نص المحاضرة التاسعة للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي في (دروس ما بين الهجرة وعاشوراء) 1440هـ

موقع أنصار الله  –  صنعاء  – 9 محرم 1440هـ

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله خاتم النبيين اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وارض اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين وعن سائر عبادك الصالحين.

أيها الإخوة والأخوات..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

في سياق الحديث عن الانحراف الكبير في تاريخ الأمة الذي عمل على الاتجاه بالأمة في طريق متعرجة بعيدا عن الصراط المستقيم والزج بها نحو سبل معوجة خارجة عن النهج الأصيل الذي كان عليه رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله وتضمنته آيات الله في كتابه القرآن الكريم في هذا السياق المنحرف والذي عبر الرسول صلوات الله عليه وعلى آله بتوصيف دقيق ومحق في ما وصفه به فقال أنهم سيتخذون دين الله دغلا وعباده خولا وماله دولا في هذا المسار المنحرف المعوج أتى الطغيان الأموي بيزيد بن معاوية ليكون في موقع القرار والسلطة والتأّمر على الأمة الإسلامية وهذه خطوة كارثية وفظيعة جدا وتمثل انقلابا واضحا ومكشوفا على حقائق الإسلام وعلى مبادئ الإسلام وعلى منهج الإسلام.

يزيد بما عرف به وما عرف عنه وبما يمثله من نقيض تام مع تلك المبادئ الإسلامية مع تلك القيم الإسلامية مع ذلك المنهج الإلهي يؤتى به ليفرض على الأمة الإسلامية في موقع القرار والسلطة وفي موقع القيادة والإمرة، الموقع المهم الذي تدار من خلاله شؤون الأمة بكلها ومن خلاله ترسم مساراتها وسياساتها واتجاهاتها ومواقفها وإدارة كل شؤون حياتها وأيضا من خلال هذا الموقع تصبح كل قدرات وطاقة هذه الأمة تحت السيطرة القدرات العسكرية القدرات المادية فكانت هذه الخطوة كارثية بكل ما تعنيه الكلمة وتمثل خطورة بالغة على الأمة في دينيها وانتمائها وهويتها وحتى على مستوى استقرارها وصلاح حياتها وشأنها، يزيد عرف عنه أمور فظيعة جدا عرف عنه أولا استهتاره بالإسلام وفي كثير من عباراته ومقاماته ومقالاته وأشعاره ورد ما يعبر عن هذا الاستهتار بهذا الإسلام جملة وتفصيلا بل عبارات تعبر عن حالة الكفر بنبوة رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله من مثل قوله:

لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولا وحيٌ نزل

فيصرح في هذا البيت بكفره التام بنبوة رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله ويعتبر أن ما أتى به رسول الله هو مجرد حيلة للوصول إلى الملك وهذه نفس عقيدة المشركين التي كانوا يعتقدونها في حربهم مع رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، وعبارات أخرى فيها إساءات إلى الدين الإسلامي وإساءة إلى مبادئه وشرائعه وإلى أشياء كثيرة في الدين الإسلامي. وثانيا كان يحمل عقدة الانتقام والحقد على رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله وكان هذا واضحا وتجلى بأكثر بعد ما فعله بعترة رسول الله وبالإمام الحسين عليه السلام فقد تجلى كذلك في أشعاره في مواقفه في كلامه في أقواله ما يعبر عن هذا الحقد وعن تلك العقدة من الانتقام التي يسعى للوصول إليها فهو كان يسعى عمليا لأن يتمكن من موقع يحقق له فيه هذه الأمنية الانتقام من رسول الله وهو القائل فيما بعد:

لست من “خندف” إن لم أنتقم من بني أحمد ما كان فعل

فهو يقول في هذا الشعر لا بد وأن ينتقم من رسول الله في عترته في ذريته على أساس الثأر بأسلافه الذين قتلوا في حربهم الجاهلية ضد رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله فهو كان يحمل هذه العقدة من الانتقام ويسعى للوصول إليها من الانتقام من رسول الله من خلال ذريته والانتقام من بقايا المهاجرين والأنصار وخصوصا الأنصار الأوس والخزرج الذي كان حاقدا عليهم بشكل كبير جدا ويضمر ويعد العدة للانتقام منهم شر انتقام وأشد انتقام وفعل ذلك في نهاية المطاف وسنأتي إن شاء الله للحديث عن ذلك، فإنسان يحمل عقد الجاهلية حتى ضد رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله وضد من كان لهم دور بارز في حمل راية الإسلام يعني أنه على نقيض تام من مبادئ الإسلام وقيمه وأنه لم ينسجم بعد مع هذا الدين لا في مبادئه ولا في قيمه ولا في أخلاقه ولا في رموزه حتى رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله لا يزال حاقدا على رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله ولا مع أمته كحالة مع الأنصار وكحالة مع أخيار الأمة في أي بقعة كانوا حاقد بشكل كبير جدا.

ثم هو ثالثا معلن بالفسق والفجور كان إنسانا مشهورا ومعلنا وواضحا في فسقه وفي فجوره في ممارساته الإجرامية في ارتكابه الفواحش في شربه للخمور في سكره في عبثه في جرائمه الأخلاقية الفظيعة جدا التي اشتهرت في الآفاق في استهتاره بشرائع الدين وقيمه في استهتاره أيضا حتى بالعبادات في الإسلام وكان كما في كلام الإمام الحسين عنه وكما ورد في كتب التاريخ عنه كان معلنا بالفسق والفجور واضحا في ذلك منكشفا في ذلك متبجحا بذلك فهو جريء في فجوره وواضح في فسقه ومستخف بالأخلاق الإسلامية والالتزامات الدينية وواضح في أنه إنسان فاجر من الطراز الأول يعني فاجر بشكل فظيع جدا وبشع ثم هو كذلك مجاهر بالرذائل بدرجة لا نستطيع التعبير عن بعض ما ورد بشأنه في كتب التاريخ فيها يعني أحط مستوى يمكن أن تتخيله أو تتصوره عن إنسان مفلس إفلاسا تاما من القيم الفطرية والإنسانية كان عليه يزيد حالة رهيبة جدا من الانحطاط وخسة والجرأة على ارتكاب الرذائل بكل أشكالها. ثم كان أيضا مستبيح للمقدسات لا حرمة عنده لأي مقدس في هذا الإسلام لا للرسول ولا لمسجده ولا لقبره ولا لمدينته ولا لأنصاره ولا لذريته ولا لعترته ولا لمكة ولا للبيت الحرام ولا حرمة عنده لأي شيء من مقدسات الإسلام إنسان على هذا النحو من الاستهتار بالإسلام جملة وتفصيلا من الحقد الواضح والمعلن والبين والمكشوف على رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله وإظهاره رغبته الشديدة في الانتقام من رسول الله عن حروب الجاهلية الحروب التي خاضها أسلافه في الجاهلية ضد رسول الله وتكبدوا فيها خسائر وهو يسعى للانتقام من موقع السلطة وبالاستفادة مما يتمكن منه في هذه الأمة التي تنتسب إلى هذا الإسلام فيسعى للانتقام من رسول الله ويسعى لتصفية الحسابات مع الأوس والخزرج مع الأنصار أنصار الإسلام أنصار رسول الله ويسعى إلى الانتقام منهم أشد الانتقام فعل ذلك في وقعة الحرة التي نكل فيها تنكيلا كبيرا بأهل المدينة وبالذات الأنصار وبقايا الصحابة وقضى على ما بقي آنذاك فيها من الوجوه البارزة مثلا كل من حضر بدرا كل من حضر معركة بدر أمر بإعدامه قال لهم أي واحد تشاهدونه في المدينة ممن حضر مع رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله وشارك في غزوة بدر التي كانت أول معركة ما بين المسلمين وما بين المشركين وقتل فيها آنذاك جد يزيد والد أمة وكذلك أخ جده وخاله وأخوه تقريبا وبعض المقربين منهم وجملة من القيادات والشخصيات الفاعلة والبارزة في مجتمع قريش آنذاك الذي كان يحمل لواء الشرك والحرب ضد الإسلام.

أمر يزيد بن معاوية أن يقتل أي إنسان بقي ممن حضر بدرا مع رسول الله أن يتم إعدامه انتقاما من مشاركته بالجهاد مع رسول الله ضد مشركي مكة، تخيلوا إنسان بهذا الحقد على رسول الله وعلى أنصاره والمجاهدين معه وعلى المقدسات يستهتر بها كل المقدسات يستهتر بها كلها سواء في المدينة أو في مكة سواء المقدسات التي هي معالم كالمسجد الحرام كالمسجد النبوي كقبر رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله أو المقدسات المتمثلة بالإمام الحسين في أعلام الهداية كل المقدسات لا حرمة لها عنده وكل الحرمات بالنسبة للأمة في واقعها كل إنسان مؤمن له حرمته في دمه وفي عرضه في ماله كل هذه الحرمات مستباحة من جانب يزيد بن معاوية، إنسان بهذا المستوى من الإجرام يتجاهر ويتظاهر ويعلن بالفسق والفجور ولا يستحي أبدا ولا يتحرج في أن يظهر بما هو عليه من فجور وفسق وإجرام يعني إنسان مجرم من المستوى الأول من المجرمين قدم ذلك المجرم بكل ما هو عليه من فسق وفجور واستهتار بالإسلام وحقد على رسول الله وعترته وأنصاره من المسلمين وعلى الذين شهدوا بدرا مع رسول الله إلى آخر القائمة الطويلة عنه يقدم ليكون هو الآمر والناهي في هذه الأمة والمسيطر على القرار في هذه الأمة ولتكون بيده وتحت سلطته كل إمكانات ومقدرات هذه الأمة وهو على نقيض تام مع مبادئ هذه الأمة مع قيمها مع أخلاقها واقعه مختلف تماما ويعتبر تمكينه تمكينه من ذلك يعتبر جريمة كبيرة جدا مثلا الأمة في حال قبلت أن تكون تحت سلطته وأن تكون كل إمكاناتها وقدراتها المادية والبشرية وكل ما بيدها تحت أمره وسلطته وتحت قراره يتحرك بها كما يشاء ويريد كيف سيكون برنامج هذا الإنسان برنامجه في هذه الحياة كيف ستكون سياساته هو لا بد من أن يتحرك بالأمة في اتجاه معين لن يكون في واقعه في واقع جمود مجرد اسم أمير أو ملك أو بأي صفة من الصفات لا بد أن يتحرك بهذه الأمة في اتجاه معين لا بد أن يسير بها في اتجاه معين لن يقف لن يجمد أبدا وسيتحرك من واقع ما هو عليه في اهتماماته كيف ستكون اهتمامات إنسان على هذا النحو كيف ستكون سياساته أولوياته برنامجه الذي يتحرك بالأمة ليسير بها على أساسه كيف سيكون، سيكون بما هو عليه بلا شك اهتماماته ستكون مطبوعة بطابعة أولوياته كذلك برنامجه كذلك لن يختلف لن يقدم لهم شيء من غير ما هو عليه، طبعا فيما هو عليه في نقيض تام مبادئ الإسلام وقيمه وأخلاقه فلا يمكن أن يسير بالأمة على أساس تلك المبادئ وهو على نقيضها ولا على أساس تلك الأخلاق وهو كذلك يختلف معها ولا على أساس تلك التشريعات وهو أو من يخالفها لا يمكن أن يسير بالأمة على أساس من ذلك وبالتالي في بنائه لواقع جديد ينسجم معه وينسجم مع ما هو عليه من قناعات من توجهات من اهتمامات من رغبات لا بد أن يغير في واقع الأمة ويتجه هذا التغيير إلى مبادئ أساسية وجوهرية في الإسلام حتى يتأقلم معه واقع الأمة بشكل تام ويتطابق مع توجهاته المنبثقة والناشئة والناتجة عما هو عليه هو في نفسه من اتجاهات واهتمامات ورغبات إلى آخره سيتجه إلى تغيير هذا الواقع حتى يتأقلم معه بشكل تام وهذا يعني أن يكون هناك تحويل وتغيير وتبديل في واقع الأمة في مبادئها الأساسية في هذا الإسلام ولماذا تغير مبادئ أساسية من الإسلام من دين الله من نهج رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله تشطب مبادئ وتزاح أخلاق وتلغى تشريعات وتفرض مسارات وتوجهات جديدة منحرفة ونقيضة كليا لتلك المبادئ الإسلامية وتلك الأخلاق الإسلامية وتلك التشريعات الإسلامية لماذا هذه التضحية بأعظم ما لدى هذه الأمة بأغلى وأعز ما تمتلك هذه الأمة وهو دينها دينها الذي هو عطاء إلهي دينها الذي يمثل صلتها بالله سبحانه وتعالى وصلاحا لواقعها وفلاحا وخيرا في الدنيا والآخرة؟ كل هذا من أجل من؟ من أجل طاغية مجرم منحط دنيء خسيس متجرد من القيم الإنسانية والفطرية والدينية والإلهية إنسان من أسوأ المجرمين من أظلم الناس من أفسد الناس من أجرم الناس بأي منطق يمكن أن نقول نعم تغير هذه المبادئ الإسلامية تشطب هذه المبادئ الإسلامية تحذف هذه القيم تزاح هذه الأخلاق وهذه التشريعات بكلها تلغى وهذه النصوص القرآنية تجمد والأمة تترك الاقتداء برسول الله وتقتفي أثر يزيد بن معاوية كل هذا من أجله لماذا يعني؟ يعني هذا أمر غريب جدا جدا مسألة فظيعة جدا فظيعة جدا وللتمهيد لها كان هناك خطوات فظيعة كذلك في نفس الوقت التمهيد لهذه المسألة احتاجت إلى خطوات كبيرة ما قبل يزيد وللتهيئة ليزيد كان هناك جملة إجراءات كلها إجراءات إجرامية وخطيرة وهدامة بكل ما تعنيه الكلمة أزيحت شخصيات بارزة من الساحة الإسلامية عن طريق تصفيتها واغتيالها بالسم وفي المقدمة الإمام الحسن عليه السلام حيث تم اغتياله بواسطة السم وبعض الشخصيات من الصحابة وبعض من أزواج رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله كذلك تم اغتيالهم وتصفيتهم بالسم.

خطوة أخرى كان فيها شراء للولاءات والذمم وجاهات وشخصيات اجتماعية وشخصيات بارزة في الساحة الإسلامية ممن قد تأثرت بالواقع الجديد في سياساته الجديدة ومتغيراته فتم شراء بعضها بالمال وبمبالغ محددة بعض تلك المبالغ مبالغ محددة على أن توافق في مقابل موافقتها على يزيد والبعض الآخر بمناصب تم شراءهم بمناصب حددت لهم والبقية الباقية بالترهيب والتخويف والتهديد والوعيد وكل هذه الإجراءات كما قلنا عنها إجراءات هدامة مفسدة مفسدة فشراء الولاءات والذمم ليقف هذا أو ذاك في صف الباطل هذا إجراء مفسد وهدام ومؤثر ومضر على الأمة في قيمها وأخلاقها ومتناقض مع تربية الإسلام التي تربي الإنسان أن يكون مبدئيا ومسؤولا في قرارته في ولاءاته في مواقفه ألا يشترى منه ولاءه أو موقفه بمال أو منصب، لا، فهذه مسالة تعود إلى إنسانيتك إلى دينك إلى أخلاقك يتحدد موقفك كمسلم على أساس هدي ربك هدي الله سبحانه وتعالى توجيهات الله سبحانه وتعالى لا أن يباع بالمال فالخطوات التي نفذت كانت خطوت هدامة لتمهد لمجيء يزيد وتقديمه ليكون في موقع السلطة كذلك الترويع للناس أوالتخويف لهم والتهديد والوعيد والسعي لأن تكون حالة الخوف مسيطرة على الساحة الإسلامية ومكبلة للناس عن تحديد أي موقف صحيح أو تحرك صحيح أو اتجاه صحيح معنى ذلك السعي للسيطرة على الناس لصالح الباطل بهذه الطريقة طريقة التخويف والوعيد فكانت هذه إجراءات فعلا هدامة وخطيرة جدا، ومجيء يزيد في موقع القرار والسلطة بكل ما هو عليه وفيما تحدثنا عن عناوين منه وبكل ما يمثله من تناقض مع هذا الإسلام له مشكلة مع هذا الإسلام له مشكلة مع نبيه ومع أنصاره وله مشكلة مع مبادئه وله مشكلة مع مقدساته وله مشكلة مع مبادئه العظيمة وأخلاقه العظيمة وتشريعاته العظيمة يختلف معها كلها، له موقف من رسول الله وله موقف من البيت الحرام وله موقف من المدينة المنورة وله موقف من الأنصار وله موقف ممن حضر بدرا كلها مواقف سلبية كلها مواقف نقيضة ومعادية وبحقد شديد يختلف مع التشريعات الإلهية ولا يلتزم بها أصلا ويخالفها ويرتكب المحرمات ويستحل المحرمات يعني ليس عنده مبدأ حلال وحرام هذا أمر مشطوب عنده كل الأمور عنده يفعل ما يشاء ويريد ما يرغب به يفعله من شهواته بل تربى على الفسق والفجور وتربى على الفسق والفجور وجاهر به وأعلنه وكان واضحا به يعني لا يمتلك حتى الحياء الحياء الذي هو خلق فطري عند الكثير من الناس فتحركه على هذا النحو في كل ما يمثله من تناقض تام مع الإسلام يعني أنه سيستغل موقعه في السلطة والقرار والإمكانات والقدرات التي أصبحت تحت سيطرته ليسير ببرنامجه المخالف للإسلام الهدام والتدميري في نفس المسار الذي هو مسار انحراف باتخاذ دين الله دغلا وعباده خولا وماله دولا ولكن على أسوأ مستوى على أسوأ مستوى بقدر ما هو عليه من سوء نفسه.

واقع كهذا هل يفترض بالأمة الإسلامية أن تتقبله؟ أن ترضى به؟ أن تعمل على أساس التأقلم معه؟ أن تضحي بدينها ومقدساتها ورموزها وأن تضحي بأخلاقها ومبادئها وأن تضحي حتى بما فيه الضمانة لخيرها وصلاحها وصلاح حالها في الدنيا والآخرة من أجله، يعني هل نفترض في هذه الأمة أن يكون إنسان طاغية مترف مجرم فاسق فاسد متجرد من كل القيم الإنسانية والدينية عزيز عليها إلى هذه الدرجة حتى تضحي بأعظم ما لديها من أجله؟ بأي منطق يمكن أن نقول ذلك هذه الأمة التي إذا عدنا إلى ما ينبغي أن تكون عليه وهي أمة الرسالة أمة القرآن أمة الرسول محمد صلوات الله عليه وعلى آله الأمة التي في منهجها أن تؤمن بكل أنبياء الله وأن يكون الأنبياء هم قدوتها وهم أسوتها وهم هداتها وأن تكون سيرة رسول الله هي سيرتها وهي مسارها في هذه الحياة أن يكون القرآن الكريم هو منهجها أن تكون مبادئ الإسلام العظيمة هي مبادئها أن تكون قيم الإسلام وأن تكون أخلاقه وأن يكون شرعه هو الذي تبني عليه مسارها في هذه الحياة، الأمة التي تقف في كل صلاة لتتوجه إلى الله لتقول [صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ] بمعنى أن الصراط المستقيم الذين ينبغي أن تسير عليه في مسيرة حياتها صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين مسيرة هداية مسيرة هداية، الأمة التي يفترض أن تكون مسيرتها على أساس قول الله تعالى :(كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) ويفترض أن تكون مسيرتها مسيرة أخيارها الذين انطبقت هذه المواصفات في حقهم بشكل تام أن تحذو حذوهم وأن تسير على هذا الأساس، الأمة التي يفترض أن تكون فيها كما أمرها الله في قوله تعالى [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصَارَ اللَّهِ] الأمة بهذه التوجيهات الإلهية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ) وكونوا شهداء لله كونوا هكذا قوامين بالقسط وقوامين لله وشهداء لله وشهداء بالقسط هذه الأمة نفترض في حقها أن يقودها لتنفيذ هذا البرنامج يزيد بن معاوية أولا وفي وتنهون عن المنكر أول مشكلة تكون لهم مع يزيد أول مشكلة [كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ] ستكون أول مشكلة مع يزيد على المنكرات لأنه يستبيح المنكرات وينهى عن المعروف واتجاهه اتجاه آخر بدل كونوا أنصار الله كونوا أعداء الله واقتلوا صفوة وأخيار عباده واجتاحوا كل المحرمات والمقدسات وافعلوا كل شيء أباح المدينة المنورة أباحها في كل شيء أباح سفك الدماء فيها ونهب الأموال منها واغتصاب النساء فيها لثلاثة أيام كاملة قال لجيشه لكلم ثلاثة أيام اقتلوا اغتصبوا انهبوا ولا تترددوا في أي شيء وفعلوا ذلك وسنأتي إلى هذا الموضوع بمزيد إن شاء الله من التوضيح، الأمة الإسلامية مسارها المفترض الذي يفترض أن تسير عليه وأن تبني عليه واقعها بكله هو المسار الذي حددته الآيات المباركة مسار تتحرك فيه في الصراط المستقيم صراط الذين أنعم الله عليهم من هداة عباده هل يزيد منهم أم انه من أولئك المغضوب عليهم؟ كل ما يمكن أن يغضب الله هو كان يفعله وفعله من المغضوب عليهم ومن أسوأ المغضوب عليهم ومن أرجس وأدنس المغضوب عليهم.

مسيرة الإقامة للقسط وذاك ظالم طاغية مجرم مترف مستهتر بكل شيء ليس هناك شيء لهم قيمه عنده لا مقدسات ولا مبادئ ولا قيم ولا أمة ولا أي شيء أبدا [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ] هذا هو المسار المفترض للأمة وليس مع الطغاة المجرمين السيئين فإذاً لا يمكن ليزيد أن يقود الأمة لتطبيق برنامج على ضوء هذه الآيات القرآنية التي تحدد لنا طبيعة المسار والطريق الذي يفترض أن تسير فيه الأمة في حياتها ومواقفها يزيد مسيرته أو مساره منفصل كليا مع هذه الآيات ليس فقط منفصلاً عنها وإنما متناقض متناقضاً معها أيضاً ليس متفقاً معها بأي شكل من الأشكال ويفترض أن تكون مشكلة الأمة معه هو وأمثاله في نهيها عن المنكر في تصديها للطغيان في إقامتها للقسط في مواجهتها للظلم تكون مشكلتها معه هو وأمثاله ممن على نهجه وطريقته .

الأمة الإسلامية محمية في منهجها الإلهي إن التزمت به من أن تكون متقبلة من أن يفرض عليها يزيد وأمثال يزيد النصوص القرآنية أتت لتحدد للأمة من تتبع ومن تطع وفي أي طريق تسير وبعض من النصوص القرآنية التي نقرأوها مثل قول الله سبحانه وتعالى (ولا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا) كل المواصفات هذه تنطبق على يزيد انطباقاً تاماً فأغفل الله قلبه عن ذكره وهديه وهو منصرف عن هذا كلياً وبكل وضوح أيضاُ ثم هو كذالك متبع لهوى نفسه بكل وضوح ولا ينطبق على أساس شرع الله ودين الله وتعليمات الله وتوجيهات الله ثم أمره كذالك فرط وتجاوز وانتهاك في الحق والقيم والأخلاق والله يقول (وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ) يقول (وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا) يقول (وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (151) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُون) الأمة هذه مرسوم لها مسارها في الأول في أي طريق تسير ومع من وفي أي اتجاه وعلى أي أساس ثم هناك النصوص الكثيرة التي تنهاها وتنهى كل فرد منها لتتوجه بالنهي الواضح والصريح عن طاعة وإتباع المجرمين والضالين والطغاة والمفسدين، تجعل الإنسان متبايناُ معهم في مسيرة حياته ومواقفه التي يتحرك على أساسها، ولذالك يزيد يشكل خطورة كبيرة على هذه الأمة في ماذا؟ في مبادئها وفي قيمها وفي أخلاقها وفي منهجها بكله وتمكنه من موقع السلطة والقرار سيساعده على تصفية حساباته في أحقاده الكبيرة وفي سعيه الانتقامي من الرسول والإسلام والمسلمين كما يساعده على أن يتمكن من استغلال مقدرات الأمة وإمكاناتها؛ فيما ينسجم مع هوى نفسه مع ما هو عليه من انحراف كبير وإجرام وفساد؛ وهذه قضية خطيرة جداً؛ هذه النتيجة فيها أن تخسر الأمة دينها أن تنفصل عن هذا الدين في مسيرة حياتها وتفصل في مسيرة حياتها عن هذا الدين في أهم ما في هذا الدين من مبادئ من قيم من أخلاق من تشريعات وأن يتحول واقع الأمة إلى خول إلى خدم إلى عبيد ليزيد بن معاوية مثل ما فعل بعد دخول جيشه المدينة المنورة الذين سلموا من القتل بعد أن قتل أعداد كبيرة في بعض الروايات التاريخية بالآلاف في بعض المصادر التاريخية تقول أن آلاف قتلوا في المدينة ومن بقي منهم أجبروا على أن يبايعوا ليزيد بن معاوية وكانت صيغة البيعة العبارات التي كانوا يبايعونه على أساسها كانت الصياغة هذه بعبارة أن يبايع الواحد منهم على أنه ماذا مواطن ؟ لا؛ على أنه عبدُ قنُ ليزيد بن معاوية وأجبروا على ذالك أجبروا والتاريخ يذكر هذه الحقائق أجبر بقايا من سلم من القتل في المدينة المنورة على أن يبايعوا ليزيد بن معاوية يبايع كل فردُ منهم على أنه عبدُ وقنُ يعني خالص العبودية ليزيد بن معاوية وختم على كل منهم بختم كان يستخدم هذا الختم على العديد..يختم عليهم كعلامة مميزة لهم على أنهم عبيد، وختم من كي النار يعني، فيصبح علامة ثابتة كأن الإنسان حيوان، تخيلوا هذا المستوى من الإسراف والإجرام.

يزيد اتجه في برنامجه هذا أول خطوة لتثبيت سلطته في الساحة الإسلامية، وكانت هذه أول مسألة مهمة بالنسبة له، أن يثبت أركان سيطرته في الساحة الإسلامية بكلها وأن يتخلص من أي معارضة أو أي توجه لا يتقبل سلطته سيطرته على هذه الأمة، وبالطبع كانت أنظاره متجهة نحو المدينة المنورة لأن في المدينة المنورة يستقر الحسين بن علي عليهما السلام وهو سبط رسول الله صلى الله عليه وعلى آله والمنظور إليه في أوساط الأمة وهو البقية الباقية لآل رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله.

الإمام الحسين عليه السلام معروف في الساحة الإسلامية ليس شخصية مجهولة أبدا، معروف بشكل كبير في الساحة الإسلامية، معروف بما قاله عنه رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، بحضوره في ظل والده أمير المؤمنين عليه السلام، فيما هو عليه أيضا من كمال، فيما هو عليه في مقامه الديني وما يمثله في مقامه الديني، وهو رمز الأمة والبقية الباقية من آل رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، الإمام الحسين عليه السلام وبعض الشخصيات البارزة الموجودة في المدينة، كان يزيد يحسب ألف حساب لحسم الموقف معها ابتداءً بالحسين عليه السلام، فإذا تخلص من مشكلة تلك الشخصيات وعلى رأسها الإمام الحسين عليه السلام، يكون قد اطمأن إلى أن الساحة الإسلامية بكلها ستخضع له، وبالتالي سيعمل ما يشاء ويريد ويثبت سلطته في الساحة الإسلامية بحسب هوى نفسه، فأرسل رسالة إلى المدينة المنورة، إلى الوالي هناك، والرسالة هذه تشدد على ضرورة أخذ البيعة من تلك الشخصيات، أربع شخصيات في المدينة وفي مقدمتها الإمام الحسين عليه السلام، سعى الوالي إلى أخذ البيعة من الإمام الحسين وتلك الشخصيات ولكن امتنع الإمام الحسين وانتقل بعد امتناعه هذا إلى مكة، وطبعا انتقاله من المدينة للجو السائد آنذاك في المدينة، جو مخلخل، ليس جوا متماسكا يتجه لموقف موحد، ومتأثر بالبيئة السياسية التي اشتغلت فيه بالمشاكل آنذاك، والتوجهات المتباينة، التي أضعفت مدى ارتباط بعض أهل المدينة بالإمام الحسين وبأهل البيت عليهم السلام، وحتى أثرت عليهم، الواقع الذي كان قد وصل إليه الأنصار في المدينة واقع استضعاف وواقع مضغوط وواقع متأثر بالجو العام في ضغطه ومتغيراته.

والإمام الحسين عليه السلام كان يعرف أنه لن يجد الناصر ومن يستجيب له ويتحرك معه في تلك البيئة، فودع جده رسول الله في زيارته لقبر رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله وانطلق صوب مكة، مكة كانت تمثل ملتقى عاما في الساحة الإسلامية، الناس يذهبون إلى مكة للعمرة وللحج، حتى قيل أنه سيأتي موسم الحج وهو هناك وسيعمل على استنهاض الأمة الإسلامية في مواجهة هذه المتغيرات الخطيرة للغاية التي تشكل خطورة كبيرة جدا على الأمة، خطورة رهيبة جدا على الأمة لا يمكن التجاهل لها من جانب الإمام الحسين عليه السلام، في مكة سعى الإمام الحسين عليه السلام في لقاءاته مع من يفدون إلى مكة للعمرة، ومن يفدون إليها للتجارة من يقصدونها في موقعها ومركزيتها الإسلامية، ومن أتوا فيما بعد بهدف الحج، سعى عدة أشهر لاستنهاض الأمة هناك والتواصل مع الناس في هذا القطر أو ذاك أو ذاك من أقطار الأمة الإسلامية ووصلت إليه رسائل من العراق، رسائل تؤكد الوقوف إلى جانبه، تؤكد أنها اتخذت موقفها الحاسم تجاه يزيد وأنها على استعداد لمناصرته وتؤكد على ذلك بالبيعة والقسم والوعود المؤكدة إلى آخره.

الإمام الحسين عليه السلام لم يتلقى من كثير من الأقطار مثل ما تلقاها من العراق وبالذات من الكوفة، والكوفة كان هناك فيها بقية باقية وحضور لافت لشيعة الإمام علي عليه السلام وأنصاره باعتبارها كانت عاصمة للإمام علي عليه السلام في ظل خلافته في الفترة التي أقبلت فيه الأمة وبايعته بالخلافة، فالإمام الحسين عليه السلام اتخذ إجراءات مهمة في مقدمة هذه الإجراءات أرسل ابن عمه، مسلم بن عقيل أرسله إلى الكوفة ليتأكد ويتثبت ويتحقق من مدى إقبال الناس في الكوفة من مدى ومستوى عزيمتهم فإذا اطمأن إلى ذلك ووجد هناك توجهاً جاداً لذلك فيرسل إليه برسالة يؤكد له فيها مصداقيتهم وعزمهم وتوجههم الجاد، وأنهم فعلاً يتجهون إلى موقفٍ حاسم، واتجه مسلم بن عقيل التاريخ يذكر كيف وصل إلى هناك كيف وجد أول ما وصل إقبالاً كبيراً وتفاعلاً كبيراً، وحماساً كبيراً ومن جمهور واسع في داخل الكوفة وعلى ضوء ما شاهده في تلك المرحلة من إقبال وتفاعل وتوجه أرسل برسالته إلى الإمام الحسين عليه السلام، وصلت رسالته إلى الإمام الحسين طمأنته إلى أن هناك فعلاً إقبالا كبيراً وتجاوباً كبيراً وتفاعلاً بالشكل المطلوب يعوّل عليه ويؤمل فيه، والإمام الحسين تحرك من مكة في نفس الوقت الذي كانت هناك مخططات لاستهدافه في مكة في التصفية والاغتيال أو بفتح حرب عليه في مكة، وهو يسعى إلى أنه يتجنب بكل جهد الاحتكاك في مكة أو جر حرب إلى داخل مكة مراعاةً لحرمتها، وخرج في اتجاه الكوفة مسافراً صوب العراق، الرحلة إلى العراق كذلك حصلت ضمنها عدة متغيرات منها متغيرات في الكوفة بعد وصلوا عبيد الله بن زياد والياً من جانب يزيد عليها وترتيباته التي اشتغل عليها ليستعد لحرب ضد الإمام الحسين عليه السلام، سعى أولاً للتخلص من مسلم بن عقيل وبعض أنصاره وسعى إلى السيطرة على الأوضاع في الكوفة واستغل بعض الوجاهات التي تعودت على بيع الولاءات وبيع الذمم وسعى أيضاً إلى الاستفادة من بعض الأشخاص الذين لعبوا دور التخذيل والتثبيط والبعض الذين عملوا بالإرجاف والتهويل، وهذه الحالة قد أثرت في الساحة الإسلامية لأنها حالة كان العمل بها كوسيلة من الوسائل لتدجين المجتمع والسيطرة عليه، كانت وسيلة قد استخدمت كثيراً ماقبل يزيد في أيام معاوية وعندما أتى يزيد كانت الساحة قد تأثرت بهذا الأسلوب أسلوب الإغراء للوجاهات وبعض الشخصيات المؤثرة في الساحة، وأسلوب التخويف والوعيد والتهديد والإرجاف لعامة الناس والشخصيات التي قد لا تشترى بالمال لكنها تكبّل بقيود الخوف.

واقع كهذا اشتغل فيه عبيد ابن زياد وأعد فيه جيشاً لمحاربة الإمام الحسين وعبيد الله هو من الشخصيات المجرمة جداً في التاريخ والفظيع في الإجرام كما كان أبوه من قبله زياد وأبوه زياد هو ادعاه هو يسمى الدعي استلحقه يعني ليس ثابت النسب وأبوه هذا زياد كان مجرم بشكل كبير جداً، وعبيد الله بن زياد كذلك كان مجرما بشكل كبير وزياد ابن أبيه كان كذلك دعياً أدعاه معاوية لأبيه أبو سفيان أدعى أن والده أبو سفيان زنى بأم زياد واستلحقه بالنسب مع أن ذلك مخالفاً لما عُلم بالدين ضرورة، الإسلام لا يقبل بالعهر والزنا أن يبني عليه صحة نسب، وفعل ذلك معاوية في ما اشتهر به من مخالفته بكثير من الأمور الإسلام منها هذه المسألة التي خالف فيها بشكل واضح وبشكل سيء وفظيع جداً، تحدثت عنه كتب الشرع وكتب التاريخ وكتب الشعر والأدب لأن ذلك أحدث آنذاك ضجة واستغراب في الساحة الإسلامية، كيف يأتي معاوية ليلحق بالزنا نسباً بواسطة الزنا، كانت مسألة مستغربة في الساحة الإسلامية بشكل كبير، وبطريقة وقحة ومخزية أقام مؤتمر كبير في داخل مسجد في دمشق وأحضر فيه شهود يشهدون على أن أباه زنى بأم زياد ثم يُعلن أنه على بناء على ذلك قد قرر استلحاق زياد بنسبه، وحضر زياد في نفس المناسبة تلك التي كانت مناسبة مخزية حتى أداؤهم للشهادة شهادة ما سمي آنذاك أو عُرف في التاريخ بأبو مريم الذي قالوا أنه كان القواد الذي نسق عملية الجريمة للزنا، كل تلك الأجواء أجواء فظيعة مدنسة قذرة، تلك الأجواء القذرة والمدنسة أريد لها أن تكون في رأس الدولة الإسلامية وأن تكون هي المعنية بزمام الأمور وأن تقود الأمة يعني أمور فظيعة جداً طرأت في الساحة الإسلامية لا تصدق يعني، أمور فظيعة للغاية شنيعة جداً، كلها قائمة على الدنس والأرجاس والقذارات والمعاصي والفسق والفجور وأريد لها أن تكون في موقع الصدارة داخل الأمة وفي موقع السلطة في داخل الأمة وفي موقع السيطرة على هذه الأمة، ماذا تنتظر من واقع كهذا؟.

فالإمام الحسين عليه السلام بكل ما يمثله فيما هو عليه من امتداد لمنهج رسول الله ( صلوات الله عليه وعلى آله) وهو الوريث لرسول الله في مقام الهداية للأمة، هو وريث رسول الله في مقام الهداية للأمة الهادي للأمة أهدى أمة محمد، أصلحه أطهرها أزكاها أتقاها، وهو في مقام القدوة والقيادة لها في دينها، وبالتالي في موقعه العظيم وفي ما عبّر عنه رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) وهو تحدث بلحاظ هذا المستقبل القادم والآتي والمهم جداً ليقيم الحجة على أمته وليوضح لها المعالم التي بتمسكها بها تنجو وتفلح وتفوز وتتغلب على تلك الأخطار الفظيعة والسيئة جداً.

هناك نصوص كثيرة روتها الأمة وعلمت بها الأمة وانتشرت في أوساط الأمة، ولا تخص مثلاً الشيعة لوحدهم، لا، هي موجودة في مصادر الأمة الإسلامية بحسب أهمية المصادر بالنسبة لتلك الفرقة أو تلك الفرقة و ذلك المذهب أو ذلك المذهب، من هذه النصوص نصوص تحدثت عن الحسن والحسين عليهما السلام مثل نص رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله “الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة” ونصوص أيضاً فيما يتعلق بالحسن ونصوص فيما يتعلق بالحسين عليه السلام، ونصوص تتعلق بالخمسة أهل الكساء ونصوص عامة فيما يتعلق بآل رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، كل هذه النصوص موجودة في مصادر الأمة المعتبرة لديها بحسب كل فرقة ومذهب، من هذه النصوص المهمة بشأن الحسين عليه السلام نصُ في غاية الأهمية هو قول رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله ” حسينٌ مني وأنا من حسين، أحب الله من أحبَ حسيناً، حسينٌ سبطٌ من الأسباط” هذا النص يبين موقع الإمام الحسين عليه السلام وهذا الموقع هو موقع ديني موقع في الدين، لأن هذا الدين يتكون من منهج يقدم إلينا ورموز وهداة لهذا المنهج قائمون على تطبيقه وهم القدوة في التمسك به والالتزام به وهم الهداة به، ومقدسات هناك معالم مقدسة، مثلما هو بيت الله الحرام مثل ما مقدساتنا للحج المقدسات في المدينة المنور المسجد الأقصى إلى آخره.

فالإمام الحسين عليه السلام له هذا الموقع في قول رسول الله” حسين مني وأنا من حسين” هذا تعبير عظيم في غاية الأهمية ولا يعني فقط ارتباط الإمام الحسين بجده رسول الله من حيث ارتباط النسب باعتباره حفيد رسول الله، وأمه فاطمة الزهراء بنت رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) ولكنه وريث رسول الله أيضاً في موقع الهداية للأمة، والقدوة للأمة والقيادة للأمة، إنه يمثل امتدادا أصيلاً لمنهج الإسلام، إذا أردت أن تعرف الإسلام كماهو، الإسلام في أخلاقه في مبادئه في قيمه في منهجه في شرعه فهناك رمز يقدم لك كل ذلك، هو الإمام الحسين عليه السلام الذي تتجسد في مواقفه مواقف الإسلام، في أخلاقه أخلاق الإسلام في مسيرة حياته منهج الإسلام في روحيته روحية الإسلام، فهو تجسيد لمبادئ هذا الدين لقيم هذا الدين، نسخة مصغرة عن رسول الله ( صلوات الله عليه وعلى آله) فيما يخص هذا الدين فيما هو عليه من منهج وخلق فيما هو عليه من مواقف وفيما هو عليه من منهج ومسيرة حياة، وليس بنبي، النبوة ختمت برسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) لكن إذا أنت ترى أنه يقال في واقع هذه الأمة عن العلماء، العلماء ورثة الأنبياء ورثة ماذا؟ ورثة في علمهم في نهجهم في أخلاقهم في موقع القدوة في موقع الهداية، فبالأجدر بالأولى بالأكثر مصداقيةً وانطباقاً أعلام الهداية من آل رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) وفي رأسهم ومقدمتهم أصحاب الكساء، فالإمام الحسين عليه السلام له هذا الموقع العظيم جداً، في مرتبة عالية، مرتبة مهمة ومرتبة عظيمة ومنزلة عظيمة، يفترض بالأمة أن تلتف حوله باعتباره الامتداد الأصيل لرسول الله في القدوة والقيادة والهداية للأمة والاتجاه بالأمة في الاتجاه الصحيح، وهذا ما ظهر جلياً في واقع الإمام الحسين نفسه، يعني فيما قاله رسول الله عنه وفيما كان عليه في واقع الحال، وهذا شيء طبيعي أن يكون هناك تطابق، رسول الله لا ينطق عن الهوى هو ينطق عن الله الذي يعلم بعباده يعلم بمستقبل عباده يعلم مابين أيديهم وماخلفهم، فرسول الله في ماقاله عن الإمام الحسين عليه السلام هو قال ذلك عن الله بعلم من الله وبأمر من الله وبدلالة من الله سبحانه وتعالى وحجة على الأمة لأنها مرحلة تمثل خطورة كبيرة على هذه الأمة.

فالإمام الحسين عليه السلام المعروف في هذه الساحة كان هو من تبني الموقف الذي ينطلق أساساً من مبادئ هذا الإسلام وقيم هذا الإسلام وأخلاق هذا الإسلام ومنهج هذا الإسلام وتشريعات هذا الإسلام في موقفه الرافض تماماً للبيعة ليزيد، والمتخذ لموقفٍ حاسم من تسلطه على الأمة، اتخذ الموقف الصحيح والقرآني، موقفه في ذلك يعبّر عن هذا الإسلام في كل ماذكرناه من مبادئ وقيم وأخلاق وتشريعات ومنهج، ويتطابق أن الإمام الحسين عليه السلام عليه وماهو فيه من تجسيد لهذه المبادئ والأخلاق والقيم، وماهو مؤتمن عليه في طبيعة دوره ومسؤوليته المناطة به والتي يعلّق عليها الأمل في أن تكون مصدر إلهام وهداية للأمة، ومصدر خير وصلاح للأمة، فكان الإمام الحسين عليه السلام في موقفه وفي فعله وفي تضحيته كما كان يؤمل فيه وبأرقى مستوى وبأعظم ما يمكن أن نقول عنه أو نعبر عنه من أداءٍ دقيقٍ وتام وكامل، غير منقوص أبداً، قام بواجبه بدوره بمسؤوليته على أرقى مستوى.

هذا ما سنكمل الحديث عنه إن شاء الله في كلمة العاشر من المحرم، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياكم لما يرضيه عنا.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com