نص المحاضرة الرمضانية السادسة عشرة للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي 1439هـ 03-06-2018م  -محاضرة دروس من معركة بدر الكبرى-

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله خاتم النبيين، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وارضَ اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين وعن سائر عبادك الصالحين.

 

أيها الأخوة والأخوات..

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

 

نستمر في الحديث عن معركة بدر والحديث في هذا الموضوع مهم جدا، لا سيما على ضوء الرؤية القرآنية والعرض القرآني الغني بالدروس والعبر، والأمة اليوم تواجه تحديات كبرى، وتعصف بها مآسٍ وحوادث وفتن، ويتحرك الأعداء، أعداء الأمة، أمريكا وإسرائيل ومن يدور في فلكهم، يتحركون بكل جهد للقضاء على هذه الأمة وتقويض كيانها والسيطرة التامة عليها، والاستعباد للناس في ظل واقع كهذا، في ظل مرحلة كهذه تواجه الأمة هذه الأخطار نحتاج للاستفادة من التاريخ، لا سيما تاريخنا، واستلهام الدروس والعبر منه، والاقتداء بقدوتنا وهادينا رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، ومعركة بدر حسب العرض القرآني في سورة الأنفال، وباعتبارها واقعة مهمة جدا كما سماها الله بيوم الفرقان، فكانت فعلا، كانت حدثا فارقا واستثنائيا ومصيريا غير وجه التاريخ، ما فيها وما ورد بشأنها في سورة الأنفال من الدروس والعبر يحتاج إلى التأمل والاستفادة، ولذلك نحن نحث على الرجوع إلى هذه السورة والعناية بالاستفادة منها والتأمل والتدبر، لأن حديثنا هو حديث مختصر، ويركز على نقاط محدودة بحسب الوقت، بحسب الظروف، ونأمل إن شاء الله أن نستفيد من بعض النقاط التي ترسي بعض المفاهيم الأساسية فيما يتعلق بالصراع مع الأعداء.

 

حديثنا هو بالأمس عن رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، في موقعه العظيم، في مقامه العظيم كرسول الله، حركته تعبر عن التوجيهات الإلهية، تجسد التعليمات الإلهية في الأرض، ملهمة وهادية، حركته ملهمة وهادية، ويبنى عليها رسم معالم هذا الدين، ومعالم مسؤولياته التي ينبغي أن تسير عليها الأمة وأن تحذو حذوه فيها الأمة، لم يكن بإمكان رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله في مواجهة تلك التحديات أن ينكفئ على نفسه وأن يتجاهل الواقع من حوله، وأن يعتكف في مسجده يتفرغ للدعاء والذكر ثم لا يتحرك ولا يتجه إلى هذا الواقع، ولا يتحرك لمواجهة هذا التحدي، لا، هذا بحد ذاته درس مهم، لأن البعض عندهم قصور في فهم معنى الالتجاء إلى الله سبحانه وتعالى، فالالتجاء إلى الله عندهم حالة منفصلة عن العمل وتحمل المسؤولية، وحالة يبررون بها تنصلهم عن المسؤولية، ويجعلون من حالة الدعاء والذكر وسيلة لتبرير تنصلهم عن تحمل المسؤولية، وهذا أمر غير صحيح، لو كان متاحا لأحد لكان متاحا لرسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، الذي هو أعظم الناس قربة إلى الله واستجابة لدعائه، فلو كان الدعاء بديلا عن تحمل المسؤولية وعن مواجهة التحدي وعن التضحية والعمل لكان هو الأولى بأن يستجيب الله له دعاءه من دون أن يواجه أي عناء أي متاعب، من دون أن يخوض الأخطار، من دون أن يواجه التحديات، في حركة الرسول صلوات الله عليه وعلى آله، هذا الرسول الذي كان يمتلك سيفا ويمتلك درعا ويمتلك وسائل عسكرية ويحرك المؤمنين معه ليمتلكوا القدرة العسكرية بأقصى ما يستطيعون، ويسعى بكل جهد إلى أن يكون واقعه وواقع أمته من حوله قائما على القوة وقائما على العزة والمنعة والكرامة، ويتحرك على هذا الأساس، الرسول صلوات الله عليه وعلى آله في حركته في مواجهة التحديات، في مواجهة الطاغوت والاستكبار يمثل القدوة العظيمة للأمة، في زمنه وبعد زمنه وليس في عصره فقط، وهذا ما لوحظ التأكيد عليه في القرآن الكريم في آيات متعددة، فنجد مثلا في سورة التوبة وهو ينتقد المتخلفين والمتخاذلين من أهل المدينة: (مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الْأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُوا عَن رَّسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ)، هذا انتقاد عليهم في تخلفهم، نجد أيضا في سورة الأحزاب في عرض أحداث الأحزاب وغزوة الأحزاب وما كان فيها من الشدة والمعاناة والمتاعب والدور المحوري والرئيسي للرسول صلوات الله عليه وعلى آله في التصدي للأخطار والتحرك الجاد لمواجهة ذلك التحدي، في نفس السياق يأتي قول الله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)، والبعض ركزوا جدا في سياق هذه الآية على التأسي في الأمور البسيطة جدا والسهلة جدا، مطلوب أن نتأسى بالرسول في كل الأحوال، في كل ما يطلب منا الاقتداء به فيه، مما كان يؤديه في مقام القدوة، ليس مما يخصه، سواء في أمور الآداب والأخلاق أو في أمور المسؤولية وما يتصل بها، ولكن أن يقتصر البعض من هذه الآية على بعض الأمور البسيطة جدا في مسألة السواك عرضا وفي بعض المسائل المحدودة والبسيطة والسهلة، ولكن عندما تكون المسألة الاقتداء برسول الله في الصبر ومواجهة التحدي ضد الطاغوت والاستكبار، في تحمل المسؤولية العامة، في التحرك في كل الاتجاهات يكون له تبريرات أخرى وينكفئ وتقدم عن الدين صورة نمطية أخرى، الرسول صلوات الله عليه وعلى آله في هذه الآية المباركة والله يتحدث أيضا في هذه الآية: (كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ)، وفي سورة الأحزاب: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)، وفي سورة التوبة (مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الْأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُوا عَن رَّسُولِ اللَّهِ)، لنقول لأنفسنا نحن المسلمون الذين ننتمي إلى هذا الدين قدوتنا فيه هو رسول الله صلى الله عليه وعلى آله، هو القدوة الأول والمعلم الأول، هكذا كان رسول الله الذي علينا أن نقتدي به، ولا تكونوا فعليا في حالة اقتداء برسول الله صلوات الله عليه وعلى آله إذا أتيت جانب رئيسي في هذا الدين وجانب تحمل المسؤولية وحاولت أن تتنصل عنه كليا أو عن تفصله عن التزاماتك الدينية والإيمانية والأخلاقية وتنطلق فيه بدافع آخر وعناوين أخرى واهتمامات أخرى ومن دون التزام ديني وإيماني وأخلاقي، بل محاولة للتجرد من ذلك والتحرك وفق هوى النفس ووفق اعتبارات أخرى، عصبيات، أهواء، رغبات، اعتبارات ثانية، هذه مسألة خطيرة لأن الحالة البارزة في الساحة الإسلامية لدى فئات كثيرة وليس لدى الجميع، لدى فئات كثيرة، إما أنهم جمدوا هذا الجانب وانكفئوا عنه في واقع الحياة وخرج عن اهتمامهم كليا، فمسألة قضايا الأمة الكبرى، مسألة العمل لإقامة الحق، للمواجهة للطاغوت والاستكبار، للعمل على تحرير الأمة وإنقاذها من أعدائها خرج هذا عن اهتمامهم كليا، يعني البعض يعتبر نفسه غير معني بهذه المسألة لا من قريب ولا من بعيد، ويعتبر نفسه في ظل ذلك في وضعية طبيعية دينيا وإيمانيا لأنه يرى في الإسلام تلك العبادات التي جعلها الله لتكون عونا لنا وتزكية لنا وصلاحا لنا في اتجاهنا في الحياة وتحمل مسؤولياتنا في الحياة وحركتنا في الحياة ومسيرتنا في الحياة، وليست لتكون هي الغاية، هي وسيلة تزكية ولا بد منها، هي أساسية في هذا الدين وهي أركانه، ولكنها ليست ليكون هذا الدين بدون بناء، وأركان من دون مبنى، أركان ليبنى عليها، هذه فائدة الأركان، أن يكون هناك أركان حتى تكون أساسا يعتمد عليه في عملية البناء، فإذا الدين من دون بناء، وأن تتصور أن يكون من غير بناء خلاص، ما حصلت الفائدة أصلا، فلا بد منها لكن بوعي بدورها، بوعي بقيمتها وأهميتها حتى لا تكون غير ذات جدوى، غير ذات ثمرة، غير ذات أثر في واقع الحياة، لأن الله لا يريد لها أن تكون كذلك، لا صلاتك ولا صيامك ولا زكاتك ولا حجك، لا يريد الله لها أن تكون طقوسا ميتة جامدة باردة وأعمال وشعائر مفرغة من مضمونها من أثرها من قيمتها في الحياة، من أثرها في النفس من أثرها في السلوك، من أثرها بالتالي في الواقع من أثرها المهم جدا وجدا وجدا في المواقف وفي تحمل المسؤولية، فالرسول هو في موقع القدوة أنه ما ينبغي لأحد من أمة هذا الرسول صلوات الله عليه وعلى آله أن يتخلف عن رسول الله الذي تحمل المسؤولية، الذي جاهد الذي عانى الذي ضحى، الذي صبر وصابر، الذي واجه التحديات الكبيرة، الذي صمد وثبت في مواجهة قوى الطاغوت والاستكبار العالمية والمحلية والإقليمية حسب التعبير السياسي المعاصر، كلها من مشركي قريش إلى الروم، الكل واجهوه والكل حاربوه ولكنه صمد وثبت وتحرك، بهذه القيم والمبادئ العظيمة التي كان لها أبلغ الأثر في قيام الأمة الإسلامية وفي انتصار هذا الدين، ولا ينبغي لأحد أبدا أن يفصل اتجاهه في هذه الحياة، في المواقف والولاءات والعداءات والحركة العامة في الحياة عن مسألة المبادئ والقيم، فالدين عنده منحصر في حدود العبادات الروحية، مثلا في الصلاة ونحوها والصيام ونحوها، أما ما يتعلق بالمواقف في هذه الحياة، ما يتعلق بالحركة العامة في هذه الحياة التي يترتب عليها إما العدل وإما الظلم، إما الخير وإما الشر، إما الصلاح وإما الفساد، فيعتبر لا، هذه مسألة ثانية، لا يرتبط فيها لا بمبادئ الإسلام ولا بقيمه ولا بأخلاقه ولا بضوابطه الشرعية، ولا بمقاصده العظيمة والرحيمة والحكيمة، وإنما يتحرك فيها بمزاج نفسه، أو باعتبارات ثانية، وهذا حال كثير من أبناء الأمة الإسلامية وللأسف الشديد، وللأسف الشديد، يعتبر أنه في مسألة الولاء والعداء يوالي من أراد، يوالي ترامب، ويوالي نتنياهو، من قبل يوالي شارون وإلا بوش، ما عنده مشكلة في هذا أن يقف مع أي طرف في هذا العالم، فيما يعزز نفوذه وسيطرته، فيقف مع أمريكا فيما يعزز نفوذها وسيطرتها على أبناء أمته، ما عنده مشكلة في هذا، يعتبر هذا أمرا طبيعيا لا علاقة له بالإسلام ولا بالدين ولا بالمبادئ ولا بالأخلاق ولا بالتعليمات ولا بشرائع ولا بأي شيء، ويتحرك أيضا البعض باعتبارات أخرى، اعتبارات مادية بحتة، توجه مادي بحت، مع أن التوجه المادي وأن تبنى عليه المواقف والولاءات والعداوات والحركة في هذه الحياة في ما يتجه فيه الإنسان تجاه الآخرين إيجابا أو سلباً ممنوع في الإسلام أن يكون ضمن على أساس مادي هذه المسألة منسوفة في الإسلام لأنك كمسلم يجب أن ترتبط بمبادئ وقيم وأخلاق وضوابط شرعية إذا أنت  تعي هذا الإسلام إذا أنت ترتبط بقرآنه ورسوله ونبيه وهو على هذا النحو وليس مسلما يتبع صهيونيا يوالي الصهاينة يقف في صفهم ضد أبناء أمته يوالي من يوالوه من يواليه ويعادي من يعاديهم أي انتماء هذا أي توجه هذا فالرسول هو في موقع القدوة ما ينبغي لأحد أن يتخلف في تنصله عن المسؤولية في تنكره للجهاد بمفهومه القرآني العظيم ولا أن يفصل حركته في ولائه وعدائه وموقفه واتجاهه في هذه الحياة عن المبادئ والقيم والأخلاق عن التي تحرك عليها الرسول وبناءً عليها انطلق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنتعلم من رسول الله هذا الالتزام بهذه المبادئ والقيم والتعليمات والضوابط الشرعية ونتعلم منه كيف نتحمل المسؤولية كيف نتحرك كيف نواجه التحديات كيف نمتلك الاستعداد العالي للتضحية والاستعداد الكبير للصبر والتحمل وبناءً على ذلك ننطلق ونتحرك فهذه الآيات آيات مهمة جدا {كَما أَخرَجَكَ رَبُّكَ} [الأنفال: 5] تقدم لنا رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله  في هذا الموقع، معركة بدر كانت بين اتجاهين اتجاه يمثل دعوة الله دعوة الحق التي هي دعوة خير فلاح وعزة وكرامة وتحرر لهذا الإنسان دعوة الله هي تحرير للإنسان من عبودية الطواغيت من عبودية العباد هي حذف لكل أشكال الربوبية والاستعباد والاستغلال في الواقع البشري وشطب لذلك وتعبيد للناس لربهم لله سبحانه وتعالى، وهذا أول عنصر وأول مسألة تمثل إشكالية كبيرة جدا مع قوى الطاغوت والاستكبار في الأرض فالذي كان يسعى له أبو سفيان وأبو لهب وأبو جهل ومن معهم وكذلك ما كان يسعى إليه أمثالهم من زعماء اليهود أو أمثالهم آنذاك من زعماء الروم أو الفرس أو غيرهم كل القوى التي كانت قائمة في الساحة هو نفس ما يسعى له اليوم ترامب ما يسعى له نتنياهو ما يسعى له اليوم أدواتهم التي تتحرك معهم السيطرة على هذا الإنسان والاستعباد للبشر والتحكم في هذه  الحياة والاستغلال والنهب للخيرات والمقدرات وممارسة الظلم الطاغوت كل ما لديه هو الظلم والاستعباد والتحكم والاستحواذ بعيدا عن منهج الله سبحانه وتعالى، والمعركة في بدر كانت مصيرية بين هذين الاتجاهين لو نجح أعداء الإسلام مثلا في قتل رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله  والقضاء على ذلك الجيش الإسلامي الذي هو قليل العدد والعدة مقارنة بأعدائه ومقارنة بالتحدي والخطر ومقارنة بالإمكانات التي يمتلكها أعداؤه لكان لهذا امتداد سلبي جدا في واقع البشرية ولكن ذلك الانتصار العظيم للإسلام لرسول الله صلوات الله عليه وعلى آله والمؤمنين معه مثل عاملا رئيسيا لصالح المستضعفين لقيام دعوة الحق وتحقق العدالة في الأرض وكسر شوكة الطاغوت كسر شوكة الطاغوت فما تلاه من أحداث كان لها أيضا آثار مهمة جدا حتى مرحلة استكمال كسر ذلك الطاغوت في ذلك العصر وقيام دعوة الحق الدرس مهم جدا الرسول صلوات الله عليه وعلى آله  عندما تحرك واجه جملة من الاعتراضات وأكثر من مسألة الاعتراض الانتقادات الشديدة التثبيط والتخذيل، أولا على مستوى الانتقاد يقول الله سبحانه وتعالى {وَإِنَّ فَريقًا مِنَ المُؤمِنينَ لَكارِهونَ * يُجادِلونَكَ فِي الحَقِّ بَعدَ ما تَبَيَّنَ كَأَنَّما يُساقونَ إِلَى المَوتِ وَهُم يَنظُرونَ} [الأنفال: 5-6] وهذا الكره الخروج وهذه المجادلة ومحاولة الإقناع للنبي صلوات الله عليه وعلى آله  بالتراجع عن موقفه ناتجة وناشئة من رؤية قاصرة ومن فهم محدود لطبيعة المعركة ولطبيعة الصراع مع قوى الطاغوت والاستكبار تحدثنا عن هذا في محاضرة سابقة، من الواضع أنهم هم المخطئون هؤلاء المنتقدون وأن رسول الله هو على الصواب ولهذا قال الله {يُجادِلونَكَ فِي الحَقِّ} [الأنفال: 6] ويقول أيضا {بَعدِ ما تَبَيَّنَ} [البقرة: 109] لأن المسألة مسألة نفسية بالدرجة الأولى والكثير من الناس تؤثر عليهم الحالة النفسية ليبنوا عليها مواقف خاطئة أو يسعوا من خلال ذلك إلى فرض قرارات خاطئة وهذا شيء خير سليم وغير صحيح، فئة أخرى كان لها أكثر من ذلك تثبيط تخذيل سعي لمحاولة  التأثير على حركة الرسول والمؤمنين معه {إِذ يَقولُ المُنافِقونَ وَالَّذينَ في قُلوبِهِم مَرَضٌ غَرَّ هٰؤُلاءِ دينُهُم ۗ وَمَن يَتَوَكَّل عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزيزٌ حَكيمٌ} [الأنفال:49] أما هم هذه الفئة فئة المنافقين وفئة الذين في قلوبهم مرض فكان عملهم في الساحة للتخذيل والتثبيط والانتقاد الشديد والتشكيك في جدوى المعركة يقلك ما به فايدة مابه فايدة أبدا خلاص ما أمام الناس خيار إلا الاستسلام الخروج والحركة والموقف مغامرة وانتحار وعمل عبثي لا جدوى له لا فائدة له لا نتيجة منه وهذه الفئة تتحرك في الساحة في كل زمان في كل زمان فئة المنافقين وفئة الذين في قلوبهم مرض تتحرك في الساحة للتخذيل للتثبيط للإرجاف للتهويل لهز المعنويات لكسر الإرادة في كل عصر وفي كل زمن ولا سيما إذا كان هناك تحديات كبيرة وأحداث كبيرة وأحداث مصيرية وهم يتحركون المنافقون والذين في قلوبهم مرض يتحركون بلا مسؤولية بلا نصح لا إرادة خير للناس بغباء كبير وبشكل سلبي للغاية يقول الله سبحانه وتعالى {وَيُريدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ} [الأنفال: 7] ويعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (7) لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ]، إحقاق الحق حتى يتحول إلى حالة قائمة في واقع الحياة لا يبقى فقط في الكتب في بطون الكتب حقا مسطورا ومكتوبا أو يبقى حالة دعوية في الساحة، كلام لا يعمل به لا يلتزم به لا يلتفت إليه لا يطبق في واقع الحياة.

 

الحق لا يتحول إلى حقيقة قائمة في واقع الحياة يعمل به يلتزم به ويطبق ويعتمد عليه إلا بعمل إلا بتحمل للمسؤولية إلا بتحرك إلا بتضحية إلا بمواجهة لأن هناك من لا يقبل بأن يكون لهذا الحق وجود وحضور فعلي عملي سيادي في واقع الحياة.

 

قوى الطاغوت والاستكبار والظلم والاستحواذ والهيمنة والسيطرة بهواها بأجندتها بباطلها تريد أن تتحكم بالساحة أن تستبعد هذا الإنسان أن تستحوذ عليه أن تتحكم به ولما فيه مصلحتها لما يحقق نفوذها وأهدافها وأطماعها ومآربها فإذا أراد هذا الإنسان أن ينطلق في واقع حياته بناءً على هذا الانتماء للحق في مبادئه في قيمه في أخلاقه في تعليماته وأن يتحرر من هيمنة قوى الطاغوت والاستكبار  تغضب قوى الطاغوت والاستكبار وتسعى لمواجهته ومع العمل بذلك الحق وفرض أجندتها بالباطل وفرض أهوائها بالباطل فرض سياساتها وتوجهاتها الخادمة لأغراضها وأهوائها وأطماعها وغير العادلة غير العادلة نهائيا هل تمتلك أمريكا اليوم أطماع مشروعة؟ هل تسعى لفرض أجندة محقة؟ هل تسعى لخير البشرية حتى تغضب على هذا أو ذاك لماذا لا ينفذ أجندتها لماذا لا يطيعها؟ أم أن كل الحسابات لدى تلك القوى الرأسمالية كلها أطماع وجشع وأهواء ونهب واستحواذ وسحق للشعوب وظلم للبشرية وطغيان واستحواذ على خيرات الناس، لا ينطلقون بحساب مصلحة هذا الإنسان والخير لهذا الإنسان والكرامة لهذا الإنسان والعزة لهذا الإنسان، لا، لا أبدا، حساباتهم كلها أطماع أطماع أهواء رغبات طغيان حالة من الطغيان الذي يتحركون من خلالها في هذا العالم ويحركون معهم من يتجند معهم ويخدمهم  فيه، فالحق لا يتحول إلى حالة قائمة إلا بمواجهة إلا بتحديات، إذا أنت تريد أن تكون حرا في هذه الحياة وأن تخضع نفسك لله بمبادئ الحق للقيم والأخلاق إذا أي مجتمع يريد ذلك إذا أي أمة تسعى لذلك لا يتحقق لها ذلك إلا بعد أن تحسم هذه المواجهة مع قوى الطاغوت والاستكبار لأن قوى الطاغوت والاستكبار تلقائيا هي لا تسمح هي تتوجه للمنع ما إن تسمع صوت الحرية والحق ما إن تلحظ مجتمعاً معيناً هنا أو هناك يريد أن يكون مجتمع حرا وأن يتحرك لإقامة الحق والعدل والخير في واقعه إلا وسعت قوى الطاغوت والاستكبار إلى منعه ومحاربته والمنع له بالقوى إذا لم يمتنع فتكون هذه المواجهة حتمية حتمية بين قوى الشر والطاغوت الساعية لاستعباد البشرية والهيمنة عليها والسيطرة عليها والتحكم بها والاستغلال لها الذي لدى قوى الطاغوت استعباد واستغلال لهذا الإنسان لصالحها هي على العكس من رؤية الحق والدين والإسلام التي تتجه إلى هذا الإنسان ليس لاستغلاله ليس لاستعباده ليس للاستحواذ عليه بل لتحريره لعزته لكرامته للأخذ بيده في طريق الخير والعز والكرامة في صراط العزيز الحميد حيث العزة وحيث الحمد حيث السمو وحيث الشرف حيث الخير في الدنيا والآخرة حيث الانعتاق لهذا الإنسان من كل أشكال الاستعباد والاستغلال.

 

إحقاق الحق وإبطال الباطل كان لا بد فيه من هذه المواجهة من هذه المواجهة هذه مسالة حتمية يجب أن نستوعبها جيدا لأنه يبنى عليها اتجاه الإنسان في هذه الحياة، في حركة الرسول صلوات الله عليه وعلى آله  والمؤمنين معه كانت المعايير التي اعتمد عليها في موقفه وكذلك الاعتبارات التي انطلق من خلالها في حركته كلها إلهية كلها حسب التوجيهات الإلهية ولذلك مثلا لم يعتمد في حركته صلوات الله عليه وعلى آله  على نظرة التكافؤ المادي والتكافؤ في العدد والعدة فيما بينه وبين العدو كانت إمكانات العدو كبيرة وكان عددهم أكثر وكانت إمكانيات المسلمين إمكانيات متواضعة وكذلك كان عددهم أقل فما الذي اعتمد عليها الرسول والمؤمنون معه يقول الله {إِذ تَستَغيثونَ رَبَّكُم فَاستَجابَ لَكُم أَنّي مُمِدُّكُم بِأَلفٍ مِنَ المَلائِكَةِ مُردِفينَ * وَما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلّا بُشرىٰ وَلِتَطمَئِنَّ بِهِ قُلوبُكُم ۚ وَمَا النَّصرُ إِلّا مِن عِندِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزيزٌ حَكيمٌ} [الأنفال: 9-10] يأتي الدعاء وتأتي الاستغاثة بالله سبحانه وتعالى والالتجاء إلى الله سبحانه وتعالى في هذا السياق العملي مع التحرك مع العمل مع تحمل المسؤولية ولا بد من هذا الجانب أيضا لا بد من الدعاء ولكن مع تحمل المسؤولية مع الحركة مع الفعل مع العمل مع الموقف والالتجاء إلى الله والاستغاثة بالله سبحانه وتعالى مسألة أساسية لخوض الصراع في مواجهة التحديات والانطلاقة بهذا الإحساس بهذا الشعور وبهذا الوجدان أنا ننطلق ونحن نعتمد على الله ونحن نراهن على الله ونحن نتوكل على الله ونحن نثق بالله أنه خير الناصرين وأنه نعم المولى ونعم النصير وأنه كفى به وليا وكفى به نصيرا، وأنه إذا وفرنا في واقعنا الأسباب المعنوية والعملية للنصر يتوفر النصر.

 

يمثل الجانب المعنوي الجانب الرئيسي للمعركة وللصراع وفي مواجهة التحديات ويعطيه القرآن أهمية كبرى وهي مسألة بديهية لدى البشر الذين أجمعوا في كل الدنيا أن الجانب المعنوي رئيسي جدا في معادلة الصراع والمواجهة ولذا هناك أشياء كثيرة جدا تتجه صوب الجانب المعنوي لتقويته وتعزيزه، لاحظوا في هذا العصر مثلا من أكثر ما تمتلكه قوى الطاغوت وتركز عليه وتعتمد عليه بشكل كبير جدا إمكاناتها الإعلامية لديها ماكنة إعلامية كبيرة جدا وقوة إعلامية هائلة تعتمد عليها بشكل كبير في خوض معركتها ضد المستضعفين وضد المظلومين المضطهدين وتمثل إمكاناتها الإعلامية سلاحا رئيسيا وقبل السلاح العسكري وهو الذي تعتمد عليه في إعطاء خطواتها العسكرية تأثيرات كبيرة في الساحة فتمهد لأي خطوة عسكرية بالإعلام  تمهد بل تحارب به وتحقق من خلاله تأثيرات في الساحة تأثيرات في الرأي العالمي تستهدف هذا الإنسان في تفكيره وفي رؤيته وفي فكرته قد تصنع متغيرات في كثير من المناطق في كثير من البلدان  تؤثر في الناس أحيانا وتغير موقفهم بالكامل وتحركهم في اتجاه خاطئ من خلال هذه الماكنة الإعلامية هذه الإمكانات الإعلامية تلك القدرات الإعلامية التي تشتغل بوسائل وأساليب  كثيرة جدا أساليب ووسائل متنوعة ومتعددة وتستهدف أيضا كسر الروح المعنوية وزرع حالة الإحباط واليأس وتعزز نظرة الانبهار بها وبقدراتها حتى يصل البعض في انبهاره وتأثره إلى حد اليأس والشعور بالعجز التام عن إمكانية المواجهة أو الخروج عن هذا الاتجاه وحتى يرى البعض في هذا الاتجاه لقوى الطاغوت والاستكبار اتجاها مصيريا وحتميا وغالبا ولا يستطيع أحد أن يقف في وجهه وما من خيار إلا الدخول فيه والانضواء تحته، هذه حالة خطيرة جدا الجانب المعنوي هو الأساس إذا امتلأ الناس بإيمانهم الواعي إيمانهم الواعي، الإرادة المعنوية والقوة المعنوية اللازمة في مواجهة الطاغوت والاستكبار تتغير المعادلة تماما تتغير المعادلة تماما، وهذا ما كان في تلك المرحلة، مثلا في مرحلة زمن الرسول صلوات الله عليه وعلى آله ولها شواهد مما قبل مع الأنبياء في الماضي ما قبل رسول الله  صلوات الله عليه وعلى آله وما بعد أيضا في التاريخ ولها شواهد في تاريخنا المعاصر في زمننا هذا، الجانب المعنوي جانب رئيسي يجب أن نعي ذلك وأن نعمل عليه وأن نركز عليه وأن نشتغل عليه والإنسان المؤمن المرتبط بهدى الله سبحانه وتعالى والمتوكل على الله سبحانه وتعالى والمستوعب لهدى الله الذي يصغي للهدى ويتفهم هذا الهدى، هو في المقدمة يستفيد هذه الطاقة المعنوية وهذه المعنويات العالية التي  تساعده في مواجهة هذه التحديات الكبرى ولاحظوا قوى الطاغوت والاستكبار هي تعمل أشياء كثيرة جدا ترجع كلها إلى هذا الجانب إلى التأثير على الجانب المعنوي لدى الإنسان في فكره أو في نفسيته وإرادته المعنوية في صموده إذا أصيب الإنسان بالانهيار المعنوي كسرت إرادته وتغير موقفه وبالتالي وصلوا إلى إمكانية السيطرة عليه، ولذلك نلحظ في معركة بدر أن الإمداد الإلهي بالملائكة ما الذي كان يهدف إليه إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا كان الدور المعنوي رئيسيا في مهمة الملائكة عندما نزلوا في معركة بدر وتحركوا بين أوساط المؤمنين كان مهمة أساسية وكان هذا الدور فثبت الذين أمنوا هو دور معنوي دور معنوي على أساس أن يسعوا لرفع معنويات المؤمنين فيما يساعدهم على الثبات، ولاحظوا أيضاً في كثيرٍ من التدابير الإلهية (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ)  جملة من التدابير هادفة إلى رفع المعنويات  ولذلك من المهم جداً التركيز في الصراع مع الأعداء على الجانب المعنوي وعلى مستوى الفكرة والرؤية وعلى مستوى الحالة النفسية في الأمل في الصمود في الثبات في الإباء، الجانب المعنوي فيه جوانب متعددة الفكرة أولا:

 

أن لا تفقد الأمل بالله سبحانه وتعالى ألا تفقد ثقتك بنصر الله وبإمكانية نصر الله حتى لو حصل أحياناً تراجعات أو هزائم هي لخلل في الواقع العملي هي للمشاكل العملية لكن لا تنظر إلى المسألة أنها مسألة معادلات حتمية لا يمكن كسرها، لا، كن دائماً الوثوق بالله وبنصره دائماً هذه مسألة إيمانية إذا خسرها الإنسان خسر إيمانه إذا ساء ظنك بالله سبحانه وتعالى وبوعده بالنصر أصبح عندك مشكلة إيمانية لم تعد مصدقاً بوعد الله مثل ما حصل لبعض المنافقين والذين في قلوبهم مرض في غزوة الأحزاب وصلوا إلى مستوى سوء الظن بالله سبحانهُ وتعالى إلى أن يقولوا (مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا) فالجانب المعنوي عمادهُ أساسهُ الثقة بالله، الثقة العظيمة بالله سبحانهُ وتعالى والوعي بطبيعة التقلبات في الميدان، أن الانكسارات في بعض الأحيان هي  ناتجة عن خلل عن تقصير عن تفريط وليس أن هناك معادلات ثابتة لا يمكن كسرها، أن العدو لأنهُ يمتلك إمكانات أكثر لا يمكن أن نصمد بوجهه لا، هذا غير صحيح أبداً.

 

الشواهد على مر التاريخ وفي زمننا هذا عشناها وشاهدناها ورأيناها في واقعنا وفي واقع غيرنا تثبت غير ذلك يمكن هزيمة العدو الأقوى عدةً والأكثر عدداً إذا توفرت في واقع المؤمنين والمستضعفين أسباب وعوامل النصر المعنوية والعملية، إذا أخذوا بتلك الأسباب انتصروا، إذا فرطوا إذا قصروا إذا حصل عندهم خلل إذا حصل عصيان إذا حصل سبب من تلك الأسباب العملية هذا يؤثر عليهم يؤثر عليهم في الواقع هذه مسألة في غاية الأهمية على مستوى الرؤية والفكرة على مستوى النفوس الإباء والعزة والقوة النفسية والكرامة والإحساس بالكرامة هذه مسألة مهمة جداً يربي عليها القرآن ويربي عليه الإسلام النفس البشرية حتى يكون الإنسان في نفسه المتشبعة بالكرامة ونفسه المتربية على الإباء غير قابل بالانكسار غير قابل للهزيمة غير قابل للضعة والهوان والإذلال وكذلك على مستوى مكارم الأخلاق وكذلك على مستوى وعي الإنسان بحقيقة الأحداث وخلفياتها ونتائجها كذلك على مستوى ارتباط الإنسان بالمدد الإلهي حتى بالحالة التي يشعر فيها بالضعف والوهن يرجع إلى الله يستمد منه على الدوام الطاقة المعنوية يطلب منهُ أن يفرغ عليه الصبر ربنا أفرغ علينا صبراً يستمد منهُ العون على الدوام وهكذا ويحظى بهذه الرعاية الإلهية.

 

يتجه في الأساس جانب كبيرٍ من الرعاية الإلهية والدعم الإلهي والعون الإلهي يتجه إلى الحالة المعنوية لدى الإنسان فيمثل ذلك عاملاً كبيراً في النصر، يبقى هناك اعتبارات أخرى الإعداد بما نستطيع من قوه الصمود والثبات الحذر من التنازع الطاعة والانضباط التحرك بشكل منظم وفاعل جملة من التدابير والإجراءات التي تحدثت عنها السورة المباركة سورة الأنفال التي تتضمن دروساً عظيمة ومهمة.

 

نكتفي بهذا القدر لبعض المفاهيم الرئيسية المتعلقة بالموضوع، نسأل الله سبحانهُ وتعالى أن يوفقنا وإياكم لما يرضيه عنا وأن يثبتنا وإياكم في موقف الحق وأن ينصرنا بنصره، أن يرحم شهداءنا الأبرار وأن يشفي جرحانا وأن يفرج عن أسرانا أنهُ سميع الدعاء.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

قد يعجبك ايضا