اذا انت مؤمن بالقران فلا يوجد ما يدعوك للقلق والخشية والارتباك.

موقع أنصار الله || من هدي القرآن ||

 

{إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} ضعيف الإيمان كما أسلفنا هو من يرتبك.. عندما ترتبك وأنت مؤمن، وأنت مصدق بالقرآن، ما الذي يدعوك إلى أن ترتبك؟! أو أن تقلق, أو أن تخشى؟! هل أنك لم تجد في كتاب الله ما يشد من عزيمتك؟ ما يرفع معنوياتك؟ هل القرآن أهمل هذا الجانب؟ لم يهمله, وما أكثر ما تحدث عنه داخل الآيات التي تحث الناس على الجهاد، على المواجهة، على البذل، على الاستبسال، يؤكد أنه مع الناس، مع أوليائه.

 

هو من بلغ الأمر فيه إلى درجة أن يفضح أمامك واقع أعدائك أكثر مما يمكن أن تصل إليه بجهازك الأمني, بمخابراتك. ما هي مهمة المخابرات؟ ما هي مهمتها؟ أليس من مهامها أن تتعرف على العدو؟ وتتعرف نقاط الضعف فيه؟ وتتعرف على الفرص المواتية لضربه؟ لتعرف أنه بإمكان هذه الجهة أن تضرب تلك الجهة؟.

 

الله قد كشف لك الموضوع كاملاً بطريقة مؤكدة، قد تكون تقارير المخابرات غير حقيقية، قد يكون فيها نوع من المبالغة، قد يكون فيها أخطاء، وهي تعمل على أن تكشف لك ضعف جانب عدوك لتضربه، أما الله فإنه هو الذي أكد بالشكل الذي يجعل عدوك مفضوحاً أمامك في واقعه، مهما كان لديه من قوة, مهما كان لديه من إمكانيات، مهما كان لديه من وسائل يُرهب بها.

 

إذا ما كنت أنت من أعد نفسه الإعداد الجيد في إيمانك، في ثقتك بالله، وفي إعداد ما يمكنك أن تعده أيضاً حينها الله قال لك عن عدوك من الكافرين، عن عدونا من اليهود والنصارى: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ}(آل عمران:111).

 

أي جهاز مخابرات يستطيع أن يؤكد لك بأنك إذا دخلت في معركة مع هذا العدو فإنه سيوليك دبره، أنه سيفر من أمامك؟ هل هناك أحد في الدنيا يمتلك مخابرات تؤكد له هذا؟ لا أمريكا نفسها ولا روسيا ولا غيرها، كلها تقارير احتمالات, كلها احتمالات، يحتمل أننا إذا ما اتخذنا ضدهم كذا ربما تكون النتيجة كذا، وهكذا احتمالات، أما الله فهو من أكد بعبارة (لن) {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ} (آل عمران:111) ويقول كذلك عن الكافرين: {وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ}(الفتح: من الآية22).

 

إن الله يقول للناس: اهتموا جداً بإصلاح أنفسكم، بإعداد أنفسكم، وبتهيئة ما يمكنكم إعداده، ولتكن ثقتكم بالله كبيرة، وهو من سيكون معكم، وهو من سيتولى أيضاً أن يزرع الرعب في قلوب أعدائكم، وهو من يعمل الكثير إلى درجة أن يكشف لكم واقع عدوكم، ألم يوفر الله على أوليائه الكثير, الكثير من العناء؟ ألم يصنع الكثير الكثير مما يطمئنهم؟ ألم يعمل الكثير, الكثير مما يؤيدهم, ويشد من أزرهم؟.

 

بلى, لكننا نحن متى ما انفردنا بأنفسنا وابتعدنا عن الله ستجد كل شيء مخيفاً، وتجد كل شيء مقلقاً، وتجد الآفاق مظلمة، والأجواء قاتمة، وتجد قلبك يمتلئ رعباً متى ما انفردت بنفسك.. لكن عد إلى الله، وعد إلى كتابه ستجد ما يجعل كل هذه الأشياء لا وجود لها في نفسك.

 

فالإنسان الذي يقلق, أو يرتبك, أو يضعف, ليعرف أنه في تلك الحالة وهو يرتبك أنه يجلس مع نفسه، وهو كإنسان ضعيف، لكن اجلس مع الله ستجد نفسك قوياً. فعندما ترى نفسك ضعيفاً لا تعتقد أن تلك هي الحقيقة، وأن ذلك الحدث هو فعلاً إلى الدرجة التي تجعلني ضعيفاً في واقعي, لا, ليست تلك حقيقة، ذلك هو فقط نتيجة جلوسك مع نفسك, وابتعادك عن الله.. فرأيت كل شيء مرعباً، وكل شيء مخيفاً، وكل شيء ترى نفسك أمامه ضعيفاً، وقدراتك كلها تراها لا تجدي شيئاً، وكلامك تراه كله لا ينفع بشيء! فتصبح أنت من ترى عدوك ذلك العدو الذي قال عنه: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ} (آل عمران:111) أنت من ستجده كتلاً من الصلب والحديد, وحينها ستجد قلبك, وعلائق قلبك أوْهى من بيت العنكبوت، ويصبح صدرك خواء.

 

الله قال عن نوعية من هذه في غزوة [الأحزاب], ذكر عن صدورهم {وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} تكاد قلوبهم أن تخرج: {وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا}(الأحزاب: من الآية10).لماذا زاغت الأبصار؟ ولماذا كادت القلوب أن تخرج لو أن الحناجر تتسع لخروج القلب لخرج من الرعب والخوف؟ لماذا؟ هناك ظنون… أولئك أناس جلسوا مع أنفسهم، لم يكونوا من تلك النوعية التي قال عنهم: {فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}.

 

ظنوا بالله الظنون السيئة! يوم ابتعدوا عنه فامتلأت صدورهم رعباً, وزاغت أبصارهم، ثم أيضاً ظنوا بالله ظناً سيئاً. هكذا يجني الإنسان على نفسه إذا ابتعد عن الله، لكن عد إلى الله، عد إلى كتابه، تجد أولئك الذين قال الله عنهم: {وَلَمَّا رَأى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً}(الأحزاب:22) يزداد المؤمنون إيماناً أمام أي موقف، سواء موقف تشاهده، تحرك لعدوك, أو تسمع عنه، أو يقوله المرجفون لك.

 

إن الله أراد لأوليائه أن يكونوا بالشكل الذي يُعْيي الآخرين تماماً، لا مرجفون يؤثرون، ولا منافقون يؤثرون، ولا عدوًا يستطيع أن يرهبني, ولا شيء في هذه الدنيا يمكن أن يخيفني، هكذا يريد الله لأولياؤه، وهكذا قامت تربية القرآن الكريم أن تصنع المؤمنين على هذا النحو، تربية عظيمة جداً، وهي تربطك بمن يستطيع أن يجعل نفسك على هذا النحو، وأن يجعل الواقع أيضاً أمامك على هذا النحو، يبدو ضعيفاً أمامك, وفعلاً يكون ضعيفاً {فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً}(النساء: من الآية76).

 

ألم يقل كل شيء عن أعدائنا؟ أعداؤنا هم أولياء الشيطان على اختلاف أنواعهم وأصنافهم، أليسوا أولياء الشيطان؟ بصورة عامة {فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً}(النساء: من الآية76).

 

ويأتي إلى تصنيفهم: يهود, ونصارى, وكافرين.. فيقول عنهم ما أسلفنا من قوله تعالى: {وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ} {وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ} هكذا يقول عن اليهود والنصارى، هل هناك عدوا آخر غير هؤلاء؟ هل هناك عدو للحق، هل هناك عدو للإسلام إلا وهو داخل ضمن أولياء الشيطان.

 

إذاً فهم أولياء الشيطان، وكيد الشيطان كان ضعيفاً؛ لأنهم يستمدون قوتهم من الشيطان، وأنت إذا استمديت قوتك من الله فلا يمكن إطلاقاً أن يساوي مكر الشيطان, وكيده ذرة واحدة من قوة الله وتأييده لك، هكذا يريد الله لأوليائه أن يكونوا.

 

ونحن إذا لم نصل إلى هذه الحالة من التربية فنحن من سنخاف أمام كل شيء نسمعه، ونحن من سيزعجنا كلمة ينقلها أحد من الناس سواء كانت صحيحة أو غير صحيحة. ونحن حينئذٍ من سيُنسَف كل وعي لدينا ولو على مدى عام بأكمله أو سنين بأكملها.

 

الإنسان إذا لم يربِ نفسه على ضوء ما يسمع مما هو من هدي الله سبحانه وتعالى، وإذا لم يستفد أيضاً من المواقف ما يعزز رسوخ تلك التربية في نفسه فهو من سيأتي الحدث الواحد فيَنسِف كل ما قد جمعه في داخله، بل هو من سينقلب على كل ما كان قد تجمع في نفسه، أولئك الذين ارتعدت فرائصهم في يوم الأحزاب ألم يقل الله عنهم: {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا}؟ ماذا يعني؟ أليس هذا انقلاباً على كل ما سمعوه من وعود من جانب الله؟ أليس هذا انقلاباً على كل ما سمعوه من كتاب الله, ومن فَمِ رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله) من توعية وبصيرة, وشد عزيمة وتربية إيمانية قوية، ألم ينقلبوا عليها في لحظة؟ وماذا يحل محلها؟ الظنون السيئة بالله.

 

هكذا تأتي الآثار السيئة لضعف الإنسان في مواقفه، هو من ينقلب على كل معان عظيمة قد ترسخت في نفسه، وهو من سينقلب على كل وعيٍ إيماني أيضاً ترسخ في نفسه فيحل محلها الوهن والشك والارتياب والظن السيئ بالله وبرسوله وبكتابه.

 

وهو من سيرى في الأخير الشيطان أكبر في عينه من الله، وهو من سيرى في الأخير أولياء الشيطان بالشكل الذي يرعبه حتى أشكالهم، حتى حركاتهم، حتى صوت آلياتهم ترعبه.

 

بعض الناس قد يكفيه أن يسمع صوت طائرة، صوت مزعج فتنسف كل ما لديه من قيم إيمانية، هكذا يصبح كل شيء حتى الشكليات، حتى نبرات أصواتهم تصبح ترعبك، حتى شكلهم، حتى حركاتهم، حتى حركات آلياتهم، وهو الأمر الذي كان الله سبحانه وتعالى – وهو من قال في كتابه الكريم – هو يريده منك أنت أن تصبح أنت بالشكل الذي يرعب أعداءك كل شيء من جانبك.

 

برنامج رجال الله اليومي.

 

السيد حسين بدر الدين الحوثي.

 

خطر دخول أمريكا اليمن صـ9 ــ 10.

قد يعجبك ايضا