مساعي السلام وتنصُّل العدوان
|| مقالات || فضل أبو طالب
كانت الزياراتُ الأولى للمبعوث الأممي، مارتن غريفث، إلى صنعاءَ مبشِّرةً إلى حَـــــدٍّ ما مقارنةً بالمبعوث السابق، حيث تحدَّثَ المبعوثُ خلال تلك الزيارات عن نواياه الجادة في وقف الحرب وإحلال السلام، وأنه سيعمل جاهدا للتوصل إلى حَــــلٍّ شامل للأزمة اليمنية، يوقفُ الحرب وتُفتحُ المطارات والموانئ ويرفع الحصار وينهي المعاناة الإنسانية التي يتعرضُ لها الشعب اليمني.
كما جرى الحديثُ خلال تلك اللقاءات عن ضرورة الاتّفاق المسبق على الإطار العام للمفاوضات القادمة، والذي من المفترض أن يلتقيَ الأطرافُ على أساسه في طاولة المفاوضات، وأن إطار المفاوضات لا بُـدَّ أن يكون شاملاً للقضايا السياسية والأمنية كمنظومةٍ واحدةٍ وحزمة متكاملة، بما فيها الرئاسة والحكومة وكذلك بقية الجوانب الأمنية والتي بالتأكيد ستكونُ خطوةً تاليةً للترتيبات السياسية المتفَق عليها.
وقد أبدى مارتن تفهماً وتجاوباً كبيراً مع هذا الطرح، ولكن يبدو أن دولَ العدوان خافت من مساعي المبعوث؛ ولذلك قررت إفشال مهمته.
فقامت بالتصعيد العسكري في جبهة الساحل الغربي؛ بهدف احتلال الحديدة أولاً؛ ولكي يتمكنوا أَيْضاً من إفشال المبعوث، وذلك بتشتيت جهودِه وحَـــرْفِ مساره وتوجهه من الحلول الشاملة للأزمة اليمنية، إلى الغرق في قضايا جزئية محكومة بالوضع في الميدان وتعقيداته، وهذا الأمرُ سيوفِّـــرُ فرصةً كبيرة وملائمة لدول العدوان للمناورة والتنصُّل عن أيَّة مساعيَ شاملة للسلام.
لقد قُلنا للسفير الفرنسي كريستيان تيستو خلال لقاء المكتب السياسي به يوم الجمعة الماضية: إن فرنسا إن أرادتْ أن تقومَ بدورٍ في عملية السلام -كما تقول- فعليها أن تسهمَ أولاً في نجاح مهمة المبعوث الذي يعاني من صعوباتٍ وعراقيلَ وتحدياتٍ كبيرةٍ من قبل دول العدوان؛ بهدف إفشاله..، وأن يقوموا بإلزام دول العدوان بالخضوع للمبادرة التي تقدمت بها الأمم المتحدة بشأن الحديدة والتي سبق أن وافق عليها السيدُ القائدُ عبدالملك بدرالدين الحوثي يحفظه الله والتي تقطعُ كُـلَّ المبرّراتِ والمزاعمِ التي يتذَرَّعُ بها العدوانُ في تصعيده باتجاه الحديدة، كما أن على فرنسا أن تلتزمَ الحياديةَ والاستقلاليةَ، وأن يكونوا على مسافة واحدة من جميع الأطراف.