هذا ما أرادته السعودية من المشاورات واستعجال إفشالها
|| مقالات || عبدالملك العجري
مثّل تأمينُ طائرة مأمونة لنقل الوفد الوطني اختباراً بسيطاً لجدية تحالف العدوان في المشاورات فشل فيه فشلاً ذريعاً.
في المرة الوحيدة التي تولّت الأمم المتحدة نقلَ الوفد في جنيف ١ تعرضت الطائرة للتوقيفِ في أكثرَ من محطة وتأخير متعمَّد بقصدِ الإساءة للوفد، وأمام احتجاجات واستياء الوفد لم تستطع الأممُ المتحدة أن تفعل لهم شيئاً، فالاستهتار بها لم يعد ماركة مسجلة للدول الكبرى، وأية دولة تملك المال ولو بحجم الإمارات بمقدورها أن تشُدَّ الأمم المتحدة من أُذُنِها، والثقة بها تراجعت حتى تكاد هذه المنظّــمة العالمية تتحوَّلُ لجامعة عربية أُخْـــرَى.
ولأن الأمم المتحدة لا تملك أن تقدمَ ضماناتٍ تحظى بثقة الوفد والقيادة السياسية تولَّت سلطنة عُمان منذُ جنيف ٢ إلى مشاورات الكويت مروراً بمسقط نقلَ وفود صنعاء وصار هذا إجراءً عادياً في كُـلّ جولة مشاورات.
المفارَقَةُ أنَّه في وقت كان البعض يبعثون برسائلَ متفائلة أن جولة المشاورات هذه قد تفتخ نافذةً للعبور إلّا أن رفض تحالف العدوان القاطع والمفاجئ لهذا الإجراء الذي صار بحكم الاعتيادي جاء على العكس وَعصَفَ بكل التوقّعات، فمن يرفض هذا الإجراء البسيط والعادي كيف سيوافق على وقف الحرب وفتح مطار صنعاء؟!
استمرت الجهود والمساعي من قبل المبعوث والوفد والسلطات الوطنية في صنعاء تبذُلُ إلى آخر لحظة وكل المبادرات اصطدمت بجدار تعنت وعنجهية العدوان.
من جهة أُخْـــرَى هذا الموقف المتعنت أكّد ما كان يتسرب من معلومات أن السعودية غير مرتاحة للمبعوث الجديد وغير راضية عن أدائه وتريد إظهاره فاشلاً، وَمن خلال تصريحاته بدا المبعوث مدركاً نوايا السعودية هذه.
تحالُفُ العدوان يريدُ أن يجعلَ من المبعوث الجديد نسخةً من ولد الشيخ. وثانياً يريد المشاورات محطةً لامتصاص تراكمات جرائم القصف والحصار وتعمد إفشاله لكن في ظروف ملتبسة يبرئ ساحتَه ويحمل الأطراف اليمنية مسؤولية إفشالها. غير أن النتيجةَ جاءت مغايرةً تماماً، إذ فشلت في تحقيق كلا الأمرين، فحتى اللحظة يقاوِمُ المبعوثُ محاولاتِ جعله نسخةً من ولد الشيخ، وتجلّى ذلك في تصريحاته التي حمَّلت السعودية مسؤوليةَ إعاقة وفد صنعاءَ وإنْ بشكل ضمني.
ومن جهة ثانية بدلاً عن أن تفشل مشاورات جنيف في ظروف ملتبسة فإنّها بإعاقتها وصولَ الوفد استعجلت إفشالَ المشاورات بصورة سافرة لا تحتملُ اللبسَ وتتحمَّلُ وحدَها مسؤوليةَ إفشاله.