حادثة “البغدادي” الشعرة التي قصمت ظهر البعير.. والعراقيون ضاقوا ذرعاً بالوجود الأمريكي
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي
على الرغم من انتهاء أغلب العمليات العسكرية ضد تنظيم “داعش” الإرهابي، حيث انتهت بتلك العمليات حجة الوجود الأمريكي في العراق خاصةً والمنطقة عموماً، غير الانتهاكات الأمريكية بحق الشعب العراقي لم تنتهي بانتهاء تلك العمليات، بل على العكس زادت بعد القضاء على تنظيم داعش.
فالدور الأمريكي في العراق لا يعدُ عن كونه دوراً تخريبياً، مع محاولات عدّة للإيقاع بين العراقيين، أو حتى قتل الجنود المنتسبين للجيش العراقي أو الحشد الشعب أو العشائري، وآخر العمليات الأمريكية ضدّ الشعب العراقي خلّفت ما يُقارب من ثماني وعشرين بين قتيل وجريح، وذلك إثر قصف الطيران الأمريكي قافلة تتبع للحشد العشائري كانت متواجدة في ناحية البغدادي التابعة لقضاء هيت ليلة السبت الماضي.
تنديد رسمي
القصف الأمريكي الذي استهدف عدّة سيّارات تابعة للحشد العشائري كانت تضم مدير ناحية منطقة البغدادي “شرحبيل العبيدي ومدير شرطة الناحية العقيد “سلام العبيدي”، خلّف غير القتلى والجرحى؛ عشرات الإدانات العراقية التي أتت من مستويات مختلفة، ومن مختلف الأحزاب والطوائف الدينية.
إدانات ذلك العدوان أتت بدايةً على لسان الأمين العام لحركة “عصائب أهل الحق” قيس الخزعلي، الذي أكد أن حادثة البغدادية تطرح تساؤلات مهمة وخطيرة حول التواجد العسكري الأمريكي في العراق، متسائلاً عن مبرر وجود تلك القوات بعد هزيمة داعش.
بدوره زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أكد في عدّة تغريدات له على ضرورة محاسبة المتسببين بقصف القوات العراقية في ناحية البغدادي، وقال الصدر: “مرة أخرى يُثبت الاحتلال الأمريكي طغيانه وعنجهيته، بل وتعديه السافر على حكومة العراق واستقلاليتها وسيادتها، وذلك بقصفه العشوائي والظالم لناحية البغدادي الذي راح ضحيته الأبرياء بغير وجه حق”، وأضاف: “نطالب بمحاسبتهم والقصاص من المعتدين فوراً”.
المتحدث باسم العشائر العراقية “سفيان العيثاوي” أكد في تصريحات له أنّ المجزرة التي ارتكبتها الطائرات الأمريكية؛ تؤكد وجود تدخل من قبل القوات الاميركية على الأرض، مضيفاً: “السيارات التي استهدفها الطيران الأميركي تابعة للحكومة العراقية وفي مناطق مسيطر عليها أمنيا”.
النائب عن تيار الحكمة الذي يتزعمه الحكيم حسن خلاطي أشار لوجود لجنة للتحقيق بالخرق الأمني في ناحية البغدادي، يقول خلاطي: “الأمريكان لا يخطئون بإصابة الهدف، وتكرار تلك الاستهدافات ضد القوات الأمنية والمدنيين يضعنا في شك” وتابع خلاطي: “مجلس النواب دعا إلى فتح تحقيق لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء قصف ناحية البغدادي من قبل طيران القوات الأمريكية”.
مطالبات بالرحيل
الخروقات الأمريكية المتكررة وقصفها لمواقع اجيش العراقي تارةً، ومواقع الحشد الشعبي والحشد العشائري تارةً أخرى، دفع بالساسة العراقيين للمطالبة بخروج القوات الأمريكية من العراق، مشيرين إلى أنّ بقاء تلك القوات وتحت أيّ مسمى هي بالنهاية قوات احتلال ويجب أن ترحل عن العراق.
أولى تلك المطالبات صدرت عن الأمين العام لحركة النجباء أكرم الكعبي الذي أكد على أنّ وجود القوات الأمريكية في العراق بات يُشكل مصدراً للدمار والتخريب، بالإضافة لدعم الإرهاب وأعداء العراق، وأشار الكعبي إلى أنّ هذه القوات ومشاريعها الاستعمارية لن تتوقف إلا بطردها نهائياً من العراق وإيقاف استنزافها وسرقتها لمقدرات البلاد على كل المستويات الاقتصادية والعسكرية والامنية وحتى السياسية، مشيراً إلى أنّ بقاء القوات الأمريكية في العراق بعد تحريره من الإرهاب غير مبرر لا قانونياً ولا شرعياً ولا وطنياً “سنعتبرهم قوات محتلة إن لم يرحلوا”.
بدوره قطري السمرمد أحد شيوخ ووجهاء محافظة الرمادي أكد في تصريحات صحفية بعد اجتماع لوجهاء وشيوخ المحافظة على أنّ المجتمعين طالبوا برحيل القوات الأمريكية وتسليم الملف الأمني في المناطق الغربية إلى القوات الأمنية، مشدداً على ضرورة عدم الاستعانة بأي قوة أجنبية في عمليات المداهمة والاعتقال، كون القوات الأمنية العراقية أصبحت مصدر قوة كبيرة قادرة على القيام في كافة المهام الأمنية.
المرجع الديني قاسم الطائي طالب الحكومة العراقية بضرورة إنهاء عمل قوات التحالف في العراق، مؤكداً على ضرورة رفع دعوى قضائية ضد تلك القوات في المحاكم الدولية، على خلفية قصفها المستمر للقطعات العراقية، مشيراً إلى أنّه ينبغي على الحكومة حماية مواطنيها وقواتها العسكرية من الاستهتار الأمريكي، وقال الطائي في تصريح له: “قوات التحالف الشيطاني الداعشي تقتل أبنائنا الذين أنهوا مهمتهم في محاربة الإرهاب، وأظهرت تلك القوات زيف ما يسمى بقوات التحالف – الأمريكية بالخصوص – في دعم الإرهاب ودعمه وجعله البعبع الذي تبتز به العراق وترهن قراره السياسي بيدها”.
عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية نايف الشمري، أشار في حديث صحفي إلى إنّ عملية البغدادي شكلت سابقة خطيرة وانتهاكاً واضحاً للسيادة العراقية، يقول الشمري: “في أشد الظروف الأمنية صعوبة لم تسجل الحاجة الى أية قوات قتالية أجنبية فكيف وقد وصلت قدرات وخبرات قواتنا المسلحة الى أعلى المستويات وأكفأ الخبرات”، وأكد الشمري على موقف اللجنة الرافض لوجود أي قوات أجنبية على أرض العراق.
تجدر الإشارة إلى أنّ القوات الأمريكية في العراق ومنذ احتلاله ربيع العام 2003 ارتكبت عشرات المجازر، وراح ضحيتها آلاف العراقيين، وكان يُسمع بين الحين والآخر مُطالبات برحيل تلك القوات عن العراق، غير أنّ المُطالبات هذه المرّة أتت من مختلف الأصعدة ومختلف الطبقات السياسية والدينية في العراق.