عائلات لم تعلم بمشاركة أبنائها في القتال في الحدود إلا من خلال الصور …. جانبٌ من الفضيحة: مقابر جماعية لمرتزقة السعودية مجهولي الهوية
موقع أنصار الله || صحافة محلية || المسيرة | يحيى الشامي
بلغت خسائرُ مرتزِقةِ الجيشِ السعوديّ، من يمنيين وسودانيين وسواهم، في الأرواح أرقاماً قياسية، وَوفقاً لأي خبير عسكريّ فإنّ ما ينجزه مرتزِقةُ السعوديّة على الأرض يكاد يكونُ صفراً مقارنة بحجم الخسائر التي يدفعونها؛ ثمناً لتلك الخروقات وهي خروقات لا يُمكن الرهان عليها في حسابات النصر والخسارة الاستراتيجية، وهذه على ما هي عليه من الفداحة والفظاعة لا تمثّل إلّا جانباً واحداً من جوانب الخسائر السعوديّة متعددة الأوجه والصور، تماماً كما هي مشاهد وصور الإعْـلَام الحربي التي تعكسُ الجزءَ الأخيرَ من حصاد المواجهة وتنقل صورة عن رمادها ودخانها.
السعوديّةُ لا تعلن -وفق سياستها المتبعة في عدوانها على اليمن- عن خسائرها، وبطبيعة الحال وبرغم بلوغ أعداد قتلى مرتزِقتها حدّاً أرغمها على افتتاح مقابرَ جماعية لهم داخل الأراضي السعوديّة بدلاً عن إرسال جثثهم إلى مواطنهم التي قدموا منها، وهو تصرّف ينُمُّ عن شيئين:
الأول: تضخّم أعداد القتلى بصورة يصعبُ معها التعاطي مع كُـلِّ حالة على حدة، وهو ما تطلّب من النظام السعوديّ التعامل مع قتلى مرتزِقته كعبيد سواءٌ أكانوا أحياءً أم صرعى، ونظراً لتفاقم أعداد المرتزِقة المستقدمين للقتال بالإنابة عن الجيش السعوديّ وحرس حدوده فإنَّ مهمةَ الإخلاء ومراعاة الأوضاع الإنسانية في التعامل مع أجساد القتلى يُكلّف خزينة المال السعوديّ تكاليفَ إضافية لم يجر احتسابُها في عقود شراء المرتزِقة.
الثاني: وفق هذا المنطق فإن الغاية التي جاء المرتزِقة من أجلها تنتهي بعد مقتلهم، وبالتالي يجري التعاملُ معهم كعبء زائد وبطريقة غير مسؤولة تفتقر لأدنى المعايير الإنسانية، كما أنها لا تُراعي مطلقاً مشاعرَ أهالي المرتزِقة، وهو ما يجعلُ الجريمة انتهاكاً مضاعفاً يتجاوز الفرد إلى انتهاك حقوق الأسرة وأقارب القتيل، خاصةً أن كثيراً من هذه الأسر تنقطع عنهم أخبارُ أبنائهم منذ الأّيَّـام الأولى لالتحاقهم في صفوف المرتزِقة، وهو ما يُفسّر وجود عشرات الأضرحة المجهولة داخل المقابر الجماعية المخصّصة لقتلى المرتزِقة، ناهيك عن وجود جثث أخرى داخل ثلاجات مشافي المملكة المخصّصة لاستقبال القتلى، علماً أن هذه المشافي تختلف تماماً عن تلك المخصّصة لعلاج أفراد الجيش السعوديّ وحرس الحدود.
وخلال الأشهر الأخيرة، انتشرت في أوساط إعْـلَامية صور ومشاهد لمقابر جماعية واسعة داخل أراضي المملكة يجري فيها التخلُّص من رُفات قتلى مرتزِقة السعوديّة من السودانيين واليمنيين، وهو ما أكد شكوكَ الكثيرين المُتعلقة بانتهاكات السعوديّة وطريقة تعاملها مع مرتزِقتها بعد هلاكهم في سبيل الدفاع عن الجيش السعوديّ والقتال دونه.
وتناولت بعضُ وسائل الإعْـلَام التابعة للمرتزِقة أخبارَ افتتاح مقابر جماعية لقتلى المرتزِقة في جيزان، ونشرت صوراً لتلك المقابر، معتبرةً ذلك من باب التكريم، لكن وما أنْ تم تداول تلك الأخبار والصور حتى ارتفعت أصوات الكثير من أهالي أولئك المرتزِقة الذين اكتشف بعضهم أن أبناءَهم قد لقوا مصارعهم فيما كان يتم إبلاغهم أنهم ما يزالون على قيد الحياة وأنهم في جيزان يتلقون التدريبات بهدف العودة للانخراط في إطار ما يسمى “قُــوَّات مكافحة الإرهاب” في عدن، ليكتشفوا بعد ذلك أنه تم الزج بأبنائهم في معارك الحدود دون أن يتلقوا أيَّ نوع من التدريب، وهو ما أكّده عددٌ ممن تمكنوا من الفرار على خلفية حادثة الفرار الجماعي الشهيرة قبل أشهر من معسكر في جيزان.
ويمثل العرضُ السابقُ ملمحاً بسيطاً عن السلوك الانتهازي الذي يُمارسُهُ النظام السعوديّ مع مرتزِقته بعد هلاكهم في معارك ما يُسمّى “الدفاع عن أراضي المملكة وسيادتها”، بينما تبقى تفاصيلُ كثيرةٌ وهي الأعظم والأكثر فظاعة طي الكتمان.
ويستدلُّ هنا بجانبٍ آخر من الانتهاكات المُرتكبة ضد مرتزِقة الجيش السعوديّ وهي مشهورة وتتكرّر في جميع الجبهات تقريباً حيث يتعمد الجيش السعوديّ وحتى الإماراتي ترك جثث قتلى مرتزِقته مرميةً في ساحات المواجهات دون تحمل عبء إخلائها أَوْ انتشالها، ويستندُ هذا الانتهاك إلى أدلة قطعية يعرضها الإعْـلَام الحربي بين الفينة والأخرى ويعاينها كُـلّ العالم منذ بداية احداث العدوان على اليمن، وقد اشتهر منها وبرز إلى الواجهة مقابر المرتزِقة السودانيين في صحراء ميدي وقبلهم المرتزِقة اليمنيين حيث اضطر مجاهدو الجيش اليمني واللجان الشعبية إلى تحمّل عبء دفنهم والتخلص من أجسادهم بعد ساعات من مصرعهم، ونذكر هنا حديثَ أحد المقاتلين اليمنيين التقينا بهم في صحراء ميدي عقب مجزرة مرتزِقة السودان عُرفت يومَها بـ “مجزرة الجنجويد” حين وقف المقاتلُ على بضع جثث في أطراف الصحراء قائلاً: إن مجاهدي الجيش واللجان كانوا يفكرون أثناء التصدي لهجوم المرتزِقة بمصير جثث قتلاهم، خشيةَ تعفُّنها في الصحراء وبالتالي انتشار الأوبئة والأمراض في المنطقة وفي أساط المجاهدين، واعتبر المتحدّث أن قيادة العدوان تتعمّد ترك جثث القتلى بهدف استخدامها كسلاحٍ يستهدف صحة وسلامة المقاتلين اليمنيين عن طريق الأوبئة التي تُسبّبها هذه الأجساد.
إلى هذا المستوى المنحط مما لا يخطر في بال تجاوز النظام السعوديّ كُـلّ المعايير الإنسانية والقوانين والأعراف البشرية، وبشكل ربما أنه لم يحدث من قبل، على أنّ توسّع رقعة الحرب وطول أمدها كان كفيل بإخراج بعض هذه الفضائح ونزر من الانتهاكات، بينما يبقى مخبوء عنّا في رسم الأّيَّـام القادمة وفي علم ودراية الإدَارَة الأمريكية وأجهزة استخباراتها.