من الجهة التي تتخذ قرار الحرب في واشنطن؟
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||شارل أبي نادر / العهد الاخباري
في الظاهر، تعتبر الولايات المتحدة الأميركية نفسها بأنها الدولة الديمقراطية الأولى في العالم، الدولة الراعية والحاضنة لمبادىء العدالة وحقوق الانسان، الحامية للأمن والسلام العالميين، انما في الحقيقة، وعلى مر التاريخ الى يومنا هذا، كانت وما زالت تمثل الدولة الأولى عالمياً في شن الحروب وخلق الأزمات والتسبب بالمآسي. مئات الحروب والمعارك والحملات العسكرية خير دليل على مساهماتها الفعالة والأساسية بها، وحيث تلعب قدراتها العسكرية والديبلوماسية والاقتصادية والمالية الضخمة الدور الأساس في شن تلك الحروب، من هي الجهة التي تتخذ قرار الحرب في الولايات المتحدة الأميركية؟
1- الرئيس
– إستناداً للدستور الأميركي، الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، يعطيه النظام صلاحية شن الحرب، يأمر بارسال ونقل الوحدات والامكانيات العسكرية خارج الدولة، يأمر بصنع القنابل النووية وبقصفها، له حق الرقابة على بيع وتصدير الاأسلحة، يتقيد الى حد ما بتصويت الكونغرس على قرارته في هذا الشأن، ولكن عملياً واستناداً لأغلب تجارب الحروب التي شنتها الدولة، لا يأبه الرئيس بتصويت الكونغرس، ومستفيداً من ثغرة “ضرورات الأمن القومي”، يتخذ القرارت التي يراها مناسبة لذلك بشكل فوري.
– تلعب شخصية الرئيس وخبراته وقدراته الفكرية دوراً أساسياً في تكوين القرار، بالاضافة طبعاً لحزب الرئيس (ديمقراطي أو جمهوري)، وللتوجهات العامة لهذا الحزب لناحية السياسة الدولية أو الداخلية.
2- فريق “الادارة الذكية”
– يتألف من وزيري الخارجية و”الدفاع”(الحرب)، الأول يحضّر الأرضية الديبلوماسية لقرار الحرب على الصعيد الدولي، ويساهم في التحريض والتصويب على الدولة المستهدفة بالحرب، والثاني بالتنسيق مع قادة الجيوش والقوى الأميركية المنتشرة عبر العالم، ينسق ويدير حركة الوحدات وانتقالاتها وحاجاتها المالية وجهوزيتها.
– مجموعة مستشارين من كافة الاختصاصات، العسكرية والأمنية والديبلوماسية والاقتصادية، يتوزعون بين مكتب الرئيس ومكتب البيت الابيض، يعملون من ضمن مكاتب وحلقات دراسات استراتيجية.
– مستشار الأمن القومي والذي ينقل اقتراحات وتحليلات مجلس الأمن القومي الى الرئيس تحضيراً لقرار الحرب، وهو غالباً ما يمارس دوراً أكبر عبر اقتراحاته الشخصية المنفصلة عن اقتراحات مجلس الأمن القومي، من خلال المشاركة في صياغة السياسة داخل البيت الأبيض بشكل عام، أو في استصدار قرار الحرب بشكل خاص.
– مندوب الادارة الاميركية في منظمة الامم المتحدة وأمام مجلس الأمن، والذي تلعب وظيفته وشخصيته دوراً مهماً في صياغة وتحضير قرار الحرب، وحيث كانت أغلب الحروب التي شنتها الولايات المتحدة الأميركية تأتي بتغطية أممية عبر قرار من مجلس الأمن، طالما شكل هذا المندوب رأس السهم في التصويب على الدولة المستهدفة، في تحضير وتجميع وخلق وفبركة المعطيات التي تؤسس لقرار الحرب، أو في توجيه وتحريض الدول الأخرى وأمين عام المنظمة الأممية على تلك الدولة.
هذا الفريق: “الادارة الذكية” يعتبر فريق الرئيس بامتياز، حيث الأخير يعين من يريد منه ويقيل من يريد وساعة يريد، و يعتبر يده اليمنى في ادارة الحكم وفي تحضير قرارات الحرب والتدخل الخارجي.
3- فريق “الادارة العميقة”
هو الفريق الأكثر تأثيراً في صياغة وتكوين قرار الحرب، لناحية شكل المناورة وميدانها وتوقيتها، لناحية طريقة اخراجها والاعلان عنها، لناحية توسيعها أو التراجع عنها، وطريقة إيجاد المخرج المناسب للانسحاب منها.
يتألف هذا الفريق عادة من عناصر ثابتة وهي: مجلس الامن القومي، هيئة الأركان المشتركة للجيوش الأميركية، وكالة الاستخبارات المركزية، مكتب التحقيق الفدرالي.
يمكن وتبعاً لخطورة أو حساسية قرار الحرب وتداعياتها المحتملة، أن ينضم الى هذا الفريق بشكل استثنائي، وزير العدل، قادة محددين من الوحدات العسكرية، البحرية أو الجوية، قائد القيادة المركزية المسؤولة عن مكان الحرب … الخ
استناداً لما ذكر أعلاه، حيث يخضع قرار الحرب في الولايات المتحدة الأميركية لدراسة واضطلاع ومتابعة أغلب المسؤولين والمتخصصين والمعنيين، وحيث يتبين أهمية دور كل من الجهات المعنية بتحضيره وبصياغته وتكوينه، لا يمكن أن يكون قرار شن الحرب على سوريا بهذه السهولة والبساطة التي يُظهِرُها الاعلام الغربي والأميركي بشكل خاص.
وحيث هناك الكثير من التقييدات والصعوبات والتداعيات لهذا القرار، لناحية الدور الروسي والايراني كمعنيين أساسيين في هذه الحرب، طبعاً بالاضافة للدور السوري كمعني ومستهدف أول، من الطبيعي والمنطقي أن تكون هذه الحرب الأميركية – الغربية المرتقبة الآن على سوريا، موضع دراسة ومتابعة وتمحيص بطريقة عميقة ومركزة، أكثر بكثير مما يبدو في الظاهر وبهذه الطريقة البهلوانية، من خلال تغريدات الرئيس ترامب عبر “تويتر”.