محكمة 11 سبتمبر، كوميديا فاشلة للتغطية على فضيحة القرن

موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي

قبل مدة طالبت محكمة ولاية “مانهاتن” الأمريكية إيران بدفع غرامة قدرها 6 مليارات دولار بزعم اشتراكها في أحداث 11 سبتمبر التي استهدفت برجي التجارة العالميين عام 2001.

 

ولم تقدّم المحكمة أي دليل مقنع على هذا الاتهام، واكتفى قاضي المحكمة “جورج دانیلز” بإطلاق عبارات غامضة من قبيل “ينبغي إجراء العدالة ضد داعمي الإرهاب” لتبرير مطالبته طهران بدفع غرامة عن أحداث 11 سبتمبر، ما أثار دهشة الكثير من الحقوقيين والمراقبين على حدّ سواء، فيما أعرب محامون عن استعدادهم للدفاع عن إيران في هذه القضية.

 

والسؤال المطروح: لماذا وجّهت المحكمة الاتهام ضد إيران هذه المرّة بعد 17 عاماً من وقوع أحداث 11 سبتمبر؟ في حين كانت قد اتهمت في السابق “تنظيم القاعدة” والسعودية بالوقوف وراء هذه الأحداث.

 

للإجابة عن هذا التساؤل لا بدّ من تسليط الضوء على الحقائق التالية:

 

– يعتقد المتابعون بأن هذا الاتهام يأتي في سياق الهجمة السياسية والإعلامية المكثفة التي تشنّها إدارة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” ضد طهران تحت لافتة التخويف من إيران أو ما بات يعرف باسم “إيران فوبيا”.

 

– تضمّ محكمة “مانهاتن” قضاة على صلة وثيقة باللوبي الصهيوني داخل أمريكا، وقد سعى هؤلاء لإقناع أسر ضحايا 11 سبتمبر بعدم تقديم شكاوى ضد الحكومة الأمريكية أو اتهامها بالتقصير في هذه الأحداث، وذلك من أجل توجيه الاتهام إلى دول أخرى من بينها إيران، وهذا التحرك يخدم بلا شك واشنطن وحلفاءها الذين يشنّون حرباً إعلامية وسياسية واقتصادية واسعة النطاق ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

 

– التغطية على المتهمين الأصليين بالتورط في أحداث 11 سبتمبر وفي مقدمتهم أنظمة تدعم الجماعات الإرهابية خصوصاً النظام السعودي، فقبل عامين كشفت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية “سي آي إيه” عن وثائق تشير بشكل مباشر إلى تورط السلطات السعودية بتمويل الأشخاص الذين نفذوا أحداث 11 سبتمبر، كما أشارت هذه الوثائق إلى أن معظم هؤلاء الأشخاص يحملون الجنسية السعودية وكانوا يرتبطون بالفكر الوهابي المتطرف.

 

– تزامن اتهام إيران بالاشتراك في أحداث 11 سبتمبر مع قرار انسحاب الرئيس الأمريكي “ترامب” من الاتفاق النووي المبرم مع طهران عام 2015، هذا الاتهام الذي فسّره المراقبون بأنه جاء لتبرير قرار الانسحاب الذي أثار انتقادات واسعة في الأوساط السياسية والإعلامية على مستوى العالم.

 

– وُصفت أحداث 11 سبتمبر بفضيحة القرن لما رافقها وتبعها من فشل أمريكي واضح على كل الأصعدة الأمنية والاستخبارية والسياسية والقضائية، ولهذا أرادت واشنطن من وراء توجيه الاتهام إلى إيران بالمشاركة في هذه الأحداث التغطية على هذه الفضيحة التي أظهرت مؤشراتها أن المخابرات المركزية الأمريكية الـ “سي آي إيه” قد تخبطت في حينها بالكشف عن المتورطين الحقيقيين في هذه الأحداث، في حين تم توجيه الاتهام فيما بعد إلى تنظيم “القاعدة” والسعودية بالتورط بها، ما يكشف عن حقيقة أن قرار محكمة “مانهاتن” ضد إيران لم يكن سوى ذريعة للتستر على المتورطين الأصليين لتحقيق أهداف تصبّ في نهاية المطاف بمصلحة واشنطن والكيان الصهيوني.

 

– بعد تهديد السعودية بسحب 700 مليار دولار من ودائعها المالية في البنوك الأمريكية قررت واشنطن حثّ أسر ضحايا 11 سبتمبر على تقديم شكاوى ضد الرياض للحصول على تعويضات قدرت بأكثر من ترليون دولار في إطار ما يعرف بقانون الـ “جاستا” الأمر الذي يثير أكثر من علامة استفهام بشأن الدوافع الحقيقية لواشنطن من وراء إقرار هذا القانون الذي يتيح لها أيضاً توجيه الاتهام بالتورط في أحداث 11 سبتمبر إلى دول أخرى بينها إيران.

 

– سعت الرياض إلى دعم قرار المحكمة الأمريكية بتوجيه الاتهام إلى إيران بالمشاركة في أحداث 11 سبتمبر لإبعاد التهمة عن السعودية لاسيّما وأن الأخيرة تلعب دوراً بارزاً في تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني الذي سعى هو الآخر لدعم القرار الأمريكي ضد طهران لأنه يصبّ بالتالي في مصلحة هذا الكيان الذي يخشى من قوة إيران التي تؤكد على ضرورة إزالته من الخريطة باعتباره كياناً غاصباً ومرتكباً لشتى أنواع الجرائم البشعة ضد الشعب الفلسطيني ومنتهكاً لحقوق الإنسان.

 

– لم تتمكن المخابرات الأمريكية من تقديم دليل واحد على تورط إيران في أحداث 11 سبتمبر، ومن هنا جاء قرار محكمة “مانهاتن” ضد طهران بهذا الخصوص فاقداً للشرعية وذلك من أجل التغطية على فشل الأجهزة الأمنية الأمريكية في الكشف بشكل قاطع وحاسم عن المتورط الحقيقي في هذه الأحداث طوال ما يقارب عقدين من الزمن.

 

– سعت بعض وسائل الإعلام المرتبطة بالدوائر الصهيونية إلى الترويج لقرار المحكمة الأمريكية ضد إيران بشأن أحداث 11 سبتمبر بفعل الرشاوى الضخمة التي دفعتها السلطات السعودية لهذه الوسائل وذلك من أجل حرف الأذهان عن الاتهامات التي وجّهت في وقت سابق إلى الرياض بالتورط بتمويل منفذي هذه الأحداث.

 

الدوافع السياسية لاتهام إيران بالتورط في أحداث 11 سبتمبر

 

يمكن تلخيص هذه الدوافع بما يلي:

 

– تمكنت إيران من خلال دعمها لمحور المقاومة في عموم المنطقة من تحقيق انتصارات كبيرة على الجماعات الإرهابية ولاسيّما في سوريا والعراق، وهذا الأمر ساهم بشكل واضح بفضح حقيقة الدور الأمريكي في دعم الإرهاب، ولهذا أرادت واشنطن من اتهام إيران بالمشاركة في أحداث 11 سبتمبر، الادعاء بأن طهران تدعم الإرهاب وذلك من أجل التغطية على دور واشنطن في هذا الخصوص.

 

– تبرير مواقف وتصريحات الرئيس الأمريكي “ترامب” ضد إيران والتي ترجمها بالانسحاب من الاتفاق النووي، الأمر الذي جعل المراقبين يعتقدون بأن اتهام إيران بالمشاركة في أحداث 11 سبتمبر يهدف إلى توظيف هذا الاتهام سياسياً وإعلامياً لتشديد الضغط على طهران التي تمكّنت من فضح نوايا واشنطن، وذلك من خلال تمسكها بتنفيذ بنود الاتفاق النووي ومنها خفض مستوى تخصيب اليورانيوم، وهو ما أيّدته فرق التفتيش التابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية ولعدّة مرّات.

 

– بعد فشلها في تبرير وجودها العسكري في منطقة الشرق الأوسط سعت أمريكا لاختلاق ذرائع لهذا الوجود ومن بينها محاولة مواجهة نفوذ إيران في المنطقة، ومن هنا يرى الكثير من المتابعين بأن الاتهامات التي تروجها الإدارة الأمريكية ضد إيران بحجة دعم الإرهاب والمشاركة في أحداث 11 سبتمبر تأتي ضمن هذا السياق؛ أي الزعم بأن إيران تشكّل تهديداً للأمن والاستقرار الإقليمي والدولي من أجل خلط الأوراق من جهة، وتحقيق أهداف تصبّ بمصلحة واشنطن وحلفائها ولاسيّما الكيان الصهيوني.

 

– سعت أمريكا للاستحواذ على الودائع الإيرانية المجمدة في البنوك الأمريكية على خلفية قطع العلاقات بين البلدين بعد اقتحام وكر التجسس الأمريكي في طهران عام 1979، ولهذا أرادت واشنطن من وراء اتهام إيران بالمشاركة في أحداث 11 سبتمبر تبرير استمرارها بعدم إطلاق هذه الودائع، الأمر الذي وصفه المراقبون بأنه يمثل قرصنة مالية مفضوحة طبقاً للمعايير والمقررات الحقوقية الدولية.

 

قد يعجبك ايضا