’الحرب المقبلة’ بين الوقائع الحقيقية وتهويل الإعلام الغربي المصطنع
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || العهد الاخباري
يكتب الإعلام الغربي كثيراً هذه الأيام عن الحرب التي لا يمكن تفاديها بين حزب الله والكيان الصهيوني، وتتكئ وسائل الإعلام المتنوعة على تصريحات مسؤولين غربيين وأمميين، كما على تصريحات المسؤولين الصهاينة الذين باتوا متخصصين في إطلاق التهديدات وفي الترويج لمسبّبات هذه الحرب “التي لا بدّ أن تقع”.
واللافت أن الإعلاميين الغربيين ينقلون عن محللين مختصين في شؤون المنطقة، وعن باحثين في مراكز دراسات ـ مسخّرة لتمرير وجهات النظر الصهيونية ـ سيناريوهات متعددة للحرب المقبلة، فيتحدثون عن النقاط التي ستكون في مرمى استهداف قوات العدو، وعن المناطق التي ستضربها، وعن نوعية الضربات التي ستشنّها، بحيث يصبح القارئ الغربي متحفّزاً ليوم بدء المعركة، ليرى كيف سيبيد الصهاينة الطرف المقابل.
أما إذا ذكرت وسيلة إعلامية ما سبل الرد من قبل حزب الله والمقاومة، فإنها تقف عند حدود “الاستهداف البشع” لـ “مفاعل ديمونا المزعوم ولمرافق تخزين الأمونيا في حيفا”، كما ورد في التحليل الذي نشرته “مارا كارلين” في العدد الأخير من مجلة “فورين آفيرز”، تحت عنوان “حرب إسرائيل القادمة مع حزب الله؛ قد لا يكون من الممكن تفادي صراع جديد”.
ما يقوم به الإعلام الغربي هو محاولة تعظيم لإمكانيات العدو، وتحضير الرأي العام الغربي لـ “نصر إسرائيلي نظيف” لا تعترضه إلا مسألة التهديد بضرب مفاعل ديمونا أو منشآت الأمونيا، بعيداً عن وقائع الخسارة الإسرائيلية الكبرى التي ستتحقق في حال شن الصهاينة عدوانهم على لبنان.
وفي هذا الإطار يبدو الإعلام الصهيوني أكثر إدراكاً للواقع ـ أو أكثر اعترافاً به على الأقل ـ من الإعلام الغربي، حيث لا تخلو وسيلة إعلامية صهيونية من الحديث عن حجم الأضرار التي ستقع في كيان العدو نتيجة حرب محتملة في المستقبل، معدّدة المخاطر التي تهدد هذا الكيان، سواء في البر أو في البحر، أو حتى في الجو، وعن ما تقول إنه استعدادات لدى المقاومة للدخول إلى الجليل، وعن الصواريخ التي ستضرب أهدافاً نقطوية دقيقة سيشكل استهدافها كارثة كبرى على كيان الاحتلال.
وفي مقارنة بين الإعلام الغربي والإعلام الصهيوني يقف المراقب بين احتمالين اثنين:
ـ إما أن الإعلام الغربي لا يعرف حقيقة الواقع على الأرض، وبالتالي فإن كثرة الألقاب التي تسبق أسماء المحللين والباحثين والمتخصصين لا تعبّر عن حقيقة ما يعرفه هؤلاء وعن قدرتهم على ربط الأمور بعضها ببعض واستخلاص نتائج تتفق مع حقيقة الأمور.
ـ وإما أن هؤلاء الباحثين والمحللين والمتخصصين يعملون على استغباء الرأي العام الغربي ودفعه إلى تصديق قدرة العدو الصهيوني على توجيه ضربات غير مسبوقة، انطلاقاً من “عقيدة الضاحية” التي يتغنى بها قادة العدو، وبالتالي فإنهم يوجهون الأمور باتجاه حثّ قادة العدو على القيام بمغامرة غير محسوبة النتائج بشكل دقيق.
إن ما ينشره الإعلام الغربي عن “الحرب التي لا يمكن تفاديها” هو نوع من البروباغندا التي تعتمد على التهويل، والتي تستهدف الرأي العام الغربي بشكل أساس، وبعض الرأي العام العربي الذي يتأثر بما يقدّمه الإعلام الغربي، والذي تم التلاعب به بحيث أصبح يرى ـ للأسف الشديد ـ في انتصار العدو فائدة له.
أما الرأي العام المقاوم، وذلك الذي يؤمن بقدرة المقاومة على رد الصاع صاعين للعدو الصهيوني، فإنه موقن بأن أي مغامرة صهيونية ستكون وخيمة العواقب على العدو، وستجعل منه عبرة تاريخية سيبقى ذكرها على مدى عقود، فيما سيتحوّل المحللون الذي نظّروا لقوة العدو ولقدراته إلى سخرية الرأي العام العالمي، الذي لن يثق بعد ذلك بكل الألقاب التي يضيفها البعض إلى أسمائهم بشكل وهمي بعيد عن القراءة الحقيقية للأحداث، وعن التعرف إلى الوقائع كما هي، لا كما يتوهمها هؤلاء ومن يسرّب لهم المعلومات ومن يغريهم للخوض بتحليلات لا تحمل إلا الخذلان والخسران.