مسيرات العودة المليونية تعم فلسطين تزامناً مع افتتاح السفارة الأمريكية في القدس المحتلة: الغطرسة الأمريكية وحّدت فلسطين: لا خيار سوى المقاومة
موقع أنصار الله || صحافة محلية || المسيرة: إبراهيم السراجي
حاول الكيانُ الصهيونيُّ وحلفاؤه القدامى والجُــدُد التظاهُــرَ بتحقيق انتصار من خلال مراسم افتتاح السفارة الأمريكية في القدس المحتلة التي جرت، أمس الاثنين، ورغم خُطورة تلك الخطوة، إلا أنها أسفرت عن نتائجَ إيجابيةٍ لعلَّ أهمَّها أن الشعبَ الفلسطيني أدرك أن المقاوَمةَ هي طريقه الوحيد لتحرير كُـلّ فلسطين وعرف من هم أعداؤه ومن هم أصدقاؤه وعلى ماذا يجب أن يكونَ الرهان.
قبلَ وبعدَ افتتاح السفارة الأمريكية كانت وما تزالُ القدسُ الشرقية والغربية محتلةً، وكانت تحتضنُ أيضاً قنصلية أمريكية هي التي جرى تحويلها إلى سفارة بالتزامن مع الذكرى السبعين لما يُعرف بـ “النكبة” والتي بالمقابل تحتفل فيها أمريكا والكيان وحلفاؤهم بذكرى تأسيس الكيان بعد تشريد الشعب الفلسطيني وسلب أرضه، لكن المسيرات المليونية التي عمّت مدن فلسطين والقدس المحتلة أيضاً، والشعارات التي رُفعت فيها كانت هي الحدث الأهم والذي نغّص على الكيان الصهيوني وواشنطن وأنظمة التطبيع السعودية والإماراتية، احتفالاتِهم بنقل السفارة الأمريكية.
ما لم يفهمه الأمريكيون والإسرائيليون والنظامُ السعودي، مما جرى بالأمس في فلسطين، هو أن التطبيعَ والتحالُفَ بينهم لن يغيِّـرَ من معادلة الصمود الفلسطيني شيئاً ولن تضيفَ أي شيء للكيان الصهيوني، فأمريكا في عهد ترامب هي ذاتُها في عهد سابقيه الداعم الأكبر للكيان، باستثناء أن ترامب يفضّل إزالة الأقنعة التي كانت تقدم واشنطن بأنها “وسيط بعملية السلام” وكذلك النظام السعودي كان وما يزال أكبر المتآمرين على القدس، فهو لم يقف بجانب الشعب الفلسطيني ووقوفه بجانب الكيان الصهيوني لن يغيرَ شيئاً سوى أنه أيضاً أزال قناعَ النظام السعودي.
بالمقابل ومن خلال اليوم الاستثنائي الذي شهدته مدن فلسطين والأراضي المحتلة من مسيرات مليونية ضمن مسيرات العودة الكبرى، أظهر الفلسطينيون سواء قادة فصائل المقاومة أَوْ العلماء والنخب الثقافية والسياسية والناشطين، وعياً كبيراً بما يحدث، بشكل يؤسّس لمرحلة جديدة من المواجهة مع الكيان الصهيوني وداعميه.
المواقفُ التي أطلقها قادةُ فلسطين وعلماؤها ونخبُها كافة بحد ذاتها يمكن وصفها بأنها صفعة أفسدت احتفال الكيان بنقل السفارة الأمريكية للقدس المحتلة ويمكن تلخيصها في عدة نقاط:
– في مقابل التكتل الأمريكي السعودي وبعض الدول إلى جانب الكيان الصهيوني، كانت هناك حالة غير مسبوقة للوحدة الوطنية في الفلسطينية بين الفصائل والعلماء والسياسيين والشعب الفلسطينية، التي انعكست من خلال الموقف الموحَّـد الرافض لنقل السفارة الأمريكية والتمسك بحق العودة وتحرير كامل فلسطين من الاحتلال الصهيوني، مُنهيةً انقساماً فلسطينياً حاداً غذّته أمريكا والنظام السعودي بشكل رئيسي.
– المتابع لتصريحات القادة الفلسطينيين والشعارات التي رفعتها مسيراتُ العودة الكبرى بالأمس، سيلاحظُ بسهولة أن كُـلَّ الفلسطينيين أجمعوا أن الرهانَ الحقيقيَّ لتحرير فلسطين هو المقاومة والرهان على الشعب الفلسطيني ومساندة الشعوب العربية والإسلامية وكل فصائل المقاومة.
– أظهر كُـلُّ الفلسطينيين وعياً كبيراً بأن المؤسّسات الدولية على رأسها الأُمَـم المتحدة والقوى الدولية على رأسها الولايات المتحدة تمثّل داعماً رئيسياً للكيان الصهيوني وغطاءً لجرائمه، وبالتالي امتنعوا عن مناشدة العالم مؤمنين بقدرتهم على الفعل والانتصار لمظلوميتهم وقضيتهم التي قضية العالم العربي والإسلامي الأولى.
– أحرق الفلسطينيون في مسيرات العودة، أمس، والمسيرات السابقة صورَ رئيس حكومة الكيان الصهيوني ومعه صور الرئيس الأمريكي وملك السعودية وولي عهده، انطلاقاً من وعيهم بأعداء القضية الفلسطينية وانكشاف كُـلّ الأقنعة، فيما تطابقت رؤى القادة الفلسطينيين في مداخلات تلفزيونية أنه كان في الماضي يشكو الشعب الفلسطيني من صمت الأنظمة العربية وتواطؤها، لكنهم اليوم يرون في النظامين السعودي والإماراتي وبعض الأنظمة العربية والخليجية كأعداء حقيقيين وحلفاء للكيان الصهيوني، وبالتالي ولّى زمن المراهَنة على تلك الأنظمة.
– إجمالاً ورغمَ خطورة التواطؤ الدولي والغطرسة الأمريكية بنقل السفارة للقدس المحتلة، إلا أن الفلسطينيين حقّـقوا مكاسبَ كبيرةً، أولها وَحدتهم الوطنية ومعرفتهم الواضحة لهُوية أعدائهم وأصدقائهم، وقناعتهم الكاملة بالمقاومة كخيارٍ وحيدٍ لتحرير كُـلّ فلسطين وعدم الرهان على المفاوضات، فيما أظهرت شجاعةُ الفلسطينيين في مسيرات العودة رغم القُـوّة المفرطة التي وُوجهوا بها، استعدادَهم الكبيرَ للنضال والتضحية حتى النصر. (التغطية الإخبارية لمسيرات العودة ص 10).