أمريكا و’الأونروا’.. خيارا الإخضاع أو الإنهاء!!

|| صحافة عربية ودولية || العهد

ليست المرة الأولى التي تُواجه فيها “وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، التحديات، لكنّها المرة الأولى الجدّية التي تواجه فيها تحديًا يستهدف وجودها، وعبرها يستهدف تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين. فما ذكرته صحيفة “واشنطن بوست”، وأعلنت عنه وزارة الخارجية الأمريكية، بإلغاء كل التمويل المالي المُقدّم لوكالة “الاونروا”، فإن ذلك يتطابق مع ما توقعته وسائل إعلام عبرية عن انتهاج الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب ” سياسة جديدة تهدف إلى إلغاء حق العودة للفلسطينيين في خطوة حرب سياسية واقتصادية على الشعب الفلسطيني.

 

هذه الخطوات الأمريكية “المتسارعة” استتبعها تحذيرات أطلقها مسؤولون أمنيون “إسرائيليون” من هذه الخطوات الأمريكية التي قد “تشعل النيران في الأرض” من خلال تعميق الأزمة الاقتصادية في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة. هذه المخاوف الأمنية “الإسرائيلية” تأتي عقب ما لمسه “الإسرائيليون” من التداعيات الخطيرة لقرار “دونالد ترامب” في كانون الأول/ ديسمبر الاعتراف بالقدس عاصمة لـ “إسرائيل” ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إليها، رغم زعمه أنه “نجح في إخراج ملف القدس الشائك والمعقد، والمسؤول عن فشل جولات تفاوضية متعاقبة، من جدول أعمال المفاوضات ومن على مائدتها”.

 

استهداف

 

وعقب خطوة ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لـ “إسرائيل” ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إليها، بدأت الإدارة الأمريكية باتخاذ خطوات تستهدف وكالة “الأونروا” من خلال وقف الميزانية الأمريكية للأونروا في الضفة الغربية، ووقف تفويض عمل “الأونروا” في الضفة لضمان عدم استقبال دعم خارجي لها، بحسب موقع “ريشت 13″، والذي أضاف أن ذلك جزء من تدابير عديدة تستهدف في المقام الأول الوكالة، وألحقت الإدارة الأمريكية ذلك بخطوة عملية وجّهت من خلالها أكثر من 200 مليون دولار كانت مخصصة لمساعدات اقتصادية للضفة الغربية وغزة إلى مشاريع في أماكن أخرى.

وتسعى الإدارة الأمريكية إلى تحديد جديد لأعداد اللاجئين الفلسطينيين، بنصف مليون بدلًا من 5 مليون واعتبار أن صفة لاجئ لا تنتقل بالوراثة. وفي هذا السياق، عَمَدَت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، “نيكي هيلي”، إلى التشكيك في إحصاء الأمم المتحدة لعدد اللاجئين الفلسطينيين، واستبعدت حق العودة لهؤلاء، وتقاطع ما ذكرته القناة الثانية “الإسرائيلية” مع ما ذكرته صحيفة “الغارديان” البريطانية في تقرير لها ترجمته (عربي 21)، أن إدارة دونالد ترامب تنوي سحب الاعتراف بوكالة “الأونروا” ورفض تعريف اللاجئ المتّبع بالوكالة، وهو بنقل مكانة اللاجئ عبر التوارث بين الأجيال، حيث ستكتفي واشنطن بالاعتراف بالوكالة على أنها مفوضية تعنى بشؤون اللاجئين عموماً.. وأن ترامب سيوقف كل التمويل الذي تتلقاه “الأونروا”، وفرض حظر على البلدان الأخرى؛ لمنعها من دفع المبالغ التي تتوقف الولايات المتحدة عن تقديمها.

 

ويبدو أن الاعلان عن فرض حظر على البلدان الأخرى التي من الممكن أن تدفع مبالغ تتوقف الإدارة الأمريكية عن دفعها للأونروا، هو خطوة استباقية لما سيعلنه الإتحاد الأوروبي عن قيمة تبرعاته للأونروا، أو قيمة التبرعات التي ستعلن عنها تركيا بصفتها رئيس اللجنة الاستشارية للأونروا خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، والتي اعتبرها مدير عام دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير “أحمد حنون” أنها “لن تسد العجز الذي خلفه إحجام الولايات المتحدة عن تقديم مساهماتها إلى “الأونروا”، إلا أنه قد يكون فرصة لتحرير الوكالة من الاملاءات والشروط الأميركية”.

 

وينبغي الإشارة إلى أن “الأونروا” التي نشأت بموجب القرار رقم “302” في الدورة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة في (9/12/1949)، ليس للولايات المتحدة وإسرائيل أية سلطة من حيث التفويض عليها، وبالتالي فإن محاولات الإدارة الأمريكية لإلغاء الوكالة أو العمل على تحديد أعداد اللاجئين، هو افتئات على الوكالة المُخَوّلَة الوحيدة بتحديد أعداد اللاجئين، وهذا يعني أن الإدارة الأمريكية إذا ما استمرت في ذلك، فستكون في مواجهة مع المجتمع الدولي.

 

العودة والقرارات الدولية

 

وحين يُطالب الفلسطينيون بحق العودة إلى ديارهم التي اقتلعهم منها الكيان الصهيوني، والتعويض عمّا لحق بهم، فإنّ ذلك هو التطبيق المُنسجم مع القرار (194) الصادر بتاريخ (11/12/1948) عن الأمم المتحدة القاضي بوجوب السماح للاجئين بالعودة إلى ديارهم ودفع التعويضات لهم. وعلى أساس تنفيذ هذا القرار اشترطت الأمم المتحدة قبول عضوية “إسرائيل” فيها، ولكن “إسرائيل” خالفت كل ذلك، وعملت على إعاقة عملية عودة اللاجئين إلى ديارهم وممتلكاتهم، متذرعة بمسألة الأمن وما تشكله عودة اللاجئين من خطر أمني على “دولة الشعب اليهودي” ووجودها، والصعوبات الاقتصادية، ومسؤولية العرب عن الحرب ونتائجها، وعدم اعترافهم بدولة “إسرائيل” وسعيهم لتقويضها وعدم استعدادهم لعقد معاهدة صلح معها.

 

وبناء عليه، فإن “إسرائيل” ترفض أي حديث عن عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم ووطنهم. ففي اتفاقية أوسلو (13/09/1993)، تم تأجيل بحث قضية اللاجئين إلى المرحلة النهائية. وفي “خارطة الطريق” التي ربط رئيس الوزراء “الإسرائيلي” أرييل شارون، موافقته عليها بفرض 14 شرطاً تعجيزياً بينها شرط حول اللاجئين يعلن فيه الفلسطينيون أن “إسرائيل دولة يهودية”، في “تنازل” عن حق العودة… أما نصوص “خارطة الطريق” فتشير وبشكل عابر إلى مسألة اللاجئين وحلها.. من خلال تسوية متفق عليها عبر التفاوض بين الأطراف قائمة على أساس قرارات مجلس الأمن (242 و 338 و 1397) التي تنهي احتلال أراضي 1967، وتشمل حلاً واقعياً وعادلاً ومتفقاً عليه لقضية اللاجئين!

 

إن حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم ووطنهم هو حق شرعي وطبيعي كفلته الشرائع السماوية والقوانين الدولية، ينبغي التأكيد الدائم عليه، مع العمل على تحسين أوضاع اللاجئين في المخيمات والحصول على حقوقهم الإنسانية إلى حين عودتهم إلى أرضهم وديارهم التي أخرجهم منها قسراً الاحتلال “الإسرائيلي”، والذي يتحمّل المسؤولية القانونية والسياسية والأخلاقية لنشوء مشكلة اللاجئين التي ستبقى قائمة إلى حين العودة.

قد يعجبك ايضا