بن سلمان، بائع الصفقات لشراء المواقف
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || أمين أبوراشد ” موقع المنار”
بعد لندن وواشنطن، حطّ الرحال بمحمد بن سلمان مؤخراً في باريس، ومَن تابع المؤتمر الصحفي المُشترك الذي جمع بن سلمان بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اختلطت عليه الأمور، وبدا ماكرون بمظهر المتعاطف مع المأساة في اليمن، وعقلانياً في موقفه من الإتفاق النووي الإيراني، فيما بدا بن سلمان عربياً فقط في اللغة، مُتجاهلاً الكوارث الإنسانية التي تُسببها مملكته للشعب اليمني، وحالماً ربما أنه بالصفقات التي يُبرمها مع الغرب ستغدو بلاده بالحجم الإقليمي لإيران، وأن السعودية 2030 ستُصبح جنَّة عدن.
ووسط تحرُّك البوارج في مياه المنطقة ضمن فيلمٍ إستعراضيٍّ أميركي استدعى استنفاراً روسياً، قد يبدو مسلسل زيارات بن سلمان الذي انتهى الآن في مدريد غريباً للبعض ومدعاة للتساؤل، أنه بعد جولة على ثلاث دول كبرى بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا يختتمها في اسبانيا التي قد تكون محطة ترفيه، لأن السعوديين المُترفين يعشقون قضاء عطلاتهم على شواطىء “ماربيا” ويمتلكون القصور والمنتجعات هناك، لكن لزيارة بن سلمان اليها الآن رمزية إيحائية، لأنها الملاذ الآمن لكافة العائلات السعودية الميسورة التي سبق لها وهربت اليها خلال الحرب العراقية الإيرانية عام 1980، وأيضاً خلال اجتياح صدام حسين للكويت عام 1990.
وتتساءل بعض مصادر المعارضة السعودية عن جدوى صفقات شراء الأسلحة غير المسبوقة التي يُبرِمها بن سلمان، لدرجة أنه يُبذِّر المليارات بصفقات هامشية لشراء صمت المنظمات الحقوقية وشرائح المجتمع المدني – خاصة في بريطانيا- ، وتساءل مُعارضون سعوديون مُقيمون في بريطانيا، هل أن المجتمع السعودي، الذي لم يحتمل مواجهة تداعيات حروب الجوار بين العراق وإيران أو بين العراق والكويت، ويدفع الأثمان الآن صواريخ باليستية يمنية نتيجة غرق نظامه في حرب الأفق المسدود هناك، هذا المجتمع، هل يحتمل إرهاصات صراعات دولية، نظامه هو أحد أبرز أدواتها في المنطقة؟
وإذا كان بن محمد بن سلمان، قد باع الرئيس الأميركي صفقات ضاهت الموازنة السنوية للمملكة البالغة نصف تريليون دولار، مُقابل إسكات ترامب عن “البقرة الحلوب”، فإن البراغماتية التجارية لدى ترامب لا تشبع، وعاد مؤخراً ولوَّح بالإنسحاب من سوريا وإلّا فإن السعودية مُلزمة بدفع كلفة البقاء لفترة أطول، وإذا كان بن سلمان عقد صفقات مع بريطانيا غالبيتها في مجال التسليح، واستفاد من حاجة الحكومة البريطانية الى أسواق جديدة بعد الإنسحاب من الإتحاد الأوروبي، فإن بن سلمان لم يتمكَّن من شراء الموقف الفرنسي مقابل الصفقات التي أبرمها، أو التي سوف يُبرمها خلال زيارة الرئيس الفرنسي الى السعودية المقررة بنهاية العام الحالي. ومن جهة أخرى أتى موقف ماكرون نِتاج استجابة للداخل الفرنسي بعد أن طالبت عدة منظمات غير حكومية الرئيس الفرنسي بالتوقف عن بيع السعودية أسلحة فرنسية قد تُستخدم في اليمن، وأعلان مديرة “هيومن رايتس ووتش” في فرنسا بينيديكت جانرود أن الرياض على رأس تحالف قتل وجرح آلاف المدنيين في اليمن والعديد من هذه الهجمات يرقى إلى جرائم حرب.
وفي الخلاصة، بإمكان محمد بن سلمان بيع صفقات تهدُر موازنات المملكة من أجل عرشٍ مُهدَّد داخلياً وملعون خارجياً ولكن، أين مملكة ترسانات السلاح من الذي يحصل واستجلب تحريك البوارج واستنفار قواعد الصواريخ، وإذا كانت سوريا تتوقَّع ضربة أميركية محدودة لحفظ ماء وجه ترامب، فلأن ترامب براغماتي حتى في عدوانه ويحسِبها جيداً لعدم استفزاز الروس، ولأن أية حربٍ بين الجبَّارين قد تورِّط كل الدول الإقليمية بما فيها إيران، وإيران القارة في المساحة، والقرار في شعبها، ستكون الغلبة لها لو قرَّر بن سلمان اعتبارها العدو الأول له…