مع هزيمة ’الداعشية’.. أميركا تلعب كل أوراقها ضد روسيا

موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||صوفيا ـ جورج حداد / العهد الاخباري
بعد رفض المجموعات المسلحة في سوريا جميع عروض “المصالحة” في اطار “مخطط خفض التوتر” في غوطة دمشق، واستمرارها لأسابيع طويلة بقصف دمشق بشكل شبه يومي بالهواوين والصواريخ (بايعاز من اسيادهم الاميركيين والسعوديين)، قررت السلطة الشرعية السورية بالاتفاق مع روسيا والحلفاء حسم الموقف عسكرياً، مع ابقاء منفذ للتكفيريين للانسحاب مع عائلاتهم الى ادلب، التي سيأتي دورها بعد وقت ليس ببعيد. ولهذا تقوم “الهليوكبترات” الأميركية بسحب الأجانب من التكفيريين، من ادلب الى افغانستان او ليبيا او سيناء او السعودية، لاعادة استخدامهم في أماكن ومخططات أخرى.

ومع ذلك يمكن القول انه بهزيمة التكفيريين في غوطة دمشق فإن مشروع “الداعشية” (الذي عملت أميركا على تحضيره طوال ربع قرن) يلفظ الآن أنفاسه الأخيرة، ولم يبق سوى الاعلان عن موعد دفنه في مزبلة التاريخ. وستمر سنوات قبل ان تستطيع الادارة الاميركية ومخابراتها وحلفاؤها التخطيط لمشروع عدواني جديد.

وبعد أن كان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير يستبعد أي اتصال مع النظام السوري، ويؤكد أنه لا حل بوجود الاسد، أطل عبر وسائل الاعلام العالمية ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ربيب دونالد ترامب، للاعتراف بالهزيمة والقول إن الاسد باق. وكان هذا طبعاً صوت سيده الاميركي. وتسعى أميركا الآن الى مد الجسور مع نظام الرئيس بشار الأسد ومحاولة التفريق بينه وبين حلفائه: روسيا وايران وحزب الله، لكن هزيمة المشروع الداعشي الاميركي لا يعني الهزيمة الكاملة للسياسة الدولية لأميركا.

وتحمّل أميركا مسؤولية هذا الفشل، على المستوى الدولي، لروسيا بالدرجة الاولى. ولذلك تركز أميركا كل جهودها الآن لعزل روسيا دولياً ومحاولة خنقها دبلوماسيا وسياسيا واقتصاديا وعسكريا، تمهيدا للتحضير لـ”ثورة ملونة” داخل روسيا ذاتها. وتحاول أميركا بشكل محموم القاء كل أوراقها دفعة واحدة ضد روسيا، ولو اقتضى الأمر وضع العالم كله على شفير حروب اقليمية جديدة وحتى حرب عالمية ثالثة، نووية. ونشير هنا الى الوقائع التالية:

1 ـ الحملة الدبلوماسية المفتعلة التي تشنها بريطانيا ضد روسيا بحجة تسميم العميل البريطاني سيرغيي سكريبال وابنته. وتشير كل الدلائل الى أن هذه الحملة ليست سوى سيناريو أعدته الأجهزة الأميركية ونفذته بريطانيا برئاسة تيريزا ماي. وكانت بريطانيا كما هو معروف قد أجرت استفتاء للخروج من الاتحاد الاوروبي. ولكنها في هذه القضية توجهت نحو الاتحاد الاوروبي للدعوة الى طرد الدبلوماسيين الروس خلافا للشرعية الدولية وضد المصالح القومية لتلك الدول. وقد تم فعلاً طرد أكثر من 100 دبلوماسي من العديد من البلدان تحت ضغط اميركا. وبعض الدول مثل ايطاليا، هولندا والبانيا، اكتفت بطرد دبلوماسيين اثنين، فيما طردت كل من استونيا، فنلندا، رومانيا، السويد وكرواتيا دبلوماسيا واحدا، ارضاء لأميركا. فيما طردت أميركا 60 دبلوماسياً، منهم 12 دبلوماسياً في البعثة الروسية في الأمم المتحدة التي يقع مقرها في نيويورك، وأغلقت القنصلية الروسية في مدينة “سياتل”. ولكن عشرات الدول التابعة أو غير التابعة للاتحاد الاوروبي وحلف “الناتو” امتنعت عن طرد أي دبلوماسي روسي، رغم تأييد بعضها لبريطانيا اعلاميا. وهذا يدل على بداية التمرد على الزعامة الاميركية وبداية تفكك الاتحاد الاوروبي والناتو.

2 ـ استدعى دونالد ترامب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في زيارة طويلة الى أميركا لوضع خطة أميركية ـ اسرائيلية ـ سعودية طويلة الأمد تقوم أسسها على ما يلي:

أ ـ “الاستحلاب” الأميركي التام لأموال السعودية ومنعها من الانفاق على أي طرف وأي مشروع الا بالاتفاق مع أميركا.
ب ـ الاتفاق على تصفية القضية الفلسطينية ولا سيما قضية عودة اللاجئين الفلسطينيين، وتهويد كل فلسطين التاريخية، والقضاء على المقاومة الفلسطينية والعربية لـ”اسرائيل” (ولا سيما حزب الله).
ج ـ تشديد الحرب الظالمة ضد الشعب اليمني المظلوم، ولو أدى ذلك الى ابادة ملايين المدنيين، والسعي لفرض حكم دكتاتوري يمني عميل للسعودية واميركا من أجل السيطرة التامة على ممر باب المندب والوقوف ضد القاعدة العسكرية الصينية في جيبوتي.
د ـ خنق مصر اقتصاديا وتطويعها سياسيا وعسكريا وتوثيق العلاقات بينها وبين العدو الاسرائيلي.
هـ ـ ايجاد شكل جديد لـ”الجيش التكفيري العالمي”، وتوجيهه بالأخص ضد ايران ومحاولة اشعال “حرب شعبية ـ تكفيرية” ضدها، على الخلفية المذهبية السنية ـ الشيعية.

3 ـ عادت أميركا لتحريك المسألة الاوكرانية عبر تسليح الجيش الاوكراني بأسلحة جديدة متطورة، وتكثيف العلاقات مع العصابات الفاشستية القديمة والكشف أن رؤوس مؤسسي هذه العصابات (ستيبان بانديرا وغيره) كانوا على صلة بالمخابرات الاميركية منذ الحرب العالمية الثانية وانهم بعد الحرب استمروا في القتال ضد الجيش السوفياتي حتى سنة 1951 بالتعاون مع المخابرات الأميركية. وتحاول أميركا اليوم اشعال حرب روسية ـ أوكرانية مباشرة.

4 ـ معلوم أن أميركا تنشر في جميع قواعد “الناتو” في أوروبا الطائرة الأميركية المتطورة F-16 القادرة على حمل قنابل نووية تكتيكية. وبعد اسقاط احدى هذه الطائرات التابعة للعدو الاسرائيلي في المعركة السورية، تقوم أميركا الآن بشكل محموم باستبدال هذه الطائرات بطائرات F-35A Lightning II من الجيل الأخير الأكثر تطوراً من F-16.

5 ـ تعمل اميركا على تجديد كل ترسانتها النووية في بلدان “الناتو” الاوروبية، واستبدالها بأنماط من القنبلة النووية التكتيكية الجديدة B61-12 التي جربت مؤخرا في صحراء نيفادا. وذلك خلافا لاتفاقيات خفض السلاح النووي بين اميركا والاتحاد السوفياتي السابق وروسيا.

6 – تقوم أميركا بنشر “أم القنابل” في القواعد الناتوية في أوروبا. وهي القنبلة غير النووية الهائلة التي سبق ان استخدمتها اميركا ضد الكهوف التي كان يستخدمها عناصر “القاعدة” في جبال طورا بورا في افغانستان.

7 ـ تواصل أميركا اجراء المناورات العسكرية واسعة النطاق مع كوريا الجنوبية، بحجة مواجهة كوريا الشمالية، والقصد الاساسي هو التهويل ضد الصين.

8 ـ قامت أميركا بفرض ضرائب جمركية جديدة على السلع الصينية بقيمة 60 مليار دولار. ودعت الصين لاجراء محادثات اقتصادية سرية، بحجة العمل لخفض العجز التجاري بين البلدين بقيمة 100 مليار دولار سنويا لصالح الصين. والهدف الاساسي من هذه المباحثات محاولة اضعاف العلاقات الروسية ـ الصينية والضغط على الصين لشراء الغاز الصخري الاميركي واغرائها بتوظيف الرساميل الصينية في اميركا.

* الرد الروسي

ـ دبلوماسيا: ردت روسيا على الكتلة الغربية بالمثل وأكثر. وأغلقت القنصلية الأميركية في مدينة بتروغراد التي هي أهم مدينة روسية بعد موسكو.

ـ عسكريا: طورت روسيا عدة أنواع من الصواريخ المجنحة فائقة السرعة وعالية الدقة، ومتعددة المهمات، تحمل أنماطا من القنابل النووية التكتيكية لمختلف الاهداف البرية والبحرية والجوية. واوروبا كلها الان هي تحت رحمة لوحة أزرار خاصة بها.

 

قد يعجبك ايضا