وهو ما قيل له ولزملائه السائقين، في 12 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ولكن اتضح فيما بعد أنّ الرحلة ستستغرق 3 أيام من القيادة الشاقة، مع الإشارة إلى الحمولة (مئات من عائلات داعش وأسلحة وذخيرة).
أبو فوزي وغيره من السائقين وُعدوا بالحصول على آلاف الدولارات مقابل اتمام المهمة، ولكن يجب إبقاؤها سرية.
وتابع الموقع البريطاني أنّ مسؤولين محليين رتبوا لاتفاق تهريب مسلحي داعش من الرقة، وفي حينها، لم يشأ التحالف الدولي بقيادة واشنطن وبريطانيا، وأيضاً قوات سوريا الديمقراطية، الاعتراف بأنهم جزء من الاتفاقية.
وتحدث العشرات من الذين كانوا داخل الحافلة والرجال الذين تفاوضوا على الصفقة لموقع بي بي سي.. وكان منهم أبو فوزي الذي قال: كنا خائفين منذ دخولنا إلى الرقة. كان يفترض أن ندخل مع قوت سوريا الديمقراطية، ولكن ذهبنا وحدنا.
وأضاف أبو فوزي أنّ عناصر داعش فخخوا شاحناتنا، لافتاً إلى أنهم كانوا سيقومون بتفجيرها في حال الإخلال بالصفقة، إضافة إلى أنّ النساء والأطفال ارتدوا أحزمة ناسفة.
من جهته روى أحد السائقين لـ”بي بي سي” أنّ قوات سوريا الديمقراطية قالت إنه سيتم إخراج بضع عشرات المقاتلين، وهم جميعهم سوريين، ولكن الحقيقة كانت مغايرة لذلك.
وتابع: أخذنا نحو 4000 شخص من بينهم النساء والأطفال.. عندما دخلنا الرقة اعتقدنا أننا سنحمّل معنا 200 شخصاً، ولكن كان هناك 112 شخصاً فقط داخل شاحنتي.
من جانبه كشف سائق آخر، إنّ طول القافلة وصل إلى 6 أو 7 كيلومترات، وتضمنت 50 شاحنة و13 حافلة، إضافة إلى أكثر من 100 مركبة لداعش.
والملفت في الأمر مانقله الموقع البريطاني عن وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس في أيار/مايو الماضي، حينها قال: إنّ الحرب ضد داعش هي حرب “إبادة”، مشيراً إلى أنّ الهدف هو قتل المقاتلين الأجانب من أجل منعهم من العودة إلى شمال إفريقيا، أوروبا، أمريكا، آسيا وإفريقيا.
وتابع أحد السائقين التوضيح ضمن تفاصيل الصفقة القذرة بين أمريكا وداعش، قائلا أنه كان هناك عدد كبير من المقاتلين الأجانب “فرنسا، تركيا، أذربيجان، باكستان، اليمن، السعودية، الصين، تونس، مصر…”.
وأقرّ التحالف الأمريكي المزعوم بعد تحقيق “بي بي سي” بالجزء الذي لعبه في الصفقة، إذ تم السماح لـ 250 عنصراً من داعش بالخروج من الرقة مع 3500 فرداً من عائلاتهم.
وتأكيدا على ماسبق صرّح الناطق باسم التحالف الذي تقوده واشنطن “ريان ديلون”: لم نكن نريد أن يغادر أحد، مضيفاً: لكن هذا يكمن في قلب استراتيجيتنا.. السوريون هم الذين يقاتلون ويموتون، هم يتخذون القرارات المتعلقة بالعمليات، على حد تعبيره.
وبينما كان أحد الضباط الغربيين حاضراً في المفاوضات، إلاّ أنهم لم يأخذوا “دوراً نشطاً” فيها، ويؤكد ديلون أنه بقي 4 مقاتلين أجانب بقبضة قوات سوريا الديمقراطية.
وفي الختام روى زعيم داعشي يدعى “أبو مصعب حذيفة” وهو رئيس المخابرات، وكان من ضمن القافلة التي نقلت عناصر التنظيم في 12 تشرين الأول/ أكتوبر، ولكنه اليوم وراء القضبان على الحدود السورية التركية، أنه بعد نحو 10 ساعات من القصف العنيف على الرقة، بدأت المفاوضات من جديد… الذين رفضوا في البداية الهدنة، عدلوا عن رأيهم. وهكذا غادرنا الرقة.