النفط العربي.. بين الأطماع الأميركية وسيطرة ’داعش’

موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||علي إبراهيم مطر/ العهد الاخباري

منذ قدوم دونالد ترامب إلى رئاسة البيت الأبيض، تكشف الإدارة الأميركية عن مدى طمعها بثروات الدول العربية، هذا الأمر وإن كان ليس جديداً إلا أنه مع ترامب أصبح أكثر علانيةً، حيث تنظر الولايات المتحدة الأميركية إلى الدول العربية بعين النفط أولاً، وذلك لأهمية هذه السلعة التي لا زالت مدار صراعات الدول في غير منطقة من العالم.

 

يعتبر النفط المصدر الأقوى في النظام العربي بعد الموقع الجغرافي، حيث تملك المنطقة العربية إمكانيات هائلة من هذا المورد، من حيث الإنتاج أو الاحتياط، فهي تنتج 1/3 من نفط العالم، وتضم2/3 الاحتياطي المؤكد، وهذا ما يجعلها عرضة لأطماع واشنطن التي تمارس سلطتها في توجيه العلاقات العربية ـ العربية والتأثير في مساراتها.

 

لقد قدرت الطاقة الإنتاجية للنفط العربي مع بدايات القرن الحالي بما يقارب 26.4 مليون برميل يومياً وقد بلغ معدل استغلال هذه الطاقة ما يقارب 84% خلال العام المذكور.

 

ويمكن أن ترتفع طاقات إنتاج النفط العربية في العام 2020م إلى 30.6 مليون برميل يومياً. ومن المتوقع أن تقوم الدول العربية المنتجة للنفط بتأمين ما يقارب نصف كمية الطلب الإضافي على النفط.

“وتتركز معظم الاحتياطيات المكتشفة من النفط في الوطن العربي في خمسة أقاليم رئيسية منتجة، هي:

1ـ منطقة دول الخليج العربية، حيث تضم 74.5% من إجمالي الاحتياطيات المكتشفة والقابلة للاستخراج.

2ـ سوريا والعراق، حيث يضم ما يقارب 10% من إجمالي الاحتياطيات المكتشفة والقابلة للاستخراج.

3ـ سرت في ليبيا: ويضم ما يقارب 5.4% من تلك الاحتياطيات.

4ـ حوض الصحراء الكبرى: يمتد في الجزائر وجنوب تونس وغرب ليبيا.

5ـ حوض العريش في مصر: ويضم حوالي 1.3% من الاحتياطيات.

وقد ارتفعت احتياطات النفط الخام من 701 مليار برميل عام 2012 إلى 706 عام 2016.

 

نموذج سوريا والعراق

 

ويمكن أخذ العراق كأنموذج يمتلك احتياطاً نفطياً ضخماً، حيث شكل هذا البلد محور أطماع الولايات المتحدة الأميركية، التي قامت بغزوه عام 2003، هذا فضلاً عن دعمها بطرق ملتوية سيطرة داعش على مناطق واسعة منه بما تمتلكه من ثروات، ويتصف الاقتصاد العراقي بالأهمية الجيوبولتكية، بما يمتلكه من احتياط نفطي ضخم، وهذا البلد يمتلك أكثر من 80 حقلاً مكتشفاً تمتد من الشمال إلى الجنوب، ولا ينتج سوى 15 حقلاً منه وقد تصل قدراتها الإنتاجية وعلى مراحل إلى 6 و8 وربما 10مليون برميل يومياً. (انظر ايضاً حسن كريم، (الحرب الأميركية على العراق: الأسباب والأهداف)، مجلة الدفاع الوطني، اللبناني، العدد 43، كانون ثاني 2003).

 

اما إذا تطرقنا إلى ما حصل في سوريا بعد دخول الإرهاب إليها بدعم أميركي مباشر، فإن تنظيم “داعش” سيطر على أهم الأبار النفطية فيها في ريف حمص وديرز الزور والحسكة والرقة، فالثروة النفطية هي أحد الأسباب التي أدت إلى الحرب في سوريا التي تمتلك احتياطا ضخما من الغاز الطبيعي، فاحتياطي البترول فيها يبلغ المركز الـ35 على مستوى العالم، بما يساوي 2,5 مليار برميل. وتحتل المركز رقم 44 عالميًّا لأكبر احتياطي للغاز الطبيعي، بما يساوي 241 مليون متر مكعب. ومنذ الأسابيع الأولى للحرب، فرضت الدول الغربية عقوبات مباشرة على القطاع النفطي، تطورت تدريجياً لتصل إلى درجة الحصار. هذا فضلاً عن قيام المسلحين بمهاجمة المنشآت النفطية وسرقتها وتخريبها.

ووفق ما تؤكد بيانات وزارة النفط السورية، فإن إنتاج البلاد للنفط حالياً خفيف. وكذلك الأمر بالنسبة الى الغاز الطبيعي الذي كانت تنتج سوريا منه نحو 21 مليون متر مكعب يومياً، وأصبحت غير قادرة نتيجة الحرب مع الإرهابيين وخاصة تنظيم “داعش” سوى على إنتاج 8.7 ملايين متر مكعب.

 

وتكفي الإشارة مثلاً إلى أنه من بين سبعة معامل للغاز كانت تعمل قبل الأزمة، كان يعمل خلال الحرب ضد التنظيمات المسلحة معمل واحد فقط، حيث عمل تنظيم داعش على إحراق بعد الحقول والسيطرة على الأخرى، خاصة خلال سيطرته على دير الزور، التي تحتوي على أكبر الحقول النفطية في سوريا، ومنها “حقل العمر” الذي  يقع على بعد 15 كيلومترًا شرقي بلدة البصيرة بريف دير الزور، وهو الحقل الذي أعلنت قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من قبل الولايات المتحدة يوم 22 تشرين الأول/ أكتوبر 2017 سيطرتها عليه، والذي يكشف كيفية الاستغلال الأميركي لما يحصل في الميدان من أجل السيطرة على النفط السوري بطريقة غير مباشرة.

وهناك أيضا “حقل التنك”، وهو من أكبر الحقول في سوريا بعد “حقل العمر”، ويقع في بادية الشعيطات بريف دير الزور الشرقي. وبالإضافة إلى حقلي العمر والتنك، هناك أيضا في ريف دير الزور حقل الورد، والتيم، والجفرة، وكونيكو، ومحطة ال ـ”تي تو” (T2)، وهي محطة تقع على خط النفط العراقي السوري. وكذلك في الرقة التي توجد فيها بعض النقاط النفطية الصغيرة، هذه الحقول يصارع الأميركي للسيطرة عليها عبر وكلائه لوضع موطئ قدم له فيها أو من خلال الحصول على حصص منها في أية تسوية ممكنة.

 

هكذا شكلت الثروة العربية الضخمة أحد أبرز العوامل التي تجعل واشنطن تنظر إلى الدول العربية على أنها براميل نفطية فتعمل على استغلال بعض الدول التي تسير في المحور الأميركي كالسعودية والإمارات والبحرين فيما تسعى إلى كسر الدول التي ترفض هيمنتها ومن ثم تسعى للسيطرة على ثرواتها بشتى السبل.

قد يعجبك ايضا