العقوبات الإيرانية واللعبة القذرة التي يقوم بها آل سعود
|| صحافة عربية ودولية || الوقت
تعتبر الطاقة إحدى أهم المتغيرات الجيوسياسية والجيواقتصادية التي تمتلك مكانة خاصة في النظام الدولي، والوصول إلى مصادر الطاقة له أهمية استراتيجية عالية وذلك لأنه ليس فقط عاملاً قوياً يساعد على التنمية الاقتصادية، ولكنه أيضاً أداة مهمة لتحقيق العديد من الأهداف السياسة ومن هذا المنطلق نرى بأن الرئيس الأمريكي “ترامب” طالب منظمة “أوبك” بزيادة إنتاج النفط وقام بعدة مكالمات هاتفية مع ملك السعودية لرفع إنتاج السعودية من النفط الخام بمعدل مليوني برميل يومياً وهذا الشيء يُعدّ خرقاً واضحاً للقرارات التي خرج بها الاجتماع الأخير لهذه المنظمة، وهنا يمكن القول بأن الجغرافيا السياسية للنفط تظلّ من أهم الأدوات المهمة التي تستعين بها بعض الدول لتحقيق بعض من أهدافها الخبيثة.
وحول هذا السياق، أعلن الرئيس “ترامب”، الذي يتمتع بأعلى مستوى من التوافق والتأييد للنظام الصهيوني بين رؤساء أمريكا السابقين، بأن العقوبات سوف يتم فرضها مجدداً على إيران بعد انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الإيراني وسوف تتم هذه العملية على مرحلتين: المرحلة الأولى سوف تبدأ في أغسطس 2018 القادم، وسوف يتم تنفيذ المرحلة الثانية في نوفمبر 2018 القادم، وأعرب بأن المرحلة الثانية تهدف إلى ضرب الصادرات الإيرانية في قطاع الطاقة.
وفي سياق متصل قال مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية يوم الثلاثاء الماضي بأن فرض المزيد من “الضغوطات على طهران يعدّ أحد أولويات الأمن القومي الأمريكي” ولهذا فلقد حذّر مسؤولون أمريكيون كبار، مشترين النفط الإيراني ولا سيما الصين والهند وكوريا الجنوبية، من شراء النفط من طهران وإلا فإنهم سوف يواجهون العديد من العقوبات الأمريكية، ومن جهة أخرى أعلن المسؤولون السعوديون على لسان وزير الطاقة السعودي “خالد الفالح”، بأن السعودية مستعدة لزيادة إنتاجها من النفط الخام وذلك لتأمين ما تحتاجه الدول مثل الهند والصين من النفط الخام ومنع حدوث أي نقص في السوق العالمية قد يؤدي إلى زيادة أسعار النفط.
خفض آثار الحرب التجارية بالاستعانة بأداة التخويف “إيران”
يواجه الاقتصاد العالمي في وقتنا الحالي العديد من المشكلات بعد مروره بفترة وجيزة من الاستقرار والنمو الاقتصادي دامت لعدة سنوات، وهذه المشكلات جاءت نتيجة للتدابير التي قامت بها الحكومة الأمريكية وفرضها للكثير من التعريفات الجمركية على وارداتها من البضائع الأجنبية، وبدئها بشن حرب تجارية على بعض دول العالم وفي ظل هذه الظروف، طلب الرئيس “ترامب” من منظمة “أوبك” زيادة مستوى إنتاجها من النفط الخام للحدّ من زيادة أسعار النفط في العالم، إلا أن هذه المنظمة لم توافق على هذا الطلب ولهذا فلقد استعان الرئيس “ترامب” بأداة التخويف “إيران” لخفض أسعار النفط في العالم وفي هذا الصدد، صرّح الرئيس “ترامب” في مقابلة أجراها مع شبكة “فوكس نيوز” ردّاً على سؤال ما إذا كان هناك شخص يتلاعب بشكل متعمد بأسعار النفط “، حيث قال: “مئة في المئة، منظمة “أوبك” تقوم بهذا الأمر وهذه المنظمة تعلم جيداً بأننا نقوم بحماية جميع الدول المنتجة والمصدرة للنفط ولهذا فمن الأفضل لها التوقف عن مثل هذه الأعمال”، ولفت “ترامب” إلى أنه يجب زيادة إنتاج النفط الخام بمعدل مليوني برميل يومياً وذلك بسبب التهديدات التي سوف تسببها إيران بعد فرض العقوبات عليها.
النفط السعودي في خدمة السياسة الأمريكية
لطالما كان نفط السعودية خلال العقود الماضية، أداة في أيدي قادة أمريكا وبدلاً من الاستفادة منه لخدمة مصالح الشعب السعودي، أصبح وسيلة تستخدمها واشنطن لفرض هيمنتها على البلدان الأخرى، وهذا الخضوع السعودي يرجع إلى اعتماد العائلة المالكة في السعودية على دعم واشنطن السياسي والعسكري للاستمرار في فرض هيمنتها على شبه الجزيرة العربية ولقد أدّى هذا الأمر إلى حدوث خسائر كبيرة للحكومة السعودية التي عانت من عجز في الميزانية العامة وتفيد العديد من التقارير الإخبارية بأن الاقتصاد السعودي تكبّد خلال الفترة السابقة خسائر تُقّدر بمليارات الدولارات بسبب انهيار أسعار النفط في العالم.
ونظراً لكل هذه الأزمات التي تمرّ بها السعودية والحرب التجارية القائمة بين بكين وواشنطن، فإنه من غير المحتمل أن تتوقف الشركات الآسيوية، وخاصة الصينية، عن شراء نفطها من إيران، وعلى نفس هذا المنوال، فلقد أعلنت الشركة الصينية “سي إن بي سي” استعدادها للاستثمار في مشروع غاز جنوب “فارس” بعد انسحاب شركة “توتال” من إيران.
إيران تقف بثبات أمام هذه العواصف
إن فرض عقوبات نفطية على إيران، أمر لن يمرّ بسهولة وذلك لأنه يُعدّ تهديداً لمصالح طهران الحيوية والاقتصادية، وفي نظام العلاقات الدولية يحق للدول اتخاذ كل الخطوات المسموح بها للقضاء على مثل هذه التهديدات والدفاع عن مصالحها الحيوية، وفي هذا الصدد يتمثل أحد الخيارات الرئيسية لإيران منع تدفق صادرات النفط من الدول المنتجة للنفط الخام في منطقة الخليج إلى الأسواق العالمية وإقفال مضيق “هرمز” الممر الوحيد لهذه الصادرات والذي يقع تحت السيادة الإيرانية.
وفي هذا الصدد، أعرب وزير النفط الإيراني بعد إعلان السعودية امتثالها للمطالب الأمريكية، في رسالة إلى الأمين العام لمنظمة “أوبك”، حيث قال: ” سوف يدفع الثمن كل من يحاول القضاء على سوق النفط الإيرانية” وفي السياق نفسه صرّح الرئيس “روحاني” علانية بأن طهران لن تظلّ صامتة إذا ما قامت أمريكا وحلفاؤها بمحاولات للقضاء على سوق إيران النفطية وهنا تجدر الإشارة إلى أن السعودية تعتمد على مضيق “هرمز” الإيراني لتصدير صادراتها من النفط الخام إلى الأسواق العالمية ولقد بذلت الرياض الكثير من الجهود لخفض الاعتماد على هذا الممر البحري، إلا أن جميع تلك المحاولات باءت في النهاية بالفشل ولهذا فإن إغلاق السلطات الإيرانية لهذا الممر البحري، يمكن أن يؤدي إلى حدوث خسائر كبيرة للحكومة السعودية أكثر بكثير مما يتوقعه قادة الرياض.