الحرب السيبرانية بين دول مجلس التعاون الخليجي
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي
الهجمات الالكترونية أو السيبرانية، هي هجمات يقوم بها فرد أو مجموعة من المتخصصين (هاكرز) ممولين من برنامج معين تابع دولة ما، يطلقون مجموعة من الفيروسات الرقمية أو الالكترونية تعرف أيضاً باسم الديدان الإلكترونية أو أي نوع آخر من الهجمات السيبرانية مثل شيفرة حصان طروادة أو التطبيق السرّي المعروف تحت مسمى الأبواب الخلفية أو برنامج حجب الخدمة وغيرها من البرمجيات الفيروسية، وتهدف الدول من ذلك إلى زعزعة أو شلّ الضحية سواء أكانت فرداً أم مجموعة من الأفراد أم منظمة أم شركة أم وكالة حكومية، وهذا ما يحدث اليوم بين دول مجلس التعاون الخليجي التي وقعت في براثن هذا الشّرك.
الحرب السيبرانية بين دول الخليج
بدأت الأزمة بين قطر ودول الحصار (السعودية، الإمارات، البحرين ومصر) بعد قيام قراصنة باختراق وكالة الأنباء الحكومية القطرية الرسمية “قنا” واختلاق تصريحات لأمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني تتناول السعودية ودول الخليج، ومن بعدها تم التسويق عبر اعتماد تقنيات متطورة غير متوفرة سوى لعدد محدود من الدول، إذ إن شنّ هجوم سيبراني، وتحميل مضمون شريط صوتي مفبرك لخطاب أمير قطر ووضعه مكان الشريط الصوتي الأصلي، هي عملية معقدة لا يمكن تنفيذها إلا على أيدي خبراء متخصصين مدعومين وممولين من قبل دول مجهولة.
قطر لم تقف مكتوفة الأيدي بل سارعت إلى استخدام نفس السلاح ضدّ أعدائها الجدد، فقد أسفر اختراق الموقع الإلكتروني لوكالة الأنباء القطرية عن موجة من الأعمال الانتقامية، التي بدأت بتسريبات استخدمت كسلاح ضدّ محتوى البريد الإلكتروني للسفير الإماراتي في أمريكا، وسرعان ما تجاوزت الفضاء السيبراني لتتحوّل إلى أعمال تخريب اقتصادي وسياسي، كما تعرّضت شركة أرامكو السعودية في عام 2017 إلى هجوم سيبراني أدّى إلى توقّف عملها فترة من الزمن.
وقد تعرّضت البحرين أكثر من مرة بعد الأزمة القطرية إلى هجمات سيبرانية وذلك باعتراف مدير الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني بوزارة الداخلية البحرينية، بسام المعراج، الذي قال إن قراصنة حاولوا اختراق الأنظمة المعلوماتية لوزارة الداخلية في البحرين، وأضاف إن المصدر كان من قطر، مشيراً إلى أن بحرينيين يعيشون في قطر هم المسؤولون عن الخرق، وقد كان من تلك الهجمات 140 محاولة اختراق، أي بمعدل يقترب من 500 هجمة شهرياً تقريباً، وقد كان الهدف من هذه الهجمات هو تعطيل أعمال الحكومة والوصول لبيانات المواطنين أيضاً، ومن بين هذه الاختراقات تمكّن قراصنة من اختراق الحساب الرسمي لوزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة على موقع تويتر، وهدّد المخترقون الأسرة الحاكمة، وأكّدوا أنهم سيكشفون عن معلومات مهمّة استحوذوا عليها.
ولم يستبعد مراقبون أن يكون هناك نقطة ربط، تجمع بين الاختراقات في السعودية والإمارات والبحرين بقطر إذ يرون أنها تُعيد توجيه دفّة الفتنة على رؤوس من زرعوها تحت عنوان الاختراقات السيبرانية.
الدفاعات ضد الهجمات الإلكترونية
على إثر هذه الهجمات المتتالية والمتبادلة بين الطرفين، دعت دول مجلس التعاون الخليجي إلى تبنّي استراتيجية وطنية لأمن المعلومات بعيداً عن الاجتهادات الفردية، مدعومة بتبادل الخبرات بحيث تضمن الحماية القصوى للأنظمة الإلكترونية وذلك من أجل بقاء المعلومات السرية بعيدة عن متناول القراصنة الذين يسعون لتدميرها أو حجزها كرهينة، كما قامت البحرين بإقرار قانون لحماية المعلومات من القرصنة المعلوماتية، حيث قالت عضو مجلس الشورى البحريني، دلال الزايد، إنه بموجب القانون البحريني، يجب على الجهات المعنية أن تتخذ إجراءات وقائية لإجهاض أي تهديد إلكتروني لأمن البيانات الحكومية.
جذور الخلاف القطري الخليجي
تعود جذور الخلافات بين دولة قطر والدول الخليجية إلى ما قبل الخامس من يونيو (حزيران) الماضي (تاريخ تفجّر العلاقات بين قطر والدول الخليجية بشكل مفاجئ واتهام قطر بدعم الإرهاب)، إلا أن لهذه الأزمة خلفية طويلة تمتد إلى ما بعد أحداث عام 1995، حيث جرت أحداث ما عرف بـ “انقلاب القصر” قطر والذي تمخّض عنه الإطاحة بأمير قطر السابق الشيخ خليفة آل ثاني، وتولي ولي عهده الشيخ حمد بن خليفة السلطة، ليأتي من بعده الأمير تميم بن حمد، هذا الانقلاب لم تتقبله الدول الخليجية، حيث رأت في النظام الجديد عدوّاً بلباس خليجي ذي رؤىً وطموحات تختلف بشكل جذري عن النظام القطري السابق ولا تتوافق مع الأهداف الخليجية (رؤية السعودية الجديدة) وعلى هذا الأساس شنّت دول الخليج الثلاث السعودية الإمارات والبحرين بالإضافة إلى مصر (حسابات خاصة) حصاراً على قطر من أجل إخضاعها وإعادتها إلى العباءة السعودية.
ختاماً، يتوقع أن تستمر الحرب الالكترونية بين قطر ودول مجلس التعاون الخليجي بل هي مرشحة للازدياد، طالما بقيت الأوضاع تراوح مكانها وسيستمر ذلك إلى أن يحلّ الاستقرار، وعلى كل دولة، بما فيها قطر، الاستعداد لمواجهة الخطر المحتمل، فبحسب التاريخ فإن نفس البلدان التي تخطط لشنّ هجمات سيبرانية على البنى التحتية الحيوية هي ذاتها التي تخطط أيضاً لغزو فعلي وشنّ حروب مادية.