معرفة الرسول صلوات الله عليه وعلى آله قضية هامة
موقع أنصار الله || من هدي القرآن ||إذاً فهنا تعرف شخصية الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) قد تكون في كتب السير تاريخاً يعرض فقط أحداثاً معينة مؤرخة ونكتب فيها أرقاماً معينة، لكن التحليل لشخصيته قضية ثانية، التحليل لمنطلقاته في عمله في تكتيكه العسكري في اختياره للقادة في اختياره للموقع وأشياء من هذه لا تتناولها معظم السير فعلاً، وهي قضية هامة، أي ليس المطلوب فقط من السير أو من التاريخ أن نعرف متى وقعت الغزوة الفلانية وكم كان عدد المسلمين وكم كان عدد الكافرين وانتهى الموضوع، المطلوب أن نعرف كيف كان – بطريقة تحليلية – كيف كان تفكير النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) كيف كان تخطيطه كيف كانت مشاعره كيف كان تقييمه كيف كانت الوضعية بشكل عام، وضعية جانب المسلمين ووضعية الآخرين الكافرين الوضعية بشكل عام، وضعية العالم في ذلك الزمن بشكل عام حتى يكون التاريخ له أثر في النفوس ويعطي دروساً مهمة ويعطي عبرة وتعرف من خلاله النفسيات.
لاحظ هنا في معركة [أحد] كم حصل من خلالها من غربلة، غربلة كما قال بعد: {وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا}(آل عمران: من الآية166-167) وسابقاً يقول: {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ}(آل عمران:141) {وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ}(آل عمران: من الآية140) {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}(آل عمران: من الآية142).
وهكذا؛ لأن الأحداث مهمة جداً في غربلة النفوس، أعني مهمة حتى بالنسبة لك أنت شخصياً بالنسبة لأي واحد منا من خلال الأحداث قد يتلمس هو ما لديه من نقاط ضعف ما لديه من رؤى قد تكون غير صحيحة، فيصلح نفسيته هو ويحاول أن يصحح وضعيته. إضافة إلى تقييم الناس لبعضهم بعض تقييم المجتمع وغربلته من خلال الأحداث لأن مستقبل الأمة، أي أمة تستفيد من الأحداث على هذا النحو تكون خططاً قائمة على معرفة خططاً واعية قائمة على معرفة تعرف أن هذا الإنسان كذا وهذا كذا وهذا كذا وتلك القبيلة كذا وسكان تلك القرية كذا وهكذا تستطيع أن تعرف فتكون خططك بالشكل الذي لا يكون فيها أخطاء متكررة، قد توكل مهمة إلى شخص أو إلى مجموعة من الناس هم في الواقع غير جديرين بأن يقوموا بتلك المهمة وهكذا.
معرفة الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) قضية هامة – كما أسلفنا – في أن يعرف الناس فعلاً أنه نعمة عظيمة من الله ولهذا قال بعد: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ}(آل عمران: من الآية164) وفي نفس الوقت يستوحي الناس من سيرته، يستلهمون من حركته كيف يتحركون وكيف يعملون. في نفس الوقت أيضاً لا يعتبر أن الأشياء كانت مجرد معجزات خارقة في كل الحركة الله سبحانه وتعالى هو على كل شيء قدير، ولكنه حكيم تكون الأشياء تسير وفق ترتيبات دقيقة، رسوله حكيم لم تكن أعماله عشوائية، أعماله تسير وفق ترتيبات دقيقة وخطط محكمة ورؤى صحيحة ومعرفة حقيقية؛ لأن الفارق فيما إذا كنا نتصور أن كل ما كان يحصل كان عبارة عن معجزات خارقة معجزات، معجزات إلى آخرها يقول الناس من بعد: [إذاً محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) قد التحق بالله وما معنا شخص تأتي على يديه معجزات خارقة، خارقة… إلى آخره، إذاً ما نستطيع نعمل شيئا] عندما تعرف بأنه كانت تلك الحركة تقوم على خطط محكمة ورؤية حكيمة وترتيبات حكيمة وأنها مما هدى الله رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله) إليه ومن خلال القرآن الكريم، ولهذا ألم يقل في القرآن الكريم بأنه: كتاب حكيم {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ}(هود: من الآية1).
أن تكون الأشياء تمشي على الطريقة هذه، معناه ماذا؟ أنها قابلة للإستمرار قابلة أن يسير جيل آخر بعد رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) وفق هدى الله وفق ما يؤتيهم الله من حكمة أو ما يأخذون من كتاب الله من حكمة وما يوفقهم الله إليه من حكمة في عملهم، ولو لم يكن رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) موجوداً بينهم لكنه موجود بماذا؟ بآثاره، إذا حاولنا أن نعرفه هو وليس فقط نعرف أنه قائد المعركة الفلانية بتاريخ كذا وعدد كذا…. إلى آخره، لا، تعرفه هو لتعرف كيف كان دقيقاً في عمله وكيف كان حكيماً في تعامله مع الأحداث وتعامله مع الناس وكيف كان أيضا،ً كيف كانت نظرته إلى الناس بشكل عام بما فيهم الأعداء.
لأنه فعلاً الذي حصل أنه أبعد الأنبياء عن قائمة أن يكونوا أشخاصاً يستلهم الناس من عملهم ما يفيدهم في حركتهم في مجال العمل لإعلاء كلمة الله والجهاد في سبيله ترافقت عدة أشياء منها: روايات يتجلى من خلالها رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) وكأنه إنسان عادي أو غبي وليس فقط عادي إنما لا يفهم شيئاً كما يحكون في غزوة [بدر] أعني: روايات فيما يتعلق بميدان الجهاد وحتى فيما يتعلق بحياته الخاصة وأشياء كثيرة قدموه وإذا فقط فلان يوجهه أنه يحجب نساءه وفلان يقول: لا، أحسن نكون هناك على النهر من أجل عندما نكون في مواجهة مع العدو نكون قريبين من الماء ونسبقهم إلى الماء! وأشياء من هذه يبدو شخصاً بسيطاً لا يعرف شيئاً! لا، هو كان شخصاً هاماً جداً حكيماً وقديراً ذكياً فاهماً، قائداً على أعلى مستوى للقيادة فعلاً، حتى أن الغربيين عندما حللوا شخصيته ومواقفه اعتبروه أنه أعظم قائد في التاريخ كما يحكى أنهم فعلاً اعتبروا أنجح وأعظم قائد في التاريخ محمد (صلوات الله عليه وعلى آله).
وكيف كان على الرغم من كفاءته العالية يتوكل على الله {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}(آل عمران: من الآية159).
(سلسلة رمضان ، سورة ال عمران ،الدرس السادس عشر)