لبنان يتأهب وإسرائيل تهدد.. الصراع على منابع الماء والطاقة يشتد في شرق المتوسط
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||الوقت التحليلي- المزايا الاقتصادية والتنمية الإقليمية التي كانت إسرائيل تنادي بها، مع محاولة الحديث دائماً عن الأولوية لعلاقاتها الخارجية مع جيرانها، ذهب جميعها أدراج الرياح، واليوم يمكن رؤية الجزع الإسرائيلي من خلال تهديد الكيان الإسرائيلي للبنان وهو الناتج عن تطوير حزب الله لقوة ردع قادرة على الوقوف بوجه الكيان الإسرائيلي، ويمكن مشاهدة التطور الكبير الذي شهده حزب الله منذ حرب تموز 2006 والتي دامت 33 يوماً.
نزاع على الحدود.. الطاقة والماء
النزاع على الحدود بين لبنان ودولة الاحتلال الإسرائيلي كان من نتائجها أن تزيد تل أبيب وبشكل كبير من تهديداتها ضد لبنان خلال الأشهر الأخيرة، حيث ظهر أول استفزاز عدواني تجاه لبنان عندما ادعى وزير الحرب الإسرائيلي “افيغدور ليبرمان” في شباط/ فبراير الماضي أنّ حقل الغاز اللبناني رقم 9 يقع في المياه الإسرائيلية، محذراً الشركات الفرنسية الايطالية والروسية من مواصلة العمل في هذا الحقل مطالباً إيّاها بإنهاء نشاطاتها، وتتألف الشركات العاملة في الأراضي اللبنانية من شركة “توتال” الفرنسية، “إيني” الإيطالية وشركة “نوفا تك” الروسية، وجميعها أبرمت عقود استكشاف وإنتاج مع الحكومة اللبنانية.
وتقدر شركات الاستكشاف الإسرائيلية وشركة “هيوستن تكساس – نوبل” كمية الغاز الموجودة في حقول الغاز على شواطئ البحر الأبيض المتوسط بنحو 16 تريليون قدم مكعب، وهو أكبر حقل للغاز تم اكتشافه في العقد الماضي، ويكفي دولة الاحتلال الإسرائيلي لمدة مائة سنة.
ورداً على هذا تهديدات إسرائيل، صادق مجلس النواب اللبناني في أغسطس/ آب 2011 على قانوناً اعتبر فيه أن الحدود البحرية للبلاد منطقة اقتصادية حرة، وفي السياق ذاته سلّم لبنان خريطة بحرية إلى الأمم المتحدة، غير أنّ هذه الخريطة تتناقض وبشكلٍ كبير مع تلك التى قدمتها دولة الاحتلال، كما حذرت الحكومة اللبنانية من أنها لن تتخلى عن حقوقها البحرية على الإطلاق؛ متهمةً إسرائيل بانتهاك مياهها الإقليمية.
النزاعات الحدودية بين إسرائيل ولبنان على هذه المسألة؛ حيث تنوي إسرائيل بناء جدار على طول حدودها مع لبنان “داخل الأراضي اللبنانية” وذلك بحجة منع المهاجرين غير الشرعيين والتهديدات الإرهابية، وبهذه العملية تكون إسرائيل قد اقتطعت عشرات الكيلومترات من الأراضي اللبنانية والتي ستُضاف إلى إسرائيل، وهذه الأراضي تابعة لمنطقة مزارع شبعا المحتلة، حيث أن المنطقة من أهم المناطق في مجال الموارد المائية والمطر والثلوج.
ورداً على الخطوة الإسرائيلية عقد مجلس الدفاع الأعلى في لبنان الذي يرأسه الرئيس ميشال عون وبحضور رئيس الوزراء وقائد الجيش وكبار الضباط اجتماعا في القصر الرئاسي في بعبدا ليُصدروا بعد هذه الاجتماع بياناً أكدوا خلاله عزمهم على منع إسرائيل من بناء الجدار في الأراضي اللبنانية، مؤكدين أنّه عمل عدواني وانتهاكٌ لسيادة لبنان، مشيرين إلى أنّ الاعتداء على الحدود البحرية للبنان هو إهانة متعمدة للبنان وحكومته وبمثابة إعلان للحرب، مُطالبين القادة السياسيين والعسكريين في لبنان بأن يعلنوا أنهم سيقاومون هذه الأعمال مشيرين إلى أنّهم سيكونون قادرين مقاومة الممارسات الإسرائيلية.
وكان مسؤولون إسرائيليون هددوا مرارا بأن أي حرب قادمة ستؤدي إلى تدمير لبنان بشكلٍ كامل، حيث يقول وزير النقل الإسرائيلي ستؤدي الحرب إلى عودة لبنان إلى العصر الحجري.
الخوف من تعزيز الردع
بالإضافة إلى ما سبق؛ يؤكد مراقبون أنّ الخوف الأساسي لتل أبيب ناتج تطوير حزب الله قوة الرد مقابل قوة الجيش الإسرائيلي التي طوّرها منذ حرب تموز 2006، حيث ترى تل أبيب أن قوّة الردع هذه تُشكل تقييداً لمصالحها الاستراتيجية في المنطقة، فبالتوازي مع الوجود العسكري في سوريا؛ تمكن حزب الله من الدفاع عن الحدود الشرقية للبنان، وهي التي كانت مقصد للجماعات الإرهابية، وخاصة جبهة النصرة في عرسال ومنطقة القلمون، وهذا ما يُعتبر تهديداً لدولة الاحتلال.
وكان السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله حذّر ومنذ فترة طويلة من خطط إسرائيلة عدوانية تهدف إلى السيطرة على منابع الغاز في المتوسط، وفي كلمته نصر الله حذّر في العام 2011، من أن أي شخص يُحاول المساس بمنابع النفط والغاز في لبنان سيعرض منشآته البحرية للخطر، ومنذ ذلك الحين؛ وكما يؤكد خبراء طوّر حزب الله نفسه من خلال التجربة العسكرية في سوريا، بالإضافة إلى تطوير قدراته الصاروخية.
إسرائيل وقوّة الردع اللبنانيةّ
ويؤكد مراقبون أنّ إسرائيل تستخدم مصطلح عودة لبنان إلى العصر الحجري كتهديد، ولكن الواقع يمكن أن يكون الوضع مختلفاً تماماً، حيث أنّ غزو لبنان من شأنه أن يُشكّل ردّة فعل تجلب الدمار إلى إسرائيل، حيث أنّ عشرات الآلاف من الصواريخ سُتمطر إسرائيل، وفي هذا السياق حذّر خبراء غربيون وجنرالات عسكريون سابقون من القدرة الصاروخية لحزب الله التي من الممكن يصل عدد صواريخه إلى 150،000 صاروخ جميعها مُخزّنة تحت التلال في جنوب لبنان.
وفي الوقت نفسه يمكن رؤية فشل نظام الدفاع الإسرئيلي والمعروف باسم “القبة الحديدية” في الحفاظ على أمن المستوطنات الإسرائيلية من الصواريخ المصنوعة في قطاع غزة، فأسلحة مماثلة وربما أكثر تعقيداً لدى المقاومة في سوريا والتي أسقطت طائرة الـ F-16 الإسرائيلية خلال الأيام الماضية، وهو الأمر الذي أثار دهشة واستغراب قادة دولة الاحتلال الإسرائيلية.
إسقاط الطائرة الإسرائيلية ولّد لدى القادة العسكريين في إسرائيل شعوراً أن تهديدات السيد حسن نصر الله يجب أن تُأخذ على محمل الجد حال وقوع هجوم إسرائيلي على لبنان، وهذا الأمر علامة واضحة على قوة الردع ضد إسرائيل.
الوحدة اللبنانية والألعاب الإقليمية
يذكر الجميع عندما أرسلت إسرائيل قواتها إلى الحدود مع لبنان؛ قام حزب الله أيضاً بتحريك قواته إلى الحدود، كما قام الجيش اللبناني أيضاً بنشر قواته على الحدود فلسطين المحتلة، الأمر الذي اُعتبر رد وتحذير لأي مغامرة قد تقوم بها إسرائيل، وفي هذا السياق أكد الجنرال “جوزيف عون” قائد الجيش اللبناني في 17 يناير/ كانون الثاني الماضي أنّ جيشه مستعد لمواجهة أي اعتداء من قبل إسرائيل، وفي الوقت نفسه؛ وخلا حرب تموز 2006، فقد اشترك حزب الله فقط في الحرب مع إسرائيل، ومع ذلك تجرع الهزيمة، فكيف لو اشترك الجيش اللبناني.
بالإضافة إلى ما سبق؛ فإن عاملاً آخر في عملية الردع يمكن للبنان أن يستفيد منه؛ ألا وهو التنافس القائم بين القوى الدولية والإقليمية في المنطقة كفرصة، حيث من الممكن أن يعمل لبنان على تحسين عوامل أمنه ضد التهديدات الإسرائيلية.
ويبدو أن لبنان تمكن من الاستفادة من التغيرات الإقليمية حيث وقّع خلال الأيام الماضية اتفاقاً عسكريا مع روسياً يسمح بفتح الموانئ والمطارات اللبنانية للسفن العسكرية والطائرات العسكرية الروسية، كما تمّ نشر خبراء عسكريين روس لتدريب وتعزيز قدرات الجيش اللبناني، ويعود هذا الأمر إلى سعي موسكو إلى إيجاد موطئ قدم ونفوذ لها في الشرق الأوسط.