إلى باعة الأرض والعرض: لن تمروا..
موقع أنصار الله || مقالات || بقلم / فؤاد الجنيد
حاكت معاطفها خيوط الجلال، وتضرجت من أنفاسها نسمات التأريخ، بخطى قدميها تقبل خد الأرض، وبلمسة كفيها تمسح دموع البؤس من مآقي العابرين. بنت اليمن، تلك العتيقة الشريفة، أرضية العفاف وشرف القبيلة، ونبع الوفاء ومصنع الرجال، تسقط كرامتها اليوم بمخالب الأغراب، ويعبر دوي ارتطامها سراديب الصمت، ويلف ظلامها سكون النفس الثكلى، وينام الضمير مخنوقا بعبرات المتأوهين.
بنت الخوخة اليمنية، وقبلها بنات وبنات، جعل منها المرتزقة دمى تسلية، ووسادات شهوة، ورفعوا رآيات الدياثة والإنحطاط على ملامح مدن حرروها من أهلها، وأزقتها تكتض بعفن الغزاة من كل عرق ولون.
أختاه:
لا تصرخي؛ سيعود صدى صراخك بحشرجات الخيبة، فحولك شواذ لا رجولة فيهم، ولا يميزك عنهم سوى نعومة صوتك وطول لباسك، باعوا شرفهم بثمن بخس، وكشفوا عورتهم لمرايا العار، واستقدموا لإجل ذلك كل غازٍ ودخيل.
لا تضعي عشمك فيهم، فمن صفق وهلل لاغتصاب أرضه، لن يلتفت لمصابك، ومن تعرى من وطنيته، لن يستر ارتجاف لهفتك، كيف تتحرك مشاعره اليوم، وهو لم يأبه لمحيطات الدم وهي تروي كل شبر يتنفس عبق الحرية وعبير الإنتماء في زوايا الوطن الحبيب.
لملمي وجعك على تابوت الإنتظار، وكوني على ثقة أن من قدم حياته رخيصة في سبيل العزة والكرامة لن ينسى نصيبك منهما، والأرض والعرض في قاموسه كيان واحد لا يعترف بالمثنى.
امسحي برؤوس أصابعك دموع فاجعتك، فأصابعنا لصيقة بزناد البنادق، واحضني قهرك بذراعيك، فسواعدنا ملفوفة حول خصر الوطن، فمن طعنوه في خاصرته كثر، وقد طال الطعن خاصرتك أيضا.
تناولي جرعات إيمان، وكبسولات يقين، وتأكدي أن ندائك بلغ مسامعنا، وأن شرفك الذي دفنوا خيوطه، وطمسوا تعابير وجهه، لن يفارق البابنا ما حيينا، سنأتي إليك قريبا، ولن نفرط في شبر من أرض، أو ندبة في عرض، فما زلتي في أعيننا هطول الغيم وصليل السيف، وكائن مقدس حتى الزفير الأخير.