الهيمنة الأميركية.. من “جمهوريات الموز” إلى “ممالك النفط”
|| مقالات || عباس السيد
طالب وزيرُ الخارجية السعوديّ كندا بالاعتذار والاعترافِ بالخطأ إن كانت تريد إنهاء الأزمة مع الرياض. وفي إشارة إلى دعوة كندا للسعوديّة بالإفراج عن الناشطين السياسيين السعوديّين التي فجّرت الأزمة بين البلدين، قال الجبير حازماً: “السعوديّة ليست جمهورية موز”.. فعلاً، السعوديّة ليست جمهورية موز، السعوديّة “مملكة نفط”.
لم يجد الجبير مثالاً على الهيمنة الأميركية سوى “جمهوريات الموز” مع أن هذه المرحلة انتهت منذ عقود، وأصبح للولايات ألمتحدة أدواتٌ جديدة للهيمنة على تلك الدول بدلاً عن “شركات الفواكه الأميركية” التي كانت تتحكم في بعض الأنظمة بدول أمريكا الجنوبية. ومثلما كانت هندوراس نموذجاً لـ “جمهوريات الموز” اللاتينية تبدو السعوديّة نموذجاً لـ “ممالك النفط” العربية.
نضالاتُ شعوب أميركا الجنوبية مستمرة ضد الهيمنة الأميركية، وهي تُجْبِرُ واشنطن على تغيير أدواتها باستمرار. وفي بعض الحالات، لجأت واشنطن إلى جرائم الاغتيالات والقتل. هكذا فعلت مع الزعيم التشيلي “سلفادور الليندي” في السبعينات، وهكذا حاولت عبرَ أدواتها اغتيالَ الرئيس الفنزويلي “مادورو” في الرابع من أغسطس الماضي عبر طائرة مسيرة.
تجاوزت دول اميركا اللاتينية مرحلة “جمهورية الموز” بكثير، وذهبت بعيداً في مواجهة سياسات واشنطن الإمبريالية، وها هي البرازيل ـ أَكْبَــر دول القارة اللاتينية ـ وثامن اقتصاد في العالم، تمنح منظمة البريكس “BRICS” الحرف الأول من اسمها، وهي المنظمة التي تأسست لمناهضة الهيمنة الأميركية، بينما لا تزال “مملكة أرامكو” منذ تأسيسها، مجرد “بئر نفط” يخضع للهيمنة الأميركية:
ارفعوا الإنتاج، خفضوا الأسعار، إدفعوا.. ساهموا.. شاركوا. ويبدو أن عهد الرئيس ترامب سوف يضاعف عملية الجباية ويسرع عملية الاستنزاف، وسيكون لذلك تداعياته على المملكة وإمارات الخليج.
للأسف، الموقف الكندي الأخير ومحاولته التقرب من السعوديّة، موقف مذل ومنبطح، وهو نموذج لمدى ضعف الأنظمة الغربية والأوربية أمام المال. والمال وحده، هو الذي تملكه السعوديّة ومَصْدَر قوتها الوحيد. وهو ما يريده الغرب. وحين ينتهي المال ستختفي المملكة.
ستنضب حقول النفط لا شك، بينما ستواصل مزارع الموز إنتاجها، وسيواصل أحفاد “سيمون بوليفار” نضالاتهم ضد الهيمنة الأميركية وتضامنهم مع القضية الفلسطينية، وَ”رُب أخٍ لم تلده أُمُّك”.