اليمن تتصدر البازار الأمريكي.. وتدخل ضمن تجارة الأسلحة
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي
يوماً بعد آخر تثبت الولايات المتحدة الأمريكية ومجلس شيوخها أنّهم رهينة بيد شركات السلاح الأمريكية التي لا تنظر إلّا من منظار مصالحها الضيّقة؛ ضاربةً بعرض الحائط أيّ مواثيق دولية أو حقوق إنسان، وخير مثال على هذا، التصويت الأخير من قبل مجلس الشيوخ ضد مشروع قرار وقف الدعم الأمريكي للتحالف المشؤوم الذي تقوده السعودية في اليمن.
اليمن في البازار السياسي
لا تنتهي محاولات مجلس الشيوخ الأمريكي أو على الأقل أعضاء ذلك المجلس غير المرتبطين بأيِّ من شركات الأسلحة الأمريكية، إيقاف عمليات القتل الممنهج الذي تقوم بها السعودية في اليمن، وذلك عن طريق مشاريع قرارات تهدف إلى وقف الدعم المتدفق من واشنطن إلى الرياض، وآخر تلك الجلسات مشروع القرار الذي صوّت عليه مجلس الشيوخ مساء أمس الثلاثاء 20 آذار/ مارس والذي للأسف لم يستطع وقف الدعم الأمريكي للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن.
وخلال الجلسة أشار السيناتور “بيرني ساندرز” وهو أحد الداعمين الرئيسيين للتشريع الذي يطالب بإيقاف تزويد السعودية بالسلاح، إلى مقتل آلاف المدنيين وتشريد الملايين بالإضافة لتفشي المجاعة والكوليرا، والذي ربما يكون الأكبر في التاريخ بسبب الصراع، يقول ساندرز: “هذا ما يحدث في اليمن اليوم نتيجة للحرب التي تقودها السعودية هناك”.
بدوره السيناتور الجمهوري “مايك لي”، وهو من مؤيدي القرار أشار إلى أنَّ العمل على هذا القرار مستمر منذ بعض الوقت، وحول ما إذا كان مشروع القرار طُرح للتصويت تزامناً مع وصول ابن سلمان لواشنطن، قال لي: “لم يتم ترتيب الأمر ليتزامن في أي حال من الأحوال مع زيارة ولي العهد السعودي”.
محاولات فاشلة
كثيرةٌ هي محاولات أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي التي هدفت إلى إيقاف بيع الأسلحة إلى السعودية خلال العامين الماضيين، لكن أيّاً من تلك المحاولات لم يُكتب لها النجاح، حيث إنّ نفوذ شركات تصنيع الأسلحة داخل ذلك المجلس كان أكبر من أي تحالف يهدف إلى الحد من المجازر الجماعية التي تشهدها اليمن على يد الجيش السعودي.
ويذهب مراقبون إلى أنّ صفقات السلاح الأمريكية التي ألهبت الصراعات في الشرق الأوسط بشكلٍ خاص والعالم بشكلٍ عام تأتي تماشياً مع مبدأين أساسيين في تجارة السلاح، حيث دأبت شركات السلاح في الاعتماد عليهما، إذ تقول القاعدة الأولى إنّ السلاح أُنتج ليُستعمل؛ وعلى هذا الأساس فإنّه وكلما زادت الحروب ازدادت الأرباح كما راجت صناعة الأسلحة، ومن وجهة نظر مُصنعي الأسلحة فإنّه لا بد أن يحتوي العالم على عدّة بؤر مشتعلة باستمرار لضمان تزايد الأرباح المليارية من جهة، ومن جهةٍ أخرى إيجاد آلاف فرص العمل في السوق الأمريكي الذي يُعدّ العامل الأبرز في انتخاب الرؤساء وحتى نواب الكونغرس وأعضاء مجلس الشيوخ.
أما المبدأ الثاني فهو الأكثر خُطورة، إذ لا بدَّ من تجربة أنواع جديدة من السلاح، وهنا تأتي ضرورة وجود ساحات متجددة للحروب، وذلك لاستخدام السلاح فيها وتجربته ومعرفة خصائصه وسبل تطويره، وتطبيقاً للمبدأ الثاني وجدت واشنطن ضالتها في منطقة الشرق الأوسط وذلك لتجربة بيع الأسلحة التي ستعود بأرباح طائلة على الداخل الأمريكي.
السعوديّة الثرية ولوبي شركات الأسلحة
“السعودية دولة غنية جداً وستعطي واشنطن جزءاً من ثروتها على شكل صفقات”، بهذه الكلمات وصّف الرئيس الأمريكي خلال لقائه أمس ولي العهد السعودي محمد بن سلمان العلاقة التي تجمع كلّاً من واشنطن والرياض، معتبراً أن العلاقات التي تجمع البلدين أصبحت الآن أقوى من أي وقت مضى، حسب قوله.
على هذا الأساس؛ فشل مجلس الشيوخ الأمريكي والكونغرس أكثر من مرّة في إصدار قوانين أو تشريعات من شأنها إيقاف أو إدانة العدوان السعودي على الشعب اليمني، حيث أرجع خبراء ذلك الفشل إلى اللوبي الكبير لشركات تصنيع الأسلحة الأمريكية، حيث إنّ إصدار هكذا تشريعات من شأنه أن يضرّ بتجارة السلاح الذي يُعدُّ عماد الاقتصاد الأمريكي، وفي هذا السياق يقول المدير التنفيذي لمركز سياسات العنف “جوش شوغرمان”: “إن قادة لوبي السلاح ينجحون دائماً في تمرير ما يريدونه من قرارات وقوانين، وعندما يريد لوبي السلاح تمرير تشريعات لمصلحته يبدأ بإرسال الرسائل وإجراء المكالمات الهاتفية مع النواب في الكونغرس أو في مجلس الشيوخ، وبما أن النواب ينتابهم الخوف من أن يخسروا مقاعدهم لا يترددون في أن يعملوا على إبداء موافقتهم على التشريعات ويصوتون عليها بنعم أو لا، حسب رغبة قادة اللوبي”.
تجدر الإشارة إلى أنّ منظمة “إيفريتون للسلامة من السلاح الناري” نشرت قائمة طويلة تفضح أعضاء الكونغرس الذين تلقوا مبالغ مالية من “الاتحاد الوطني الأمريكي للأسلحة” (إن آر إيه) المعروف بمناهضته لأي محاولات للسيطرة على شراء الأسلحة، وبحسب المنظمة فإن 276 من أعضاء الكونغرس الأمريكي قبلوا أموالاً خلال مسيرتهم السياسية من هذا اللوبي الأكثر تأثيراً في مجال دعم السلاح لقاء الوقوف بوجه أيّ قوانين لمراقبة بيع السلاح، أو لتشريع قوانين تضمن السلامة من السلاح الناري حتى داخل الولايات المتحدة الأمريكية.