نص خطاب السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي بمناسبة مرور 1000 يوم على العدوان

أَعُوْذُ باللهِ من الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

الحَمْدُ لله رَبِّ العَالمين، وأَشهَـدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ الملكُ الحقُّ المُبين، وأشهَدُ أنَّ سيدَنا مُحَمَّــدًا عبدُه ورَسُــوْلُه خَاتَمُ النبيين.

اللَّهُمَّ صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ، وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ، كما صليتَ وباركتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ إنَّكَ حَمِيْدٌ مجيدٌ، وارْضَ اللهم برِضَاكَ عن أصحابِهِ الأخيارِ المنتجَبين وعَنْ سَائرِ عبادِكَ الصالحين.

أَيُّهَا الإخْوَةُ والأخواتُ، شعبَنا اليمني المسلم العزيز، أُمَّتَنا الإسْلَامية، السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

ألفُ يوم منذُ بداية العدوان الأمريكي السعودي الظالم الغاشم، الهادف إلى احتلال بلدنا واستعباد شعبنا، والممارِس لأبشع الجرائم، والمنتهِك لكل الحُرُمات، العدوانُ الذي هو في أهدافه باطلٌ وغير مبرر، ولا يمتلك الحقَّ في ما فعل ولا في ما أراد، والعدوان الذي هو في ممارساته انتهك كُلّ القوانين والأعراف والشرائع ولم يلتزم بأية ضوابط، لا إنْسَانية ولا شرعية ولا أَخْلَاقية ولا بأي اعتبار من الاعتبارات أبداً، العدوان الذي هو على مدى ألف يوم، ومنذ يومه الأول سعى بكل ما يستطيع إلى سحق شعب مسلم عزيز حُر واحتلال بلد مستقل، وسعى إلى قهر أُمّة مستضعفة، العدوان الذي على رأسه أمريكا ومن خلفه إسرائيل وتولى كبرَه النظامُ السعودي جار السوء الظالم، والعميل والخائن لأُمّته، هذا العدوانُ برأسه المتمثل بالطاغوت والشيطان الأَكْبَر أمريكا الذي هو المظلة الحقيقية لهذا العدوان، والعقل المدبِّر في هذا العدوان، والمدير الحقيقي من خلف الستار لهذا العدوان، وأدواته القذرة على رأسها النظام السعودي ومعه النظام الإماراتي ومن تعاون معهما ومن استأجراه ليشتركَ معهما، ومن اشتراه النظامُ السعودي بالمال ليكونَ شريكاً في هذا الإثم، وفي هذا الجرم الفظيع والشنيع، عدوانٌ بهذه العقلية، بهذه الإدارة من جهة أطراف لا تمتلك أيًّا من القيم ولا تلتزم بأيٍّ من الأَخْلَاق، وهي اليوم التي تمثل قوى الشر والاستكبار والطغيان وتلعب الدور التخريبي والسلبي في كُلّ العالم وفي المقدمة في منطقتنا العربية وعالمنا الإسْلَامي.

 

أهدافٌ مشؤومة لعدوان حافل بالجرائم

حينما قاموا بهذا العدوان، وعندما مارسوا هذا الطغيان بحق شعبنا المسلم العزيز المظلوم بكل ما تعنيه الكلمة، وبأهدافهم المشؤومة، أهداف الاحتلال والسيطرة والاستحواذ والهيمنة والاستعباد والقهر، مارسوا كُلّ الجرائم وفعلوا كُلّ شيء في سبيل تحقيق أهدافهم، لم يألوا جُهداً ولم يتركوا وسيلةً، ولم يتحاشوا من فعل أي شيء؛ بُغيةَ الوصول إلى هدفهم المشؤوم والسيء، فكانت الجرائم البشعة جِدًّا، جرائم القتل الجماعي والاستهداف الشامل، والاستباحة لكل شيء في بلدنا هي السمة البارزة لهذا العدوان والواضحة في طبيعة تلك الممارسات الظالمة والإجرامية والعدوانية، كُلّ شيء في هذا البلدِ منذ أول يوم وإلى اليوم كان مستباحاً، ولم يبقَ أيٌّ من العناوين التي تقال أَوْ تحكى أَوْ يعترف بها لحماية أي شيء يستحق الحماية لاعتبار إنْسَاني أَوْ اعتبار أَخْلَاقي أَوْ اعتبار شرعي أَوْ اعتبار قانوني، أَوْ أي اعتبار، فأسواقنا استبيحت، واستُهدف الناس الأبرياء المتسوقون العاديون في الأسواق؛ بغية القتل الجماعي للناس؛ بُغية الفتك بأَكْبَر عدد ممكن من أبناء هذا الشعب، الأسواق التي يتواجد فيها مختلف أبناء الشعب اليمني، وعادةً لا تختصُّ بفئة دون فئة، والأسواق ليس لها سمة سياسية ولا أية اعتبارات أُخْرَى مذهبية أَوْ أيٌّ من الاعتبارات والتصنيفات، لا، سوق في صنعاء أَوْ في عدن أَوْ في الحديدة أَوْ في تعز أَوْ في مأرب، أَوْ في أيٍّ من المحافظات اليمنية يجتمع فيه المتسوقون من مختلف المذاهب، من مختلف التيارات والمكونات، والفئات، ويتوفر فيه الكبير والصغير، ويحضر فيه أَيْـضاً مَن ليس له أي موقف حتى تجاه ما يحصل، فتُستهدف المساجد كذلك، المساجد وهي بيوت الله لها حُرمتها، تُستهدف وتستباح، الكثير من المساجد دمرت، والكثير من المصلين استشهدوا تحت طائلة القصف، وأَيْـضاً الأحياء السكنية والبيوت في القرى كذلك، إنْ في المدن أَوْ في القرى، الكل يُستَهدفون وقُتل الآلاف تحت طائلة هذا القصف، نيران هذا القصف الجوي، الذي هو بالسلاح الأمريكي وبالقنابل الأمريكية والبريطانية، كذلك كُلّ الأشياء الأُخْرَى، المدارس، المستشفيات، الطرق، الجسور، كذلك البضائع، ومستودعات البضائع، نأتي إلى الآثار، نأتي إلى كُلّ شيء في هذا البلد، كُلّ شيء في هذا البلد، كُلّ شيء كان معرضاً للاستهداف، كُلّ ما له صلة باليمن، بحضارته، بإنْسَانه، بشعبه، بحاضره، بماضيه، بمستقبله، لم يوفروا شيئاً إلا استهدفوه، وما فعلوه من ظلم كبير، من جرائم بشعة هدفت إلى كسر إرادة هذا الشعب، وإلى تدمير كُلّ مقومات الحياة، عبرت هذه الجرائم وهذه الممارسات التي نتاجها استشهاد عشرات الآلاف بينهم آلاف مؤلفة من الأطفال والنساء، ودمار هائل في البنية التحتية في كُلّ مقومات الحياة، واستهداف للأحياء وحتى للأموات في مقابرهم، أسفرت هذه المظالم عن مآسيَ كبيرة وعبرت عن مدى الحقد والطغيان والإجرام والإفلاس الإنْسَاني والأَخْلَاقي لقوى العدوان، وكشفت عن سعيهم الدؤوب لكسر إرادة هذا الشعب، أرادوا بتلك الوحشية، بتلك الجرائم الفظيعة، بتلك الاستباحة الشنيعة، بتلك الأمور الفظيعة والممارسات الرهيبة التي لا نظيرَ لها في أي بلد من بلدان العالم الأُخْرَى لربما أرادوا كسر إرادة هذا الشعب، وتركيع هذا الشعب حتى يستسلم، وحتى يخنع، وحتى يخضع، وحتى نتحول كشعب يمني إلى مجرد شعب مستعبَد ضعيف مستسلم يائس عاجز، مستكين خانع لا يمتلك إرادةً.

 

وحشيةٌ أجبرت العالَم على الاعتراف بعد تعتيم وتقليل وتواطؤ

هذه الفترة بكل ما شهدت على مدى ألف يوم من مظالم رهيبة جِدًّا، ومن انتهاكات وتجاوزات بات العالم يعترف بها، بما في ذلك الأمم المتحدة التي بذلت كُلّ جهد في سعيها للتعتيم على هذه الجرائم والتقليل منها وسعت إلى التواطؤ بشيء كبير مع قوى العدوان، لكنها في الأخيرة لفداحة وفظاعة تلك الجرائم وكثرتها جِدًّا اضطرت إلى أن تعترف بمستوى، أَوْ بقدر من هذه الجرائم وبمستوى منها ولو لم تعرف تعترف تجاه هذه الجرائم والمآسي بمستواها الحقيقي والفعلي، ولكنها في الأخير أقرت واعترفت، كثير من المنظمات الدولية التي كَثيراً ما تواطأت واشترى النظام السعودي موقفَها بالمال في كثير من الأحيان وتجاه الكثير من الجرائم التي هي متجددة، بعد كُلّ فترة جريمة كبيرة جِدًّا ومزعجة تتحرج تلك المنظمات من الصمت تجاهها فتدفع لها الأموال الكثيرة، ولكن مع كُلّ ذلك فداحة هذه الجرائم، كثرة هذه الجرائم، فظاعة هذه الجرائم أجبرت الجميع في هذا العالم من منظمات وُصُـوْلاً إلى الأمم المتحدة إلى الاعتراف بأن هناك جرائم، بأن الأطفال اليمنيين يُقتلون، بأن الحرمات تنتهك في اليمن، اليوم أَيْـضاً بدأت بعض الأصوات الحرة تتعالى في كثير من البلدان والشعوب، وهي تعبر عن امتعاضها وألمها وتضامنها مع شعبنا اليمني المسلم العزيز، عرت هذه الجرائم الفظيعة والانتهاكات وهذا العدوان بأهدافه المشؤومة وبممارساته الإجرامية، عرت الكثير وفضحت الكثير وكشفت الكثير، وكانت اختباراً حقيقيًّا وكَبيراً وفعليّاً للجميع في العالم وفي المنطقة على مستوى الحكومات والأنظمة وعلى مستوى الشعوب، وعلى مستوى الكيانات، وعلى مستوى النخب، من سينطق بالحق أمام هذا المشهد المريع والهائل والمأساوي، الظلم والقتل والاضطهاد والحصار والتجويع، والممارسات الإجرامية الفظيعة جِدًّا، من سيتخذ الموقف الذي تفرضه عليه إنْسَانيته إن كان بقي له إنْسَانية، ويفرضه عليه انتماؤه الديني إن كان ينتمي إلى دين الله وإلى رسالة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وما يفرضه أَيْـضاً انتماؤه الإسْلَامي، ما يفرضه عليه إن كان في المنطقة العربية انتماؤه العربي، عرّت الكثير وكشفت الكثير من أصحاب الادعاءات والتصنيفات، ديمقراطية وحقوق الإنْسَان، ومنظمات وكيانات، كُلٌّ منها له دعواه وله شعاره وله عنوانه، تجلت الحقائق بشكل كبير.

 

سقوط الأقنعة لأدوات أمريكا وإسرائيل

وفي نفس الوقت تكشفت حقيقة النظام السعودي ومدى عمالته لأمريكا وإسرائيل، وأنه نظام لا يمتلك مشروعاً بالأصالة، بالأصالة ليس له مشروع له كنظام سعودي، ما هو مشروعه؟ ليس له أي مشروع أبداً، والنظام الإماراتي كذلك، لا يمتلك أيٌّ منهما مشروعاً حقيقيًّا لصالح الأُمَّـة، لصالح العرب، لصالح المسلمين، لصالح شعوب هذه المنطقة، بل كلاهما يلعب دوراً تخريبيًّا، وكلٌّ منهما ليس أَكْثَر من عميل وأداة بيد الأمريكي وفي خدمة الإسرائيلي.

ومنذ بداية العدوان وإلى اليوم تجلت الكثير من الحقائق، سقطت الأقنعة وانكشفت حقيقة النظام السعودي، وبدأنا نراه كيف هو تجاهَ القضية المركزية للأمة، تجاه القضية الفلسطينية، تجاه القدس، والمسجد الأقصى والمقدسات، تجاه الشعب الفلسطيني العربي المظلوم، كيف هو يتآمر على هذا الشعب، يتآمر على تلك القضية المركزية، كيف هو يقف بكل وضوح أمام مرأى ومسمع العالم إلى جانب الإسرائيلي، وكيف يسعى متآمرا إلى تحقيق الأهداف التي يسعى الإسرائيلي للوصول إليها في السيطرة الكاملة والإقصاء التام للفلسطينيين عن الأقصى وعن القدس، تجلت الكثير من الحقائق، واتضحت الكثير من الأمور، وظهر النظام السعودي نظاماً دموياً مجرماً ظالماً غشوما، لا يلتزم بأي من الأَخْلَاق ولا الأعراف وينهك كُلّ الحرمات، ولم يعد ينفعه أن يتظاهر بأنه نظام إسْلَامي وأنه نظام عربي، دعاواه بأنه يحمِلُ رايةَ الإسْلَام ويعبّرُ عن المسلمين بحكم الحرمين الشريفين لم تتجاوز مستوى دعوى أبي جهل أيام كان أبو جهل هو المتواجد في مكة المكرمة وكان ينطلقُ منها للحرب ضد رسول الله وضد الإسْلَام والمسلمين وضد المهاجرين والأنصار، سواءً بسواء.

الذي عليه النظام السعودي في ممارساته الإجرامية، في دوره التخريبي، وفي عمالته لأمريكا وفي خدمته لإسرائيل، وفي مؤامراته على شعوب المنطقة لا يمُتُّ لمبادئ الإسْلَام ولا لقيم الإسْلَام ولا لتعاليم الإسْلَام ولا للعرب والعروبة بأية صلة أبداً، ممارسات جاهلية، ممارسات وحشية ظالمة، مؤامرات ومكائد مرتبطة كليا بالأمريكي والإسرائيلي وبدا النظام السعودي اليوم شاذًّا عن الأُمَّـة، خارجاً عن صف الأُمَّـة، متآمراً على الأُمَّـة، كائداً للأمة، وبدا أنه ليس أَكْثَر ولا أقل من أداة، أداة، بين قوسين ليس سوى أداة بيد الأمريكي يستخدمه في هذه المنطقة في أبشع دور تخريبي وفي أبشع ممارسات إجرامية ووحشية، هذا هو واحد من التجليات والحقائق التي ظهرت خلال هذا العدوان منذ بدايته وإلى اليوم.

 

صمودٌ وَثباتٌ رغم الصعوبات

شعبُنا اليمني العظيم، منذ اليوم الأول ومنذ بداية هذا العدوان وقف كُلّ الأحرار والشرفاء فيه بكل صمود وبكل ثبات بالرغم من كُلّ الصعوبات ومن كُلّ الشدائد ومن كُلّ المحن، بالرغم من الظروف التي كانت قد توفرت لصالح شن هذا العدوان على بلدنا، فيما هيئت ظروف واعتبارات ومناخ يساعد على أن تتحَـرّك قوى العدوان وهي مرتاحة لها غطاء سياسي على المستوى العالمي، تمتلك غطاءً إعلامياً كبيراً جِدًّا لتبرير هذا العدوان من أساسه ولتبرير ممارساته والتغطية على جرائمه، أمّن لهذا العدوان من خلال الجانب السياسي ومن خلال الجانب الإعلامي وأَيْـضاً من خلال حتى التبريرات الدينية بالفتاوى الباطلة والأصوات الشاهدة بالزور والمؤيدة لهذا الظلم من البعض تحت النغمة الطائفية أَوْ غيرها، ما أمّن لهذا العدوان من تأييد واسع ومن تبرير كبير ومن تغطية عالمية وإقليمية جعل شعبنا في بداية هذا العدوان يعيش حالة الغربة ويرى في الآخرين إما مؤيدين لهذا العدوان وإما متخاذلين وإما لهم مواقف محدودة، البعض على استحياء، البعض بمستوىً معيَّن، والقليل القليل من وقف بمسؤولية وكان لهم صوتهم العالي والصريح وموقفهم الواضح والثابت والمبدئي والإنْسَاني والأَخْلَاقي الرافض لهذا العدوان.

شعبنا وهو يعاني أشد المعاناة في وضعه الداخلي على المستوى الاقتصادي وعلى كافة المستويات، قرر انطلاقاً من مبادئه وانطلاقاً من هويته وانطلاقاً من قيمه، قرر الصمود واتجه كُلّ الشرفاء في هذا البلد على هذا الأساس، الصمود والتصدي لهذا العدوان الظالم غير المبرر وغير المشروع، هذا العدوان الأجنبي، هذا العدوان الذي رأسه أمريكا وهذا العدوان الذي أدواتها أسوأ أنظمة المنطقة طغياناً وإجراماً وظلماً وجبروتاً ووحشيةً وكيداً وأسوؤها في لعب الدور التخريبي في المنطقة، كان خيار شعبنا العزيز في الصمود والثبات والتصدي لهذا العدوان خياراً مبدئياً يفرضه مبدؤه وتفرضه أَخْلَاقه، وخياراً محقاً وخياراً مسؤولاً.

 

خيارُ التصدي للعدوان لن نندمَ عليه أبداً

لو قرّر الناس في هذا البلد، لو قرر الأحرار والشرفاء في هذا البلد الاستسلام لكان قراراً خاطئاً بكل ما تعنيه الكلمة، ولكان قراراً مُخزياً، ومهيناً ولكانت وصمة عار ستبقى إلى الأبد، إلى قيام الساعة، ولكانت كُلّ الأجيال اللاحقة التي كانت ستلحق بها تبعات فضيحة ورهيبة جِدًّا وتكبل بأغلال لا تستطيع الفِكَاك منها إلا بعد جهد جهيد ومخاض عسير، لكانت هي ستلعن ذلك الجيل الذي قرر أن يستسلم، لمن؟ لطواغيت وشذاذ الآفاق، للمستكبرين المجرمين الذين لا يمتلكون ذرة من الإنْسَانية ولا الأَخْلَاق ولا القيم، لكن هذا القرار المسؤول الواعي المبدئي الصحيح السليم الحكيم، الذي انطلق من خلال إرث كبير لهذا الشعب منذ مبعث رسول الله محمد صلوات الله عليه وعلى آله وإلى اليوم، وهذا الإرث تتوارثه أجيالنا من جيل إلى جيل حتى وصل إلى هذا الجيل، إرث من المبادئ والأَخْلَاق، إرث جعلنا نقرّر على الدوام أن نرفُضَ كُلّ أشكال العبودية والقهر والإذلال أمام كُلّ طواغيت العالم، هذا الإرث الأَخْلَاقي والمبدئي والإنْسَاني جعلنا دائما نتخذ خياراتنا وقراراتنا انطلاقا من مسؤوليتنا من مبادئنا من قيمنا، أن كون أحراراً وأن لا نقبلَ إلا أن كون أحراراً، وأن لا يتمكن أحد أي كان ومهما امتلك ومهما فعل ومهما كان حجم معاناتنا ومهما كان مستوى تضحياتنا، أن لا يتمكن من استعبادنا أبداً أبدا أبداً، فهذا القرار في التصدي لهذا العدوان بكل ثبات بالاستعانة بالله، بالتوكل على الله، بالالتجاء إلى الله، بالاستناد إلى معونته إلى قوته، إلى نصره، إلى مساندته، “وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا”، “نعم المولى ونعم النصير”، قراراً لن نندمَ عليه أبداً ولا ندمنا عليه في يوم من الأيام، ولا زادتنا ممارسات المعتدين الإجرامية والوحشية ولا زادتنا تجليات وانكشاف مؤامراتهم ومكائدهم إلا إيْمَاناً بهذا الخيار وبهذا القرار واطمئناناً إلى هذا الموقف، وثباتاً راسخاً ضمن هذا التوجه، وبالتالي لم نزدد خلال كُلّ هذه الفترة مهما كان هناك من تضحيات ومعاناة إلا عزماً وإلا تصميماً وإلا إصراراً وإلا اطمئناناً إلى صحة هذا الخيار، وإلا فما الذي نفعل؟ نستسلم لأولئك القتلة، قتلة الأطفال والنساء، لأولئك الذين أفسدوا في الأرض وأهلكوا الحرث والنسل، لأولئك الذين استباحوا حرمتنا الإسْلَامية، لم يحترمونا كمسلمين، لأنه عصمة هذا الإسْلَام، حرمة دمنا وحرمة مالنا، وحُرمة أعراضنا، وحرمة ممتلكاتنا، لم يحترموا أي شيء، انتهكوا كُلّ الحرمات، فعلوا كُلّ شيء، وارتكبوا أبشع الجرائم، نقبل باحتلال بلدنا، نقبل باستعبادنا واستعباد شعبنا، نقبل بأن يتحول اليمن إلى مكب للنفايات الإجرامية والإرهابية، وإلى بلد لا نحظى فيه وهو بلدنا بأي حرية ولا كرامة ولا استقلال، وتصادر حريتنا وإرادتنا، يفرض علينا الآخرون ما يشاؤون، وما أسوأ ما يشاؤون وما أفظع ما يريدون، ونقبل بإذلالهم لنا وقهرهم لنا، وإهانتهم واستعبادهم لنا، لا، لا يمكن أبداً، خيارنا خيار رئيسي واستراتيجي ومبدئي وصحيح بكل الاعتبارات والحيثيات المسؤولة والإنْسَانية والأَخْلَاقية والشرعية.

 

ألف يوم ترجمت إرادة حرة وإصراراً على الاستقلال

شعبُنا العزيز في مقابل ألف يوم من الإجرام، وألف يوم من العدوان، ألف يوم ما طلع فجر ليل فيه، ولا غربت شمس نهار فيه إلا وسفكت دم اليمني ظلماً وعدواناً، ألف يوم من القصف بكل الوسائل المحرمة، بكل الأسلحة المحرمة والمحظورة دوليًّا، ألف يوم من الاعتداءات الإجرامية والوحشية في مقابل ذلك ألف يوم من الصمود، ألف يوم من الثبات، ألف يوم ترجم فيها شعبنا عملياً إرادته الحرة، واستقلاله الذي يصر عليه، أثبت أن إرادته لن تنكسرَ؛ لأنها إرادة نابعة من إيْمَان ومن أَخْلَاق ومن قيم ومن مبادئ، ألف يوم من الصبر الجميل، والصمود العظيم والثبات الإيْمَاني الذي يساوي جبال اليمن الكبيرة والكثيرة من نقم إلى عطان إلى كُلّ هذه الجبال الراسخة في أرض اليمن، ألف يوم قدم فيه أبناء هذا الشعب تضحيات كبيرة وعظيمة ومشكورة يصدرها التأريخ، نتقرب بها إلى الله -سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى-، والأعظم عطاء والأعلى عطاء هم الشهداء الذين ندعو لهم بالرحمة، الذين نمجد عطاءَهم ونشكر عطاءَهم والذين قدموا حياتهم في سبيل الله تعالى وفي الدفاع عن هذا الشعب المسلم العظيم والعزيز، ثم أسرهم العزيزة الكريمة الصابرة الثابتة التي لم يصبها الوهن برغم عطائها الكبير، والكثير من الأسر قدمت الكثير من الشهداء، البعض من الأسر قدمت كُلّ رجالها شهداء، والبعض أغلب أبنائها شهداء، عطاء كبير وتضحيات كبيرة، فكانت مواقفهم عظيمة، وكان صبرهم عظيما، وكان ثباتهم عظيما ومعنوياتهم عالية، يعتزون ويفتخرون بعطائهم وبشهدائهم ونحن نفتخر بهم هم ونفتخر بهؤلاء الشهداء، بأولئك العظماء والأبطال، ثم كذلك جرحانا الصابرون على عظيم المعاناة، معاناة كبيرة في بلدهم، شحة الأدوية، تردي الخدمات الطبية، مشكلة السفر إلى الخارج لإجراء عمليات جراحية أَوْ للتداوي في الخارج مع انعدام أَوْ ضعف الإمكانات بشكل كبير في بلدنا، وصابرون رغم ألم الجراح وحجم المعاناة، ثم كُلّ أبناء هذا الشعب، الطبقة الكبيرة الفقيرة من أبناء هذا الشعب الذين هم مع عظيم المعاناة التي تصل إلى حد المجاعة والفقر الشديد والمعاناة الشديدة، كانوا هم الأَكْثَر صبرا والأعظم عطاء، وكانوا هم في مقدمة هذا الموقف قبل غيرهم…

الأصبر والأثبت الأعظم صموداً والأقوى موقفاً والأعلى شموخاً لا حجم الفقر ولا حجم المجاعة والمعاناة جعلهم يستسلمون وييئسون أبداً، ثم ليس هذا فحسب، بل التحَـرّك العظيم للرجال الأبطال والأوفياء لكل ذوي الحمية الإيْمَانية والغيرة الإنْسَانية لكل الأحرار بكل ما تعنيه الحرية تحَـرّكوا بكل ثبات إلى جبهات القتال إلى كُلّ الثغور في هذا البلد للتصدي للغزاة ولمرتزقتهم وعملائهم بكل صمود وبكل ثبات الرجال الأوفياء الذين ستحكي الأجيال القادمة عن بطولاتهم عن صمودهم عن ثباتهم ولديها ما تحكيه بأعظم مما قد حكاه أي جيل من أجيال هذا الشعب عن الأجداد الأوائل عن بطولات على مدى التأريخ هؤلاء صمدوا أمام أحدث وأفتك أنواع السلاح والقدرات العسكرية الحديثة هؤلاء صمدوا وهم في ميدان القتال ترصدهم أحدث أنواع الرصد من الأقمار الصناعية من طائرات الاستطلاع إلى كُلّ وسائل الرصد الحديثة وتلاحقهم أنواع الطائرات والقنابل الذكية والصواريخ الموجهة إلى غير ذلك صمدوا في ميدان القتال حتى عند الجوع وحتى عند الظروف الصعبة حتى في الوقت الذي تنعدم فيه حتى الأحذية وتكون المعاناة كبيرة حتى في امتلاك أبسط الأشياء صبر من واقع صعب من واقع تحديات كبيرة وفي ظروف عصيبة صبر بكل ما تعنيه كلمة الصبر صبر منبعه إيْمَان صبر منبعه استحضار لذكر الله -سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى- ولمعيته منبعه قناعة راسخة بعدالة القضية وأحقية الموقف وصوابية القرار والتوجه وتقديس لهذا الموقف نحن في وموقف مقدس وموقف إيْمَاني وموقف عظيم نفتخر به في الدنيا ونرفع به رؤوسنا شامخة في محضر الله يوم القيامة على كُلّ موقف عملناه وكنا فيه قربة إلى الله وإرضاء لضميرنا والتزاما فعليا وترجمة حقيقة لمبادئنا وأَخْلَاقنا وقيمنا على مدى ألف يوم كان هذا الصمود العظيم.. الأعداء كانت حساباتهم وكانت رهاناتهم وكانت آمالهم الوهمية والسرابية والخيالية أن المسألة لن تكون مسألة ألف يوم لا ألف يوم من العدوان ولا ألف يوم من الصمود حساباتهم لأسبوعيين والأقصى للمدة الزمنية لشهرين وأرادوا ليمننا هذا ولشعبنا العزيز أن يتحول وخلال أيام معدودات يتحول هذا البلد إلى بلد محتل بكله من صعدة إلى مهرة يتواجد فيه الأجانب أينما شاؤوا وأرادوا يتواجدون ليكونوا هم أمراء وقادة بهذا البلد وليكون الآخرون عبيداٌ وليكون الآخرون مستعمرين ولنتحول في هذا البلد إلى مأمورين في موقع العبودية والذل ونتحول إلى مستعمرين لا خيار لنا لا قرار لنا لا إرادة لنا لا حرية لنا لا نفعل الذي نريد وإنما الذي يريدون ولا نقرر الذي نريد وإنما نتلقى القرارات ونتلقى التوجيهات من أولئك وهم من موقع الاستكبار والطغيان والتعالي والغطرسة العنجهية يأمرون ويقررون ويفعلون ما يشاؤون ويريدون من يخالفهم أي يمني أي مسؤول في أي موقع من مواقع المسؤولية يمكن أن يسجنوه بكل بساطة يمكن أن يوقفوه بكل استهانة يمكن ان يصفعوه نحن تلقينا معلومات حتى عن صفعات وجهت إلى وجه عبدربه منصور هادي أنه في بعض المراحل تجاه بعض المواقف تلقى الصفعات بالأيدي شعب أرادوا هم أن نكون شعبًا لا ذرة له من الكرامة يعامل أي منا في هذا البلد باعتباره رجلا إما اشتروه بالمال وإما أخضعوه بالقوة ولا وسط بين ذلك يعني يا إما إن تكون عبداً باعتبار أنهم دفعوا فيك شيئاً من المال، خلاص اشتروك اشتروك وإما أن تكون عبداً؛ لأنهم أخضعوك بالعصا، فعبدٌ اشتري بالمال وعبدٌ خنع بالعصا، والعصا أَيْـضاً للآخر إذا أراد أن يرفع رأسه يقمعونه بعصاهم، أرادونا أن نكون خلال أيام معدودات شعباً فاقداً للحرية وفاقداً للاستقلال ومستعمَرة يتجيش الكثير من أبنائه كجنود يدفعون إلى المعارك والحروب العبثية والإجرامية والفوضوية والتخريبية ويخسرون حياتَهم فيها مقابل القليل من المال، والباقون أن يكونوا البعض منهم حراساً في المنشآت والقواعد التي يفرضونها في بلدنا ثم يكونون هم من يتجهون إلى نهب ثروات هذا البلد، سواء في حضرموت وشبوة أَوْ أية محافظة من المحافظات اليمنية وأن يكونون هم من يسيطرون السيطرة التامة على المطارات والموانئ وعلى كُلّ القواعد والمواقع الاستراتيجية والحيوية في هذا البلد وان يكون اليمنيون لا اعتبار لهم غير مقبول لهم أن يكونوا هم من يتحكمون حتى في مطار أَوْ منشأة حيوية أَوْ ميناء أَوْ أي موقع مهم أَوْ منفذ مهم لا اليمني في بلده بحسب اعتبارهم ورغبتهم وإرادتهم ليس في مستوى أن يكون هو صاحب القرار حتى في مطار أَوْ ميناء أَوْ منفذ أَوْ أي منشأة حيوية أَوْ أي مكان مهم وهو في اليمن ليس له ذلك ثم أن يعملوا على استغلال كُلّ التناقضات وكل الخلافات وكل التباينات على المستوى السياسي وعلى المستوى المذهبي على مستوى اعتبارات متعددة حتى الخلافات الاجتماعية ليحولوا الجميع إلى حالة من الاقتتال والتنازع والانشغال ببعضهم البعض وهذا في فترات الفراغ إذا لم يكن لهم معركة هناك أَوْ هناك يدفعون بالآخرين إليها فحالة الفراغ ويتعاملون بكل امتهان مع الجميع ثم لا نحظى بأمن ولا نحظى باستقرار اقتصادي ولا سياسي ولا بأي شكل من أشكال الاستقرار يكونوا شعب قد خسر حريته وخسر استقلاله وخسر أمنه وخسر حريته وخسر كُلّ مقومات الحياة وأصبح مستعبداً بكل ما تعنيه الكلمة وأرادوا ذلك خلال أيام قلائل إذا طالت الفترة وظهرت مستجدات خارج حساباتهم اعتبروا أن شهرين كافيين بحسمها والتغلب عليها ولكنهم.. اليمن الذي أرادوه لن يتحقق لهم ويمن اليوم بعد الألف يوم صار يوم مختلفا الشعب اليمني الذي أرادوه ذليلا ومستعبدا ومقهورا هينا وخانع وراكعاً وخاضعاً ومستسلماً لهم ها هو اليوم شعب شامخ عزيز صامد ثابت حر بما تعنيه الكلمة ويمكن للعالم أن يتغنى بحرية الشعب اليمني وان يفتخر بصمود الشعب اليمني ويمكن للإنْسَانية بكلها أن تنظر بإكبار واعتزاز إلى هذا الشعب الصامد مع عظيم المعاناة وكبير التحديات ومع مستوى الجراح الكبير جراح كبيرة وغائرة في هذا البلد وفي هذا الشعب الصامد مع الجوع الصامد مع البرد الصامد مع المعاناة صامد في وجه قوى الطاغوت التي حظرت إلى هذه المعركة بكل ثقلها وبأحدث إمكانياتها صامدا وثابت الشعب الذي أرادوه أن يكون مفلساً من كُلّ شيء، مفلساً حتى من حريته، مفلساً من استقلاله ومن كُلّ مقوماته وأرادوه شعباً ضعيفاً لا يمتلك شيئاً وليس بيده شيء، هو اليوم بعد الألف يوم تصل صواريخه الباليستية إلى وسط معاقلهم إلى وسط الرياض إلى قصرهم قصر حكمهم إلى حيث رمزية حكمهم يمن اليوم هو يمن حر بكل ما تعنيه الكلمة حر بعد كُلّ تلك المحاولات الكبيرة جِدًّا والتي استخدم فيها أَكْبَر الوسائل والإمكانات العسكرية بغية أن تسلب حرية هذا البلد وهذا الشعب فعجزت حرية معمقة بالدماء حرية قوتها وعمقت من جذورها في أرض اليمن الدماء الغزيرة دماء الآلاف المؤلفة من الشهداء الأبرار حرية أرستها في الأرض مظلومية لا نظيرَ لها في العالم ومع تلك المظلومية العظيمة الكبيرة صمود عظيم لا نظير له في العالم فيما يقابله من عدوان.

اليوم يمن اليوم بعد الألف يوم يمن صامد يتجه الآلاف فيه إلى ميادين القتال بكل ثبات واستبسال وبصبر عظيم، ويمن يفتخر فيه كُلّ المضحين، أسر الشهداء ومن حولهم ومن خلفهم، يفتخر الجميع بعطائهم وتضحياتهم، ولا تنكسر إرادتهم بذلك، بل ازدادوا عزماً بقدر ما كانت التضحيات، وازدادوا ثباتًا بقدر ما كانت المعانات، وازدادوا عزماً وتصميماً وقوة إرادة في مستوى التحديات، ولذلك اليوم الذي أطلق فيه صاروخ بركان2 ليصل إلى قصر اليمامة في وسط الرياض لنقول للعالم ولنقول للمعتدين، كلما ازدادت جرائمكم وكلما تعاظمت وحشيتكم وكلما زاد طغيانكم سيقابله المزيد من صبرنا والمزيد من ثباتنا والمزيد من عزمنا والمزيد من تصميمنا والمزيد من ابتكاراتنا لكل الوسائل الدفاعية، أنتم ارتكبتم وترتكبون أبشع الجرائم بشعبنا وأنتم أتيتم إلينا معتدين بغير حق، بدون أي مشروعية، لا مشروعية لكم، لا في ممارساتكم الإجرامية ولا في أهدافكم المشؤومة والسيئة، ما الذي تظنون أن نقابل أفعالكم هذه، أفعالكم الوحشية والإجرامية والبشعة.

 

فرض معادلة المقابَلة بالمثل: المنشأة بالمنشأة

ماذا تظنون؟ أننا سنفعل في مقابل ما تفعلونه بنا في مقابل قتلكم للآلاف المؤلفة من أطفالنا بدون أية رحمة بقيم الجاهلية التي كانت تئد الأطفال وتقتل الأطفال بدون أية رحمة، وكأنكم لا تنتمون أي انتماء إلى دين رسول الله محمد صلى الله وسلم عليه وعلى آله ولا مثقال ذرة من الرحمة رحمتم بها أطفالنا ولا مثقال ذرة من الرحمَة رحمتم بها نساءنا، قتلتم منا آلاف الأطفال وآلاف النساء، قمتم بتدمير كُلّ ما هو مصلحة عامة في بلدنا، تستهدفون كُلّ شيء قمتم بحصار شعب أَكْثَر من عشرين مليون إنْسَان تحاصرونهم اليوم تعملون بكل جهد إلى تجويعهم، أنتم تعملون بكل ما تستطيعون لإحداث أَكْبَر مجاعة في العالم بحسب اعتراف الأمم المتحدة وتريدون منا في مقابل هذا الجرائم هذا العدوان الوحشي هذا التدمير الهائل إهلاك الحرث والنسل والإفساد في الأرض أن نبقى مكبلين الأيدي وغاضين الطرف ومتجمدين أمامكم، لا يمكن أن نفعلَ ذلك أبداً، نحن شعب مسلم عزيز بإيْمَانه وشعب حر وشعب له إرثه الحضاري الكبير يأبى الإذلال، يأبى هذه الاستباحة هذه الوقاحة، هذا الطغيان، هذا الاستكبار، هذه العنجهية، هذا الطغيان الذي لا نظيرَ له إنما هو عامل رئيسي في أن نزداد إحساساً بالمسئولية وفي أن نتزود أَيْـضاً عزماً وتصميماً وقوة إرادة، ننطلق للتصدي لعدوانكم بكل ما نستطيعه، أنتم تقصفون صنعاء سنقصف الرياض ونقصف أبو ظبي، أنتم تعتدون على القصر الجمهوري في صنعاء تصل صواريخنا الباليستية إلى قصر اليمامة في الرياض، أنتم تعتدون على منشآتنا الحيوية والاقتصادية سنقابلكم بمثل ذلك السن بالسن والجروح قصاص.

اليوم هناك معادلة سنفرضها من جديد وسنسعى بكل جد وبكل جهد وبمسئولية هذا يفرضه علينا مبدأنا وتفرضه علينا المسئولية إلى أن نبتكر كُلّ وسيلة مشروعه للدفاع عن شعبنا وعن بلدنا ولمواجهتكم في عدوانكم طالما استمر هذا العدوان.

أنتم حمقى وأنتم جهلة وأنتم أغبياء، أنتم مجرمون ومتوحشون، لن تستفيدوا من كُلّ العبر أبداً، بدءً من هذا العدوان، تحملنا الكثير وصبرنا الكثير، لم تتعقلوا ولم تراجعوا حساباتكم وجدتم أنتم أن المسألة صعبة ومكلفة على اقتصادكم وكبدتكم الخسائر لم تراجعوا حساباتكم، كنتم مستمرين وتُدفعون دفعاً أنتم تثقون بأمريكا وأمريكا تشجعكم على هذا العدوان؛ لأنه بالنسبة لها أصبح مصدر دخل بريطانيا كذلك وإسرائيل كذلك كلهم يرون في هذا العدوان تنفيذاً لأجندة تخدمهم وتحقيقا لمصالح لهم مع ما تحقق لهم من مكاسب اقتصادية كبيرة لكن كأدوات أدوات غبية بكل ما تعنيه الكلمة أنتم في الموقف الخاسر ما أنتم فيه وما ستصلون إليه في النهاية لا ربحَ لكم فيه ولا نتيجة صالحة لكم ولا نتيجة نافعة لكم ولا نتيجة مفيدة لكم كلما مضى الوقت تتأثرون أَكْثَر فأَكْثَر بكل الاعتبارات والمقاييس.

المفترَضُ بعد هزيمتكم المدوية والتأريخية والكبيرة في العراق وسوريا بانتهاء جماعاتكم هناك ومليشياتكم هناك المجرمة والمتوحشة وهزيمتها الساحقة كان يفترض أن تأخذوا الدرس والعبرة وبعد كُلّ هذه المدة الطويلة في عدوانكم على البلد وبعدما اكتشفتم أن حساباتكم بالأيام القليلة والمحدودة فاشلة وغير صحيحة وغير منطقية يفترض أن تراجعوا حساباتكم أقول لكم كفى ناصحا لكم أقول لكم كفى مهما استمر هذا العدوان ومهما ازدادت عنجهيتكم وغطرستكم واستكباركم إنما نزداد نحن كشعب يمني صمودا وعزماً وثباتاً وتصميماً ولا خيار لنا بالنسبة لنا من موقع مبادئنا وقيمنا وأَخْلَاقنا لا خيار لنا إلا هذا والنتيجة الطبيعية الفطرية، كلما كان استفزازكم أَكْبَر ووحشيتكم أَكْبَر كلما استفزنا هذا لنزداد عزما وتصميما وصبرا وثباتًا وفي هذا كله درس لكم وعبرة لكم وعظة لكم، ونحن كشعب يمني وأتوجه إلى شعبنا العزيز أهم درس خلال هذه الفترة الطويلة الألف يوم في مواجهة هذا العدوان الذي لا نظير له في هذه المرحلة في كُلّ أرجاء الأرض، ألف يوم من الاستباحة لكل شيء، ألف يوم من التجويع والظلم، نحن جربنا أن أهم درس لنا في هذه الفترة كلها هو إيجابية وجدوائية الصمود والثبات حينما اتجهنا لنصمد في هذا البلد وقررنا التصدي لهذا العدوان هذا الموقف هو الذي حفظ لنا لحد اليوم هذه الحرية التي نحن ننعم بها هذا الشموخ وهذه الكرامة التي احتفظنا بها.

اليوم نحن نحمد الله -سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى- أوّلاً على أن عاننا على هذا الصمود ونشكرُه ونسأله أن يفرغ علينا المزيد من الصبر وأن يعيننا فيما بقي كما أعاننا فيما مضى، وأن يزيدنا تأييدًا وتثبيتاً وتوفيقاً وتسديداً وعوناً إنه سميع الدعاء، نحن اليوم معنيون بعد كُلّ ما قد عشناه ما من قبيلة ولا من منطقة ولا من محافظة إلا وعاشت هذه التجربة، عشنا المأساة عشنا الشعور بالمظلومية، عشنا المعاناة التي صنعها أولئك ظلماً وتجبراً وطغياناً واستكباراً بغير حق، رأينا وحشيتهم، رأيناهم بوجههم الحقيقي الأسود الإجرامي البشع، رأينا مظلوميتنا بأم أعيننا، رأينا أطفالَنا وهم أشلاء وجثثهم متفحمة ورأينا نساءَنا وفي كثير من الحالات يبقى من المرأة القليل من شعرها الباقي تحول إلى أشلاء، رأينا كُلّ تلك المشاهد فيما شاهده البعض مباشرة وفيما شاهده الباقون من خلال التلفاز ووسائل الإعلام والصور، عشنا المعاناة الاقتصادية ونحن نعيشها اليوم، وهم صنعوها فيما هي عليه وبمستواها القائم، وأدركنا كيف أنهم سيئون لدرجة لم نكن نتخيلها، يعني البعض من أبناء شعبنا البعض لم يكن يتخيل أبداً أن يرى النظام السعودي الذي يحاول أن يخادع ومعه إذاعة القرآن الكريم وغير ذلك أن يراهم على هذا المستوى من الوحشية والإجرام والاستباحة لكل شيء والجرأة الفظيعة على قتل الأطفال والنساء بشكل جماعي والإبادة الجماعية للسكان في المدن والقرى، تفاجئ البعض وعرفنا ما الذي يريدونه، ورأينا ما عليه الحال في المناطق التي تمكنوا من احتلالها كيف تحولت إلى مناطق محتلة بكل ما تعنيه الكلمة الحال فيها والواقع فيها هو واقع احتلال، والذين من أبناءها لحقوا بركب العدوان ورضوا لأنفسهم بالعبودية للمعتدين والخنوع للمعتدين وأن يتحولوا إلى أدوات في يد الأدوات أولئك كيف هو حالهم؟ تجردوا أوّلاً من قيمهم الإنْسَانية والوطنية والأَخْلَاقية ولحقوا بركب التوحش والإجرام وتخلوا عن هُويتهم الإنْسَانية والإسْلَامية والوطنية وأصبحوا مجرمين بكل ما تعنيه الكلمة لحاقا بأولئك المجرمين وفي ركب أولئك المجرمين.

 

تواصلات مغرضة: دعوات الفرقة والفتنة جزء من العدوان

رأيناهم أصبحوا بلا قرار وبلا إرادة وبلا حرية وبلا كرامة وبلا رحمة وبلا إنْسَانية وبلا أخوّة وبلا قبيلة وبلا وطنية.

اليوم يفترض أن نزدادَ عزماً إلى عزمنا وصبراً إلى صبرنا وثباتًا إلى ثباتنا صمودنا ثمرته هذه الكرامة التي ننعم بها اليوم هذه الحرية التي نحن فيها اليوم وتصميمنا وتوجهنا إلى كيف نكون أَكْثَر قوة في مواجهة هذا العدوان هو الخيار الصحيح وهو الخيار الحكيم، معنيون اليوم وأَكْثَر من أي وقت مضى إلى الاهتمام بكل عوامل القوة التي نزداد بها قوة في مواجهة هذا العدوان تعزيز وحدتنا الداخلية وألا نصغي أبداً لكل دعوات الشر والفتنة والتفرقة التي منبعها قوى العدوان وتطلقها قوى العدوان.

أية شخصية في هذا البلد أي وجاهة في هذا البلد شخصية سياسية وجاهة اجتماعية أَوْ شخصية عسكرية، كُلٌّ منا في أي موقع في أي مستوى كان ممن هو في موقع مسئولية إلى مستوى الإنْسَان والمواطن الذي ليس له وجاهة أَوْ مسئولية معينة، كلٌّ منا لنعيَ جيّدًّا أن دعواتِ الفرقة، أن دعوات الفتنة أن مساعي التشتيت لشملنا وجمعنا هي واحدة من وسائل العدوان علينا هي جزء لا يتجزأ من العدوان علينا من مساعي إذلالنا وقهرنا واستعبادنا.

أية وجاهة اجتماعية يتواصل بها الشهراني أَوْ يتواصل بها أي ضابط مخابرات أَوْ أي عميل من المرتزقة والمنافقين الذين التحقوا بصف العدوان ليساوموها على موقفها بالمال أَوْ ليساوموها على موقفها بالتهديد والوعيد أَوْ ليساوموها على موقفها بالتهديد والوعيد أَوْ ليساوموها على موقفها بالإثارة والتحريض، وإثارة العناوين المذهبية أَوْ العناوين العنصرية أَوْ العناوين المناطقية أَوْ أي عنوان لتعي جيّدًّا أنها أمام اختبار تأريخي وحقيقي وأن عليها أن تحسب حسابها أمام الله وأمام هذا الشعب وأمام التأريخ وأن تعيَ جيّدًّا أنها ستُسأل يوم القيامة على موقفها.

 

مرحلة استثنائية واختبار تأريخي

الآن نحن في مقام اختبار، الذي يساومك على موقفك ضد هذا العدوان هو يساومك على إنْسَانيتك فهل سترخص إنْسَانيتك؟ هو يساومك على حريتك هل ستبيع حريتك؟ وتقبل بأن تكون عبداً مع العبيد للعبيد السيئين والمنحطين والقذرين والمجرمين!.

هو يساومك على كرامتك هل الكرامة تباع يا أهل الكرامة؟ هو يساومك على وطنك هل ستبيع وطنك بثمن تافه؟ هو يساومك على مبادئك وأَخْلَاقك وقيمك ودينك؛ لأن دينك يحرم عليك أن تقف في صف الطغاة والمستكبرين والظالمين والمجرمين والمفسدين.

كلٌّ منا اليوم من كُلّ أبناء هذا البلد وجاهات القبائل ضباط الجيش الوجاهات السياسية كُلّ مكونات وفئات هذا الشعب يجب أن نكون اليوم أَكْثَر تصميماً على ثباتنا وأَكْثَر وأعظم إحساساً بكرامتنا وهويتنا وانتمائنا وقيمنا الأصيلة من أي وقت مضى ومن أية مرحلة مضت.

حصل من الدروس والعبر ما يكفي ويفي وما يساعد على أن نزدادَ في معنوياتنا ثباتاً وصموداً وتماسكاً، أنْ لا نأبه ولا نكترث بكل التهديد ولا الوعيد وأن لا نلتفت أبداً إلى كُلّ مساعي التفرقة، الحفاظ على وحدة صفنا الداخلي مسئولية على الجميع الكل معني بالمحافظة عليها من يشذ عنها فهو الخاسر هو الخائب هو العائب، من يقبل لنفسه أن يخون وطنه وأن يخون شعبه وأن يفتح صفحة جديدة مع دول العدوان هو المتحمل لكل تبعات موقفه الخاطئ وشذوذه السيئ وخيانته القبيحة.

يجب أن نكون أَكْثَر تماسكاً ووحدة وتآخياً أمام أولئك المجرمين هذا هو الموقف الصحيح ثم يجب اليوم أن نسعى في المرحلة القادمة إلى تعزيز أَوْ إلى تثمير هذه الوحدة، هذا التعاون، هذا التفاهم، هذا التآخي، هذا التماسك، إلى تثميره عمليا من خلال أنشطة عمليه تشترك فيه الدولة مع الشعب وتتحَـرّك فيها مُؤَسّسات الدولة ضمن أنشطة مشتركة مع كُلّ الكفاءات مع كُلّ المبدعين مع كُلّ المفكرين مع كُلّ أبناء هذا البلد.

نحن في مرحلة، المسئولية فيها مسئولية الجميع مرحلة استثنائية مرحلة تأريخية، بلدنا يواجه تحالفا دوليًّا وإقليميا، فيه أَكْبَر الدول وأغنى الدول، وأسوأ الدول عدوانية وإجراماً، بلدنا يواجه تحديا مصيريا، نكون أَوْ لا نكون، بلدنا فيها يواجه اختباراً كَبيراً، وهو في موقف كبير يستدعي من الجميع التعاون، وأن يعي الجميع مسؤوليتهم.

كل مُؤَسّسات الدولة اليوم معنية بأن تتجه إلى هذا الشعب، تبذل له كُلّ ما تستطيع، ويقف معها هذا الشعب، ويلتقي الجميع في حالة تعاون، في حالة استثمار لكل الطاقات لكل الكفاءات، لكل القدرات لكل الخبرات، أن نتوجه عمليا لنحول التحدي إلى فرصة، ولنحول الأخطار إلى فرص عظيمة، ننهض من بين كُلّ هذا الركام، ونتحَـرّك من بين كُلّ هذه المعاناة حتى ننهض، التجربة للقوة الصاروخية تجربة فيها درس مهم لكل أبناء هذا البلد، من صاروخ الصرخة إلى بركان 2، من الصاروخ الذي يحمل إلى الجبهة لينطلق مسافة اثنين كيلو أَوْ ثلاثة كيلو، إلى الصاروخ الذي يعبر أَكْثَر من ألف كيلو متر، والمدى مستمر، المدى متوسع، اليد الطولى ستنال إن شاء الله أماكنَ أُخْرَى.

 

لنتحرَّك.. لا استسلامَ ولا تفرُّجَ على واقعنا

نحن شعب لنعي جيّدًّا أننا بالله تعالى وبتحمل المسؤولية، وبالأمل العظيم، وبمحاربة اليأس واليائسين، والعجز والعاجزين، والكسل والكسلين، والإهمال والمهملين، والضعاف المتنصلين عن المسؤولية، المهزومين نفسيا- التحَـرّك من واقع إحساسنا بالمسؤولية، وإدراكنا للخطر، ويعلن بالتحدي وبالعزم العظيم، العزم الإيْمَاني، العزم اليماني، الهمة اليمانية، التي تطاول الفرقدين.

نتحَـرّك لنبدع، لنعالج كُلّ هذه المشاكل التي نعاني منها، لنواجه هذه التحديات بكل أشكالها، تعاوننا باهتمام وعزم، وتصميم وقوة إرادة، وتفاهمنا، وتحويل كُلّ الجهود والطاقات إلى جهود مشتركة وطاقات موحدة، تصب في اتجاهات موحدة، يمكن أن يباركه الله -سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى-، فيصنع الكثير، ويتغير لنا الكثير، ويبارك الله لنا في الكثير والكثير.

نحن نعاني وحجم معاناتنا كبير بفعل أولئك المعتدين، المجرمين الطغاة، ولكن لا يعني ذلك أن نبقى مستسلمين أَوْ متفرجين على واقعنا، وعلى معاناتنا، وعلى مستوى مظلومياتنا، لا يكفي أن نئن وأن نتوجع لهذه المعاناة، أَوْ أن نبقى في حالة يأس أَوْ إحباط، لا، بل أن نطلق هذه الطاقة الكامنة في داخلنا إلى واقع العمل، لا مُؤَسّسات الدولة تكفي لوحدها وتتحمل لوحدها وتترك لوحدها؛ لتنوء بهذا العبء، وتحمل هذا الحمل، ولا الشعب يبقى هناك لوحده وفيه الكثير من الطاقات والكفاءات، والمبدعين والمفكرين والعمليين، هناك الكثير في بيوتهم يتوثبون توثبا رغبة بكل جد لأي عمل، وهناك الكثير لديهم الأفكار، ولكن حين لا يكون هناك تلاق بين الرسمي والشعبي، بين مُؤَسّسات الدولة ونخب هذا الشعب وكفاءات هذا الشعب وطاقات هذا الشعب وخبرات هذا الشعب، هذا هو الذي ينقصنا اليوم، هذا هو الذي يؤثر إلى حد ما، ويفاقم من معاناتنا ومشاكلنا.

ثم مُؤَسّسات الدولة اليوم معنية وأَكْثَر من أي وقت مضى على التحَـرّك الجاد في تصحيح وضعها؛ لأن الوضع الماضي هو وضع لم يكن مبنيا لمواجهة تحديات بهذا المستوى.

توصيف لإرث الماضي المتردي

كانت المسألة في الماضي مبنية على حسابات أُخْرَى، لا حسابات نهضوية لبناء هذا البلد وهذا الشعب، ولا حسابات لمواجهة تحديات بهذا المستوى وبهذا الشكل، مسؤولين معينين، جهات معينة، حسبت أمورها كلها على أساس الارتهان للخارج، والاعتماد على الخارج، والخضوع للخارج، فلا هي بنت اقتصادا محليا بما تعنيه الكلمة، عشرات السنين مضت أين هو الاقتصاد الوطني؟ أين مستوى الإنتاج الوطني، أين هو الاكتفاء الذاتي، لا، بنوا كُلّ شيء في الماضي على وضعية أزمات، في ذروة حكمهم، وفي ظل تمكنهم من السيطرة والاستحواذ في هذا البلد كانوا في نفس الوقت في حالة أزمات، والبلد في حالة أزمات، وكنا من جرعة إلى جرعة، ولا كان هناك اقتصاد وطني يبنى، ولا اكتفاء ذاتي يتحقق، ولا معالجة للمشاكل الاقتصادية، كانت كلها سنوات أزمات، وكان كُلّ عام يمضي أزمة جديدة تأتي، هكذا هو الماضي، وما أنت في حرب دولية ولا إقليمية، ولا صراع بهذا المستوى، ولا تحديات بهذا المستوى، وقروض ما كانت تنفك، في الوقت الذي كانت تجبى فيه عائدات النفط من كُلّ المحافظات، والضرائب من كُلّ المحافظات، والجبايات والنصب والاحتيال من كُلّ المحافظات، ومن كُلّ الموارد، في الوقت الذي تضاف فيه مبالغ هائلة من القروض، وتضاف إليهم أَيْـضاً بعض من الأموال التي طلبوها من هنا أَوْ هناك، والوضع أزمة، والبلد يعيش في أزمة، والمعاناة دائمة، والشعب يعيش في أَكْثَر أبنائه حالة الفقر المدقع، هذا هو الحاصل، هذا هو القائم في السنوات الماضية ما قبل العدوان.

فنحن أمام واقع عانينا فيه من إرث الماضي، الماضي الذي كان حالة من الإهمال، حالة من انعدام البناء الحقيقي، صحيح، بنوا لنا “شوية” مباني “شوية” وزارات بنوها، وبنوا لنا “شوية” طرق، “شوية” قليل قليل جِدًّا، وبعض الجسور، دمرها العدوان، لكن لم يبنوا لنا اقتصادا وطنيا، الاستيراد هو المعتمد كُلّ الفترة الماضية، والإنتاج يكاد يكون في نقطة الصفر، مع أننا بلد يمتلك كُلّ المقومات المهمة، بلد زراعي بما تعنيه الكلمة، ومحاصيلنا الزراعية من أحسن المحاصيل في كُلّ العالم، والمزارعون يعانون في كُلّ الفترات الماضية.

قولوا لي متى، احسبوا ثلاثين سنة، خلال هذه الثلاثين سنة كان المزارع عندنا مرتاح؟ مدعوم؟ متوفر له كُلّ الدعم؟ تسوق منتجاته، “وإلا” كان المزارع خلال هذه الفترة كلها إذا أصبح عندنا منتجا زراعيا معينا وبعضا من المحاصيل التي تورد إلى السوق، ما ننتبه إلا وأدخل إلى البلد أضعاف مضاعفة من نفس المحاصيل لضرب المزارعين، ينتج بلدنا عددا ضخما ومتنوعا من المحاصيل الزراعية، كُلّ محصول منها “يأتي التجار وبتغاض من الدولة فيرى المزارع نفسه ما هناك نتيجة ما هناك تسويق لمحصوله الزراعي، يبقى معاني”، على مدى زمن طويل المزارع يعاني من توفير مادة الديزل، المسألة الآن بدأنا الآن نعاني من مشكلة الديزل؟ من أول يوم نعاني من مشكلة الديزل، المزارع يعاني من توفير المستلزمات الزراعية التي يحتاج إليها في حماية المحصول الزراعي، بدلاً عن أنن تتوفر له المكافحات السليمة الملائمة للطبيعة وغير الضارة بالإنْسَان يدخل إلى البلد أعداد هائلة جِدًّا من المبيدات والمكافحات الخطرة والممنوعة والمحظورة، التي شكلت خطرًا كَبيراً على صحتنا في هذا البلد، وتصيب كثير من أبناء هذا البلد بالسرطان وبأمراض فتاكة، كذلك يصاب الإنْسَان بفيروس الكبد، كم عندنا ملايين أصيبوا بالسرطان وعندنا ملايين أصيبوا بفيروس الكبد، وأمراض كثيرة انتشرت.

الوضع الصحي كيف كان الوضع الصحي على المدى الماضي بكله، كان أَكْثَر أبناء اليمن من يعاني من أمراض صحية خطرة يحتاج إلى السفر إلى خارج البلاد، وتفويج أسبوعي إلى الأردن للعلاج، إلى مصر، إلى دول أُخْرَى للعلاج، كُلّ هذه السنوات الماضية لم يبن في بلدنا مستشفى واحد يكفينا عن السفر إلى الخارج.

عهود يصفها البعض بالازدهار! أَوْ يذرف عليها الدموع! أي عهود هذه؟ أي عهود هذه؟ مستشفى واحد فقط يبنى في هذا البلد يغنينا عن السفر إلى الخارج، ولا مستشفى واحد، والكثير يضطرون إلى السفر إلى الخارج، وعندما أغلقت المنافذ ومنعنا من السفر إلى الخارج بقي الكثير يموتون بدون دواء، ليس لأن المشكلة فقط مشكلة اليوم، بل كانت مشكلة الأمس وتفاقمت اليوم بفعل العدوان.

تلك السياسات غير البنّاءة التي أدير بها بلدنا في كُلّ المراحل الماضية ولم يبن فيها بناء حقيقي في هذا البلد، لا الوضع الزراعي ولا الوضع التجاري، ولا الوضع الصحي، ولا التعليم على نحو بناء وفعال يثمر ثمرة عظيمة تكون نهضة حقيقية في كُلّ المجالات، مع أن لدينا الفرص على المستوى الزراعي على المستوى التجاري، لدينا الكثير من الثروات، شعب كثير العدد، كُلّ الفرص موجودة، لكن على كُلّ السنوات الماضية على مدى عشرات السنين كانوا يبررون إخفاقهم وفشلهم وعدم اهتماهم ببناء هذا البلد والعناية بهذا الشعب بأننا بلد فقير وبلا موارد، وكذبوا، كذبوا لسنا بدون موارد، لدينا كُلّ الموارد، لدينا كميات هائلة من النفط، بعضها أخرجوه، وكان ينهب الكثير منه، وعائداته كانت تضيع، وبعضها لم يستخرج استرضاء لدول معينة، أرادت أن الانتظار حتى يتهيأ لها فرصة السيطرة المباشرة لتسرقه، أمثال النظام السعودي برعاية شركات أمريكية وغربية، والنظام الإماراتي كذلك.

فنحن أمام واقع لنتفهم فيه مشاكلنا، من يأتي ويصور وكأن الواقع نتاج هذه المرحلة بالتحديد أَوْ للظرف الراهن بالتحديد، ثم يأتي ليقول أنتم سبب في مشاكلنا الحالية، لا يا أخي، لسنا سببا في ذلك، السبب هو العدوان وقبل العدوان سياسات غير بناءة، أدير بها بلدنا وعشناها أزمات، تذكر، “تذكر شوية، تذكر من متى بدك” من بعد عام ثمانين إلى اليوم، تذكر، كيف كان كُلّ عام يرتفع فيه الأسعار أَكْثَر، يسوء الوضع الاقتصادي أَكْثَر، سنويا، يستطيع أي شخص أي محلل اقتصادي أَوْ سياسي، أَوْ أي كادر اقتصادي أن يأتي ليضع قائمة وكيف كانت الأزمات تتفاقم، من سنة إلى أُخْرَى إلى أُخْرَى، أُخْرَى، حتى كاد البلد أن يصل إلى حافة الانهيار لولا ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر، مع علاقات دولية، مع بيع وشراء في الوطن بكله، مع حالة ارتهان 100 % للخارج، مع بيع لمناطق كثيرة وصفقات كثيرة في الحدود، مع معمع..، كُلّ ذلك والأزمات قائمة، والمشاكل دائمة، اليوم يأتي لنستأنف مرحلة جديدة، مرحلة نوائم فيها جنبا إلى جنب، حريتنا، كرامتنا، استقلالنا، نهضتنا، لنبني نهضة من واقع مواجهة تحدي، وبكرامة، بكرامة، يمكن أن نبني لنا واقعا قويا بتعاوننا، بالاستفادة من كُلّ الطاقات من كُلّ الموارد من كُلّ ما هو متاح، وبالتوكل على الله، وبالتقوى لله، {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّه فَهُوَ حَسْبُهُ}، {وَمَن يَتَّقِ اللَّه َيَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}.

اليوم المسؤولية على الجميع، مشكلة الكثير هي الانتظار، ننتظر، قد يكون لديك أنت خبرة معينة، كفاءة معينة، طاقة معينة، رؤية معينة، ولكن أنت منتظر، تحَـرّك، اخرج طاقتك، اخرج رؤيتك، قدم أفكارك، ومُؤَسّسات الدولة تؤمِّن هذا الإطار من التلاقي مع أبناء الشعب، هذا شيء مهم اليوم، وأساسي اليوم، وضروري اليوم، ولا يكون لنا أي تفكير إلا كيف نبني أنفسَنا لنكون أَكْثَر قوة في مواجهة هذا التحدي وهذا العدوان، هذا الذي يجب أن تتجه إليه الأذهان والرؤى، والأعمال والمواقف، وتتجه إليه الاهتمامات، هذا هو المسار، مسار بناء، مسار معالجة مشاكل، مسار تعاون، تكاتف، تظافر للجهود، هذا هو الشيء الصحيح الذي يجب أن نركز عليه، وأن نهتم به.

 

توصياتٌ ونصائح

ثم كذلك نأمل أن يراجع الجميع في المنطقة مواقفهم، سيما أن الفترة الأخيرة شهدت انكشافاً للموقف السعودي في طبيعة الارتباط بإسرائيل والتآمر على المسجد الأقصى والقدس، والتآمر على الشعب الفلسطيني، وبات الكثير من الإعلاميين الخليجيين لا يختلفون عن المحللين الإسرائيليين، نفس النغمة، ويتحدثون بطريقة سيئة جِدًّا، ويهاجمون الشعب الفلسطيني، ويسيئون إلى الأُمَّـة الإسْلَامية، وينصبون العداء بشدة لكل من له موقف حر مسؤول تجاه القضية الفلسطينية والمسجد الأقصى والمقدسات والقدس، باتوا واضحين في عدائهم الشديد لكل من يتمسك بجدية بقضايا الأُمَّـة، وباتوا مفضوحين في مدى انحطاطهم وعمالتهم وتحَـرّكهم ضمن الأجندة الأمريكية بدون حدود ولا ضوابط ولا قيود، يعني تعروا. أصبحوا عراة اليوم، بسوأتهم القبيحة في العمالة والخيانة.

نأمل أن يراجع الجميع في المنطقة، الدول، الحكومات، الشعوب، النخب، الكيانات، المكونات مواقفهم تجاه مظلومية شعبنا العزيز، فهي مظلومية غير مسبوقة، نأمل من الدول الحرة والدول المتحررة أن تنظر بعين المسؤولية – نكتفي بهذا التعبير- بعين المسؤولية، إلى معاناة شعبنا ومظلومية شعبنا، وكلٌّ يحسب حسابه ما بينه وبين الله، بالنسبة لعالمنا الإسْلَامي، معاناة شعبنا كبيرة، الواجب الإسْلَامي والواجب الإنْسَاني يفرض على كُلّ الأحرار وكل من بقي فيهم إنْسَانية إلى أن يتعاملوا بطريقة مختلفة مع مستوى المعاناة التي يعاني منها شعبنا.

في آخر الكلام أتوجه إلى شعبنا العزيز بالحث والتأكيد على أهمية الدعم للجبهات بالرجال والإمكانات، تظافر الجهود والتعاون في الوضع الداخلي في مواجهة المحنة الاقتصادية مع الحصار الشديد الذي خالفت فيه قوى العدوان حتى الأنظمة الدولية والقوانين الدولية، أغلقت المنافذ نهائياً، وهذا لا تستند فيه لا إلى قرار مجلس أمن ولا إلى أي شيء، ولكن ليس غريباً عليهم أن يكونوا هكذا، نحن معنيون اليوم على مستوى كُلّ المكونات في هذا البلد كُلّ الجهات أن تتظافر جهودها وأن تتعاون في برامج عمل، كذلك مُؤَسّسات الدولة أن تتجه في تفعيل (النقاط الاثنتي عشرة) التي أكدنا عليها فيما مضى، ووقته اليوم ملح أَكْثَر من أي وقت آخر.

وليثق شعبُنا أنه بصموده وثباته وتوكله على الله وصبره العظيم في قراره وخياره المسؤول والصحيح والمبدئي والإنْسَاني والأَخْلَاقي والحر، طالما ثبت وطالما صبر، وطالما اعتصم بالله واعتمد على الله، ووثق بالله – أن العاقبة له بالنصر بالحرية، وأن العاقبة على عدوه بالهوان والخزي، والعواقب التي توعد الله بها الظالمين والمستكبرين والطغاة والمفسدين.

نَسْأَلُ اللهَ سُبْحَانَـهُ أن يرحَمَ شهداءَنا الأبرارَ، أن يشفي جرحانا، أن يفُكَّ أسرانا، أن ينصُرَنا بنصره، وأن يؤيِّدَنا بتأييده، ويعينَنا بعونه.

وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ..

قد يعجبك ايضا