اجتماع القاهرة حول القدس: رفع عتب لولا جرأة باسيل
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||
حسن سلامة/ العهد الاخباري
شكل اجتماع وزراء الخارجية العرب من حيث ابتعاده الكامل عن اتخاذ الخطوات الجدية والعملية للرد على وعد “بلفور” الجديد الذي تمثل باعتراف الرئيس الاميركي دونالد ترامب بان القدس “عاصمة” لكيان العدو الاسرائيلي ونقل السفارة الاميركية اليها تعبير واضح عما وصلت اليه الانظمة العربية من تخاذل وتخلي عن القضية المركزية المتمثل باحتلال هذا العدو لفلسطين واراضي عربية واسعة، ولذلك ترى مصادر دبلوماسية ان ما تمخض عن اجتماع القاهرة لا يعدو كونه عملية رفع عتب من جانب هذه الانظمة تجاه ما قام به ترامب من عدوان على مئات الملايين من العرب والمسلمين والمسيحين وما يمثله هذا القرار من تجاوز لقرارات مجلس الامن وكل الاعراف والمواثيق الدولية.
وبدا واضحاً بحسب المصادر انه لولا الكلمة الجريئة والمعبرة عن حقيقة ما يفترض ان يذهب اليه وزراء الخارجية العرب والتي عبر عنها وزير الخارجية جبران باسيل والاعتراض الذي سجله على خلو القرارات من اي خطوات عملية او جدية تشعر الاميركي بمدى خطورة ما فعله تجاه القدس وتحديه لمشاعر مئات الملايين من العرب والمسلمين والمسيحين، فان ما صدر عن الاجتماع ليس اكثر من رفع عتب من شأنه ان يشجع الاميركي والاسرائيلي على مزيد من الخطوات لتهويد الاراضي الفلسطينية والعربية المحتلة وصولا الى طرد مئات الاف الفلسطينين من كل اراضي فلسطين المحتلة”.
وعلى هذا الاساس، تقول المصادر ان “احدا لم يكن يتوقع ان يخرج اجتماع وزراء الخارجية العرب بقرارات على مستوى الحدث وعلى مستوى الهبة الشعبية التي عبرت عن نفسها في داخل فلسطين المحتلة وعلى امتداد العالمين العربي والاسلامي وفي عشرات الدول في كل انحاء العالم، بل ان هذه القرارات لاجتماع القاهرة لم تبلغ مستوى حفظ ماء الوجه للانظمة العربية، وهو الامر الذي سيعاد تكراره في مؤتمر القمة الاسلامي”.
ولذلك، فالسؤال الذي تطرحه المصادر الدبلوماسية عن هذا الدرك الذي وصلت اليه اكثرية الانظمة العربية والذي دفع الرئيس الاميركي لاتخاذ قراره بحق فلسطين والعرب والمسلمين والمسيحين؟
وفق ما تراه المصادر: “فهذه الخفة التي تعاطى بها اجتماع القاهرة مع قضية على مستوى قضية القدس مرده الى معطيات وأوهام تتعلق بواقع هذه الانظمة وهو الامر الذي شجع ترامب على خطوته”، ليس اقلها الاتي:
_ اولا: ابتعاد هذه الانظمة خاصة انظمة الخليج عن القضية العربية المركزية المتمثلة باغتصاب العدو الاسرائيلي لكامل اراضي دولة فلسطين واراضي عربية اخرى، ومحاولة هذه الانظمة قلب الحقائق من خلال استبدال اولوية تحرير فلسطين وباقي الاراضي العربية المحتلة الى صراع بين هذه الانظمة ومحور المقاومة بدءا مما تمثله ايران من رأس حربه في قلب هذا المحور.
_ ثانيا: حاجة انظمة الخليج الى الحماية الاميركية لابقاء هيمنتها على شعوب هذه الدول، خاصة ما يمثله النظام السعودي من رأس حربة في المشروع الاميركي _ الاسرائيلي، وما قاله الصحافي البريطاني المعروف ديفيد هيرست من انه “لولا صبية الخليج العابثون لما قام ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل”، دليل على ان ما قام به الرئيس الاميركي لم يكن ليحصل لولا تواطؤ انظمة الخليج او بعضها على الاقل.
_ ثالثا: ما قام ويقوم به بعض انظمة الخليج من سعي محموم للتطبيع مع العدو وصلت الى ممارسة كل اشكال الابتزاز والضغط على رئيس السلطة الفلسطينية من قبل محمد بن سلمان للموافقة على ما يسمى صفقة القرن لانهاء القضية الفلسطينية وبما يؤدي الى اقامة تحالف علني على كل المستويات بين هذه الانظمة وكيان العدو.
فهذه الانظمة _ وفق ما تقوله المصادر _ تخلت ليس عن القدس بل عن كامل قضية فلسطين قبل ان يعلن ترامب قراره الاخير، من خلال الصفقة التي جرى الاتفاق عليها بين بعض انظمة الخليج والادارة الاميركية الجديدة وكيان العدو، والتي تقترح ان تكون بلدة “ابو ديس” عاصمة لدولة مسخ للشعب الفلسطيني بديلا عن القدس، اضافة الى اسقاط قضية العودة لفلسطيني الشتات وصولا الى حصر هذه الدويلة باقل من 30 بالمئة من الضفة الغربية المحتلة ومن ضمن مناطق مقطعة الاوصال . وتلاحظ المصادر ان قيام وفد مشبوه ومكلف من حاكم البحرين بزيارة القدس المحتلة ولقائه مسؤولين من العدو الاسرائيلي بالتوازي مع اجتماع القاهرة وبعد ساعات من قرار ترامب يؤكد على مدى تأمر هذه الانظمة على القضية الفلسطينية بدءا من قضية القدس.
تؤكد المصادر انه “رغم تخاذل الانظمة العربية، فاالرهان الاول والاخير يبقى على تصعيد الشعب الفلسطيني لانتفاضته داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة وصولا الى اعادة الاعتبار لمنطق المقاومة لتحرير الارض بدءا من القدس بعد ان ثبت طوال اكثر من 70عاما ان كيان العدو ومعه الاميركي لا يفهمان الا لغة المقاومة الذي وحده يحرر الارض ويعيد الحرية لفلسطين وهو ما ثبت في تحرير جنوب لبنان وقطاع غزة والانتصارات الاخرى في مواجهة غطرسة وعدوانية “اسرائيل” ومعها الغطرسة الاميركية.