المساعدات مقابل المزيد من القتلى: هذا ما يريده مؤتمر المانحين لليمن

موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي

في مؤتمر جنيف، وبينما كانت الأمم المتحدة تتحدث عن أكثر من ملياري دولار تعهد بها المانحون لليمن، كانت الطائرات السعودية تمنح عشرات الأطفال والنساء في محافظة الحديدة منحة من نوع آخر، وتبعثر أشلاءهم إفراطاً وتفنناً في أخذ فاتورة حصتها من تلك المنحة المزعومة التي لم ترَ النور بعد.

 

يمنحون المال لإغاثة اليمنيين ليتسنى لهم قتلهم أكثر، وليظهروا أنفسهم أمام العالم أغنياء بالإنسانية والأخلاق، وهم في الحقيقة ليسوا إلا معطفاً يخفي وراءه جسداً وروحاً معجونان بالحقد والغل والنفاق، وممزوجان بهوس القتل والدمار والجرم والتنكيل.

 

جرائم تتوالى…

بعد اغتصاب فتاة يمنية في مدينة الخوخة الساحلية، كشف العدوان عن الوجه الحقيقي -الذي حاول إخفاءه- لحلفائه ومرتزقته منذ بداية العدوان، فعمد إلى ترقيع ذلك بجريمة جديدة تضاف إلى رصيده الأسود، حيث قامت طائراته بقصف مخيم للنازحين في مدينة الحديدة، خلّف عشرات الشهداء والجرحى من الأطفال والنساء. هذه الجريمة التي أصبحت نهجاً يومياً لقوى الشر، علقت عليها الأمم المتحدة المنحازة دوماً للعدوان، ووصفتها بالجريمة الأكثر دموية منذ انطلاق العمليات العسكرية في مارس 2015م. غير أنها عادت لتوضح استراتيجية العدوان الحقيقية مقابل دعم اليمنيين وتقديم المنح لهم، عندما وصفت التضارب في الموقف السعودي تجاه اليمن بين قصف المدنيين وتقديم مساعدات بـ “المنطقي”، معللة بالقول: إن الالتزامات الإنسانية لدولة ما وعملياتها العسكرية يجب أن تبقى منفصلة عن الأخرى، وأضافت على لسان أمينها العام قوله: “جميعنا ندرك أن هناك حرباً، جميعنا نعرف أطراف الحرب، لكن يجب النظر إلى المسألتين بشكل منفصل”.

رد مشروع…

اشتكى تحالف العدوان على لسان “ناطقه” من هجوم استهدف ناقلة نفط سعودية وهي في المياه الدولية، لكنه لم يتحدث مطلقاً عن مجازره في اليمن والتي كان آخرها المجزرة الدموية بحق مخيم النازحين في الحديدة. وحاولت وسائل إعلام العدوان تضخيم الحدث والتحذير من تبعاته لتغطي على جرائمها وتتستر على دمويتها، متناسية بذلك حق الرد المشروع لليمنيين، وحقهم في الدفاع عن النفس أمام عدوان تعرّى من كل القيم والأخلاق، واستمر في استهداف المدنيين اليمنيين وقصف مصالحهم وبناهم التحتية وتضييق الحصار عليهم.

 

يعتبر استهداف ناقلة النفط السعودية رداً طبيعياً على مجزرة الحديدة بحق المدنيين في إطار رسالة جديدة للسعودية وحلفائها بأن معادلة الردع ستطول قوى تحالف العدوان في كامل البحر الأحمر وأن ثمن الحرب سيتصاعد يوماً بعد آخر.

أقوال وأفعال…

إلى جانب الحديث على أن العملية تأتي في إطار “الانتقام لدماء المدنيين” في مجزرة الحديدة، إلا أنها أيضاً توصل رسالة أخرى، مضمونها التذكير بـ”معادلة الردع” التي أعلنت عنها القوات اليمنية المشتركة قبل أسابيع بشأن الحديدة حيث كان قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي قد هدّد تحالف العدوان من التصعيد في البحر الأحمر والحديدة قائلاً: «يمكن لنا أن نستهدف السفن النفطية السعودية»، مضيفاً: «نحن نمتلك القدرة على أن نضرب ليس في باب المندب… بل في أي منطقة من البحر الأحمر في مستوى ما هو بمحاذاة الساحل اليمني وصولاً إلى الساحل السعودي». إلى جانب تحذيرات أخرى للسعوديين والإماراتيين من الهجوم الذي يجري الإعداد له على الحديدة ومينائها والمناطق المحيطة بها في الساحل، وهي الشريان الحيوي شبه الوحيد للمدنيين، حيث تدخل عبر ميناء الحديدة النسبة الأكبر من المواد الأساسية، وما التصعيد الذي شهدته منطقة الحديدة في الساعات الأخيرة عبر المجزرة التي ارتكبتها طائرات تحالف العدوان بحق مخيم للنازحين في محافظة الحديدة، إلا دليلاً واضحاً على نية العدوان القيام بذلك. وقد حمل تصريح “ناطق العدوان” على عملية استهداف الناقلة السعودية، النية المبيتة لاستهداف ميناء الحديدة. حيث قال: نعتبر العملية تهديداً خطيراً لحرية الملاحة البحرية والتجارة العالمية بمضيق باب المندب والبحر الأحمر، ما قد يتسبب أيضاً بأضرار بيئية واقتصادية. وأضاف “ناطق العدوان”: إن استمرار هذه المحاولات يبرز خطر هذه العمليات ومن يقف خلفها على الأمن الإقليمي والدولي ويؤكد استمرار استخدام ميناء الحديدة كنقطة انطلاق للعمليات الإرهابية وكذلك تهريب الصواريخ والأسلحة». وطالب المالكي بوضع ميناء الحديدة “تحت الرقابة الدولية ومنع استخدامه كقاعدة عسكرية لانطلاق الهجمات ضد خطوط الملاحة”.

مسك الختام…

يحاول العالم اليوم وكذلك دول تحالف العدوان، التظاهر بالاهتمام باليمنيين، والتدخل العاجل لإغاثتهم ومساعدتهم، وتضخيم ذلك إعلامياً، لكنهم في الوقت نفسه يحرصون كثيراً على قتل المزيد من اليمنيين، والتستر على جرائمهم بصرف الأنظار إلى مؤتمر المانحين وما سيقدمونه لليمن تارة، وإلى خطر اليمنيين على دول الجوار وخط الملاحة الإقليمية تارة أخرى. وبين هذا وذاك يبقى اليمنيون جاهزون للدفاع عن أرضهم ببسالة الأبطال، وأمامهم كل الخيارات المشروعة لردع العدو الذي تنتظره مفاجآت لم تكن في حسبانه، وستجعله يعيد النظر في حساباته ألف مرة ومرة.

قد يعجبك ايضا