«التحالف» لا يَصدُق … «الحُديدة» محاصَر وأكثر
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || رشيد الحداد/ الاخبار اللبنانية
لا يجد حديث السلطات السعودية ووسائل الإعلام الموالية لها عن تسهيل «التحالف» وصول المساعدات إلى ميناء الحديدة ترجمة له على أرض الواقع. إذ لا يزال المنفذ الواقع غربي اليمن واقعاً تحت وطأة حصار لا يفتأ يشتد منذ شهرين
صنعاء | خلافاً للوعود التي يقطعها «التحالف» للمنظمات الدولية بتسهيل تدفق المساعدات الغذائية إلى ميناء الحديدة، تتعرض العديد من سفن «برنامج الغذاء العالمي»، التابع للأمم المتحدة، لقرصنة بحرية من قبل قوات «التحالف» على الشواطئ اليمنية منذ شهرين، وهو ما ضاعف المعاناة الإنسانية المتفاقمة جراء العدوان والحصار المستمرين للعام الثالث على التوالي.
هذه الممارسات التي لا تتحدث عنها المنظمات الدولية العاملة في الشأن الإنساني، في المحافظات الواقعة تحت سيطرة «أنصار الله» (تضمّ 21 مليون نسمة من إجمالي سكان اليمن البالغ 26 مليوناً)، حذر نائب مدير ميناء الحديدة، يحيى شرف، من تداعياتها الكارثية على الملايين من اليمنيين.
وأكد شرف، في حديث إلى «الأخبار»، أن «كافة الضغوط الدولية التي مورست على السعودية وحلفائها بهدف تسهيل انسياب المساعدات المنفذة للحياة عبر ميناء الحديدة، قابلتها الرياض بتشديد الحصار على الميناء وخنق الحركة الملاحية فيه»، موضحاً أن «بوارج العدوان تتعمد عرقلة دخول سفن الإغاثة من شهر إلى شهرين، حيث تقوم باستدعاء تلك السفن من غاطس الميناء الذي يبعد 15 ميلاً من الميناء إلى جيبوتي بالقوة، وأحياناً تُستدعى سفن الإغاثة التابعة للأمم المتحدة إلى ميناء جدة، من دون مبررات واضحة».
ولفت إلى أن «تلك الممارسات سببت تراجع المساعدات الإنسانية التي تصل ميناء الحديدة إلى 86%، مقارنة بالمساعدات التي استقبلها الميناء العام المنصرم»، مشيراً إلى أن «تحالف العدوان يمنع حتى الآن دخول سفن الحاويات، ويمارس القرصنة البحرية على الشحنات التجارية». ووصف صمت الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها حيال ما يقوم به «التحالف» بأنه «تواطؤ غير مبرر»، مبيّناً أن «الميناء أبلغ عدة مرات المنظمات عن تلك الممارسات، وطالبها بموقف واضح، إلا أنها تلتزم الصمت».
ميناء الحديدة الذي استقبل خلال اليومين الماضيين سفينتي مساعدات لأول مرة منذ كانون الثاني/ يناير الماضي، يعاني من حالة اختناق بالسفن التجارية، وبطء التفريغ، نتيجة إغلاق «التحالف» ميناء رأس عيسى النفطي منذ خمسة أشهر، وهو ما أدى إلى تحويل شحنات النفط إلى ميناء الحديدة، الذي لا يستوعب سفن النفط الكبيرة، نظراً لتقادم إنشائه ومحدودية قدرته الاستيعابية، فضلاً عن الأضرار التي لحقت به نتيجة استهدافه، منتصف آب/ أغسطس 2015، بسلسلة غارات سببت خروج 60% من قدراته عن الخدمة.
«كرينات» من دون حاويات
مطلع العام الجاري، تسلّم ميناء الحديدة، من برنامج الغذاء العالمي، أربعة «كرينات» متحركة من نوع «تدانو»، بقوة 60 طناً لـ«الكرين» الواحد، لتعزيز قدرات الميناء التشغيلية. إلا أن «الكرينات» الأربعة التي احتجزها «التحالف» لأكثر من عام، بعدما سحبتها قوات بحرية تابعة له أواخر كانون الأول/ ديسمبر 2016 من غاطس الميناء (كان يُفترض أن تصل «الكرينات» الميناء مطلع 2017، إلا أن «التحالف» احتجزها وسحبها إلى جيبوتي)، لم تدخل الخدمة حتى الآن.
ووفقاً لمصدر ملاحي في ميناء الحديدة، فإن «كرينات التدانو» المتنقلة مخصصة لمناولة البضائع العامة، ولا تقوم بمهمات الرافعات الجسرية الخاصة بمحطة الحاويات، التي دمّرها «التحالف» منتصف آب/ أغسطس 2015، قبل أن تمنع السعودية دخول سفن الحاويات منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2017.
هذه الحرب غير المعلنة التي يواجهها ميناء الحديدة من قبل «التحالف» اعتبرها رئيس فرع «التحالف الدولي للدفاع عن الحقوق والحريات» (عدل) في فرنسا، محمد إسماعيل الشامي، «جريمة منظمة يعاقب عليها القانون الدولي»، و«مخالفةً للقرار الدولي 2216». وحمّل الشامي، في رسالة إلى الأمم المتحدة، المنظمة الدولية مسؤولية تدهور الأوضاع الإنسانية في اليمن، التي أشار إلى أنها «تفوق قدرات المنظمات الدولية في الوقت الحالي»، محذراً من «انهيار شامل» في البلاد. وشدد على ضرورة رفع الحصار كلياً عن ميناء الحديدة، الذي يستقبل 70% من احتياجات اليمن من الغذاء، و80% من احتياجاته من الوقود.
ذرائع «التحالف»
فرض «التحالف» للمزيد من القيود على حركة الملاحة البحرية في ميناء الحديدة، تزامن مع تدشين الرياض خطة إغاثة تبناها «مركز الملك سلمان»، شملت عدداً من المحافظات الخارجة عن سيطرة «أنصار الله». إلا أن «لجنة الإنقاذ الدولية» أكدت، في تقرير صادر عنها أواخر شباط/ فبراير الماضي أن الخطة تعرقل وصول المساعدات إلى ميناء الحديدة، وتعمل على التحكم بمسارها، وتحويله إلى موانئ خاضعة لسيطرة القوات الموالية لحكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي.
واتهمت «اللجنة الدولية»، السعودية، بتسييس العمليات الإنسانية الشاملة، واتخاذها ذريعة لتشديد الحصار على اليمنيين ومنع تدفق المساعدات إلى ميناء الحديدة. وأكدت أن خطة الإغاثة السعودية لا تعكس الأولويات الإنسانية في اليمن، واصفة التوجه الإنساني لدى السعودية بأنه «تكتيك حربي جديد تهدف الرياض من خلاله إلى تعزيز سيطرتها على نقاط دخول المساعدات ومعابره».