دماء الصمّـاد.. سياجُ الحديدة
|| مقالات || أمة اللطيف يحيى
سلامُ الله عليه وعلى روحه الطاهرة وعلى دمائه التي ارتوت منها أرضُ الحديدة فنبت منها قوةٌ وثباتٌ وإباءٌ وعزمٌ لا مثيلَ له في نفوس أبناء تهامة..
فلم يكن استشهادُ الرئيس صالح الصمّـاد أمراً عاديا ً، أَوْ عرضاً قد يحدث؛ لأنه كان في مواجهة مع العدوّ، فقد كان يتحَـرّك إلى الجبهات ويتنقل بين المحافظات بكل نشاط وَشجاعة وإخلاص منقطع النظير، تحت أنظار العدوّ بدون خوف على حياته أَوْ منصبه بل كان كُـلّ خوفُه على وطنه أن يحتلَّ وعلى شعبه أن يُذَلَّ أَوْ يُستعبد، فقد نال الشهادةَ لذلك كله؛ ولأنه ممن قال فيهم الله عز وجل: “مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ، فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا” (الأحزاب: 23).
وبفقده قد خسر اليمنُ رجلاً مؤمناً شجاعاً.. لكن دماؤه الزكية كانت رسائل للأعداء من الطواغيت والعبيد التابعيـــن لهم.. محتواها أنكم أغبياء جداً ونظرتكم قاصرة للأمور أولاً نظر لكم!! حيث اعتبرتم أن موت الرئيس الصمّـاد الذي أزعجكم وأخافتكم قوة بأسه وشجاعته، هو نهاية للجبهة السياسية وأن ذلك سيزعزع جبهات القتال ويمكنكم من اختراقها، والشيء الذي لم تفهموه أن الجبهات الداخلية والخارجية أَصْبَــحت أَكْثَـر قوةً وتماسكاً من ذي قبل وَهي التي كان من ثمارها أيضاً ذلك السياج الذي أحاط بالحديدة، وإني أرى ذلك السياج يعلو ويكاد يبلغ عنان السماء من العزة والقوة والشموخ..
والذي سيحميها بإذن الله، فهو يُبنى يومياً بتضحيات الأبطال ودماء الشهداء الأبرار..، وعزيمة وثبات المارد التهامي مع أبطال الجيش واللجان، الذين سيمرّغون أنوفكم فوق ساحلنا الذهبي أيها الطامعون في سراب.. فيا ترى ما هي قدراتُكم التي ما زالت لديكم لتواجهوا به ذلك السياجَ الذي لم تروه، وأظنُّ أنكم لن تروه، والأغربُ من ذلك هي تلك التجارب الفاشلة التي تكررونها يومياً في كُـلّ الجبهات والخسائر الفادحة التي تمنون بها.. ولكن لا غرابة (فلا يجرِّب المجرَّب إلا من كان عقله مخرّب)!
أعتقدُ أنكم بحاجة إلى محللين أَكْثَـر فراسةً وذكاءً ومصداقيةً لكي يبينوا لكم أين أنتم وفي أي مستنقع غرقتم وفي أية هوة سقطتم… وليعلموكم أنكم تواجهون رجال أولي بأس شديد – صدقوا ما عاهدوا الله عليه -لا يخافون الموت ويعشقون الشهادة كما تحبون الحياة، فما بالكم بشعبٍ رئيسه شهيد.. وشعاره هيهات منا الذلة؟!
وكما قدّم الشهيدُ الصمّـادُ باستشهاده رسالة للأعداء قدّم رسالة لأبناء شعبه الذين أحبهم وضحى من أجلهم.. بأن لا تهينوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون، وأن كُـلّ ما عليكم هو الدفاع مع الصبر والصمود والتحَـرّك الجاد في سبيل الله وحفاظاً على الأرض والعرض، وأن ذلك كله له ثمرة ستجنى ألا وهي النصر والسيادة والاستقلال.. وكما هو وعد إلهي لكل مؤمن مجاهد بالنصر المبين من الملك العزيز رب العالمين.. قال تعالى: “وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ” (الروم:47).
فسلامُ الله على الصمّـاد من عزَّز فينا روح الصمود والإباء..