حول أبعاد ومعاني تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي لموقع إيلاف السعودي

موقع أنصار الله  || صحافة عربية ودولية ||شارل أبي نادر / العهد الاخباري

لم يكن مفاجئًا تصريح رئيس أركان العدو الإسرائيلي غادي ازينكوت لموقع إيلاف السعودي، والذي تطرق فيه الى الخطوط العامة التي تجمع “إسرائيل” مع المملكة العربية السعودية، وإلى ما يمكن أن يجمعهما أكثر في القريب من الأيام، بل المفاجئ هو التوقيت المريب الذي يواكب هذا التصريح ما يجري من حملة سعودية شعواء ضد إيران ولبنان وحزب الله، تبدو من شراستها ومن تجاوزها لكافة الخطوط الحمراء، وكأنها حرب بكل معنى الكلمة، فماذا يحمل هذا التصريح المقتضب في الشكل، والواسع والعميق في المضمون من أبعاد ومعانٍ؟

 

 

 

التوافق التام بين السعودية و”إسرائيل”

 

عندما يقول رئيس أركان العدو إن هناك توافقًا تامًّا بين “إسرائيل” والمملكة العربية السعودية التي لم تقاتلنا يوما، فهذا يعني أن السعودية لم تكن يوما ضمن الإجماع العربي بمواجهة العدو الاسرائيلي، ويعني أيضا أنها لم تقف في الحقيقة والواقع مع أي طرف عربي أو إسلامي قاتل أو واجه إسرائيل، وبمعنى آخر، يعني ان السعودية كانت فعليا ضد الحقوق العربية في فلسطين، مع ما يستتبع ذلك من أنغماس وعمالة وتواطؤ وخيانة لقضايا العرب والاسلام.

 

 

 

للسعودية واسرائيل مصالح مشتركة

 

– هذه المصالح المشتركة بين “إسرائيل” والسعودية تفسّر الحرب على سوريا، وذلك على خلفية كون الأخيرة عمودا أساسيا في محور مقاومة العدو الصهيوني، وهذا هو مبرر الدور السعودي المحوري في تلك الحرب التي شُنّت على سوريا.

– هذه المصالح المشتركة أيضا تفسر الحملة الشعواء ضد حزب الله، كمقاومة وحيدة استطاعت تحرير أرض عربية محتلة من قبل “إسرائيل”، وايضا كحزب كان دوره فاعلا في لبنان وسوريا في المعركة الشرسة ضد الإرهاب.

– هذا ايضا يفسر التواطؤ السعودي الدائم في الحركة السياسية المشبوهة، والتي كانت تعطل عمل وقرارات السلطة التنفيذية في لبنان عند كل محاولة جادة لاستخراج النفط، حيث مصالح إسرائيل والسعودية مشتركة في ذلك أيضا، إذ إن مصلحة “إسرائيل” تكمن في منافسة ومسابقة لبنان للفوز بعقود عالمية لاستخراج النفط والغاز، وفي سرقة ما يتيسر لها من الغاز الموجود في الحقول المتنازع عليها مع لبنان في المتوسط، ومصلحة السعودية تكمن في إبعاد لبنان عن امتلاكه مصدرًا ماليا مهماً، يحقق ازدهاره ويقويه في سياسته الداخلية والإقليمية والدولية، وليبقى ايضا، وبسبب وضعه المالي الصعب، رهينة سياستها ونفوذها.

 

 

 

التعاون الاستخباراتي وتبادل المعلومات

 

قد يكون هذا التعاون الاستخباراتي المقترح، والذي من المعقول جدا أنه معمول به حاليا وجاء التصريح باقتراحه على سبيل التسوية، هو الأخطر عمليا والاكثر في تأثيره السلبي على الكثير من العرب والمسلمين وخاصة على محور مقاومة العدو، فصحيح ان المعلومات الاستخباراتية التي تمتلكها اسرائيل والتي ستقدمها للسعودية ستكون غير ذات قيمة، لأن اسرائيل حتما سوف تحتفظ بالمعلومات القيمة لنفسها، ولكن الأخطر هو في تقديم كتلة ضخمة من المعلومات الاستخباراتية الى اسرائيل من قبل السعودية، فالأخيرة، وبكونها دولة عربية وإسلامية، لديها معطيات كثيرة عن الجيوش العربية وعن المواقع الاستراتيجية والحيوية في لبنان وسوريا ومصر وغزة وغيرها، وذلك بحكم دورها الأساس في الجامعة العربية، وبحكم نفوذها الواسع في هذه الدول سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيا حتى، كما انها تُعتبر مصدرا مهما لكميات هائلة من المعلومات تستثمرها من العدد الضخم من الأجانب العاملين على أرضها، عرب واسيويين وغربيين.

 

هذا التعاون الاستخباراتي والتبادل في المعلومات أيضا، سيمتد طبعا الى السماح لاسرائيل بتركيز منصات وقواعد مراقبة وتنصت في أراضي المملكة المقابلة لإيران على الخليج، الأمر الذي يسمح لإسرائيل بالحصول على معلومات حساسة ومهمة عن أهداف استراتيجية داخل ايران، وربما سيمتد هذا التعاون الاستخباراتي ايضا الى تثبيت قواعد جوية على اراضي المملكة لاسباب لوجستية وامنية خاصة بطواقم قواعد التنصت والمراقبة الاسرائيلية على اراضي المملكة.

 

وأخيرا؛ ان تصريحات رئيس الاركان الاسرائيلي ليست الا مقدمة للتطبيع العلني الكامل بين السعودية وإسرائيل، وحيث تشير جميع المعطيات ان هذا التطبيع هو موجود ومعمول به منذ فترة بعيدة، يبدو ان المملكة العربية السعودية، ومن خلال خلقها للكثير من الأزمات الحادة، في احتجاز الرئيس الحريري وإرغامه على الاستقالة، وفي حملة التوقيفات الداخلية للعديد من أمرائها ومسؤوليها الحاليين والسابقين على خلفية الفساد، استطاعت حرف الأنظار والتعمية على جريمة التطبيع مع اسرائيل، والتي قفزت من خلالها على أغلب العرب والمسلمين بعد ان خانت قضاياهم وأنكرت حقوقهم.

قد يعجبك ايضا