تعبنا من الحرب لكننا لم نتعب من الكرامة
|| مقالات || أحمد الحسني
نعم تعبنا من الحرب ولم نَدَّعِ يوماً أننا مستمتِعون بقتل طائرات العدوان لأهلنا وتدمير بلدنا، ولم نقل: إننا مبتهجون بالحصار ومنتشون بتساقط القنابل العنقودية على مُدُنِنا وقُرانا ومغتبطون بتجريب الأسلحة المحرمة على رؤوسنا، ونعرف أن فلذاتِ أكبادنا الذين نُرسِلُهم إلى الجبهات ذاهبون إلى خنادق الموت وليس للتسلية ولعب الغمِّيضة مع جحافل المعتدين ومرتزِقتهم من الإرهابيين وشُذَّاذ اﻵفاق من القتلة المأجورين وأنهم يواجهون طوال أربعين شهراً ترسانات عملاقة من المدرعات والقاذفات والبوارج وراجمات الصواريخ، ولا يلعبون البلايستيشن أَوْ اﻹكس بوكس، وبالتالي فلا داعي لأن يجعل البعض من هذه العبارة وِرْدَه اليومي وليحاول البحثَ عن طريقة يستعرضْ بها رجاحةَ عقله وفائضَ تقواه غيرَ ترديد تعبنا من الحرب.
نعم تعبنا من الحرب والحصار وهذا ليس اكتشافاً خُرافياً ولا نظرية علمية فذة تستحقُّ أن تكرِّرَها على مسامعنا بكرةً وعشياً؛ لتؤكد بها عبقريتك، وإنما بديهية يدركها كُلُّ اليمنيين الصامدين في وجه هذا العدوان الهمجي والحصار الخسيس لأكثرَ من ثلاث سنوات يعانون فظائعَه ويتجرعون مراراتِ اليُتْم وَالثكل والتشريد والتجويع الإعاقة وتكالب الكلاب عليهم واتّجار العالم بدمائهم، يعرف ذلك الصغير والكبير المرأة والرجل الأعمى والمبصر القروي والحضري المجاهدون أكثرَ من القاعدين ولا يجهلها حتى الحميرُ والمواشي التي قضت في المزارع والأسواق الشعبية بغارات طائرات التحالف السعودي الإماراتي منذ بدء العدوان ولا تجهل أننا لم نتخذ قرارَ هذه الحرب وإنما أمطرتنا طائراتُ تحالف البتر ودولار بحِمَمِ غدرها وَنحن نائمون في بيوتنا منهكون بمتاعبنا الداخلية لم نطلق رصاصةً واحدةً باتجاه المملكة ولم تبدر منا كلمةُ سوء في حقّ الإمارات أَوْ نُبْدِ رأياً في العمليات التجميلية التي أجرتها الشيخةُ موزة وأننا منذ سقوط أول قنبلة على حي المطار وحتى اليوم ونحن نصرخ بكل ما أوتينا من قوة وعبر كُلّ منبر: أوقفوا الحرب، ارفعوا الحصار.. ثم تأتيني أنت بمسوح الفضيل بن عياض لتطنطنَ غناتك في مسامعي أنا قائلاً: تعبنا من الحرب؟؟
تعبنا من الحرب جداً يا لقمان الحكيم فماذا نفعل؟
تعبنا من الحرب ونريدُها أن تقفَ ولا نُحِبُّ أن يقتلنا أحدٌ ولا نقتل أحداً، ولكن ابن سلمان يعتقدُ أن الحربَ ستجعلُ منه البطلَ الذي يستحقُّ عرش المملكة وشيخ قرية الإمارات يريد أن يخلُفَ جورج السادس على مستعمرة عدن ليكونَ بدوره الإمبراطور محمد السادس وَتميم يريد أن يكونَ خليفةً على أُمّة الإخوان، وخزائنهم المترعة بمئات المليارات مفتوحة على المرتزِقة وَالمرابين من قادة العالم الحُــرّ وشركات الأسلحة وَليس أمامنا من خيار إلا الدفاع عن أنفسنا أَوْ الانحناء ولبس البردعة ليركبوا، وهذا ما يأباه لنا اللهُ وَجبالُ ورثنا شموخَها ودماءٌ طاهرةٌ رَوَتْ ترابَ اليمن في كُلّ الجبهات..
نعم تعبنا من الحرب تعبنا تعبنا ولكننا بعد لم نتعب من الكرامة.