قيمة ترسيخ معنى لا إله إلا الله
موقع أنصار الله || من هدي القرآن ||
إن معنى لا إله إلا هو يرتبط بها كلما تقدم، وكلما يمكن أن تستعرضه في القرآن الكريم: هو الخالق، هو الرازق، هو الذي سيجمع الناس ليوم القيامة، هو الذي بيده النار، بيده الجنة، هو الذي وعد أولياءه بوعود كثيرة، هو صادق الوعد والوعيد، هو الرحمن الرحيم، هو عالم الغيب والشهادة، هو الذي يعلم السر في السموات والأرض، هو، هو، إلى آخره. فعندما تخاف من غير الله فعلًا يدل على ضعف، ضعف علمك بأنه لا إله إلا هو.
فنحن لو سردنا أيامًا جلسات طويلة نرسخ في أنفسنا لا إله إلا هو، ولو سنة كاملة يترسخ في نفوسنا بشكل واع لا إله إلا هو، وكلمة: لا إله إلا الله لكانت السنة هذه قليل في مقابل ما نحصل عليه من ترسيخ معنى: لا إله إلا هو.
عندما يأتي شخص يعطيك مبلغ من المال، ويجندك ضد أولياء الله، أو يصرفك عن نهج الحق، أو تدخل معه في باطل، أليس هذا يدل على أنك لا تعلم أنه لا إله إلا هو؟ أنه لا إله إلا الله؟ فانصرفت عن نهج الله الذي وصف نفسه بهذه الأوصاف العظيمة، من له ملك السماوات والأرض، ورغبت في مبلغ زهيد من المال قدم لك من هنا أو من هنا مقابل ولاء معين، أو موقف باطل تدخل فيه، أو عمل باطل تقوم به، أليس هذا يدل على أنك لا تعلم بالله، ولا تؤمن بالله؟
فاعلم، هكذا يقول الله لرسوله (صلوات الله عليه وعلى آله): {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} وهو من يعلم، لكنها لها عمقها، لها عمقها البعيد، البعيد، البعيد.
ما الذي يجعلنا ضعفاء، خائفين، متوجسين، غير صادقين مع بعضنا بعض، غير متعاونين على البر والتقوى، لا ننفق في سبيل الله، نفوس ضعيفة، نفوس مهزومة، ما هو؟ أننا لا نعلم بما يريد الله منا أن نعلم أنه لا إله إلا هو، فهو من نرغب فيه، هو من نخافه، هو من نتوجه بتوجيهاته، هو من نقبل إرشاداته، لأنه لا إله إلا هو.
ولأن كل واحدة، كل واحدة مما أرشدك إليها يمكن أن تقول ورائها: لأنه لا إله إلا هو، أنا لن أخاف إلا هو لماذا؟ لأنه لا إله إلا هو، أنا لن أرغب إلا فيه، لماذا سترفض كل شيء وترغب في الله وحده؟ لأنه لا إله إلا هو، أي ليس هناك من هو جدير بأن أأله إليه فأرجوه، أو أخافه، إلا من؟ إلا الله. عندما أثق به أعظم من ثقتي بغيره؛ لأنه لا إله إلا هو.
ولهذا كانت هي قاعدة عامة انطلق منها الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله)، وَوُجِّه إليها {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ}.
هل جاء بعدها بشيء؟ {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} متى ما علمت أنه لا إله إلا هو فستجدها أمامك في كل موقف من مواقف الحياة، ستجدها هي من توجهك إلى الله، هي من تجعلك تعتصم بالله {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (آل عمران: من الآية101).
فلنعمل دائمًا على أن نرسخ في أنفسنا: لا إله إلا هو، كم كنا نقرأ آيات، نحن نقرأها جميعًا ونمر عليها مرور الكرام، نأخذ عبرة من هذه إذا كنا في هذه الجلسة يبدو وكأننا نريد أن ننطلق في حديث آخر [هذا شيء معروف لا إله إلا الله، ولا إله إلا هو]! فخذ عبرة من أن يخاطب الله نبيه محمدًا (صلوات الله عليه وعلى آله) وهو من هو في معرفته بالله فيقول له: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}، لو علمنا ولو علم المسلمون معشار ما علمه رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) من أنه لا إله إلا هو لحلت المشكلة بكلها التي سببها أزمة الثقة بالله؛ لأن الله بدا لنا وكأنه ليس إلهًا، بل بدت آلهة أخرى نحن نأله إليها ونرفضه.
أصبحنا أسوأ من المشركين، أصبحنا في واقعنا في تعاملنا مع الله سبحانه وتعالى أسوأ من المشركين! كان المشركون يعبدون آلهة متعددة ويعدون الله واحدًا منها، فيرجوه ويرجوا هذا، ويرجوا هذا، وقد يكونون يرجون الله أكثر أما نحن أصبحنا في واقعنا – وهو الذي يدل على عدم ثقتنا بالله – أصبح عندما يقول الله: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} (سـبأ: من الآية39) لا نثق به كما نثق بواحد منا عندما يقول: يا خبير اعطني ألف ريال وانا بَرده لك غد، أليس كذلك؟ أليس هذا يدل على أننا لم نعد نتعامل مع الله – تقريبًا – كإله إلا فقط نذكر مجرد اسمه شهادة على أنفسنا يعتبر حجة علينا يوم القيامة.
يعدنا الوعود الصادقة فلا نثق! لو يأتي علي عبد الله فيعدك يقول: تحرك وأنا وراءك ألست ستتحرك؟ لو يأتي فيقول لك: انطلق أنت وأنا وراءك ضد أمريكا وإسرائ يل ألستم ستنطلقون بسرعة لتصرخوا؟ وتأخذوا بنادقكم وتتحركوا؟ لكن يقول الله، والله خائفين من علي عبد الله، خائفين من فلان، خائفين من فلان إذا ما تحركنا ضد اليهود والنصارى، يعني هذا ماذا؟ أن ثقتنا بالله ضعيفة أي أننا لم نعد نتعامل مع الله كما نتعامل مع علي عبد الله! أصبح علي عبد الله في الواقع هو إله بالنسبة لنا نخافه ونرجوه أكثر مما نخاف ونرجو الله! أليس هذا هو الواقع؟ حتى في مقام الرغبة وما أكثر، وما أكثر ما ينحرف الناس بالترغيب والترهيب وسببه هو أنهم لم يترسخ في أنفسهم أنه لا إله إلا هو.
إذا كان الله قد قال لك أنه يمكن أن يكون هواك إله، ما الذي سيعمل هواك أليس رغبات يشدك إلى رغبات معينة، هو نفسه ما يعمل الآخرون من خارج نفسك أنت تجعلهم آلهة عندما تخاف وترغب في مقابل ما خوفك الله منه ورغبك به، أليس الله هو الذي يملك الجنة، ونحن نؤمن بهذا؟ أليس هذا صحيحا؟ هو من يملك الجنة ونحن نؤمن بها، لكن متى ما أتت رغبات من آخرين من تجار، أو مسئولين، أو من أشخاص آخرين ننطلق وراءها ونترك الجنة ماذا يدل هذا عليه؟ يدل على أن إيماننا كله إيمان أجوف وسطحيات كلها هكذا، إيمان لا يتجاوز تراقينا لم ينزل إلى أعماق نفوسنا.
النار ألسنا نؤمن بها؟ والقرآن يعرضها دائمًا يصورها لنا في تلك الصورة البشعة، يتحدث عن طعام أهلها: شجرة الزقوم، يتحدث عن ثمر هذه الشجرة: {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ} (الصافات:65-67).
بعض الناس وجبة واحدة دسمة على أيدي أحد الناس الذي هو في طريق باطل تصده عن الحق وجبة واحدة دسمة يؤثرها ولا يخاف تلك الوجبات المرة الشديدة التي تغلي في البطون كغلي الحميم، يؤثر تلك الوجبة الدسمة على تلك الوجبات العظيمة في الجنة. على ماذا يدل هذا؟ أليس هذا يدل على ضعف إيمان، ضعف إيمان فيمن؟ في الله الذي يملك الجنة والنار، أي: أننا ننطلق مع الآخرين فنتعامل معهم كآلهة، بل وأصبحنا لا نعد الله في تعاملنا معهم كإله. أليس الناس يخافون عندما يقول أحد: يجب أن يكون لنا موقف من إسرائيل من أمريكا، يجب أن نصرخ، يجب أن نحذر من أن يترسخ الرعب منهم في أوساط الناس، يجب أن نخاف من أن تسود كلمة: [إرهاب] فتصبح هي الكلمة التي تسيطر على أذهان الناس، فتصبح مبررًا سيئًا جدًا أمام كل ولي من أولياء الله أن يضرب. يقول الناس: إرهابي ما على أبوه.
عندما نقول: يجب أن نتحرك ونصرخ في وجه أمريكا وإسرائيل ونلعن اليهود، ونرفع ذلك الشعار في كل مكان. يقولون: [نحن نخاف من الدولة، الدولة ستقوم ضدنا، نحن سنكلف على الناس، الدولة ستضرب الناس] إذًا أنت لم تعلم أنه لا إله إلا هو، خذ هذه قاعدة وهي القاعدة التي أعطاها محمدًا (صلوات الله عليه وعلى آله) كصمام أمان في كل موقف، متى ما برز الخوف أمامك فإنما يبرز كإله آخر، متى ما برزت المرغبات الأخرى لك لتتخلى فإنما تبرز كآلهة أخرى فاعلم أنه لا إله إلا هو، وتحرك هنا، اعلم أنه لا إله إلا هو واترك هذا، اعلم أنه لا إله إلا هو وانطلق منها ، هذه قاعدة مهمة.
ولنعمل جميعًا على ترسيخ هذه في نفوسنا بشكل كبير من خلال تأملنا لكتاب الله سبحانه وتعالى، ومن خلال دروس متتابعة لا قيمة لأي حديث إذا لم نحاول بكل جهد أن نتولى الله؛ لأنها هي أول خطوة {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} (المائدة:56) لا يمكن أن نتقافز على هذه وحدة، وحدة حتى نصل إلى عند {فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} نتصور هذه، لا، وحدة، وحدة. نتولى الله، كيف نتولى الله؟ حتى نرى أنفسنا عظيمي الثقة بالله، ثم انطلق إلى رسوله، ثم انطلق إلى الذين آمنوا، ثم ستصبح فعلًا أنت وإخوانك حزب الله، وستكونون أنتم غالبون.
بعض الناس، بعض الشباب متى ما تعلم وسمع من يقول: يا جماعة نحن يجب أن نتحرك، يجب أن نعمل، يقول: ماذا نعمل؟ خلونا مدروسين كذا، لكن قل له: تعال اعرض لي وعيك، اعرض لي فهمك الإيماني، اعرض لي نظرتك إلى الدين ونظرتك إلى الحياة حتى أعرف بأنه قد ترسخ في داخل نفسك {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ} فمتى ما تعرضت لمصائب لشدائد ستكون هينة عندك؛ لأنها جاءت من آلهة أخرى لا قيمة لها عندك، ولأنها أشياء بسيطة لا أثر لها عليك في مقابل ما تخافه من الله الذي لا إله إلا هو وهي جهنم، ثم المرغبات الأخرى.
أنت بعد لم تمر بمراحل فتجرب نفسك، مرغبات تعرض عليك، ومرهبات تعرض عليك حتى نعرف مدى تمكن لا إله إلا هو في نفسك وتترسخ معنى: لا إله إلا هو في نفسك.
هكذا القرآن الكريم عندما يحدثنا كيف نكون أنصارًا لدينه هو يؤهلنا في نفس الوقت، بدأ من توليه هو، لأنها ثلاثة أشياء نمشي فيها بشكل واع في تولينا، تولينا لله، تولينا لرسوله (صلوات الله عليه وعلى آله)، تولينا للإمام علي (عليه السلام).
ولا نكن مستعجلين ونحن نحضر دروس ترسخ إيماننا بالله نحن بحاجة إلى إيماننا بالله في كل مجالات حياتنا، نحن بحاجة إلى الإيمان بالله في هذا العصر أعظم من أي عصر مضى حتى لا نكون عرضة للمضلين، وافهم، اجعل هذه عبرة أن يقول الله سبحانه وتعالى لرسوله {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} أصحاب علم الكلام يعتبرونها من الأدلة على وجوب النظر، هو أن يصل إلى اليقين! وهل كان رسول الله لم يصل إلى درجة اليقين بالله؟ رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) هو عظيم الثقة بالله، يقينه بالله عظيم، لكن المسألة مهمة، المسألة واسعة الأعماق، واسعة الأعماق.
حاول أن تشغلها شهرًا واحدًا وانظر كيف ستصبح، حاول أن تأخذ ورقة في جيبك واكتب فيها: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} {لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} وشغِلها شهرًا وانظر كيف ستكون أنت.
أمام كل من يرغبك اعرض عليه واعرض على نفسك: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} وانظر كيف أنه لا أحد يستطيع أن يؤثر فيك أبدًا. من يخوفك، من يرغبك، من ينصحك بأشياء أخرى قد تمسك بها لتعلم أنها بمثابة جيش لتشغل مشاعرك في كل مواقفك، في كل ميادين الحياة كلها: في مجال نصر دين الله، وفي مجال مقارعة أعداء الله، وفي مجال تحصين نفسك من أي ضلال.
افعل ذلك شهرًا حتى تعرف أثرها، أو أسبوعًا واحدًا تذكر نفسك بهذه {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ}، لأنه عادة حتى ربما بعد كل درس نجلس فيه لا يأتي نصف الليل إلا والإنسان قد هبط كثير من روحيته التي كان عليها وهو هنا أو هنا في هذا المكان أو في تلك القاعة، يهبط [الأمبير] أي: أنها تحدث أشياء داخلية، يتوجه ذهنك إلى أشياء خارجية تؤدي إلى تأثير في هبوط معنوياتك وتأثيراتك النفسية من خلال ما سمعت، فلتشغل {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} تتركك على حالة سليمة مستقيمة.
ولهذا قال الله سبحانه وتعالى لرسوله (صلوات الله عليه وعلى آله): {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ} (محمد: من الآية19).
{هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} (الحشر:23). صدق الله العظيم.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن ينور بصائرنا، وأن يرسخ إيماننا حتى نعلم أنه لا إله إلا الله، وأن تكون هي القاعدة التي ننطلق عليها في كل حياتنا، من منطلق الإيمان الصادق الراسخ بأنه لا إله إلا الله حتى نرفض كل آلهة سواه في داخلنا، وفي خارج شخصياتنا، في واقع الحياة كلها من خلق الله أجمعين.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.