لماذا رأى السيد حسن نصرالله أن قتال ’إسرائيل’ أسهل من قتال ’داعش’؟

موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||العهد الإخباري
بالرغم من أن أمين عام حزب الله سماحة السيد حسن نصرالله قد عوّدنا على منهجية مميزة في مقارباته للأمور والملفات، وهو لم يُدخل شيئا جديدا لناحية ثباته في النظرة لجميع المبادئ والقيم والمواقف التي طالما كانت في صلب اهتماماته، وحيث يوجد الكثير من المعادلات والمعطيات اللافتة في كلامه الأربعاء الماضي إلى قناة الميادين، والتي تستحق التوقف عندها وتحليلها، لا بد من تسليط الضوء في هذه المقاربة السريعة لموضوع المقارنة التي قدمها بين قتال داعش وقتال “إسرائيل”.
عندما يقول سماحته إن قتال داعش أصعب من قتال العدو الاسرائيلي، للوهلة الأولى ربما يستوقف الكثير هذا الموضوع، أولاً لناحية أن “اسرائيل” العدو، هي كيان قوي بقدراته المادية والعسكرية والتقنية والادارية والتنظيمية، على الاقل، بمعزل عن الاعلام والسياسة والدعم الخارجي الدولي والاقليمي وما شابه، وهي لا تترك فرصة الا وتستغلها للحصول على احدث الاسلحة والقدرات والتجهيزات العسكرية تطورا وفتكا، وقد نجد ان دولا كبرى تصنّع قدرات وأسلحة متطورة خصيصا فقط لصالح جيشها ووحداتها الأمنية.
بالمقابل، فإن داعش هو تنظيم ارهابي، استوعب جحافل بمئات الالاف من اغلب الدول، على خلفيات متشددة، اصولية وتكفيرية، ولا يجمع عناصره اي تاريخ مشترك ولا جغرافية مشتركة ولا حتى لغة مشتركة، وصحيح انه قد استفاد من دعم لامحدود من دول عدة، رأت بعضُها فيه جيشاً لتحقيق اهدافها، ورأت فيه الاخرى فرصةً لإرهاب أو لمهاجمة محاور ودول اخرى، وحيث اجتمعت بأغلبها (تلك التي رعته) على تمويله وتسهيل عبور مقاتليه وتدريبهم وتزويدهم بالأسلحة وبالقدرات، يبقى تنظيما غير منظم الا بتنظيم بدائي اساسه ديوان وناحية وامارة، ويبقى جيشا غير منظم إلا بكوادر الخليفة والامير وما شابه.
فأين اذن تكمن تلك المعطيات الدقيقة التي تجعل من قتال داعش اصعب من قتال اسرائيل، والتي جعلت من امين عام حزب الله، والذي قاتل الاثنين وخَبِر المواجهة مع الاثنين، ان يحدد هذه المعادلة وبثقة لا تقبل الشك او المراجعة؟
لقد اعترف السيد في معادلته لجيش العدو الاسرائيلي بتفوقه بالطيران فقط، وبالمقابل نزع عنه قوته في اغلب النواحي العسكرية الاخرى، مستندا في ذلك طبعا على وقائع من المواجهات المباشرة بين المقاومين وبين جنود العدو قبل التحرير عام 2000، ولاحقا في حرب تموز عام 2006، من سلاح المدرعات الذي اصيب بصفعة تاريخية في تلك الحرب، (مجزرة الميركافا) في سهل الخيام وفي وادي الحجير وعلى محور الطيبة بينهما، الى الوحدات الخاصة او لواء غولاني والذي سقط له العشرات من مقاتليه على مداخل مارون الراس وبنت جبيل وغيرها، الى مظلييه الذين تشتتوا يلمّون قتلاهم وجرحاهم ما بين الغندورية وفرون على مشارف الليطاني.
ايضاً لم ينس سماحة الامين العام ان يصوب في مقارنته، بان مشكلة اسرائيل هي في الانسان الضعيف، في الجندي الذي لا يتقدم الا بمساندة وبمؤازرة من الطوافة والقاذفة وبدعم من آلية الدعم اللوجستي والصحي، والذي لا يقاتل الا في ظل التغطية المدفعية والصاروخية الواسعة.
ربما يحمل سماحته الكثير من التجارب الميدانية (تجارب المقاومين طبعا)، عن قتال العدو الاسرائيلي ومواجهته، ولكنه بالتأكيد يحمل مع المقاومين كمّاً هائلا من تجارب حيّة وحديثة في معركة الدفاع المقدس ضد العدو التكفيري بشكل عام، وضد تنظيم داعش الارهابي بشكل خاص، في سوريا ولبنان والعراق، وربما في امكنة اخرى، وحيث تطرّق في البعض منها الى طريقة القتال ضد المجموعات الانتحارية وضد الانغماسيين، ألمح او أوحى بان هذا النوع من القتال، والذي يحمل غرابة في طريقة تنفيذه، يستدعي نمطا او نموذجا جديدا من التقنية العسكرية لمواجهته، ويستدعي نظاما تدريبيا مختلفا ومبتكرا للوقوف بوجهه، الامر غير المطلوب في القتال بمواجهة العدو الاسرائيلي.
واخيرا… يبقى اللافت في هذه المقابلة مع امين عام حزب الله، ان الاعلامي في قناة الميادين الاستاذ سامي كليب، وبعد ان استنتج ان نقطة القوة الوحيدة لدى العدو الاسرائيلي بنظر سماحته هي القوة الجوية، حاول غير مرة الاستعلام بطريقة حساسة، مباشرة او غير مباشرة، اذا كان حزب الله يمتلك منظومة متطورة مضادة للطائرات، وحيث انه فهم ان هذا من اهداف المقاومة الاساسية، ولم يستطع التأكد اذا كان هذا الهدف قد تحقق ام هو على الطريق، فانه فهم بالتأكيد ان ما يربك اسرائيل اكثر وما يجعلها دائما في حيرة من امرها، في مواجهتها المفتوحة ضد حزب الله، هو هذا الغموض القاتل فيما يملكه الحزب من اسلحة ومن قدرات ومن خطط.

قد يعجبك ايضا