الصين وأمريكا على شفا حرب، فمن الخاسر الأكبر؟!
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي- من الواضح أن واشنطن لن يهنأ لها بال حتى تيقظ التنين الصيني من غفوته التي يتجنبها للابتعاد عن الانجرار إلى المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة الأمريكية لكونه يعلم آثار هذه المواجهة وأضرارها على البلدين، ولكن على ما يبدو ترامب لا يهوى السلام مع الآخر، وما فعله الخميس الرئيس الأمريكي يؤكد النوايا الأمريكية بخصوص العلاقة مع الصين، فقد وقّع ترامب قراراً يسمح لبلاده بفرض رسوم جمركية على واردات صينية بقيمة 60 مليار دولار، وهو ما قد يكون له آثار وخيمة على الاقتصاد العالمي.
الصين لم تكن ترغب بالانجرار إلى هذا المستنقع الذي سيقوّض العلاقة التجارية بين البلدين، ولكنها في الوقت نفسه لا تخاف المواجهة بل على العكس ستذهب بها إلى آخرها، فهي لم تعد كما السابق فقد أصبحت لاعباً رئيسياً ومهماً وصاحب دور وتأثير في العالم أجمع على جميع المستويات السياسية والاقتصادية وحتى الثقافية وهذا بحدّ ذاته يشكّل قلقاً كبيراً لواشنطن المتورطة بحروب كثيرة وقرارات غير مسؤولة ستقودها لا محالة إلى عزلة دولية في حال استمرت في هذا النهج العدواني الذي يقوده ترامب نحو جميع الدول في الشرق والغرب، فهو يريد أن يأخذ من الجميع دون أن يقدم أي شيء على اعتبار أن أمريكا صاحبة قوة وتأثير ونفوذ كبير، ولكنه نسي أو تناسى كيف تتبدل أو بالأحرى تبدلت موازين القوى العالمية منذ دخولنا الألفية الثالثة، وقد تكون هذا القرارات التي تتخذها واشنطن نوعاً من الهروب للأمام من المشكلات التي تواجهها في عدة ملفات داخلية وخارجية.
وبالعودة للرد الصيني على العقوبات الأمريكية، فقد اقترحت الصين قائمة تضم 128 منتجاً أمريكياً كأهداف انتقامية محتملة، بعد إعلان الولايات المتحدة عن تعريفات جمركية على واردات صينية بقيمة 50 مليار دولار، كما هددت وزارة الخارجية الصينية، بشنّ “حرب تجارية” على أمريكا، مؤكدة أنها لن تقف مكتوفة الأيدي في حال فرضت واشنطن عقوبات تعوق التجارة بين البلدين.
وأبدت الصين استعداداً للثأر من خلال إعلان خطط لفرض رسوم إضافية على واردات من الولايات المتحدة تصل قيمتها إلى 3 مليارات دولار من بينها الفاكهة الطازجة والنبيذ والجوز، رداً على الرسوم الجمركية التي أعلنها ترامب في وقت سابق من هذا الشهر على واردات الصلب والألمنيوم، والتي من المنتظر أن تدخل حيز التنفيذ اليوم الجمعة.
حثّت الصين يوم أمس الجمعة الولايات المتحدة على الابتعاد عن حافة الهاوية واتخاذ قرارات رشيدة وتجنّب جرّ العلاقات التجارية الثنائية إلى مكان خطير، بحسب بيان صدر عن وزارة الخارجية الصينية، وطالبت أيضاً واشنطن بالتراجع عن تهديدها بفرض عقوبات تجارية عليها، لكنها في الوقت ذاته ستتخذ كل التدابير المناسبة للدفاع بقوة عن حقوقها ومصالحها المشروعة، وقال البيان أيضاً: ” الصين لا تأمل أن تكون في حرب تجارية، لكنها ليست خائفة من الدخول في حرب كهذه”.
آثار هذا القرار
هناك حجم تبادل تجاري كبير بين واشنطن وبكين وصل إلى 519,6 مليار دولار أمريكي، ومع ذلك فإن النمو الاقتصادي المتسارع في الصين يشكّل قلقاً كبيراً للولايات المتحدة الأمريكية فضلاً عن كونها بدأت تشكّل منافساً قوياً صاعداً لها على الساحة الدولية من خلال العديد من القضايا الدولية والاقليمية؛ هذا الصعود الصيني أربك أمريكا لكونها لا تريد أي منافس لها في هذا العالم وفي الوقت نفسه لا تريد أن تقبل الحقيقة بأن زمن القطب الواحد ولّا إلى غير رجعة مع صعود الروس والصينيين إلى الواجهة العالمية، وفي حال بقيت واشنطن تعمل بهذه العقلية، فإنها ستقود العالم أجمع إلى كارثة اقتصادية، وربما حرب شاملة لن ترحم أحداً وستكون أمريكا أبرز الخاسرين فيها، نظراً للضغوط الداخلية والخارجية التي تتعرّض لها نتيجة سياسة ترامب الحالية.
بداية النتائج المترتبة على قرار ترامب شهدتها العملة الأمريكية، حيث انخفض الدولار أمام اليورو بنحو 0.4% إلى 1.2348 دولار، كما تراجع أمام الين مُسجلًا 104.85 ين بنسبة 0.4%، فيما هبطت العملة الأمريكية أمام الجنيه الإسترليني مُسجلة 1.4120 دولار بنسبة 0.2%، كما انخفضت أمام الفرنك السويسري عند 0.9448 فرنك بنحو 0.5%.، أما على مستوى مؤشر الدولار الرئيسي الذي يقيس أداء العملة أمام 6 عملات رئيسية فشهد تراجعاً بنحو 0.3% إلى 89.560 دولاراً.
ولن يتوقف الأمر عند هذا الحد، فالصين لديها خيارات كثيرة تمكّنها من الاستدارة نحو الأمريكي في أي لحظة، فهناك السوق الأوروبي والآسيوي، ولعلّ اندماج الدول الأوروبية في مشروع طريق الحرير أو مبادرة الحزام والطريق، سيترك أمريكا وحيدة، خصوصاً أن تلك الدول مؤسسة في بنك الاستثمار الآسيوي في البنية التحتية، ولن تستطيع واشنطن أن تتجاهل تأثير القرار على الشركات الأمريكية، فبحسب “سي إن إن موني” هناك شركات أمريكية كبرى مثل “آبل” و”بوينج” و”إنتل” وغيرها قد تعاني كثيراً إذا قررت الصين توسيع نطاق إجراءاتها العقابية.