الإنسان المؤمن ميدان تدريبه هي الساحة الإيمانية الجهادية
|| من هدي القرآن ||
الإنسان المؤمن هو جندي من جنود الله، وميدان تدريبه, ميدان ترويضه ليكون جندياً فاعلاً في ميادين العمل لله سبحانه وتعالى هي الساحة الإيمانية، ساحة النفس، كلما ترسخ الإيمان في نفسك كلّما ارتقيت أنت في درجات كمال الإيمان، كلما كنت جندياً أكثر فاعلية، وأكثر تأثيراً، وأحسن وأفضل أداء.
نحن نرى الدول كيف تختار من داخل الجيش فرقاً معينة تدربها تدريبات خاصة، تدريبات واسعة, وتدريبات شاملة لمختلف المهام، تدريبات على مختلف الحركات ليكون أولئك الجنود داخل تلك الفرقة في مستوى الفاعلية لتنفيذ مهام معينة، مهام صعبة، وتلك المهام وتلك القضايا التي هي في ذهن رئيس دولة, أو ملك هي دون ما ينبغي أن يكون في رأس المؤمن في ميادين العمل لله سبحانه وتعالى، مهام واسعة.
الجندي قد ينطلق في تنفيذ مهام كلها تنفيذية, كلها حركة, لكن جندي الله مهامه تربوية، مهامه تثقيفية، مهامه جهادية، مهامه شاملة, يحتاج إلى أن يروض نفسه, فإذا ما انطلق في ميادين التثقيف للآخرين، الدعوة للآخرين، إرشادهم, هدايتهم, الحديث عن دين الله بالشكل الذي يرسخ شعوراً بعظمته في نفوسهم يجب أن يكون على مستوى عال في هذا المجال، جندي الجيش العسكري في أي فرقة، لا يحتاج إلى أن يمارس مهاماً من هذا النوع، مهامه حركة في حدود جسمه, قفزة من هنا إلى هناك، أو حركة سريعة بشكل معين.
لكن أنت ميدان عملك هي نفس الإنسان، وليس بيته لتنهبه، وليس بيته لتقفز فوق سطحه، الجندي قد يتدرب ليتعلم سرعة تجاوز الموانع، أو سرعة القفز، أو تسلق الجدران، أو تسلق البيوت، لكن أنت ميدان عملك هو نفس الإنسان, الإنسان الذي ليس واحداً ولا اثنين، آلاف البشر، ملايين البشر، تلك النفس التي تغزى من كل جهة، تلك النفس التي يأتيها الضلال من بين يديها ومن خلفها وعن يمينها وعن شمالها.
فمهمة المؤمن يجب أن ترقى بحيث تصل إلى درجة تستطيع أن تجتاح الباطل وتزهقه من داخل النفوس، ومتى ما انزهق الباطل من داخل النفوس انزهق من واقع الحياة، {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (الرعد: من الآية11).
وأنت جندي تنطلق في سبيل الله سترى كم ستواجهك من دعايات تثير الريب تثير الشك في الطريق الذي أنت تسير عليه، تشوه منهاجك وحركتك أمام الآخرين، دعايات كثيرة، تضليل كثير ومتنوع ومتعدد، وسائل مختلفة ما بين ترغيب وترهيب.
الجندي المسلح بالإيمان إذا لم يكن إلى درجة أن تتبخر كل تلك الدعايات, وكل ذلك التضليل – سواء إذا ما وُجِّه إليه, أو وجِّه لمن هم في طريقه، لمن هم ميدان عمله – يستطيع أيضاً أن يجعلها كلها لا شيء. [ في ظلال دعاء مكارم الأخلاق ـ الدرس الأول]