أسباب أخرى لاغتيال الإمام علي عليه السلام
|| مقالات || زيد الغرسي
هناك الكثير من الظروف والوضعية التي كان عليها المسلمون قبل و أثناء تولي الإمام علي عليه السلام للحكم غائبة عن اهتمام المسلمين وتم تغييبها لكي لا يعرف المسلمون تلك الحقبة وما وصلت إليه من مرحلة انحراف كبيرة بالرغم من قرب عهدهم برسول الله، وعندما تولى الإمام علي الحكم حاول إعادة تصحيح الوضعية كما كانت في عهد رسول الله إلا أن الطغاة والظالمين الذين كانوا قد تحكموا برقاب المسلمين رفضوا ذلك وخاضوا ضده حربا إعلامية لتشويهه ثم شنوا الحروب العسكرية ضده إلى أن استخدموا آخر ورقة لهم وهي تكفيره تمهيدا لاغتياله كونه وقف عائقا أمام أطماعهم وتسلطهم على رقاب المسلمين وبناء ثرواتهم من أموال المسلمين، وبالفعل هذا ما حدث وهنا سأتطرق بشكل مختصر عن زاوية واحدة لها علاقة بالواقع الذي نعيشه وهي الفساد المالي والإداري الذي كان موجودا قبل تولي الإمام علي ثم سعي الإمام علي للقضاء على كل تلك الاختلالات الإدارية والمالية، وهذه الأمثلة موجودة في أمهات الكتب للمسلمين بمختلف مذاهبهم ومنها:-
– عزل عثمان أبو موسى الأشعري الذي كان واليا للبصرة ونصب مكانه عبدالله بن عامر وهو ابن خال عثمان.
– في عهد عمر بن الخطاب كان عمرو بن العاص واليا على مصر فعزله عثمان وعين محله عبدالله بن سرح وهو أخو عثمان لأم وهو الذي أهدر النبي دمه لأنه كان يستهزئ بآيات الله وبالرسول الكريم.
– تعيين ابن أبي العاص واليا وهو الذي كان يصلي بالناس صلاة الفجر أربع ركعات وهو سكران.
– تعيين مروان ابن الحكم بن أبي العاص مستشارا خاصا لعثمان وإعطائه خمس غنائم أفريقيا وهو الذي قال فيه وفي أبيه رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم ” الوزغ بن الوزغ “.
– نهب الوليد بن عقبه أموال المسلمين ولم يجرؤ أحد مواجهته أو التصدي له واستشرى الفساد المالي بشكل كبير في تلك المرحلة.
بعد تولي الإمام علي الحكم سعى لإقامة حكومة إسلامية عادلة تعيد الحق لأهله وتقيم شرع الله وتقدم النموذج الإسلامي المحمدي الأصيل فبدأ الإمام علي بالتصحيح وإقالة البعض من الفاسدين والمجرمين وسعى لإقالة معاوية بن أبي سفيان إلا أن الأخير قد تمكن نفوذه في البلاد الإسلامية عبر المال أو شراء الولاءات أو التهديد بالحديد والنار وساعده في ذلك قلة وعي بعض المسلمين ووقف معه أمراء تلك البلدان لعرقلة مشروع إقامة الحكومة الإسلامية العادلة كونهم شعروا بأن تحركات الإمام علي ستكون خطرا على سلطتهم وعلى ثرواتهم وعلى استعبادهم للناس وعلى نفوذهم فتحركوا ضده مستخدمين عدة وسائل كالحرب الإعلامية ثم الحرب العسكري ثم سلاح التكفير الذي كان سببا في اغتياله.
ففي الحرب الإعلامية شنوا ضد الإمام علي الكثير من الشائعات والأكاذيب من خلال:
– التشكيك بضرورة وجود حكومة إسلامية وتبنى الخوارج ذلك تحت شعار “لا الحكم إلا لله ”
– الطعن في شخصية الإمام علي ومحاولة تكذيب النصوص النبوية التي وردت فيه
– اتهامه بأنه فاسد وأنه نهب بيت مال المسلمين وأنه يسعى لاستئثار أموال المسلمين له ولحاشيته فقط وهو المعروف بإيمانه وزهده وفضله وعندما انتشرت هذه الشائعة رد عليهم الإمام علي وهو يخصف نعله “والله لهي أحب إلي من إمرتكم إلا أن أقيم حقا أو أدفع باطلا” وهذا يذكرنا الرئيس الشهيد صالح الصماد عندما قال: “مسح الغبار من على نعال المجاهدين أفضل من مناصب الدنيا بكلها”
– محاولة تفريق الناس من حوله وإيجاد البديل عنه.
وبعد نجاحهم في قلب الحقائق وتشويه الامام علي عليه السلام شنوا عليه الحروب العسكرية كمعركة النهروان والجمل لإشغاله عن إقامة دين الله ونشر العدل وتكوين الحكومة الاسلامية وكانوا يبررون تلك الحروب بأن الامام سبب الحروب والمشاكل ولولاه لعاش الناس في امان وانه منذ توليه الحكم نشأت الحروب.
وبعد ذلك استخدموا آخر ورقة وهي تكفيره عليه السلام وروجوا لذلك بواسطة عملائهم تمهيدا لقتله وقالوا إنه كافر بسبب مقولته المشهور ” كلمة حق يراد بها باطل ” والتي قالها عندما رفع جيش معاوية المصاحف على رؤوس الرماح بعد خسارتهم في معركة صفين فقال لأصحابه ذلك محذرا اياهم من خدعة معاوية وعمر بن العاص إلا أن الخوارج قالوا إن علي بن ابي طالب يرفض الاحتكام للقران الكريم وكفروه بناء على ذلك وبالفعل تم اغتياله وهو يصلي في محرابه بالكوفة من قبل اشقى الامة الذي ينسب نفسه للإسلام وهو ذاته الفكر التكفيري الذي تعاني منه الامة وتحركهم امريكا باسم الاسلام في مواجهة كل من يقف ضد مشروعهم وبتهمة الكفر يفجرون في المساجد ويذبحون المواطنين تماما كما عملوا مع الامام علي عليه السلام ..
هذا العرض البسيط والمختصر جدا لنعرف واقعنا الذي نعيشه من الحرب الإعلامية والتحريض واختلاق الاكاذيب ضد المسيرة القرآنية واسباب الحروب الماضية التي شنت على أنصار الله وحرب التشويه المستمرة ضدهم الى الان من قبل هوامير الفساد في مؤسسات الدولة والطغاة الذين كانوا يحكمون اليمن بالحديد والنار وينهبون ثروات البلد وعند القضاء على نفوذهم هاهم يكررون نفس الاساليب التي مورست ضد الامام علي عليه السلام وما أشبه الليلة بالبارحة فالباطل أساليبه ووسائله مستمرة في مواجهة أهل الحق على مر العصور.