إصلاحات بن سلمان فُصِّلت على المقاس الغربي.. فهل ينتظر مصير شاه إيران؟
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي
“الإصلاحات التي أقرّها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في السعودية تشبه تلك التي أعلنها الشاه الإيراني المخلوع “محمد رضا بهلوي” في الستينات والسبعينات قُبيل الثورة الإسلامية التي أطاحت به، أما المصير الذي ينتظر بن سلمان وحكم آل سعود هو شبيه بالمصير الذي لاقاه الشاه الإيراني”… بهذه الكلمات وصف المُحلل السياسي البريطاني “الكسندر ميركوريس” الحال الذي وصلت إليه السعودية بعد إصلاحات بن سلمان الأخيرة.
مصير مشترك…
تصرفات وسلوك محمد رضا بهلوي تتطابق وحسب ميركوريس مع أفعال وسلوك محمد بن سلمان، وفي الوقت ذاته وبموازاة تلك الإصلاحات كانت المُعارضة الداخلية والخارجية تنمو وبشكل متزايد ضد نظام الشاه، وهو الموقف ذاته الذي يواجهه بن سلمان الآن.
يرى ميركوريس أن برنامج التصنيع الذي اعتمده نظام الشاه خلال الستينات والسبعينات أدى في نهاية المطاف إلى زعزعة الاقتصاد الإيراني، بالإضافة لإضعاف النظام البهلوي، يقول ميركوريس: “أتوقع مصيراً مشابهاً للسعودية”.
ويشير ميركوريس إلى أنّ الحدَّ من القيود الاجتماعية هو تحرك متعمد من قبل محمد بن سلمان لإرضاء أصدقائه الغربيين وخاصة الولايات المتحدة، يقول ميركوريس: “طريق بن سلمان الآن يشابه وإلى حدٍ كبير طريق محمد رضا بهلوي الذي ادّعى أمام أصدقائه الغربيين أنه يقود البلاد نحو النموذج الغربي، ومما لا شك فيه أنّ محمد سلمان يعتزم أن يظهر نفسه كإصلاحي كبير ومؤيد لتحديث و”تغريب” البلاد من أجل جذب دعم أصدقائه الغربيين وخاصة الأميركيين، وهدفه الأساسي من هذا التحرك هو مواجهة الأمراء السعوديين والتعامل معهم بحزم.
إصلاحات دعائية…
وحول تقييمه لإعلان محمد بن سلمان مؤخراً عن اصلاحات اجتماعية في السعودية على أشد القيود التي فرضت على المرأة حيث تمنع النساء من دخول الصالة الرياضية، وتقييمه للتغيرات الدراماتيكية في السياسة الداخلية في المملكة قال ميركوريس: “أولاً وقبل كل شيء، أُشكك في الإجراءات المتخذة في المملكة العربية السعودية وبأنها إصلاحات اجتماعية ملحوظة” مضيفاً: “برأيي فإن الإجراءات التي اتخذها بن سلمان هي تحسينات ظاهريّة وإعلامية، أما الهياكل السياسية والاجتماعية في المملكة فقد بقيت على حالها” مضيفاً: “تم تقليص بعض القيود الاجتماعية، ولكنه لم يغير أبداً في الهيكلية الأساسية للمملكة”.
إصلاحات بن سلمان الأخيرة وحسب ما أكد ميركوريس تهدف إلى إسكات الأصوات المعارضة له أو المدافعين عن حقوق الإنسان، ويؤكد ميركوريس أن النظام السعودي وتحت حكم بن سلمان يتخذ في سبيل معالجة المعارضة الداخلية نهجاً قمعياً للغاية، مضيفاً: “من المهم أن نتذكر أن إصلاحات محمد بن سلمان كان استجابة لأزمة النظام السعودي، وقد رأينا بالفعل أن حملة مكافحة الفساد استخدمت لإسكات منتقدي محمد بن سلمان.
أهداف بن سلمان…
الأهداف الرئيسية لسياسات محمد بن سلمان وكما يؤكد ميركوريس هي الزيادة في قوة النظام السعودي الراديكالي من خلال رفع مستوى الجيش السعودي وتطويره على أساس استيراد الأسلحة المتقدمة والمعقدة المستوردة بشكل رئيسي من الولايات المتحدة، بالإضافة لزيادة القوة الشخصية والنفوذ لابن سلمان داخل النظام السعودي، وتحويل النظام السعودي من نظام ديكتاتورية القلة إلى نظام ديكتاتورية الفرد الواحد.
وأكد ميركوريس على أن تخفيض القيود الاجتماعية التي انتهجها بن سلمان تهدف إلى زيادة شعبية بن سلمان بين الشباب السعودي الذين واجهوا قيوداً واسعة منذ تشكيل الدولة السعودية وحتى اليوم.
وهابي بعباءة أمريكية…
في حين يعتقد البعض أن إصلاحات بن سلمان تبدو متناقضة مع القتل المنهجي للشيعة السعوديين وسط انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان في مدينة العوامية شرق المملكة؛ وإنّ الفكر الوهابي هو السبب الرئيسي في هذه المذبحة، يرى ميركوريس أنّه من الضروري إدراك أن السلوك الوحشي ضد الشيعة السعوديين هو جزء من إصلاحات بن سلمان الاجتماعية، من الخطأ أن يتصور البعض أنّ محمد بن سلمان لديه آراء معتدلة أو أكثر اتزاناً مقارنةً بغيره من أفراد العائلة المالكة.
ويختم ميركوريس بأنّه من الخطأ أن يؤمن أحد أن بن سلمان يعمل على إصلاح المجتمع السعودي، بل على العكس تماماً، إذ تهدف إصلاحاته إلى تعزيز النظام الوهابي في المملكة، وليس تغييره أو إصلاحه، وهذا النهج يؤدي وبشكلٍ حتمي إلى قمع أكثر وحشية للشيعة في السعودية، كما أنّه من الواضح أنّ القمع الوحشي للشيعة السعوديين ازداد عندما خطّطَ بن سلمان لإحداث الإصلاح الاجتماعي للشعب السعودي بأسره، وبرأيي فإن هاتين السياستين لا تتعارضان مع بعضهما البعض بل يكمّل كل منهما الآخر، حيث تسعى السياسة الثانية في الواقع للحصول على الدعم اللازم لاتخاذ تدابير أكثر فعالية لمتابعة السياسة الأولى.