بدر واحد بي اليمني.. يقصف الوزير الأمريكي جيمس ماتيس
|| مقالات || علي الدرواني
كشفٌ جديدٌ للقُــوَّة الصاروخية يضافُ للإنجازات الكثيرة التي توصلت إليها السواعدُ اليمنيةُ في إبداع قلَّ نظيرُه، وجاء صاروخ بدر واحد بي الدقيق والذكي؛ ليضيفَ نقطةً مشرقةً في ميدان المواجهة والردع.
ما يزيدُ من أهميّة هذا الكشف والإنجاز هو التوقيتُ الذي جاء بالتزامن مع حديث وزير الحرب الأمريكي في منتدى حوار المنامة والذي عرض فيه استراتيجية بلاده تجاه المنطقة والتي عبّر فيها بوضوح عن رؤية واشنطن لما يجب أن يكونَ عليه الحالُ في المنطقة بشكل عام من سوريا إلى لبنان والعراق وعلى وجه الخصوص في اليمن.
ربما لم يكن هناك من جديد في هذه الرؤية التي هي ماثلةٌ للعيان أمام كُـلّ المتابعين والمراقبين ولا تحتاج مزيداً من الشرح، لا من جيمس ماتيس ولا من غيره إلا انه حاول أن يأخذَ العدوان على اليمن والذي صنع أَكْبَــر مأساة للبشرية في القرن الحادي والعشرين حسب التقارير الأممية والدولية، ويضعه في خانة دفاع السعوديّة عن نفسها، هكذا بكل بساطة، في وجه مخاطر الصواريخ البالستية التي تُطلق على السعوديّة، ووصلت -حسب ماتيس- خلال الشهور الأخيرة أَكْثَـرُ من مائة صاروخ، وَأَيْـضاً لمواجهة ما سماه دعم إيران بالقدرات الصاروخية وتقنية الطائرات المسيّرة.
ماتيس بعد أن تحدَثَ عن رؤيته تجاه اليمن، عاد وتحدث عنها أثناء إجابته على أحد الأسئلة عن اليمن وقال: (لقد آن الأوانُ لندخُلَ لجوهر الموضوع، بداية أول صيغة أن نضمن أن الحدود بدون أي سلاح، ويجب أن يكون هناك فقط شرطة حدود وجمارك، من أجل حماية تنقل الناس والسلع بشكل شرعي، ثانياً مسألة نزع الأسلحة مسألة مهمة جداً، لا حاجة للصواريخ في أي مكان في اليمن لن يجتاحَ أحدٌ اليمنَ، سوف نعود دائماً إلى الأمم المتحدة، التي تعمل من أجل إعادة الأوطان لأصحابها، لا حاجة لأن نأخذ أيَّ جزء من البلد…).
وبعيداً عن مناقشة هذه الفلسفة، فقد أكّــد ماتيس من خلالها بشكل غير مباشر الفعاليةَ الكبيرة للصواريخ اليمنية وآثارها التدميريةَ في أَهْدَافها داخل السعوديّة، وتزايد القلق منها، والبحث عن إيقاف وصولها، وإيقاف تطوُّرها المطرد.
وقد كانت القُــوَّة الصاروخية مصيبة جداً، حيث كشفت عن الصاروخ الدقيق والذكي بدر واحد بي، بالتزامن مع هذا الخطاب الذي تحدث فيه ماتيس بكل وضوح عن ضرورة إخلاء اليمن من الصواريخ، بل من السلاح الثقيل، عندما أكّــد أن بلادَه تدعمُ ما تسميها “الشرعية” لتعزيز قدراتها الأمنية، الأمر الذي فهمه متابعون بأنه يريد اليمن مُجَـرّد مركز للشرطة لا أَكْثَـر ولا أقل؛ لأن اليمنَ -حسب هذا الوزير- لن تتعرض للاجتياح من أي أحد، متناسياً ما يجري الآن على مدى أربع سنوات، وواقع الحصار والتجويع، بل والاحتلال القائم في المحافظات الجنوبية من البلاد وسعي العدوان لاحتلال الساحل الغربي… إلخ.
من العجيب أن يريدَ ماتيس إقناعَ اليمنيين وغيرهم بأنهم ليسوا بحاجة للصواريخ وأنه لا توجدُ مخاطر باجتياحهم في الوقت الذي يؤكّــد أن هناك مخاطرَ على حلفائه في المنطقة، فمن أعطى اليمنيين الأمانَ الذي يتحدث عنه ماتيس، ومتى كان ذلك، الاستحمار والاستغباء الذي يمارسه الوزير الأمريكي لا يقفُ هنا وحسب، ففي المقابل يؤكّــد على دعم حلفائه الذين يشنون العدوان على اليمن وتعزيز قدراتهم الدفاعية والعسكريّة وتبادل التقنية اللازمة والمتطورة والمعلومات الاستخباراتية معهم من أجل حمايتهم من أية مخاطر.
وفي موضوع تهديد الصواريخ اليمنية للرياض أَوْ غيرها من العواصم الخليجية، وهو الأمر الذي يعلّق فيه قادة العدوان وداعموهم إيقافَ الحرب عليه، فيجب أن يتذكرَ الجميع انه لم يكن قبل السادس والعشرين من مارس 2015 أي نوع من هذه الصواريخ التي دكّت الرياض وغيرها من المدن السعوديّة، وأن اليمن سعى لتطوير ترسانته الصاروخية من أجل مواجهة عدوان قائم، وليس مخاوف مفترضة، ووصلت هذه القدرات إلى المستويات التي نراها اليوم أمامنا، متخطيةً كُـلَّ التوقعات والعقبات أَيْـضاً، سواء في مجال الصواريخ البالستية أَوْ الطائرات المسيّرة.
وهنا الكثيرُ من الأسئلة التي تكشفُ زيفَ هذه الدعوى وكذبَ هذه التصريحات، إذَا كان إيقاف الصواريخ وإنهاء وجودها هو سبب استمرار الحرب العدوانية، فما هو سبب ابتدائها، وهذا ما يجعل مثلَ هذه التصريحات مُجَـرّد ذرٍّ للرماد على العيون.
إذن فَالكشف عن الصاروخِ الذكي في هذا التوقيت يحملُ أَكْثَـرَ من رسالة للولايات المتحدة وأدواتها في المنطقة، أهمُّ هذا الرسائل هي أن السلام الذي يريده اليمنيون هو السلام المشرف، السلام من موقع القُــوَّة وليس من موقع الضعف، هي رسالة بان السلام والاستقلال مرهون بالقُــوَّة وليس بغيرها، واليمنيون لديهم التصميم على الوصول لمرحلة الردع وهي وحدها من ستجلب السلام والاستقلال وستجعل اليمن آمنا من الاجتياح.